أخبار عاجلة

الفساد وإعفاء الأجانب والتقاعد المبكر ثلاثية انهيار «التأمينات الاجتماعية»

Print Friendly, PDF & Email

سلمان: «سكسويل» ملفات تؤكد نزيف الهيئة… وهاشم: استثمارات خاسرة جاوزت المسموح مراراً

الفساد وإعفاء الأجانب والتقاعد المبكر ثلاثية انهيار «التأمينات الاجتماعية»

main_loc-80

العدلية – محمود الجزيري

اتفق المشاركون في الحلقة الحوارية بشأن «التأمينات الاجتماعية بين الحصاد المر وتحديات المستقبل» على أن الفساد وإعفاء الأجانب من تسديد رسوم التأمين، وإغراء أو إجبار الموظفين للخروج على برامج التقاعد المبكر، هي الثلاثية التي أدت إلى إنهيار هيئة التأمينات الاجتماعية بالبحرين، والأحاديث حول عجزها عن تمويل وسداد حقوق المؤمن عليهم قريباً.

وتحدث في الحلقة الحوارية التي نظمتها الجمعية البحرينية للشفافية يوم الاثنين الماضي (29 ديسمبر، كانون الأول2014) بصفة رئيسية الأمين العام لجمعية المنبر التقدمي عبدالنبي سلمان، والأمين العام المساعد للحماية الاجتماعية بالاتحاد العام لنقابات عمال البحرين سيد فلاح هاشم، فيما تلاهم مداخلات عدد من أعضاء ومنتسبي بعض جمعيات المجتمع المدني.

العكري: نخشى توجه الحكومة لإلغاء مساهمتها في «التأمينات»

وفي كلمته الافتتاحية للندوة، قال رئيس جمعية البحرين للشفافية عبدالنبي العكري: «سيدور الحديث في هذه الطاولة المستديرة بشأن المخاطر التي تواجه التأمينات الاجتماعية. فهنالك تطور مهم يواجه العالم اليوم؛ وهو انهيار أسعار النفط، حيث هبط سعر البرميل إلى ما دون الـ 60 دولاراً في الوقت الذي كان يصل إلى 120 دولاراً في الوضع الاعتيادي»، مضيفاً «وكلنا نعلم أن البحرين تعتمد في اقتصادياتها بنسبة 90 في المئة على النفط. ونحن بالبحرين عندما كانت دورة النفط طبيعية وسعر البرميل بلغ 120 دولاراً كنا نستلف حتى تراكمت الديون على الموازنة بنحو 6.5 مليار دينار، فما بالكم والنفط في أدنى مستوياته؟ نحن بذلك الأسوأ خليجياً في هذا الجانب.

وذكر العكري « أيضاً هنالك مسألة أخرى قد تترتب على ذلك، وتؤثر على مدخولات الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية مباشرة، وهي أننا نخشى أن الدولة بناء على انخفاض أسعار النفط تسعى لإلغاء أو تخفيض الجزء الذي تساهم به في الهيئة. وبالتالي ستكون التدفقات المالية على الهيئة أقل من المستحقات، وهو ما يعني أن العجز هو عجز فعلي».

وفي ورقته، أمين عام جمعية المنبر التقدمي عبدالنبي سلمان، اعتبر أن ما رشح في الصحافة مؤخراً عن أن هيئة التأمينات الاجتماعية ستواجه عجزاً هو تصريح «خطير جداً»، مؤكداً «والأخطر أنه لا يوجد اسم مسئول صدر منه التصريح، ولم تتبرع الهيئة بنفي الخبر ما يعني تأكيده ضمناً».

التأمينات… ربع قرن من الفساد

وبيَّن سلمان «في العام 2004 وعندما كنا في البرلمان، وشكلت لجنة تحقيق في ملف التأمينات الاجتماعية، اضطررنا لمضاعفة الوقت المقرر للجنة من 4 شهور إلى 8 وذلك بسبب ملفات الفساد الهائلة المستشرية في الهيئة منذ «ربع قرن».

وقال: «منذ إنشاء الهيئة في العام 1976، فإنها تُركت ولمدة 25 عاماً في ظل نظام إداري مهترئ للغاية ولا يناسب مؤسسة بحجم هيئة التأمينات الاجتماعية تدير هذا الكم الهائل من الأصول المالية. بحيث طيلة 25 عاماً كانت الهيئة تعتمد على مدقق حسابات واحد دون تعيين مدقق داخلي عليه، ودون أي إصدار تقارير محاسبية ولا تقارير رقابة مالية»، متسائلاً «كيف نفهم أن تترك هيئة تدير أصول أكثر من أصول الدولة ولا يوجد فيها نظام محاسبي؟»، موضحاً «ومن يطلع على تقارير ديوان الرقابة المالية سيجد أن نفس الكلام لا زال يتكرر حتى الآن وبصورة أكبر».

ولفت سلمان إلى «أنه وفي أثناء انعقاد لجنة التحقيق البرلمانية، الحكومة كانت ترسل لنا الملفات بواسطة «سكسويل» لضخامة العدد الموجود، وحينها أصدرنا 18 توصية كانت خلاصة عمل اللجنة»، واستدرك «لكن الآن نحن في العام 2014 أي أن 10 أعوام مرت على هذا التقرير، حتى الآن لم تأخذ الهيئة بشيء من هذه التوصيات. وأنا اعتقادي أنها لو أخذت بنصف توصياتنا آنذاك لصلح الكثير في ملف التأمينات والتقاعد».

وقال: «التوصية الوحيدة التي تمت وعلى نحو نظري فقط، هي دمج الهيئتين (صندوق التقاعد والتأمينات)، لأن حتى هذه اللحظة لم تدمج كامل هياكل الهيئتين ولم تدمج المزايا».

بدوره، أكد الأمين العام المساعد للحماية الاجتماعية بالاتحاد العام لنقابات عمال البحرين فلاح هاشم أن مشروع توحيد المزايا وفق أفضلها بين الصناديق التأمينية الثلاثة (الحكومي، الخاص، العسكري) لم يدخل حيز التنفيذ منذ إقراره من قبل اللجنة المختصة في العام 2011.

وأشار إلى أن اللجنة التي شكلت من قبل جميع أطراف الإنتاج بموجب القانون رقم (3) لسنة 2008 خرجت بـ65 توصية لم ينفذ منها شيء حتى الآن.

فساد الاستثمارات

وخلال الحلقة الحوارية عرض أمين عام جمعية المنبر أمثلة لما وصفه بـ»الفساد في استثمار أموال الهيئة»، وأشار إلى أن إبعاد ممثلي العمال عن قرار مجلس إدارة الهيئة، هدفه توجيه الاستثمارات دون إعاقة من العمال. وقال:» أنا أعلم أن الملايين كانت تذهب لإنقاذ بنوك يساهم فيها كبار المتنفذين».

ولفت إلى أن كل استثمارات الهيئة في داخل البحرين أو خارجها لها علاقة بالمتنفذين، وهؤلاء يوجهون الهيئة للاستمار في محافظ مالية محددة لها علاقة بهم وبكبار المتنفذين في البلد.

وقال: «أجد أمامي مجموعة أمثلة للتلاعب في أموال الهيئة، مثلاً مركز المعارض هو مركز حكومي فلماذا يبنى بأموال التأمينات الاجتماعية؟، الأرض التي شيد عليها جسر الشيخ عيسى هي مملوكة للتأمينات الاجتماعية، ولم يتم تعويض الهيئة عنها بشيء. الرفاع فيوز مشروع خاص لكنه بني من أموال التأمينات الاجتماعية!، مكملاً «هذا ناهيك عن فساد إعدام القروض. وأتساءل «لماذا تعدم القروض لصالح جهات متنفذة في الدولة؟»

وفي هذا الصدد، اتهم ممثل اتحاد النقابات سيد فلاح هاشم إدارة الهيئة بالاستثمار دون دراسات جدوى مفصلة وحقيقية، وأكد أن الهيئة دائماً ما تستثمر في الاقتصاد الهش والذي لا يوَّلد وظائف للمواطنين.

ولفت إلى أن تقرير ديوان الرقابة المالية الذي صدر في 2011-2012 لم يتناول فرع الاستثمار في الهيئة، إنما اقتصر على المخالفات الإدارية.

وعرض ممثل اتحاد النقابات أيضاً نماذج لما اعتبرها مخالفةُ لقوانين الاستثمار في الهيئة، وأوضح أن نظام الهيئة ينص على أن أعلى سقف ممكن للدخول في الاستثمار هو نسبة 10 في المئة بالنسبة لرأس مال المشروع، مستدركاً «لكن ذلك لا يجد إلتزاماً، ولدينا أمثلة كثيرة تم فيها مخالفة هذا النص، والاستثمار بنسبة أكبر من الـ 10 في المئة من مشاريع شركات وبنوك».

التقاعد المبكر… الهروب للإمام

وعدَّ سلمان نظام التقاعد المبكر، سبباً رئيسياً للعجز الذي تواجهه الهيئة، وأفاد» التقاعد المبكر الذي تسارعت وتيرته في السنوات الأخيرة اتخذته الحكومة كنوع من الهروب للأمام. هروب من الاستحقاقات المتعلقة بالبطالة وسوق العمل وتنظيم سوق العمل»، مردفاً «هنالك عشرات الآلاف من البحرينيين في عز العطاء أخرجوا من مؤسساتهم وشركاتهم بالتقاعد المبكر، في حين كانت الهيئة والبلد بحاجة إلى إسهاماتهم».

«بكجات» من جيب الهيئة

وعلى صعيد متصل، بيَّن أمين عام جمعية المنبر «أن صندوق التأمين الاجتماعي ليس له الحق في صرف مكافآت «بكجات» لإغراء الناس بالخروج على التقاعد المبكر، لأن الصندوق تكافلي. بينما هذا هو دور الحكومة أو صاحب العمل الذي يجب أن يتكفل بصرف هذه «البكجات» من موازنات الوزارات أو الشركات لا من ميزانية الهيئة»، معتبراً ذلك «تجاوزاً على أموال المؤمن عليهم».

وتابع «حقيقة ازدياد نشاط برامج التقاعد المبكر، أن الحكومة تريد أن تعالج مشكلة البطالة، ولكن بخلق مشكلة أكبر. فهي تريد توظيف جيل جديد، لكن عن طريق صرف الكفاءات وتسريحها من خلال برامج التقاعد المبكر».

وزاد «إذا أعود إلى لجنة التحقيق البرلمانية، حينها كان الخبير الاكتواري للهيئة يقول أن العجز الاكتواري سيبدأ في العام 2022، أما الآن التأمينات تقول أن العجز سيبدأ بعد أيام في العام 2015».

وفيمل يخص التقاعد المبكر، قال ممثل الاتحاد: «لا أستغرب عندما يكون لدينا في سجلات المتقاعدين، موظف عمره 35 عاماً فقط. ذلك أن قانون الخدمة المدنية ينص على أنه من «يفصل بغير قرار تأديبي يحال على التقاعد»، معرباً هاشم عن تعجبه «كيف يفصل ولا يكون قرار تأديبي؟»

330 مليون دينار خسارة عدم تأمين الأجانب

وتحدث عبدالنبي سلمان عن بعدٍ ثالث أكد أنه من «مسببات عجز التأمين الاجتماعي»، وهو إعفاء الأجانب من الدخول ضمن مظلة التأمينات الاجتماعية بقرار حكومي في العام 1985.

وأوضح سلمان «أن قرار استبعاد الأجانب من مظلة الهيئة وإعفائهم من دفع أية رسوم إليها، جاء من خلال ما يمكن أن نطلق عليه «تحالف طبقي» بين التجار والحكومة في تلك الفترة، حيث وُجهت رسالة من رئيس غرفة التجارة والصناعة آنذاك إلى رئاسة الوزراء، اشتكت فيها عدم قدرة المؤسسات على دفع مستحقات أسهم الأجانب للهيئة، فصدر على إثرها قرار بإعفاء الأجانب من الدفع.

وقال:»الأنكى من ذلك، أن الأجانب ليس فقط لا يساهمون في الهيئة، بل يستفيدون من خدمات الدولة بشكل مجاني، لا ضرائب ولا رسوم ولا أي فروضات أخرى. والمسألة ستبدو أكثر أهمية إذا ما علمنا أن 53 في المئة من سكان البحرين هم من الأجانب، وغالبية هؤلاء عمال. وبسبب إخراج الأجانب من مظلة التأمينات خسرت الهيئة 330 مليون دينار. فكيف واليوم عدد الأجانب ورواتبهم قد تضاعفت؟. يعني نحن نتحدث عن ملايين الدنانير الضائعة بسبب قرارات غير مدروسة».

من جانبه، أيد هاشم ما جاء في حديث سلمان، وذكر أن كثير من العمالة الوافدة يتم تسفيرها دون أن تستلم من رب العمل أياً من المبالغ المستحقة إليها، لذلك فإن دخولها تحت مظلة التأمين سيكون أكثر ضماناً لحقوقها، فضلاً عن العوائد التي سترجع بالنفع على مداخيل الهيئة.

وأكد أن 10 آلاف عامل أجنبي يستلمون 13 راتب في السنة، ما يعني وجود راتب إضافي، فلماذا لايحول للتأمينات الاجتماعية؟.

صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4498 – الأربعاء 31 ديسمبر 2014م الموافق 09 ربيع الاول 1436هـ

http://www.alwasatnews.com/4498/news/read/948856/1.html

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.