Skip to main content
غير مصنف

العالم يشنُّ حرباً على الفساد

By 8 مارس, 2016مايو 24th, 2024No Comments

العالم يشنُّ حرباً على الفساد

منصور الجمري

رئيس تحرير جريدة الوسط البحرينية

في الماضي كان موضوع «الفساد» يُثار بصورة غير جادّة، ولكنه اليوم أصبح هدفاً لوكالات مكافحة الفساد في كُلِّ مكان، وعلى أعلى المستويات. ونشاهد حاليّاً سباقاً للقضاء على الفساد بأسلوب مختلف؛ إذ يتمُّ استهداف الذين كانوا يعتقدون أنهم في مأمن من الملاحقة والمساءلة. ولقد مثّل عزل الرئيس السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) السويسري جوزيف بلاتر واحدة من هذه القضايا الكبيرة، على الرغم من تصريحه أمس الأول أنه «لن يُعتقَل نهائياً، لأنّه طوال مسيرته داخل الاتحاد، والتي استمرت 41 عاماً، لم يحصل خلالها على أموال من أيِّ شخص». بلاتر كان أقوى من رؤساء دول، ولكنه اليوم عليه أن يدافع عن نفسه وذلك بعد أن عاقبته لجنة القيم بـ «فيفا» في نهاية 2015 بالإيقاف لمدة 8 سنوات (خُفِّضَت الأسبوع الماضي إلى 6 سنوات) عن ممارسة أيِّ نشاط يرتبط بكرة القدم، سواء كان إداريّاً، أو رياضيّاً، أو من أيِّ نوع، لتورطه بقضايا فساد.

ويوم أمس ذكرت وسائل إعلام أن الشرطة البرازيلية داهمت منزل الرئيس السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا (كان رئيساً بين 2003 و2010) في إطار حملة واسعة النطاق للتحقيق حول شبكة فساد كبيرة في شركة بتروبراس الحكومية. وقالت الشرطة البرازيلية إن نحو 200 شرطي ينفذون 44 مذكرة قضائية منها 33 مذكرة تفتيش ودهم و11 مذكرة جلب في عدّة ولايات، كجزء من عملية «التطهير السريع» الواسعة النطاق التي بدأت في 2014 للتحقيق حول شبكة فساد كبيرة. وصرّح النائب العام البرازيلي بأنّ شركات كبيرة للأشغال العامّة دفعت نحو ثمانية ملايين دولار كهبات وأتعاب على محاضرات إلى لولا الذي اقتادته الشرطة الجمعة لاستجوابه. كُلُّ هذا يحدث لشخصية نقابية وصلت إلى السلطة بدعم الشعب، وبتأييد كبير لم يحصل عليه أيُّ سياسيٍّ برازيليٍّ من قبل.

وفي الفترة الزمنية ذاتها، مثلت الأميرة كريستينا (50 عاماً)، شقيقة ملك إسبانيا، أمام محكمة في قضية تحايل على الضرائب، وأجابت على أسئلة محاميها فقط. ويُتَّهَم زوجها باستعمال علاقاته الملكية لإنجاح مشاريعه وتحقيق إيرادات أنفقاها على حياتهما الخاصة، وهي تواجه عقوبة السجن 8 أعوام إذا أدينت بالتهم الموجَّهة لها، وهي تنفي أيَّ علم بالاختلاس المزعوم الذي يُتَّهَم فيه زوجها و16 شخصاً آخرين. وكان الملك فليب قد سحب العام الماضي اللقب الملكي من أخته وزوجها، على الرغم من أنها السادسة في ترتيب ولاية العهد، وهي أول فرد من العائلة المالكة يخضع للمحاكمة في إسبانيا.

الفكرة من ملاحقة الفساد بهذا الشكل هو أن المفسدين في قمّة الحياة العامّة، حتى لو كانوا أقليّة، إلا أن حجم الفساد يمثل أكثرية الهدر في أيِّ بلد، وإعفاؤهم من المحاسبة يُفسح المجال لاستمرار الهدر، كما أن ملاحقتهم يعطي أنموذجاً حسناً للجميع، وبالتالي فإنّ المواطنين العاديين يرون أن مكافحة الفساد لها معنى واقعي.

 

العدد 4929 – الأحد 06 مارس 2016م الموافق 27 جمادى الأولى 1437هـ