Skip to main content

عبدالنبي العكري

  • عبدالنبي العكري

استضافت تونس الخضراء المنتدى الاجتماعي العالمي لعام 2013، وبذا تكون تونس أول بلد عربي يستضيف هذا المنتدى منذ انطلاقته في العام 2000 في بورتو اليجري في البرازيل. ويذكرنا هذا باستضافة الجزائر في ظل الرئيس الراحل هواري بومدين مهرجان الشباب العالمي في بداية الثمانينيات.

ولاستضافة تونس لهذا المنتدى معانٍ وإبعاد كبيرة، استعرضها الأخ سليم بودبوس في مقالته بـ «الوسط»، وأضيف إليها أنها عبارة عن تكريم لتونس رائدة ثورات الربيع العربي، وتفاعل مع شباب الثورات العربية. وبالفعل، وحسب تقدير العديد من المشاركين، كان المنتدى من أفضل المنتديات بما توفّر للمشاركين من حريةٍ في التعبير، وتسهيلات واسعة للمشاركة بحيث لا يحرم أي كان من المشاركة بسبب إمكانياته المادية، ولذلك تم توفير السكن الجامعي للمشاركين غير القادرين، وجعل رسم الاشتراك رمزياً (5 دنانير تونسية)، وأنيط باللجنة الدولية للمنتدى بمشاركة تحالف من منظمات المجتمع المدني التونسي، سلطة تنظيم المنتدى ونشاطاته، ووضعت الدولة إمكانياتها بتصرف المنتدى دون التدخل فيه، ومن ذلك وضع الجامعة التونسية بالمنيار في العاصمة تونس تحت تصرف المنتدى، وكذلك العديد من المؤسسات مثل المسرح الوطني، والمرّكب (المجمع) الرياضي.

ولم تقتصر النشاطات على المّركب الجامعي كما يطلق عليه الإخوة التونسيون، بل امتد إلى العاصمة، حيث شهدت مسيرة الافتتاح عبر شارع محمد الخامس ومسيرة يوم الأرض في 30 مارس/آذار، والعديد من الفعاليات الفنية والأدبية والتضامنية المصاحبة في شارع الحبيب بورقيبة وغيره. شعر مؤتمر تونس

شعار المنتدى هذا العام هو «الكرامة»، ولا عجب فالانتفاض للكرامة التي أهينت في شخص الشهيد محمد البوعزيزي هي الشرارة التي أطلقت ثورة الياسمين، ومن ثم ثورات الربيع العربي المتلاحقة من مراكش للبحرين. كان الحماس للمشاركة شديداً عبر القارات الخمس، خصوصاً في ضوء التسهيلات المقدّمة من البلد المضيف، والذي تجاوز عدد المشاركين في المنتدى 70 ألفاً، ينتمون لأكثر من 140 بلداً، من 5 آلاف منظمة، غالبيتهم من الشباب.

شعار المنتدى منذ انطلاقته في بورتو اليجري في 2000 هو «عالم آخر ممكن»، وذلك رداً على واقع العولمة المتوحشة التي اجتاحت العالم. من هنا فإن المنتدى وفي محصلته، مع كل التباينات الفكرية والسياسية والاجتماعية والانتماءات القومية والطبقية والعرقية، هو تعبيرٌ عن حركة جذرية واعية لتعبئة الشعوب ومنظماتها السياسية والمجتمعية ونخبها الثقافية والأكاديمية، في تطوير بدائل للعولمة المتوحشة لتنظيم المجتمع وفي إدارة الدولة والعلاقات فيما بين الدول، والنظام الاقتصادي والسياسي العالمي الجائر، والمؤسسات الدولية، وتعزيز التضامن الفاعل والعملي بين الشعوب، وطرح القضايا والتحديات الكبرى مثل التنمية المستدامة والبطالة المتزايدة والركود الاقتصادي العالمي، وتهميش الشباب والنساء والحركات الأصولية المتزايدة، وحملات الكراهية ضد الأجانب والمهاجرين والمنتمين لديانات أخرى. كما أنها فرصة للآلاف لمعايشة تجربة الثورة التونسية والتعرف على تفاعلات الثورات العربية، سواءً المنجز منها أو غير المنجز.

ومن أجل إنجاز المئات من القضايا فقد برمج ما يزيد على 900 ندوة وورشة عمل واجتماعات واسعة نُظّمت في صفوف ومسارح وصالات جامعة المنيار، وأقيمت خيام بأحجام متباينة أجِّرت بأسعار رمزية لمن يريد من المشاركين، ليقموا فيها نشاطاتهم ومعارضهم، وفتحت الساحات للمسيرات والعروض الفنية. وسُمح للكلّ بتوزيع وبيع منتجاتهم الأدبية والفنية، ووُفّرت المطاعم الجامعية للمشاركين. وقد تطوّع المئات من الشبان والشابات الجامعيين التونسيين لإرشاد ومساعدة المشاركين في المنتدى، وغالبيتهم يتقنون اللغات الأساسية وهي العربية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية.

والحقيقة أن القضية الفلسطينية كانت في طليعة القضايا التي استأثرت بالاهتمام، خصوصاً مع تزامن المنتدى مع يوم الأرض، والتمثيل الفلسطيني الكبير، والتضامن التونسي والأممي الكبير. كما حظيت الثورة التونسية بالتفاعل الكبير كحدث راهن.

المشاركة البحرينية

كانت مشاركة المجتمع المدني البحريني الوحيدة من بين دول مجلس التعاون الخليجي، وهو ما يجب أن يفتخر به شعب البحرين كتعبير عن حيوية المجتمع المدني رغم القيود المتزايدة التي يتم فرضها على حركته. وعلى رغم أن الاستعداد للمشاركة كان متأخراً، إلا أن الوفد قد تشكّل ليضم ناشطين مجتمعين مثقفين وفنانين، رجالاً ونساءً، وقد لقي الوفد تعاوناً وثيقاً من منظمات تونسية مثل فرع «العفو الدولية» و»مركز حماية الحريات الصحافية»؛ ومنظمات دولية مثل «الراصد الاجتماعي» و»شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية» و»الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان». كما تطوع العديد من الإخوة التوانسة لمساندة الوفد معبّرين عن دعم الشعب التونسي وقواه الحيّة لشعب البحرين وحراك 14 فبراير.

شملت نشاطات الوفد التضامن مع الحقوقي البحريني  نبيل رجب في أسبوع التضامن العالمي معه، وكذلك المشاركة في الندوات وورش العمل والمسيرات، والعروض الفنية للفنانين محمد جواد وعلي البزاز. وقام الوفد بلصق عشرات الملصقات للسجناء السياسيين والحقوقيين، وعقد الاجتماعات بشأنهم، وتوزيع المطبوعات والأقراص المدمجة، والمشاركة في نقاشات واسعة بشأن نضال شعب البحرين من أجل الإصلاح الشامل.

وبالطبع فقد شارك الوفد في مختلف النشاطات المتعلقة بالقضايا التونسية والعربية والدولية، خصوصاً القضية الفلسطينية وثورات الربيع العربي. وأجرت العديد من محطات الإذاعة والتلفزة التونسية والدولية مقابلاتٍ مع أعضاء الوفد ونقلت حفل الهواء الطلق للفنان محمد جواد.

إن المنتدى الاجتماعي العالمي حدثٌ سنوي مهم لم يحظى بالاهتمام الإعلامي هنا، لكنه يجب إيلاؤه الاهتمام الكافي من قبل المجتمع المدني مستقبلاً، والإعداد له بشكل جيد واستثماره لخدمة قضية البحرين وشعبها وحراكه السلمية.

http://www.alwasatnews.com/3864/news/read/762017/1.html