العدلية – أماني المسقطي
حذر المرصد البحريني لحقوق الإنسان، من أن استمرار اعتماد الحكومة سياسة إنكار تدهور الأوضاع الحقوقية في البحرين، من شأنه أن يفاقم انتهاكات حقوق الإنسان ويؤدي إلى تراكمها.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده وفد المرصد الحقوقي إلى جنيف، الذي عاد أخيراً بعد مشاركته في عدد من الندوات التي أقيمت على هامش انعقاد الدورة الـ24 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف.
وفي المؤتمر الصحافي الذي عُقد مساء أمس الثلثاء (24 سبتمبر/ أيلول 2013)، في مقر الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، قال المنسق العام للمرصد المحامي محمد التاجر: «تفاجأنا خلال تواجدنا في جنيف بالمداخلات الشفوية لمنظمات حقوقية دولية التي تناولت الوضع الحقوقي في البحرين، على الرغم أنه ليس لدينا تواصل معها، كالمنظمة الدولية لمحامي حقوق الإنسان، والتحالف العالمي لحقوق الإنسان، وكذلك منظمات أخرى».
وأكد أن اللقاءات التي عقدها الوفد الأهلي في جنيف، تناولت عدم تنفيذ توصيات جنيف ولجنة تقصي الحقائق، وكذلك الانتهاكات الحقوقية كالحق في التعبير عن الرأي والاعتقال التعسفي، وأوضاع المدافعين عن حقوق الإنسان، إضافة إلى التركيز على عدد من القضايا المهمة التي تُنظر أمام المحاكم، وأداء المحاكم بصورة عامة.
كما أشار إلى أن الوفد ركز خلال لقاءاته على وضع منظمات المجتمع المدني في البحرين ككل، ومحاولة السيطرة على المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية، وتكبيل الجمعيات السياسية ومصادرة حق الجمعيات المهنية في أداء رسالتها، على حد قوله.
وأضاف «إن حكومة البحرين لا تتعامل بشكل واعٍ وراقٍ مع المشكلة الحقوقية، إضافة إلى ما قامت به بعض المنظمات المحسوبة على الحكومة، التي حضرت اجتماعاتنا بجنيف لتخريبها، بل وكان ممثلو هذه المنظمات ينقلون ما يقومون به من تصرفات عبر (تويتر)، يدرجون عناوين الحسابات الشخصية لمسئولين بحرينيين في تغريداتهم، بغرض التعرض لنا كأعضاء وفد أهلي، وفي هذا مسئولية أخلاقية وجنائية. وهذه المنغصات كانت تعكس الحالة التي تتعامل بها حكومة البحرين مع الوضع الحقوقي».
وتابع «هناك إنكار تام للمشكلة الحقوقية التي تحدث في البحرين، ومحاولة مداراة المشكلة بدفنها، كما أن المسئولين عن الملف الحقوقي في البحرين لا يتعاملون مع المشكلات الحقيقية بصورة لائقة، وبدلاً من وضع جدول زمني لتنفيذ التوصيات ووقف الانتهاكات، فإنهم كانوا يقومون بحملة عشوائية من حملات العلاقات العامة، ولا أدل على ذلك من نفي السفيرة الأميركية في جنيف ما نقل عنها من تصريحات مغايرة لما قالته خلال لقائها بالوفد البحريني، وخلال لقائنا بها أبدت استياءها من تحريف تصريحها واستياء البيت الأبيض من الأوضاع الحقوقية في البحرين».
وأكد التاجر أن مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان، اعتبر أن نشاط الحقوقيين كان مثار إعجاب المجتمع الدولي ككل.
أما عضو المرصد الناشطة الحقوقية فريدة غلام، فتناولت في جنيف ملف القيادات السياسية والحقوقية المعروفة بـ «مجموعة الـ13»، وقالت: «تناولت في جنيف محاكمة المجموعة، وأشرت إلى أنه بعد 21 شهراً من المحاكمات في محاكم السلامة الوطنية والمحاكم العادية، انتهت الأحكام إلى الأحكام ذاتها الصادرة عن محاكم السلامة الوطنية».
وأضافت «تطرقت في اجتماعاتنا بجنيف إلى تعرض المجموعة إلى التعذيب منذ اعتقال أفرادها، وإهمال المحاكم ما جاء في تقرير تقصي الحقائق، الذي أكد سلمية أفراد المجموعة، وأن دورهم كان يقتصر على مخاطبة الناس باعتبارهم رموزاً معروفة».
وواصلت «تمّت الإشارة كذلك إلى حذف اعترافات المحكومين من الأطباء التي جرت تحت التعذيب، وهو ما لم يتم تنفيذه في قضية (مجموعة الـ13)، وإنما تم إهمال كل شهادات تعرضهم للتعذيب».
وقالت: «إن إهمال علاج المعتقلين حسب وصف مقرر التعذيب يعتبر استمراراً في التعذيب، ويجب توفير العلاج لهم بغضّ النظر عمن يكون هؤلاء. ولكن هناك مشكلة باستمرار التضييق في اتجاه معاكس للمدونة المعنية بالسجناء التي أطلقتها الأمم المتحدة».
إلى ذلك، انتقد مسئول قسم الحريات الدينية في مرصد البحرين الشيخ ميثم السلمان سياستَيّ التمييز والإقصاء الطائفي في البحرين، مشيراً إلى ما ورد في تقرير وزارة الخارجية الأميركية في العام 2012، وتقرير البرلمان الأوروبي، وما تطرقت إليه المفوضة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي في الخطاب الذي ألقته في مطلع الشهر الجاري، حين أبدت قلقها من حالة الاستقطاب الطائفي الحاد وتشطير المجتمع في البحرين.
وانتقد السلمان قرار حل المجلس الإسلامي العلمائي، لافتاً في هذا الشأن إلى المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تمنح الأفراد والطوائف حقهم الإنساني في ممارسة تعاليمهم الدينية في التعبير والدعوة والممارسة للعقيدة التي يتبنونها؛ مشيراً إلى أن هذه المادة تؤكد بصورة لا لبس فيها على منح كل شخص (فردي أو اعتباري) الحق في حرية التفكير والضمير والدين، وأن هذا الحق يشمل حرية الدعوة إلى العقيدة وتبليغها، وحرية الإعراب عنها بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة وفي العلن.
وعلى الصعيد ذاته، أبدى السلمان قلق مرصد البحرين لحقوق الإنسان على مصير الشيخ حسين النجاتي؛ على إثر تعرّضه لضغوطٍ جديدة عليه للخروج من البحرين، مطالباً السلطة بإيقاف مساعي ترحيله من وطنه فوراً.
ونفى السلمان الاتهامات التي وُجهت إليه من قبل إحدى المنظمات المحسوبة على الحكومة، بالمساس بالجاليات الأجنبية في البحرين، وقال: «تعودنا على أولئك الذين يتحدثون عن السلطة بمثل هذه التصرفات، وما نسب إليَّ من حديث في هذا الاتهام هو كذب ولا يلمس الحقيقة».
وأضاف «الجاليات الأجنبية كانت وستبقى دائماً محل ترحيب في هذا الوطن، والكنائس هي محل ترحيب، والعاصمة (المنامة) كانت سبّاقة في احتضان الأجانب، وللعلم فإني تلقيت دراستي في كنيسة القلب المقدس، ولا يوجد ما ادعاه المحسوبون على النظام بعدم احترامي للتعددية الدينية».
أما الناشط الحقوقي عبدالنبي العكري، فقال: «فلسفة الدولة في التعاطي مع حقوق الإنسان كحقوق عامة، والبحرين بها أكبر ترسانة من القوانين، ولكنها تعتمد على استراتيجية تقوم على أجهزة شكلية تكمل بعضها البعض لسلب الحريات».
وأضاف «البحرين لم تصدق على اتفاقيات حقوق الإنسان إلا مجبرة، وخصوصاً اتفاقيتي حقوق الطفل ووقف كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، أمّا باقي الاتفاقيات، فوقّعت من دون التصديق عليها، وعلى الرغم من مصادقتها على العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، إلا أنها بسبب تحفظاتها على بعض موادهما، وعدم توقيعها على البروتوكولات الاختيارية المرفقة بهما، فإنها أفرغتهما من محتواهما».
وأشار العكري، إلى أنه في ظل الأزمة التي تشهدها البلاد منذ العام 2011، وللتغطية على الانتهاكات التي تمر بها البلاد، تم تشكيل وزارة حقوق الإنسان، إلا أن ذلك لم يغير من سياسة الدولة في إنكار تدهور الوضع الحقوقي، على حد قوله. وقال: «منظمة (هيومن رايتس ووتش) أصدرت تقريراً بشأن الأوضاع الحقوقية في البحرين في العام 1995، أشارت فيه إلى إنكار الدولة لانتهاكات حقوق الإنسان، وهي سياسة مستمرة حتى يومنا هذا».
وانتقد العكري في الوقت نفسه، ما اعتبره من تهميش للجمعيات الحقوقية ومطاردة الحقوقيين، وافتعال منظمات وهمية.
وختم حديثه بالقول: «وزير حقوق الإنسان صلاح علي، قال في تصريح له إن البحرين غير مدرجة على جدول أعمال الدورة الـ24 لمجلس حقوق الإنسان، ثم ترأس وفداً كبيراً ذهب إلى جنيف قبل أسبوع من بدء دورة المجلس، وعقد لقاءات محمومة مع الدول لتدارك الوضع قبل مناقشة حالة حقوق الإنسان في البحرين، إلا أن ذلك لم يَحُلْ من دون توقيع 47 دولة على بيان يدين انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد».