Skip to main content

يؤكد المرصد البحريني لحقوق الانسان ان الحكم الصادر اليوم من  محكمة التمييز اليوم الاثنين (7 يناير 2013)،بتاييد حكم محكمه الاستئناف الجنائية المشكلة بهيئة خاصة لنظر قضية القيادات السياسيه والحقوقيه هو حكم شابه عوار كبير بتأييده حكم  محكمه الاستئناف العليا الجنائية   بينما نقضت ذات المحكمة حكم المحكمة العسكرية الاستئنافية فكان اجدى للمحكمة الاستئنافية تغيير الحكم ابتداء و اذا لم تفعل فكان لزاما على محكمة التمييز التصدي للحكم بالتغيير طالما سبق و قررت ان الاحكام الصادره من المحكمة العسكرية باطلا فجاء الحكم متسقا مع الأحكام التي أصدرتها المحاكم العسكرية بحق القيادات والشخصيات السياسية والنشطاء الحقوقيين، وإنها جاءت متماشية مع بيان النيابة العامة الصادر في الثلاثين من ابريل2012 وان نقض الحكم “لايترتب عليه براءة المتهم”، مقررة المسار المستقبلي للقضية  ، في 30 ابريل 2012، بعدما نقضت أحكام محكمة السلامة الوطنية (العسكرية) الصادره  في 28 سبتمبر 2011 وأكدت أن عوارا قانونيا شاب حكم المحكمة العسكرية.

و لعل تفسير ذلك يستنتج من وجود رغبة ما للحيلولة دون تمكين قادة المعارضة والنشطاء المتهمين من تقديم أدلة ذات قيمة تنفي التهم الموجة إليهم. ففي البيان  قالت النيابة (وذلك مباشرة بعد صدور حكم محكمة التمييز بنقض أحكام الإدانة الصادرة بحق قادة المعارضة والنشطاء المتهمين والذي قضى بإحالة القضية لمحكمة الإستئناف) حيث جاء في بيان النيابة ما نصه “لا يترتب على نقض الحكم إخلاء سبيل المتهمين طالما أنهم كانوا مقدمين محبوسين في المحاكمة الأولى لأن نقض الحكم يعيد القضية الى نفس الحالة التي خرجت منها الى النيابة.”

كما قالت النيابة العامة: “ونظراً لسابقة صدور حكم بالإدانة من محكمتي أول درجة و المحكمة الإستئنافية مما يعني إتفاق قضاة دائرتين على الإدانة و الإقتناع بها، و أن المرجح عادة هو معاودة القضاء بالادانة مرة أخرى نظراً لعدم حدوث أي تغيير في القضية أو في موضوعها أو أدلتها.”

واتضح من مجريات المحاكمة أمام محكمة الإستئناف تناغم النتائج مع ما ورد في بيان النيابة العامة المذكور. إذ لم يتم الافراج عن قادة المعارضة والنشطاء المتهمين من جهة، وتم  تفويت فرص تقديم شهود نفي التهم عنهم حتى “لا يحدث تغيير في الادلة” حسبما جاء في بيان النيابة العامة من جهة أخرى.

فعلى الرغم من نقض أحكام المحاكم العسكرية لم يتم إخلاء سبيل قادة المعارضة والنشطاء على الرغم من إقرار النيابة العامة بأن نقض الحكم يعيد القضية لنفس الحالة التي خرجت عليها من النيابة، إذ رفضت محكمة الاستئناف مرارا الإفراج عنهم بالرغم من أن ذلك هو من صميم إختصاصها وفقاً للمادة (156) من قانون الإجراءات التي تنص على أنه اذا أحيل المتهم لمحكمة يكون الإفراج عنه إن كان محبوساً من إختصاص تلك المحكمة، كما تنص المادة (219) على أن للمحكمة أن تفرج بكفالة أو غيرها عن المتهم المحبوس إحتياطياً. ومع ذلك إستمر قادة المعارضة والنشطاء رهن الإعتقال تماشياً مع ما جاء في بيان النيابة العامة و قد سايرتها في ذلك محكمة التمييز فابقتهم مسجونين ثم رفضت طعنهم .

وكل ذلك يبعث على القلق الكبير بشأن عدالة هذه المحاكمة و يؤكد طبيعتها السياسية، و قد سبق أن تحققت نبوءات بيانات النيابة العامة في قضايا أخرى منها قضية الكادر الطبي حيث جاء الحكم في تلك القضية بتاريخ 14/6/2012 متناغماً مع البيان الصادر من النيابة العامة عبر هيئة شئون الاعلام بتاريخ 10/3/2012 بشأن إدانة البعض وتبرأة الآخرين.

 ولقد استخفت محكمة الاستئناف الجنائية  فيه بحكم محكمة التمييز السابق باعاده المحاكمة التى جرت امام المحاكم العسكرية والنظر فيه امام محكمة الاستئناف المشكلة في وزارة العدل حيث  أكدت فيه على بقاء الأحكام كما هي ، مما يثير تساؤلات حول  جدية و استقلالية القضاء وطبيعة الأحكام التي  يصدرها بما في ذلك الحكم الصادر اليوم في حق الرموز و الذي يصل للمؤبد، خصوصا وان نفس محكمة التمييز هي التي أعادت أحكام محكمة الاستئناف العسكرية إلى محكمة الاستئناف العليا في وزارة العدل.

ان حكم اليوم مناقض لما خلصت إليه اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق في توصياتها التي اعتبرت من صدر بحقهم حكم التمييز اليوم سجناء رأي عبروا عن آرائهم بشكل سلمي  وينبغي الإفراج عنهم فورا، كما أن محكمة الاستئناف العليا تجاهلت إفادات المعتقلين حول التعذيب النفسي والجسدي الذي تعرضوا له جميعا قبل وأثناء الاعتقال، وهو ما يتناقض تناقضا صارخا مع كافة المواثيق والاتفاقيات ذات الصلة بحقوق الإنسان حيث مملكة البحرين طرف فيها بما في ذلك العهد الدولي للحقوق المدنيه والسياسيه واتفاقية مناهضة التعذيب ، فضلا عما جاء في الفقرة (د) من المادة (19) في دستور 2002 والتي تنص على “لايعرض أي إنسان للتعذيب المادي أو المعنوي، أو للإغراء، أو للمعاملة الحاطة بالكرامة، ويحدد القانون عقاب من يفعل ذلك. كما يبطل كل قول أو اعتراف يثبت صدوره تحت وطأة التعذيب أو بالإغراء أو لتلك المعاملة أو التهديد بأي منها”، كما ان ذلك تهرب واضح من تنفيذ توصيات بسيوني وجنيف، وضرب عرض الحائط لمواد الدستور.

إن حكم محكمة التمييز اليوم والأحكام السياسية الأخرى يؤكد كل التوصيفات التي أصدرتها المنظمات الحقوقية الدولية كما وصفت المفوضية السامية لحقوق الإنسان الأحكام الصادرة ضد النشطاء والحقوقيين في البحرين على خلفية اتهامات سياسية الدفوع وصفها بأنها عدالة زائفة و منقوصة وهو ذات التعبير الذي استخدمته منظمات حقوقية كهيومن رايتس وتش ومنظمة العفو الدولية فقد اتفقت المنظمات أنه لا عدالة في البحرين وأدانت في تقارير مختلفة أحكام الإدانة الصادر من المحاكم المختلفة.

وقد جاء في تقارير المفوضية السامية لحقوق الإنسان اما اللجنة الوطنية لتقص الحقائق فقالت ان حكومة البحرين قد استخدمت مواد قانون العقوبات لمعاقبة وردع المعارضة السياسية وأن طريقة تطبيق أحكام المواد المتعلقة بالتعبير عن الرأي السياسي وحرية التجمهر والاعتصام تبعث على القلق لعدم اتساقها مع أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان ومع أحكام دستور دولة البحرين .

وقد بينت التقارير الحقوقية ان السلطات في البحرين ما زالت تتجاوز القانون في القبض على المتهمين بدون إبراز أمر قضائي وتمنع المحامين من الوصول لهم في الوقت المناسب وتمنع زيارتهم لفترات تصل إلى شهرين وتمارس التعذيب لاستلال  اعترافات منهم وتكاد تكون الاعترافات هي الدليل الوحيد في أغلب القضايا الخاصة بالتعبير عن الرأي السياسي والتجمهر  وهذا ما حدث للرموز و القادة في اثناء محاكمتم العسكرية و المدنية حيث   ترفض محاكم البحرين تغليب المبدأ الجنائي ذائع الصيت أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته وترفض تطبيق القانون الأصلح للمتهم وتعرض عن تمكين المحامين من تقديم دفاع قانوني صحيح لتبرئه المتهمين وغالباً ما تصدر الأحكام بالإدانة بمدة قصوى بعد محاكمة سريعة لا تتوافر لها شروط المحاكمة العادلة ودون اعتبار لأي شكاوي بتعرض المتهمين للتعذيب والمعاملة السيئة أبان فترة التحقيق والاستجواب وهذا ما بينته تقارير هيومين رايتس وتش والعفو الدولية و المفوضية السامية لحقوق الانسان عندما راجعت كيفية محاكمة الرموز .

ان إصدار هذه الأحكام السياسية، هو اصرار على استخدام السلطه القضائية من قبل الحكومة لفرض سياستها الامنية ضد المعارضة والحركة الحقوقية السلمية وتهرب من الاستحقات الدستورية والسياسية والحقوقية وسوف يزيد اوضاع حقوق الانسان تدهورا.

إننا إذ نعرب عن قلقنا الشديد على إثر هذه التطورات الاخيرة في القضية والمتمثلة في عدم الالتزام بحقوق المتهمين في الدفاع بما فيها حق سماع الشهود في جلسة علنية و عدم تقديم شهود لهم او دفاع مكتوب و سبق ان طالب المجلس الاعلى للقضاء الذي إتخذ موقف المدافع عن الاجراءات المخلة بحقوق الدفاع امام محكمة الاستئناف ثم يتصدى لتاييد حكمها المجلس بتاييد حكمها ممثلا بمحكمة التمييز ، فلا يمكن ان يتصدى لحماية حقوق المتهمين الدستورية ثم يكرس هكذا محاكمات لا تلتزم بالحد الادنى من معايير المحاكمات العادلة المتوافق عليها دولياً فمحكمة التمييز يناط بها السهر على تطبيق القاونين لا مخالفتها و يبدوا ان دورها في حماية القوانين التي تدافع عن حقوق الدولة جعاها تناى بنفسها عن تطبيق الضمانات القانونية لحق الحاكمة العادلة .

المرصد البحريني لحقوق الانسان

7 يناير 2013