سيد شرف محسن الموسوي – رئيس الجمعية البحرينية للشفافية.
يمر علينا الأول من مايو يوم العمال العالمي، في هذا العام 2019م في ظل ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة وتتميز بتحدي كبير للطبقة العاملة البحرينية وخاصة بعد إدخال التعديلات التشريعية على قانون العمل في القطاع الأهلي الذي بموجبه تم إلغاء إلزام الشركات بأولولوية المواطن البحريني في التوظيف، كما تم إلغاء شرط نسبة البحرينية من شروط الحصول على المناقصات والمشتريات الحكومية، وما يزيد الوضع صعوبة على أبناء الطبقة العاملة، هو أزدياد الرسوم الحكومية لجميع الخدمات التي تقدمها الوزارات والمؤسسات الحكومية، وما جاء بعدها من قرارات مثل فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% ورفع الدعم عن المحروقات ( البنزين والديزل ) وإرتفاع متواصل في أسعار استهلاك الكهرباء، كل ذلك مع بقاء معدلات الرواتب كما هي عليه أو بأرتفاع محدود لا يتناسب وأرتفاع تكاليف المعيشية.
كما أن ما ينشر من وقت لآخر حول برامج توظيف المواطنين البحرينيين لا يحل المشكلة الأساسية وهي أزدياد أعداد العاطلين عن عمل مع عدم توفر ضوابط لألزام الشركات باستيعاب الأعداد الكبيرة من العمالة الوطنية كما كان مخطط لها في رؤية البحرين 2030 . هذا يأخدنا الى أهمية الالتزام بما تنص عليه المادة ١٣/ب من الدستور البحريني الذي ينص على” تكفل الدولة توفير فرص العمل للمواطنين وعدالة شروطه” .بالمقابل إن أولوية توظيف المواطن البحريني يجب أن تفرضه الظروف الاقتصادية في البلد التي تستهدف الحفاظ على استمرار النمو الاقتصادي المناسب وكذلك استخدام السيولة المالية التي تذهب للعمال الأجانب، للاستفاذة منها في السوق المحلي، خاصة إذا عرفنا إن حجم التحويلات المالية للعمال الأجانب بعام 2018 قد بلغ 3.3 مليار دولار أمريكي، هذا المبلغ قد يساهم في دعم موجودات العملة الأجنبية للبنوك البحرينية مما سوف يؤثر على التصنيف المالي للملكة الذي وصل الى B- كما تصنفه وكالة موديز للتصنيف العالمي.
لقد بلغت نسبة البطالة حسب الإحصائيات التي تعلن عنها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية لعام 2018 ما نسبتة 4.3% فيما يعلن صندوق النقد الدولي إن النسبة في أوساط الشباب من الفئة العمرية ١٥ – ٢٥ سنة قد بلغ ١٢،٨% لنفس العام على الرغم مما ينتجه سوق العمل من وظائف سنوية تتجاوز ١٠٠ ألف وظيفة سنويا وللأسف تذهب ما نسبته ٩٠% من هذه الفرص للأجانب، هذا الأمر يستدعي وقفة جادة ومسئولة من المشرعين في البحرين وعلى رأسهم الحكومة ومجلسي النواب والشورى.
من الأمور التي لابد من إعادة النظر فيها هو التعديلات الأخيرة التي أدخلت على قانون العمل في القطاع الأهلي، وإعادة المواد القانونية السابقة التي تمنح أولوية التوظيف للمواطن البحريني. وفي جانب آخر لابد من إعادة النظر في قانون العمالة المرنة الذي أصبح يشتكى منها التاجر البحريني قبل المواطنين الذين هم أكبر المتضريين من منافسة العامل الأجنبي هذا القانون الذي لم يحضى على دعم وموافقة التجار إذ أصبح ضرره على الاقتصاد المحلي أكبر بكثير من العوائد التي تحصل عليها الدولة مقابل رسوم هذه العمالة.
لقد أصبحت مزاحمة العمالة الأجنبية للعمال والموظفين المواطنين أمراً مقلقاً سبباً رئيسياً في ارتفاع نسبة البطالة في أوساط العمالة الوطنية. كما لابد من الإشارة الى ما تقوم به بعض الشركات من ممارسات خاطئة للتخلص من العمالة الوطنية واستبدالها بالعمالة الأجنبية تحت مسمى إعادة الهيكلة التي بدأت بعض الشركات من استغلاله بطريقة لا تنم عن حرص على استقرار الوضع الاجتماعي للعمالة الوطنية. هذه الاجراءات بدأت تؤرق ليس المواطنين فقط بل حتى الجهات الحكومية المسئولة عن هذا الجانب.