Skip to main content

«الوفد الأهلي»: على الحكومة وضع آلية وجدول زمني محددين لتنفيذ نتائج «جلسة جنيف» اليوم

الوسط – أماني المسقطي

أكد أعضاء من الوفد الأهلي المشارك في جلسة اعتماد تقرير البحرين في إطار آلية المراجعة الدورية الشاملة، على ضرورة أن تضع الحكومة آلية وجدولاً زمنياً محددين لتنفيذ نتائج الجلسة التي تعقد اليوم الأربعاء (19 سبتمبر/ أيلول 2012)، أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف.

وفي منتدى استضافت فيه «الوسط» أعضاء من الوفد الأهلي، بالتزامن مع اعتماد تقرير البحرين بحنيف، ذكر الأعضاء أن هناك أربعة خيارات مطروحة اليوم أمام البحرين في التعاطي مع ملفها الحقوقي، تتمثل بإرسال ممثل عن المفوضية السامية أو مقرر خاص معني بمتابعة أوضاع حقوق الإنسان إلى البحرين، أو عقد جلسة خاصة بشأن أوضاع حقوق الإنسان في البحرين أمام مجلس حقوق الإنسان، أو أن يصدر المجلس قرارات واضحة ملزمة للبحرين، على أن يتم تنفيذها ضمن آلية وجدول زمني محددين.

شارك في المنتدى، كل من رئيس جمعية الشفافية البحرينية عبدالنبي العكري، وعضو جمعية «وعد» فريدة غلام، ومسئول دائرة الحريات وحقوق الإنسان بجمعية الوفاق السيدهادي الموسوي، والناشطة رولا الصفار.

وفيما يأتي النقاشات التي دارت خلال المنتدى:

ماذا أعدت الجمعيات لجلسة مجلس حقوق الإنسان التي سيتم فيها اعتماد تقرير البحرين في إطار آلية المراجعة الدورية الشاملة، وخصوصاً مع استمرار الحملة ضد مؤسسات المجتمع المدني المشاركة في جلسات جنيف؟

– عبدالنبي العكري: يجب أولاً إيضاح موقف مؤسسات المجتمع المدني في التعاطي مع الجانب الرسمي في إطار آلية المراجعة الدورية الشاملة، فهناك أربع منظمات ممن تنتمي للمرصد البحريني لحقوق الإنسان، هي الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين والاتحاد النسائي البحريني والجمعية البحرينية لحقوق الإنسان وجمعية الشفافية البحرينية، هي أعضاء في لجنة التسيير المعنية بمتابعة تنفيذ البحرين لالتزاماتها وتعهداتها حين قدمت تقريرها الأول في شهر أبريل/ نيسان 2008، وهي اللجنة التي تجمع ممثلين عن الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص.

والأمر الآخر أنه ضمن الاتفاق الذي تم بين حكومة البحرين وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن يقوم برنامج الأمم المتحدة بتمويل ودعم برنامج الحكومة لتنفيذ التزاماتها بموجب المراجعة الدورية الشاملة، وكانت إحدى نقاط الاتفاق هي تشكيل لجنة التسيير، وبالتالي فإن إشراك المجتمع المدني في خطوات تنفيذ الحكومة لالتزاماتها، هي جزء من آليات مقرة من قبل الأمم المتحدة وحكومة البحرين، ونستغرب أن يتم الهجوم علينا كمنظمات مجتمع مدني، في حين أننا نقوم بشيء من حقنا وواجبنا.

ونحن لم نتوقف كجمعيات عن متابعة ملف المراجعة الدورية منذ العام 2008 وحتى الآن، إذ مازلنا نتابع بدقة تنفيذ البحرين لالتزاماتها، وكنا حتى نهاية العام 2010 ضمن لجنة التسيير ونقوم بجهدنا للتأثير إيجاباً في مسار تنفيذ البحرين لالتزاماتها، على رغم ما عانيناه من تهميش، ولكننا على الأقل كنا نقدم مقترحات وانتقادات من دون أن نكون في موقع القرار كما يتوجب، وقدمنا في العام 2010 مذكرة تمثل الأربع منظمات الأعضاء في لجنة التسيير، عبرنا فيها عن مآخذنا في تنفيذ التزامات البحرين.

ولكنني أقولها آسفاً، أنه منذ مرحلة ما بعد فبراير/ شباط 2011، توقفت اجتماعات اللجنة التسييرية، وربما يكون ذلك نتيجة لتطور الأحداث التي شهدتها البلاد، وبعد أن استلمت وزيرة التنمية الاجتماعية فاطمة البلوشي الملف الحقوقي، توقفت اجتماعات اللجنة نهائياً، إلى حين بدء الحكومة في إعداد تقريرها في إطار المراجعة الدورية الشاملة بدورتها الثانية، ودعت الوزيرة اللجنة للاجتماع، وكلنا نعرف ما تعرضت له منظمات المجتمع المدني من هجوم عليها، وعلى رغم ذلك تعالينا على جراحنا وذهبنا للاجتماع لنفاجأ بأن هناك أربع جمعيات جديدة في اللجنة، لم تكن أعضاء في اللجنة، ولكننا لم نعترض لأننا كنا نقدر المرحلة التي تمر بها البلاد، ولكن المفاجأة كانت حين أصرت الوزيرة البلوشي على صدور التقرير الرسمي بمشاركة مؤسسات المجتمع المدني، وهو أمر لا يجوز، لأن هناك ثلاثة تقارير تقدم لمجلس حقوق الإنسان، وهي التقارير الصادرة عن الحكومة والمجتمع المدني وخبراء الأمم المتحدة.

وأبلغنا اللجنة حينها بأننا يمكن أن نعطي آراءنا في التقرير، ولكننا غير ملزمين بتقرير الحكومة، غير أننا فوجئنا لاحقاً بتزويدنا نسخة من مشروع التقرير، وهذا يعني أن التقرير كان مُعداً من قبل الحكومة سلفاً، ولذلك تشاورنا وقررنا بعدها عدم حضور اجتماعات اللجنة.

المؤسف أن الحكومة ظلت تصرّ حتى بعد تقديم تقريرها وتقديمنا لتقاريرنا الموازية لمجلس حقوق الإنسان، على أن تقريرها هو تقرير وطني، وهو أمر غير صحيح.

وطلبنا من برنامج الأمم المتحدة دعم مشاركتنا في الجلسة، إلا أنه اتضح لاحقاً، أن البرنامج وبضغط حكومي لم يدعمنا.

وبعد ذهابنا إلى جنيف في شهر مايو/ أيار الماضي، فوجئنا بإصرار وزير شئون حقوق الإنسان صلاح علي أمام المجلس، على أن تقرير الحكومة وضع بمشاركة المجتمع المدني، ثم وجدنا أن الوفد الحكومي لديه موقف عدائي تجاه الجمعيات المستقلة، بخلاف الوفود الرسمية الأخرى التي تعاملت بأريحية مع الوفود الأهلية.

وكما أكدنا في وقت سابق، فإننا نؤكد على حقنا في متابعة مسيرة المراجعة الدورية، ولذلك شكلنا كجمعيات ولجان ومجموعات أهلية، المرصد البحريني لحقوق الإنسان، ليتابع آليات تنفيذ مقررات المراجعة الدورية الشاملة.

وركزنا في عملنا على التوصيات الـ176 التي خرج بها اجتماع مجلس حقوق الإنسان في مايو الماضي، وكانت محل إجماع دولي، حتى أن بعض التوصيات متشابهة، إلا أنه طوال الفترة الماضية، كان هناك صمت تجاه التوصيات من قبل الحكومة، إلى أن فاجأنا وزير حقوق الإنسان صلاح علي بتصريحه الذي أكد فيه أن البحرين ستوافق على 143 توصية، و13 توصية تم تنفيذها جزئياً، فيما 20 توصية لا تلقى موافقة من البحرين، وكان ذلك أمراً مفاجئاً بالنسبة لنا.

في ظل الأحداث التي شهدتها البلاد منذ شهر مايو الماضي وحتى الآن، فإن كل ما عبر عنه شعب البحرين، هو المطالبة بتنفيذ قرارات لجنة تقصي الحقائق، التي تلتقي في كثير منها مع توصيات مجلس حقوق الإنسان، كما أنه طالب بحل شامل للخروج من الأزمة.

وبصراحة، فإننا نتخوف أن تتحول أزمة حقوق الإنسان في البحرين إلى كارثة، وكمؤسسات مجتمع مدني، فإننا على استعداد للمساهمة في حل هذه الأزمة ضمن مسارات عدة من خلال تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق، إضافة إلى تنفيذ توصيات مجلس حقوق الإنسان الـ176.

إلا أن ما نشعر به في الوقت الحالي، أنه لا توجد وقفة جدية من الحكومة لحلحلة الملفات العالقة، بل إصرار منها على أن العملية الإصلاحية تسير وفق المطلوب وأن توصيات تقصي الحقائق يتم تننفيذها بالصورة المطلوبة، ولكن الواقع يثبت عكس ذلك تماماً، وخصوصاً مع القرارات الرسمية الأخيرة بمنع التجمع والتظاهر السلمي، والأمر الآخر هي حملة الكراهية المستمرة ضد المعارضة السياسية والحقوقية.

وما يستغرب له استمرار الانتهاكات بالوتيرة نفسها وكأن شيئاً لم يحدث في جنيف، كما تم زج فئات جديدة لقيادة هذه الحملة، من بينهم رجال أعمال ورجال دين، بعد أن كان المجتمع البحريني قد بدأ مساره في التعافي، إلا أن زج بعض الفئات، ومن بينها البرلمان، للتحريض ضد فئات من الشعب، لا يخدم عملية الإصلاح في البحرين.

ولذلك، أعددنا قبل ذهابنا إلى جنيف وثيقة تتضمن التزامات البحرين الحقوقية، ووزعناها على بعثات الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان، والمختصين في الأمم المتحدة، كما وجهنا مذكرات إلى المقررين الخاصين المعنيين بحرية التعبير والتجمع، والتعذيب، واستقلالية القضاء، والمرأة والطفل، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والحريات الدينية، تضمنت جميعها الانتهاكات التي طالت كل مجال على حدة.

كما ستكون لنا بعض المداخلات الشفوية التي سنلقيها أمام مجلس حقوق الإنسان، بالتعاون مع المنظمات الدولية، إضافة إلى الاجتماعات الموازية التي تم الإعداد لها بالتعاون مع المنظمات الدولية، والتي ستركز بصورة خاصة على انتهاكات حقوق الإنسان، والقيود المفروضة على المجتمع المدني، وسياسة الإفلات من العقاب. إضافة إلى اللقاءات التي سنعقدها كوفد أهلي مع المسئولين في الأمم المتحدة والسفراء.

– فريدة غلام: دور المجتمع المدني في التعامل مع آليات الأمم المتحدة بصورة عامة، وآلية المراجعة الدورية الشاملة بصورة خاصة، موضح في أدلة صادرة عن الأمم المتحدة نفسها، والتي تؤكد أهمية كل مكونات المجتمع المدني في الشراكة مع آليات مجلس حقوق الإنسان، بل إن هذا الدليل يحث المجتمع على أن يكون له دور الشراكة وتطوير هذا الدور.

فهناك ثلاث جوانب لمساهمة المجتمع المدني في مجلس حقوق الإنسان، والتي تتمثل في آلية المراجعة الدورية، وتقديم الشكاوى، وكذلك التعامل مع الإجراءات الخاصة.

كما أن مقدمة دليل الأمم المتحدة بهذ الشأن، كتبتها المفوضة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي، التي أعربت عن فخرها بأن يكون المجتمع المدني واعياً بدوره، لأنه من يقرع الجرس في الانتهاكات ويطور المعايير الدولية في هذا المجال، لا دوره التآمر على البلد، وإنما رفع المعايير الحقوقية لينتفع منها كل أبناء الوطن.

وفي هذا المجال، أود أن أشير إلى طلب المقرر الخاص بالتعذيب بزيارة البحرين لأكثر من مرة، إلا أنه لم يسمح له بهذه الزيارة. في حين أن عمل هؤلاء المسئولين عن الإجراءات الخاصة أن يجمعوا المعلومات في البلد المعني وأن يتواصلوا مع النشطاء في المجتمع المدني، الذين يتمثل دورهم في نقل المعلومات وتزويدهم بالتقارير.

– رولا الصفار: أحد الأمور الرئيسية التي تدفع مؤسسات المجتمع المدني للمشاركة في عملية المراجعة الدورية الشاملة، هو تعزيز حقوق الإنسان وحمايته، وعلى من يرى أن مشاركتنا كمؤسسات مجتمع مدني في جنيف، لأننا نود العمل ضد الحكومة، فإنه يغالط نفسه، وكحقوقيين لا ننحاز لأي طرف ولا نعبر عن وجهة نظر سياسية، وإنما كل ما نقدمه من معلومات، موثقة بالأدلة والبراهين.

وحين نعرض حالات انتهاكات حقوق الإنسان في جنيف، وخصوصاً ما تعرض له سجناء الرأي والكوادر الطبية والحقوقيين، أو حالات التمييز والاعتداءات التي تطال فئة معينة في المجتع، فإننا لا نأتي بجديد، وإنما الغرض منه هو إصلاح الأوضاع.

وهناك حالات تحدث يومياً أمام أعيننا، وخصوصاً حين تم تسييج بعض المناطق، ناهيك عن المداهمات الليلية، والاستخدام المفرط للغازات المسيلة للدموع، إضافة إلى القيود المفروضة على التعبير عن الرأي.

– السيدهادي الموسوي: لم يعد هناك معنى أن يتم نفي ما يتم ارتكابه من انتهاكات، وبعد «جلسة جنيف» في مايو الماضي، تم رصد كل الانتهاكات التي حصلت بالأرقام والأسماء والمناطق، وهناك نحو 700 شخص تم اعتقالهم، إضافة إلى مداهمة نحو 450 بيتاً، من بينها أحد البيوت الذي تم مداهمته 19 مرة.

وهذه الانتهاكات ذاتها وثقها تقرير لجنة تقصي الحقائق، كما تطرقت إليها بشكل كبير توصيات جنيف.

ومازالت المداهمات الليلية والاعتقالات من دون أمر قضائي، مستمرة حتى بعد جنيف، ناهيك عن القتل خارج إطار القانون، واستخدام القوة المفرطة، والذي أدى إلى وقوع 343 جريحاً بحسب ما تم توثيقه منذ جلسة مايو، وهؤلاء لا يستطيعون زيارة المستشفى لأنهم يتعرضون لمضايقات ويتم التحقيق معهم، كما حصل أخيراً مع العضو البلدي صادق ربيع.

كما أن عدد الأطفال المعتقلين في ازياد مستمر، ناهيك عن طريقة التعاطي مع هؤلاء الأطفال بصورة خاصة، والسجناء الآخرين بصورة عامة.

فالتعامل مع السجناء في الفترة الحالية، أعاد إلينا صور فترة السلامة الوطنية، وتزايدت في الآونة الأخيرة شكاوى تعرضهم للتعذيب الشديد، وهذا يدل على أنه بعد مايو وحتى سبتمبر لم ولن يتغير شيء، لأن من يعمل على تنفيذ توصيات تقصي الحقائق هو بذاته المتهم بحسب ما أكده تقرير لجنة تقصي الحقائق.

وبالتالي ليست هناك فرصة لنفي وقوع تجاوزات حقوقية كبيرة، وتلكؤ الحكومة في إعلان موقفها من الـ176 توصية، يدل على أنه ليست هناك جدية في تنفيذ ما عبرت عنه هذه التوصيات. والمعيار ليس في قبول التوصيات، وإنما تنفيذها، لأنه منذ العام 2008 وحتى العام 2012 لم يتم تنفيذ أي من التوصيات الثماني التي أعلنت البحرين موافقتها عليها في العام 2008.

كيف تبررون تأخر الحكومة في إعلان موقفها من التوصيات الـ176 التي قُدمت لها في مايو، لتعلن عنها قبل أيام من جلسة اعتماد تقريرها النهائي؟

– العكري: الواضح أن الحكومة تفاجأت بنوعية وحجم التوصيات، وذلك بالمقارنة مع دول أخرى أكبر من البحرين، كالمغرب وبريطانيا، فالبحرين كانت أصغر دولة ناقشت تقريرها، إلا أنها ضمت أكبر وفد رسمي كما وجه لها العدد الأكبر من التوصيات.

ربما تفاجأت البحرين من أن التوصيات التي وجهت لها هي من دول حليفة، ولذلك رأينا ردة الفعل السلبية في بعض وسائل الإعلام، ويبدو أن ذلك خلق إرباكاً في المؤسسة الرسمية إذ لم يعطى الوزير تفويضاً بالقبول، ولذلك اضطر الوزير للقول إنه سيناقش التوصيات مع الحكومة.

وأعتقد أن الإرباك الآخر الذي طال الموقف الرسمي، حين شنت حملة ضد الوفد الأهلي في جنيف، ووجهت رئيسة مجلس حقوق الإنسان لوماً للحكومة البحرينية، ونفت الحكومة تعرض الوفد الأهلي لأية مضايقات، بينما كانت هناك وقائع تشير إلى عكس ذلك.

وإذا كانت الحكومة تقول إن التقرير جاهز منذ أكثر من شهر، فلماذا لم يتم تسليمه منذ ذلك الوقت حتى يطلع عليه الخبراء؟

المشكلة أنه وعلى مدى أربعة أعوام مضت، كانت الحكومة تتعاطى مع المسألة بأمور شكلية تقدمها وتصورها على أنها جوهرية وتنفيذ للتوصيات، وعلى سبيل المثال، هناك المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، والتي جاء تأسيسها ضمن التزامات البحرين منذ العام 2008، وصدر بشأنها أمر ملكي، وتم تصويرها على أنها جاءت بموجب «مبادئ باريس»، إلا أن تقرير لجنة تقصي الحقائق، أكد لاحقاً أنها لا تتوافق و «مبادئ باريس»، والآن بعد صدور أمر ملكي جديد بشأن المؤسسة، تم بموجبه تخفيض عدد أعضائها، غير أن العبرة ليست بخفض عدد الأعضاء، وإنما بتركيبة المؤسسة وعلاقتها مع السلطة، وخفض عدد الأعضاء ليست إلا مسألة شكلية.

كما أن تقرير تقصي الحقائق، حمّل مسئولين رسميين مسئولية شكاوى التعذيب، إلا أن الحكومة وعلى رغم ذلك شكلت لجنة لتلقي الشكاوى يقودها المسئولون الرسميون ذاتهم، في حين أن تقرير تقصي الحقائق، أكد على ضرورة إيجاد آلية مستقلة للتحقيق في الشكاوى، والأمر ذاته ينطبق على صندوق تعويضات ضحايا الأحداث الأخيرة.

إلا أنه للأسف، فإن كل ما قامت به الدولة، لا يستهدف تنفيذ الإصلاحات الحقيقية بإخلاص، وإنما بقي الوضع كما هو، ونخشى أن يتم التعامل مع توصيات مجلس حقوق الإنسان بالآلية ذاتها.

– غلام: من المستغرب أن يكون التصريح من الجانب الرسمي بهذا الأسلوب الذي يصنف التوصيات بطريقة مبسطة، وعندما نقرأ كل التوصيات ونصنفها، نرى أنها على درجة عالية من الأهمية، ومهمة لحلحلة حالة الاحتقان السياسي الحقوقي في البلد، بينما التعامل الرسمي معها وكأنها عملية عابرة.

وهناك توصيات مهمة، من أبرزها التوقيع على البروتوكول الملحق باتفاقية التعذيب، وهي التوصية التي طالبت بها 7 دول، لأن التعذيب طال شريحة واسعة من المواطنين، ولا يمكن أن تغض الحكومة الطرف عن هذا الموضوع، وتعتبره أمراً منتهياً.

كما أن هناك خمس دول طالبت بزيارة مقرر التعذيب للبحرين، وهذا يعني أن العالم يقدر الوضع الحقوقي في البحرين والحالة الإنسانية فيه، بينما الحكومة في المقابل تتعامل معه وكأنه شيء لم يكن.

وعلى صعيد حرية التعبير عن الرأي، هناك أربع دول قدمت توصياتها في هذا الشأن، وسبع دول أخرى قدمت توصيات تتعلق بالمصادقة على نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية، ورئيس لجنة تقصي الحقائق محمود شريف بسيوني كان الأب الروحي لنظام روما، ولاشك أن هذه التوصيات يجب أن يتم أخذها على محمل الجد.

ومن المهم جداً مساءلة المتسببين عن انتهاكات حقوق الإنسان على جميع الأصعدة، لأنه إذا لم تكن هناك مساءلة فستتكرر الأزمة، ومنذ مناقشة تقرير البحرين في مايو الماضي، لم نرَ أية مؤشرات تبين أن الحكومة بصدد اتخاذ خطوات إيجابية على صعيد تنفيذها، وخصوصاً مع التصعيد الأمني في الفترة الأخيرة.

والسؤال هو: متى يجلس الجانب الرسمي ويعترف أن هناك أزمة وانتهاكات جسيمة خطيرة، لحلحلة الأزمة التي تمر بها البلاد؟

وعلى رغم أن كل هذه التخريجات، إلا أننا متفائلون من أن دول العالم تعي الوضع الحقوقي ومتضامنة مع انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين، وحتى المفوضة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي انتقدت الأحكام الأخيرة الصادرة بحق قادة المعارضة، وعدد من التوصيات التي قدمها المجلس في مايو الماضي طالبت بإعادة المحاكمات، إلا أنه لم يتم الأخذ بأي من هذه التوصيات.

– الصفار: البحرينيون أصبحوا يعون حقوقهم جيداً، ويرون الانتهاكات التي تحدث على أرض الواقع بأعينهم، ويرون فيها تناقضاً مع الوعود الرسمية، وأبسط مثال على ذلك استمرار حملة الكراهية.

– الموسوي: الانتهاكات التي طالت البحرين خلال العامين الجاريين كانت غير مسبوقة، وصدور تقرير لجنة تقصي الحقائق أعطى فرصة لكل الدول أن تقتنع بما حدث في البحرين، وإن كان البعض يرى أن المؤسسات الحقوقية المحلية غير منصفة في تعاطيها مع الأحداث، فإن تقرير تقصي الحقائق أسهم في اختصار المسافة بالنسبة للمراقبين الدوليين في الاقتناع بمصداقية ما حدث.

بل إن حجم تقرير تقصي الحقائق في البحرين كان أكبر بستة أضعاف من حجم تقرير تقصي الحقائق في ليبيا الذي أعده بسيوني أيضاً.

والمؤشرات الأخيرة لما حدث في البحرين، لا توحي بأن هناك إرادة حقيقية في تنفيذ مضمون التوصيات، ولا أدل من ذلك مما حدث للعضو البلدي السابق ربيع، وقبله مقتل الشاب حسام الحداد.

ويجب على الحكومة ألا تغفل مسألة مهمة جداً، وهي ارتفاع الوعي المجتمعي الحقوقي، الذي أسهم كثيراً في إبراز الانتهاكات، وفي السابق لم يكن الناس منفتحين على المنظمات الدولية، بينما في الأحداث الأخيرة بات المجتمع المحلي أكثر وعياً، وهذا يسهم كثيراً في الكشف عن حقيقة الانتهاكات التي لا يمكن إخفاؤها.

كيف تعلقون على تصريحات مسئولين رسميين التي قللت من أهمية «جلسة جنيف» التي ستُعقد اليوم؟

– العكري: هذه التصريحات تناقض استنفار الدولة الكبير بشأن جلسة اليوم. صحيح أن العقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة منوطة بمجلس الأمن، ولكن الأمم المتحدة لديها آليات أخرى تتخذها من خلال المجلس الاقتصادي والاجتماعي واليونيسكو وغيرها. ومن يقلل من أهمية هذه الجلسة فإنه لا يعيش الواقع المحلي والدولي.

– غلام: باعتقادي أن ذلك نوع من المكابرة وخداع النفس، هناك العديد من الدول الأوروبية إضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية التي بنت مواقفها بناءً على ما تراه على أرض الواقع، وعلى الجانب الرسمي ألا يقلل من جدية المجتمع الدولي والقرارت التي ستخرج عن هذه الجلسة.

كما أن المنظمات الحقوقية العريقة على مستوى دولي، كان لها رأي واضح بشأن الانتهاكات في البحرين، فهل يعقل أن الجانب الرسمي يستهين بكل هذه المواقف؟

– الصفار: تطور وسائل الإعلام الاجتماعي وزيادة الوعي الحقوقي جعلت البحرينيين قادرين على التواصل مع كل المنظمات الحقوقية الدولية، والمزايدة لن تفيد، والمنظمات الدولية غير واهمة فيما تورده من انتهاكات في تقاريرها.

– الموسوي: صحيح أنه ليست هناك عقوبات على الدولة التي لا تلتزم بالتوصيات، وإنما يتم تفعيل إجراءات معينة.

المفوضة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي تطرقت إلى تدهور الأوضاع في البحرين بعد سورية مباشرة في كلمتها أثناء افتتاح أعمال الدورة الـ21 لمجلس حقوق الإنسان، فهل ترون أن ذلك داعم لموقفكم أو مؤشر على التعاطي الدولي مع الملف الحقوقي البحريني في جلسة اليوم؟

– غلام: بيلاي تستقي مواقفها بناء على البيانات والمعلومات التي تصل إليها من فرق العمل التابعة لمجلس حقوق الإنسان، وهي مطلعة بدقة على الموقف في البحرين، ولديها أكثر من تصريح بشأن الأوضاع التي تمر بها البلاد، وعلقت كثيراً على المحاكمات.

العكري: المفوض السامي هي ضمير المجتمع الدولي لحقوق الإنسان، وهي معروفة بخلفيتها كقاضية صمدت في وجه النظام العنصري لعقود، وأضافت شيئاً إلى دور المفوض السامي، وهي ليست محايدة سلبياً، وإنما إيجابياً في تعاطيها مع هذه القضايا، وموقفها بشأن البحرين بنته على التقارير التي تصل إليها. أما في جلسة اليوم، فيأتي دور خبراء الأمم المتحدة، والذين لديهم من الحقائق بشأن الأوضاع في البحرين ما يكفي.

– الموسوي: ما تطرقت إليه بيلاي بشأن الأوضاع في البحرين، هو مؤشر لما سيحدث في الجلسة المقبلة، لأن الدول تعتمد في مواقفها أيضاً على نتائج اللجان والمنظمات.

ما هي القرارات المطروحة في التعاطي مع الملف الحقوقي البحريني بعد جلسة اليوم؟

– غلام: هناك أربعة خيارات تتمثل بإرسال ممثل للمفوضية السامية في البحرين، أو إرسال مقرر خاص معني بوضع حقوق الإنسان إلى البحرين، أو عقد جلسة خاصة بشأن أوضاع حقوق الإنسان في البحرين في مجلس حقوق الإنسان، أو أن يصدر مجلس حقوق الإنسان قرارات واضحة ملزمة للبحرين وضمن آلية وجدول زمني محددين.

كيف تتوقعون ردود الفعل الدولية في جلسة مناقشة تقرير البحرين اليوم؟

– العكري: في ضوء عدم التزام مملكة البحرين بتعهداتها في العام 2008 وعلى مدى أربعة أعوام، ناهيك عن عدم جديتها في تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق أو توصيات مجلس حقوق الإنسان، فنتوقع أن تصوت غالبية الدول على مطالبة البحرين بتنفيذ التوصيات ضمن آلية وجدول زمني محددين.

– غلام: …أتوقع أن تكون البحرين ملزمة بخطة تنفيذ ملموسة يتم مراقبتها ومحاسبة الحكومة على تنفيذها.

– الصفار: أعتقد أن ردود الفعل الدولية ستكون مؤيدة لإيقاف الانتهاكات في البحرين بصورة جادة، ولكننا من جانب آخر، نخشى أن يتبع «جلسة جنيف» هجمات أخرى على مؤسسات المجتمع المدني.

هل ستحد ما سميتموه بـ «الحملة ضد المنظمات الأهلية المشاركة في جنيف»، من تعاطيكم مع آليات الأمم المتحدة؟

– الصفار: الحكومة هاجمتنا في وقت سابق، ولكن ذلك لم يحد من نشاطاتنا وتعاملنا مع إجراءات الأمم المتحدة، وخصوصاً تلك المتعلقة بالمراجعة الدورية الشاملة.

– العكري: تعودنا ألا تعير الدولة أي اهتمام للمنظمات المحلية أو الدولية على حد سواء، وما أثاره بان كي مون في إحدى جلسات الدورة الحالية لمجلس حقوق الإنسان، من تعرض المدافعين عن حقوق الإنسان المتعاونين مع آليات الأمم المتحدة لمضايقات، مازال مستمراً، بل أتوقع أن نتعرض للمزيد من المضايقات.

– الموسوي: إذا لم تستطع الحكومة أن تكون متزنة في التعاطي مع الحقوقيين، فإن ذلك يعتبر مؤشراً واضحاً على عدم تعاطيها الإيجابي مع التوصيات المقدمة في هذا الشأن، لأن الحقوقيين هم روح هذه التوصيات، وإذا أصيب الحقوقيون بأي أذى أو مساءلة، فسيكون ذلك مؤشراً واضحاً على تعاطيها مع توصيات مجلس حقوق الإنسان.

كيف تتوقعون التعاطي الرسمي مع ما ستخرج به جلسة اليوم؟

– العكري: نتوقع أن تقوم الحكومة بإجراءات شكلية، من خلال تشكيل لجان تتبعها لجان. بينما في الواقع، فإنها بحاجة لتغيير استراتيجي، والبدء بحقبة جديدة من التعاطي مع الأوضاع التي تشهدها البلاد.

– الصفار: من المهم تحسين الأوضاع في البحرين، وخصوصاً الوضع الاقتصادي الذي شهد تدهوراً كبيراً، ولذلك عليها الالتزام بكل التوصيات التي ستنتج عن جلسة اليوم.

– الموسوي: التوصيات التي قدمها المجلس في مايو الماضي، يمكن تصنيفها إلى نوعين، فهناك توصيات أسبق من ارتكاب الانتهاكات، وأخرى جاءت بناء على ارتكاب الانتهاكات.

إذ إن هناك توصيات تدعو إلى التوقيع على البروتوكولين الملحقين بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، وهذه التوصيات تدلل على أن هناك بالفعل مشكلة، وقبولها سيقيدها عن ممارسة انتهاكات قد لا تستطيع الدولة معالجتها.

كما أن هناك توصيات تطالب بمحاسبة من أفلتوا من العقاب، وحتى الآن لم يتم تنفيذ هذا الأمر ولا مؤشرات على تنفيذه، وخصوصاً مع ما أشار إليه العكري بأن المسئولين عن محاسبة المتسببين بالانتهاكات، هم ذاتهم من طالب تقرير لجنة تقصي الحقائق بمحاسبتهم.

وما هي نصائحكم التي تقدمونها للحكومة في هذا الإطار؟

– العكري: على الحكومة الاعتراف عن مسئولية ما جرى من انتهاكات لحقوق الإنسان.

– الصفار: يجب البدء بالإفراج عن جميع سجناء الرأي وإجراء مصالحة وطنية حقيقية.

– غلام: هناك شق حقوقي وآخر سياسي، الأول يتطلب البدء بإعادة النظر بشأن الموقف من توصيات تقصي الحقائق وأخذها على محمل الجد، ومن المهم في هذا الإطار أن يتم الاستعانة بلجنة دولية تضم خبراء يتابعون تنفيذ التوصيات، كما أن هناك حاجة لمكتب دائم للأمم المتحدة في البحرين يشرف على تنفيذ التوصيات، والاستعانة بالخبراء الدوليين من شأنه إعادة الوضع الحقوقي على مساره الصحيح.

أما فيما يتعلق بالجانب السياسي، فإن «وثيقة المنامة» لخصت كل الأزمة ووضعت الحلول لها، فهناك حاجة لدوائر انتخابية عادلة، وإلى منع التمييز وغيرها من الحلول الأخرى التي أوردتها الوثيقة.

المجتمع المدني تحدث عن الحل مراراً وتكرار لكن النظام غير مستعد للتعاطي بإيجابية معه، وما سينقل الدولة إلى ضفة النجاة هو تحسين الأوضاع الحقوقية والسياسية، وإعطاء المعارضة دورها الحقيقي، ويجب إعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي والتوقف عن تحويل البلد إلى مؤسسة أمنية.

– الصفار: على الدولة معالجة ما خلفته الأحداث الأخيرة، من خلال إرجاع جميع المفصولين إلى وظائفهم، لأن عدم حل هذا الملف يعني تفاقم مشكلة البطالة، وهناك عشرات الممرضات العاطلات عن العمل و80 طبيباً عاطلاً عن العمل، كما أن هناك من أعيدوا لأعمالهم ولم يحصلوا على رواتبهم.

يجب أيضاً الإفراج عن جميع سجناء الرأي، وخصوصاً الأطفال الذين مكانهم الطبيعي هو مقاعد الدراسة لا السجن.

الموسوي: يجب على الحكومة إشراك المؤسسات المدنية في صناعة القرار بصورة حقيقية، وإلا سيبقى ملف الانتهاكات على ما هو عليه، وستتراكم التوصيات بصورة مستمرة.

ألا ترون أن ما خلفته الأحداث الأخيرة من انتهاكات لحقوق الإنسان، وإعطاءها أولوية الطرح أمام مجلس حقوق الإنسان، غطت على الانتهاكات التي سبقت الأحداث الأخيرة؟

– العكري: الانتهاكات الحالية عززت ما أكدنا عليه في وقت سابق، وبأن هناك حاجة ماسة لتنفيذ العدالة الانتقالية، لأن مفهوم العدالة الانتقالية لا يقتصر على مبدأ التعويض، وإنما تغيير في المنهجية لضمان عدم تكرار الانتهاكات التي حدثت، وللأسف أن هذه المشكلة أصبحت تراكمية، ولذلك تتطلب حلاً مستعجلاً لها.


13 دولة تداخل بجلسة اعتماد تقرير البحرين بجنيف اليوم

يعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف اليوم الأربعاء (19 سبتمبر/ أيلول 2012)، تقرير البحرين في إطار آلية المراجعة الدورية الشاملة، وستشهد الجلسة مداخلة 13 دولة تم اختيارها بالقرعة السرية، من أصل 32 دولة سَجلت للتحدث في جلسة البحرين.

والدول التي ستتداخل في جلسة البحرين تشمل كلاً من: (دولة قطر، المملكة العربية السعودية، مملكة تايلند، دولة الإمارات العربية المتحدة، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة الأميركية، الجمهورية اليمنية، الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، جمهورية النمسا، جمهورية بيلاروس، مملكة بروناي دار السلام، جمهورية الصين الشعبية، جمهورية السودان).

والمدة المسموحة لهذه الدول مجتمعة هي 20 دقيقة وستكون موزعة عليهم بالتساوي، أي بمعدل دقيقة ونصف لكل دولة. علماً بأن المدة الكلية لجلسة البحرين هي ساعة واحدة ومقسمة إلى ثلاثة أقسام: 20 دقيقة للدولة، و20 دقيقة للدول المتداخلة، و20 دقيقة للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني.

وتبدأ الجلسة في الساعة العاشرة صباحاً بتوقيت جنيف.

صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3665 – الأربعاء 19 سبتمبر 2012م الموافق 03 ذي القعدة 1433هـ