Skip to main content

تشكل التجارة البينية فيما بين الدول العربية ما يقارب 6 في المئة من حجم التجارة الخارجية للدول العربية مجتمعة، وهو رقم ضئيل في ظل ما تعتبره السوق العربية المشتركة، واتحادات مثل مجلس التعاون الخليجي والاتحاد المغاربي، ولكن هناك تجارة بينية أخرى غير منظورة بين الدول العربية ومن ضمنها تجارة البشر والتهريب وتصدير واستيراد الخبرات وغيرها. ولن نذكر أسماء البلدان العربية حرصاً على التضامن العربي.

فبالنسبة لتجارة التهريب، هي تجارةٌ رائجةٌ، خصوصاً تهريب الخمور والمخدرات والسلاح. فمثلاً البلدان العربية التي يسمح فيها ببيع واستهلاك الخمور، يتم تهريبها إلى البلدان المجاورة وأحياناً بطريقة (عيني عينك) من قبل الأجهزة النافذة، وهي تجارة بمئات الملايين.

هناك بلدان عربية منتجة للمخدرات، أو تعتبر ممرات للمخدرات خصوصاً في المغرب العربي، حيث قرأت إعلاناً مرةً في مقهى «ممنوع التحشيش علناً»، وليس سراً، أما تهريب السلاح فقليله غير مشروع وكثيره يتم برعاية السلطات الرسمية إلى بلدان عربية تشهد اضطرابات أو حروب الإخوة الأعداء على أراضيها.

بالنسبة لتجارة الجنس، فجميع الدول العربية مصنفة بحسب تقرير وزارة الخارجية الأميركية السنوي حول الاتجار بالبشر، بأنها إما في المجموعة (ب) أي التي لا تسهل ولا ترعى تجارة الاتجار بالبشر خصوصاً النساء، ولكنها تتساهل في ذلك، أو في الخانة (ت) حيث يحظى الاتجار بالبشر وخصوصاً النساء، برعاية الأجهزة الرسمية، وخصوصاً الأمن، المتورطة في هذه التجارة المربحة.

وفي هذا الصدد، فإن بلدان الشمال والمغرب العربي حيث الفقر والجبال، هي المصدر لبلدان النفط التي حصلت على ثروات غير منظورة، وانفتحت شهية كثير من أبنائها للحم الأبيض المتوسط. ولهذه التجارة مستفيدون في الأجهزة الرسمية في بلدان المصدر والمستورد، وتشكل إلى جانب الخمور عوامل جذب سياحي هائل، حيث سياحة الجنس والراح، مهمة جداً لبعض البلدان العربية.

الصنف الثالث من التجارة البينية هي المتاجرة بالعمالة الرخيصة. وعلى الرغم من أن أغلبيتها تجتذبه البلدان النفطية ومصدرها الدول الآسيوية، إلا أن هناك نسبة مهمة من العمالة المستوردة من الدول العربية الفقيرة والكثيفة السكان إلى البلدان النفطية الغنية والقليلة السكان، وكثير من هذه العمالة هم في وضعية «فري فيزا»، حيث مسئولون كبار في الخدمة أو متقاعدون وشركات ضالعة في هذه التجارة، وهي من أسباب تصنيف البلدان العربية مجتمعة بأنها إما متغاضية أو ضالعة في الاتجار بالبشر. كما أن هذا سبب أساسي في رفض دول مجلس التعاون الخليجي التصديق على اتفاقية الأمم المتحدة للعمال المهاجرين وعائلاتهم.

هناك بالطبع تجارة المواد المدعومة في بعض البلدان مثل المحروقات خصوصاً الديزل وحتى الأغذية، وتهريبها للبلدان المجاورة حيث لا دعم لهذه المواد. وهناك فارقٌ كبيرٌ في الأسعار قد يكون عزاؤنا هو أنه مقابل ضآلة حجم التجارة البينية المشروعة فيما بين الدول العربية، فإن هناك تجارة بينية خفية مزدهرة، وفي ضوء ضآلة النمو الاقتصادي، فإن هناك قطاعات اقتصادية غير مشروعة وشبة خفية مزدهرة، وهي تسهم في ازدهار بلدان بأكملها وتعم الفائدة على مجمل البلدان العربية، حتى ولو كانت غير أخلاقية، فالتجارة عموماً لا تحكم بالأخلاق ومثل ما يقول المثل «دهنا في مكبتنا»، وما فرقته السياسة جمعته المتعة والوناسة.

عبدالنبي العكري
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4166 – الأحد 02 فبراير 2014م الموافق 02 ربيع الثاني 1435هـ
http://www.alwasatnews.com/4166/news/read/853172/1.html