Skip to main content

المنعقد في مدينة أبوظبي 16 – 20 ديسمبر 2019

بقلم: شرف محسن الموسوي – رئيس الجمعية

   شارك وفد من الجمعية البحرينية للشفافية هما رئيس الجمعية السيد شرف الموسوي ونائبة الرئيس السيدة هدى التحو، ضمن فريق منظمة الشفافية الدولية في الدورة الثامنة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والذي عقد في مدينة أبوظبي عاصمة دولة الأمارات العربية المتحدة في الفترة من 16-20 كانون الأول 2019، وقد أفتتح المؤتمر معالي الشيخ  حمدان بن راشد وزير المالية في دولة الأمارات العربية المتحدة وترأس أعمال المؤتمر سعادة الدكتور/ حارب سعيد العميمي بصفته رئيس ديوان المحاسبة لدولة الامارات العربية المتحدة، كما شارك في هذا المؤتمر تحالف منظمات المجتمع المدني الدولية (UNCAC) الناشطة في مجال مكافحة الفساد ومراقبة تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وجمعيتنا عضواً عاملا في هذا التحالف، كما شارك في هذا المؤتمر الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد والتي يتولى رئيس الجمعية أعمال المنسق بين أعضاء المجموعة غير الحكومية.

وفد منظمة الشفافية الدولية المشارك في المؤتمر برئاسة رئيسة الشفافية الدولية.

كما شارك وفد رسمي من مملكة البحرين المكون من الإدارة العامة لمكافحة الفساد و وزارة الخارجية البحرينية، وتلى رئيس الوفد كلمة البحرين في المؤتمر، ومن المناسب الاشارة الى إن المشاركين في المؤتمر هم إما وزراء معنيين أو سفراء الدول الموقعة على الاتفاقية أو ممثلين تبتعثهم الدولة لتمثيلها في الاتفاقية.

رئيس جلسات المؤتمر معالي الدكتور/ حارب سعيد العميمي، مع رئيس UNODC وفريق سكرتارية المؤتمر.

حول المؤتمر.

 في البدء لابد من الإشارة الى إن الفساد والرشوة والسرقة والتهرب الضريبي في العالم تكلف سنويا قرابة 1.26 تريليون دولار أمريكي حسب تقديرات البنك الدولي ومنظمة الشفافية الدولية، وهو مبلغ ضخم جداً يمكن استخدامه لتحسين سبل عيش من يكسبون أقل من 1.25 دولار في اليوم وعلى الأخص المساهمة في القضاء على الفقر والعوز في الدول النامية.

 وتعتبر اتفاقیة مكافحة الفساد، هي الصك الرسمي العالمي الوحید الملزم قانونیا لتنظيم عملية مكافحة الفساد وتضم الاتفاقية 186 طرفاً عالمياً. و وفقا للآلية الواردة في المادة 63 من الاتفاقية أنشأ مؤتمر الدول الأطراف، ويهدف المؤتمر لتحقيق التالية:

  1. تحسين قدرة الدول الأطراف في تنفيذ الاتفاقية.
  2. تعزيز التعاون بين الدول الموقعة على الإتفاقية وتلك المتوقع توقيعها عليها لتحقيق الأهداف المبينة في الاتفاقية.
  3. 3)                                 التشجيع على تنفيذ بنود الاتفاقية واستعراض الدول لما تم تنفيذه حسب متطلبات الاتفاقية.

و يعقد هذا المؤتمر كل سنتين مرة في أحدى الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ويتولى مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة أعمال سكرتارية المؤتمر وتنسيق أعمال المؤتمر بالتنسيق مع الدولة المضيفة ( وفي هذه الحالة دولة الأمارات العربية المتحدة) وهذا هو المؤتمر الثامن حيث سبق لهذا المؤتمر أن عقد أعماله في الأردن ودولة قطر2009، والمغرب وسان بطرس بورغ ( روسيا ) 2015، وبنما 2017، و في دول أخرى. ومن المقرر عقد المؤتمر التاسع عام 2021 في جمهورية مصر العربية.

يتمخض هذا المؤتمر عن مجموعة من القرارات التي تقوم الدول بمتابعة تنفيذها حسب أولوياتها الوطنية في مكافحة الفساد وأعمال تنفيذ الاتفاقية، كما يتم مناقشة تقارير الدول الطوعية التي تقوم بتقديمها لمكتب ( UNODC ) المسئول عن أعمال السكرتارية وتتم متابعة تنفيذ توصيات الصادرة عن المؤتمر بواسطة نفس الجهاز الاداري، لقد أعتمدت آلية إصدار التقارير الطوعية لاستعراض تنفيذ الاتفاقية حيز التنفيذ في العام 2010م ، وتعتمد ألية اعداد التقرير على ما تقدمه الدولة المعنية بالتقرير  وتتولى دولتين من الموقعين على الاتفاقية تنتمي إحدهما إلى المنطقة الجغرافية نفسها التي تنتمي إليها الدولة المستعرضة ودولة أخرى من خارج هذا النطاق بمراجعة وتقييم تقرير الدولة المعنية بالاستعراض قبل تقديم التقرير لسكرتارية المؤتمر ( مملكة البحرين على سبيل المثال تتولى كل من المملكة العربية السعودية ومملكة سويسرا مراجعة تقريرها )، وفي كل دورة يتم اختيار فصلين من الاتفاقية لتقديم الدولة تقرير عن جهودها لتفيذهما، ومدة كل دورة استعراضية خمس سنوات، وسبق للمؤتمر أن ناقش تقارير الدول حول الفصلين التاليين:-

الدورة الأولى: الفصل الثالث (التجريم وإنفاذ القانون) والفصل الرابع (التعاون الدولي).

الدورة الثانية: الفصل الثاني (التدابير الوقائية) والفصل الخامس (استرداد الموجودات).

وفد تحالف منظمات المجتمع المدني ( UNCAC) المشارك في المؤتمر.

وعملاً بالفقرة (٥) من المادة ٦٣ من الاتفاقية، ” يجب أن يكتســــــب المؤتمر المعرفة اللازمة بالتدابير التي تتَّخذها الدول الأطراف لتنفيذ الاتفاقية، والصــعوبات التي تواجهها في ذلك، من خلال المعلومات التي تقدِّمها تلك الدول ومن خلال ما قد ينشئه المؤتمر من آليات استعراض تكميلية ” ولكن من الواضح إن أغلب الدول تتحدث عن انجازات في مجال مكافحة الفساد وعلى الأخص الدول العربية، فيما لم تتطرق أي دولة عن الصعوبات التي تواجهها في تنفيذ الإتفاقية أو الحاجة الى تدريب أو دعم من مكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات، فيما يوضح مؤشر مدركات الفساد الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية إن أغلب الدول العربية لم تتجاوز ما نسبته 50% من درجات المؤشر أي إن أغلب هذه الدول تعاني من مساتويات عاليه في الفساد وإن 10 دول عربية تقع في قعر هذا المؤشر وهذا ما يخالف أو يناقض ما تطرحه بعض هذه الدول في كلماتها في المؤتمر وهذا ما تدركه هذه الدول نفسها.

وعلى الرغم من ان الاتفاقية تمثل الحد الأدنى لتوافقات سياسية بين الدول من قضية مكافحة الفساد، إلا إن الاتفاقية لا تعالج بعض مناطق الفساد المؤثر في التنمية وتطور الدول مثل الفساد السياسي ( سواء المتعلق بالأحزاب الحاكمة أو الانتخابات ،،،الخ ) ولا تعطي الاتفاقية منظمات المجتمع المدني دورا واضحا وملزماً للحكومات، في الجهود الوطنية والعالمية لمكافحة الفساد، لذلك لا تهتم الكثير من الدول وعلى الأخص دولنا العربية في منح هذه المنظمات فرصة اثبات وتطوير قدراتها في مجال مكافحة الفساد بل على العكس من ذلك تعمل دولنا العربية على تقليص دور منظمات المجتمع المدني سواء في هذا المجال أو في مجالات حرية الرأي والتعبير ومجال العمل في حقوق الأنسان. 

وفي كل الأحوال وعلى الرغم من النواقص التي في الاتفاقية إلا إنها ما زالت الإطار الدولي الذي يمكن أعتباره مدخلا أساسياً قابلا للتطوير لدعم الجهود الوطنية والدولية لمكافحة الفساد ومنع الإفلات من العقاب، ويمكن أن تساهم الاتفاقية في تمتع المواطنين بحقوقهم السياسية والمدنية والحقوق الأساسية في التنمية والصحة والتعليم والحياة الكريمة، وهي الفرصة التي يجب على الحكومات التقاطها لضمان الاستقرار ومنع الانفجار كما بدأ في تونس وأستمر يتدحرج الى أن شمل الى الآن العديد من الدول العربية التي ساهم انتشار الفساد في اسقاط بعض الحكومات والرؤساء.

  وتمنح الدول فرصة لألقاء كلمتها في الاجتماع العام لتستعراض فيها الجهود التي تبذلها من أجل تنفيذ بنود الاتفاقية، لذلك تستمر أعمال الجلسة العامة طوال فترة المؤتمر، ويتضمن فترة انعقاد المؤتمر أيضا تقديم بعض الدول وبعض المنظمات الدولية العديد من المحاضرات والندوات وأنعقاد الندوات والورش المتنوعة في نفس الوقت، ويتمخض عن هذا المؤتمر توصيات وقرارات تلتزم الدول بتنفيذها وفي اليوم الأخير للمؤتمر تتم تلاوة البيان الختامي وبعدها تغلق أعمال المؤتمر وتستمر الرئاسة في متابعة أعمال الدول لحين موعد المؤتمر التالي الذي تسلم فيه الرئاسة للدولة التالية.

بعض نشطاء مكافحة الفساد مع الوفد العراقي الرسمي.

وتجدر الإشارة إلى أنه تم تنظیم حوالي 46 حدثا خاصا على ھامش المؤتمر، بما في ذلك سلسلة من الجلسات حول عمل مبادرة استرداد الأصول المسروقة التابعة للبنك الدولي ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجریمة.

وفد الجمعية البحرينية للشفافية المشارك في المؤتمر.

مشاركة منظمات المجتمع المدني العالمية والعربية.

  شارك وفد كبير من منظمات المجتمع المدني الدولية والعربية حيث تضمن وفد منظمة الشفافية الدولية حوالي 25 شخصية من مجلس إدارة المنظمة وسكرتاريتها وممثلي بعض فروع الشفافية حول العالم، كما شارك تحالف اتفاقية الأمم المتحدة ( UNCAC ) ببعض ممثليه وعقد مجموعة من الندوات و ورش العمل، وكذلك شارك وفد من مجموعة المادة 19 والمعني بالأمور الصحافية وحرية الرأي والتعبير ومنظمات تنشط في مجال حقوق الأنسان وأخرى تنشط في مجال الأمن السيبراني وأخرى في العدالة، وعلى المستوى العربي شاركت الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد بوفد يتكون من 15 شخصية كما شارك ممثلين من مكتب برنامج الأمم المتحدة الأنمائي (  UNDP) ومنظمات دولية اخرى. هذه المشاركات لهذه المنظمات أعطت فرصة كبيرة للتواصل والتشبيك بين المنظمات نفسها والممثلين الرسميين للدول وتبادل الخبرات والمعلومات من خلال ورش العمل والندوات التي عقدوها.

البيان الختامي، القرارات والتوصيات.

 في ختام أعمال المؤتمر صدر الاعلان الرسمي والذي سمي ( بإعلان أبوظبي )، و شدد البيان على أهمية دور الأجهزة الرقابية والتعاون فيما بينها وبين الأجهزة المسؤولة عن مكافحة الفساد. كما تناولت القرارات، عمل ھیئات مكافحة الفساد ومراجعة الحسابات، ووحدات الاستخبارات المالیة والبرلمانات، بالإضافة إلى قضایا تشمل نزاھة القطاع العام وتوعیة الجمھور، وتحدیات الدول الجزریة الصغیرة النامیة، ومواضیع حول الوقایة، واستعادة الأصول، والرشوة وقیاس الفساد والجریمة البیئیة والفساد في الریاضة، وإرساء مبادئ الشفافية والحوكمة والمحاسبة وتعزيز استقلالية الأجهزة العليا للرقابة  كما حث المؤتمر على الاستفادة من طاقات الشباب وتوظيف قدراتهم في عمليات مكافحة الفساد. وافق المؤتمر أیضا على مواصلة العمل في إطار الدورة الثانیة لآلیة استعراض تنفیذ الاتفاقیة التي تشمل منع الفساد واستعادة الأصول.

 وقد سبق المؤتمر بعدة أشهر أن قدمت مجموعة من الدول مقترح قرارات وتوصيات لسكرتارية المؤتمر في فيينا وسبق أن عقد اجتماع لممثلي الدول لمناقشة هذه المقترحات قبل عرضها على المؤتمر الحالي بالأضافة للقرارات التي قد تستجد أثناء انعقاد المؤتمر. وتعتمد آلية التصويت على القرارات والتوصيات أثناء انعقاد المؤتمر العام ومن ثم توثق هذه القرارات ضمن وثائق الأمم المتحدة.

ومن أهم القرارات المتخدة في هذا المؤتمر هي استعداد سكرتارية المؤتمر لانعقاد الدورة الاستثنائية الأولى للجمعیة العامة للأمم المتحدة والتي ستخصص لأعمال مكافحة الفساد ومتوقع لها في أبریل ۲۰۲۱، والذي سیتم طرحه على الجمعیة العامة لإقراره”

   ومما لابد من الاشارة له هو عدم السماح لمنظمات المجتمع المدني من الاطلاع على مسودة هذه القرارات أو التوصيات قبل أعتمادها من قبل المؤتمر مما يعكس نظرة الأجهزة الرسمية لدور منظمات المجتمع وعدم أعتبارها شريكاً في جهود مكافحة الفساد، وهذا الموقف يستدعي من هذه المنظمات الاستعداد والتحضير بشكل جيد للدورة القادمة للجمعية العامة للأمم المتحدة بعام 2021 وهي فرصة جيدة لإيجاد دور لهذه المنظمات وعدم تفويت هذه الفرصة ومن المهم التنسيق مع بعض الدول وعلى الأخص دول الاتحاد الأوربي لدعم تحركات وجهود منظمات المجتمع المدني لأثبات وجودها في ذلك المؤتمر.