عدم التسامح مع الإفلات من العقاب
5 سبتمبر/ أيلول 2015 تجمع ما يقرب من 1200 شخص من 130 دولة في بوتراجايا -ماليزيا لمناقشة واحدة من أكبر التحديات التي تواجه العالم: كيف يساهم الإفلات من العقاب في انتشار الفساد؟ اجتمع المندوبون لإيجاد استراتيجيات فعالة لوقف الإفلات من العقاب ومحاسبة أولئك الذين يستفيدون من إساءة استخدام السلطة، والصفقات السرية والرشوة. الحكومات التي تعاني من المحسوبية، والقادة الذين يعيدون كتابة الدساتير لتمديد أمد سلطتهم، والديمقراطيات الهشة التي استولت عليها المصالح الخاصة، تخلق مناخا يزدهر فيه الفساد ويسود الإفلات من العقاب. الإفلات من العقاب يغذي الفساد الكبير: إساءة استخدام السلطة العليا التي تستأثر بها النخبة القليلة على حساب الآخرين مسببين ضررا جسيما للأفراد والمجتمع على نطاق واسع. لا تزال الصرخة التي أطلقها المؤتمرون في المؤتمر العالمي لمكافحة الفساد الأخير في برازيليا عام 2012: “لا تدعهم يفلتون من العقاب” مدوية للذين يسعون إلى ملاحقة اللصوص والمجرمين وغيرهم الذين يسرقون الثروات الوطنية، ويمكنون الجريمة المنظمة من الازدهار ويوفرون ملاذا آمنا للمتهربين من الضرائب ويخفون الإرهابيين. اليوم ونحن نرى الفساد يتجلى في قمة هرم السلطة السياسية والأعمال التجارية في جميع أنحاء العالم، يجب أن نضمن استقلالية هيئات التحقيق والقضاء، كما يجب أن نوقف التهديدات ضد المجتمع المدني ونعلي صوت الشعب. الآن، أكثر من أي وقت مضى، يجب أن نتجمع لتعزيز النزاهة ونوحد الجهود لمكافحة إساءة استخدام السلطة الموكلة. في السياسة، في التعليم، في العمل، في وسائل الإعلام، في الرياضة، على المستوى الوطني والمؤسسات الدولية، الفساد ينكر صوت الناس ويؤدي الى سوء حياتهم ويخرس العدالة.
الناس…… النزاهة…… الفعل الامر يحتاج الى شجاعة وعمل جماعي لضمان تقديم أصحاب السلطة الذين يرتكبون جرائم الفساد إلى العدالة. يجب على الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص والشباب والرياديين الاجتماعيين ابتكار مبادرات وحلول لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة لوضح حد للإفلات من العقاب والفساد. إذا سمحنا لأصحاب النفوذ والفاسدين الهروب من وجه العدالة فإننا نخاطر بانهيار سيادة القانون وتفكك المجتمع في نهاية المطاف. إننا نجازف بخسارة المعركة ضد الفساد. نحن بحاجة إلى نشر ثقافة النزاهة في جميع قطاعات المجتمع لتحقيق تغيير إيجابي مستدام. نحن بحاجة إلى أشخاص يتمتعون بالنزاهة أخذ فعل ضد الإفلات من العقاب الذي يمكٌن من انتشار الفساد الكبير. لا يمكن للإصلاحات الشاملة أن تحدث مع استمرار الإفلات من العقاب، وإن عدم حدوث الإصلاحات سيشجع فقط الفاسدين. في بوتراجايا أعلنا الحاجة إلى اتخاذ إجراءات عديدة لمنع الفساد، ووقف الفساد، وعدم السماح لتكرار ممارسات الفساد، وحمل الفاسدين على إدراك قوة القانون وتسديد كامل ديونهم للمجتمع. إن استرداد الموجودات أمر ضروري لإعادة ثقة الشعب كما أنه يشكل عقوبة ويخفض الحافز للفساد، وفي الوقت نفسه يعوض عن الضرر الذي تسبب به الفاسدون. الأطر القانونية وسيادة القانون تعزز المساواة في الوصول إلى العدالة التي هي عنصر أساسي في بناء ثقة المواطنين بأداء الدولة. كما أن عودة الأصول المسروقة إلى أغراضها الأصلية يعوض ضحايا الفساد ويؤدي إلى استعادة ثقة الشعوب بنظام العدالة.
بعض المواضيع الرئيسية التي طرحت في المؤتمر العالمي السادس عشر لمكافحة الفساد ركز المشاركون على الوسائل العديدة للعمل سويا من أجل تعزيز النزاهة ووقف الفساد، وتضمنت توصياتهم الآتي: • الجهود المبذولة لاستعادة الأصول المسروقة لا تقل أهمية عن منع تقديم ملاذات آمنة للفاسدين أو وسائل للاستمتاع بالثروة غير المشروعة. ينبغي أن يكون من المستحيل استخدام جوازات سفر دبلوماسية وتأشيرات من قبل الفاسدين الفارين من العدالة. • طالبت مجموعة العشرين (G20) والمنظمات غير الحكومية الدول بفرض قيود على سفر الأشخاص المشتبه في اضطلاعهم بالفساد. واعتبرت أن التدابير المتخذة يمكن أن تكون بمثابة عقوبة ومثبطا لممارسة الفساد. يجب تطبيق هذه القيود بحيث لا يتمكن الفاسدون من السفر بسهولة بهدف توسيع أنشطتهم غير المشروعة، فضلا عن شراء السلع الفاخرة والعقارات. • المهنيون -كالمصرفيين والمحامين، وكلاء العقارات والمحاسبين -الذين يفشلون في ممارسة العناية الواجبة مما يسمح لحركة الأموال غير المشروعة عبر الحدود، يجب معاقبتهم. • لا ينبغي تمكين الفاسدين من استخدام شركات سرية لإخفاء ثرواتهم غير المشروعة. إن اعتماد قادة مجموعة العشرين لمبادئ ملكية المنفعة في بريسبان يشكل نقطة البداية والآن يجب عليهم اتخاذ زمام المبادرة. • ينبغي على البنوك بذل كل جهد ممكن للامتثال لقوانين مكافحة غسل الأموال ومنع عمليات غسل الأموال من الازدهار، في حين على القطاعات الأخرى مثل المحاسبة والمهن القانونية أن توقف عملية تسهيل الفساد. الإطار القانوني الدولي لمكافحة غسل الأموال غير كافي وينبغي تعزيزه لضمان مراقبة أقوى وعقاب أشد. • المقاولات المفتوحة ينبغي أن تصبح أداة رئيسية لجميع الحكومات. ومن المهم ضمان القيمة مقابل المال في جميع القطاعات الحكومية، من التعليم والصحة إلى البنية التحتية. ينبغي تمكين المواطنين من المشاركة في عملية صنع القرار، واضمان المنافسة العادلة للأعمال التجارية. • الفساد الكبير ينبغي أن يصبح جريمة في القانون الدولي. وهذا سيمكن المؤسسات والتحالفات الدولية من ملاحقة المجرمين، وكذلك تطوير آليات دولية إضافية لاعتقال ومحاكمة ومعاقبة أولئك الذين ارتكبوا جرائم الفساد الكبير. • وفي سياق المناقشات، طالب المندوبون بالاستقلالية التامة لجميع هيئات مكافحة الفساد.
في برازيليا قلنا الأمر متروك لنا جميعا لإرسال رسالة واضحة: نحن نراقب أولئك الفاسدين الذين يتمتعون بالحصانة ولن نسمح لهم بالإفلات من العقاب. ونحن نغادر ماليزيا بعد ثلاثة أيام من المناقشات البناءة، نلزم أنفسنا بالعمل معا لوقف الانتشار السريع للفساد. معا لدينا القدرة لوضع حد للإفلات من العقاب.