Skip to main content

جعفري متشائم… حسين يحذر… وفخرو يغرد خارج السرب

اقتصاديون: السنوات العجاف تنتظر البحرين… ومخالفات «ديوان الرقابة» متعمدة

المشاركون في الندوة من اليمين: جاسم حسين ومقدم الندوة وأكبر جعفري وجمال فخرو – تصوير : عقيل الفردان

الجفير – محمد العلوي

انتهى اقتصاديون إلى ما يشبه الإجماع على اعتبار تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية، دليلاً دامغاً على وجود فساد ممنهج في البحرين، وبينوا أن «المخالفات التي تضمنها التقرير، متعمدة ومخطط لها، ويأتي تكرارها في سياق الطمأنينة التامة حيال أية رقابة».

وشذ عن ذلك النائب الأول لرئيس مجلس الشورى جمال فخرو، الذي فضل التغريد خارج السرب، وانبرى للدفاع عن التقرير واصفاً إياه بـ «الكنز الذي لم يستثمر بعد».

وتوقع الاقتصاديون مستقبلاً حالكاً للبلد، عبر عنه المحلل الاقتصادي أكبر جعفري بالقول إن «السنوات الأربع المقبلة لن تشهد تحسناً، إذا ما استمرت الأمور على ما هي عليه»، متوافقاً بذلك مع حديث الاقتصادي جاسم حسين، الذي قال: «نقلاً عن صندوق النقد الدولي، فإن الدين العام في البحرين سيتجاوز 20 مليار دولار بحلول العام 2020».

جاء ذلك في الندوة التي أقامتها جمعية الشفافية البحرينية تحت عنوان: «قراءة في تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية 2013 – 2014»، واحتضنها نادي العروبة مساء أمس الأول الإثنين (12 يناير/ كانون الثاني 2015).

وشهدت الندوة التي شارك فيها عدد من الاقتصاديين وهم جمال فخرو، أكبر جعفري، وجاسم حسين، سجالاً بين فخرو وجعفري حول نسبة إنجاز المشاريع الحكومية، حيث اعترض جعفري على النسبة التي جاءت في تقرير ديوان الرقابة والمحددة بـ 44 في المئة، مبيناً أن النسبة الصحيحة أقل من ذلك بكثير، وتبلغ 16 في المئة فقط، ومتساءلاً «إلى أين تسير البلد؟».

فرد فخرو على ذلك، عبر تشديده على ضرورة اعتماد ما ذكره التقرير والاكتفاء بذلك، طالباً من جعفري سرد أمثلة على ما يقول، ليرد هذا الأخير بالقول: «الأمثلة كثيرة، وليتك سألتني سؤالاً أصعب من ذلك، فهنالك شركة ألمنيوم البحرين (ألبا)، وهنالك وزارة الخارجية وغيرهما».

فخرو للصحافة: ابتعدوا عن الإثارة

من جانبه، قال فخرو: «لا أتفق مع من يتحدث عن عزوف مجتمعي إزاء التقرير، فما حصل في البحرين خلال السنوات العشر الماضية، أنها استلمت تقارير لم تعتد على استلامها، وحصلت على معلومات لم تعتد أن تحصل عليها، واعتقدت أنها اطلعت على كنز من دون أن تعرف أن هذا الكنز بما تضمنه من مخالفات وتوصيات سيكون مستمراً».

وأضاف «لذلك، أشعر أننا وصلنا لمرحلة شبه طبيعية، لا نتوقع فيها من الشعب البحريني أن يخرج في الشارع ليتظاهر لحظة صدور التقرير، والذي يعتبر تقريراً مهنياً عن أداء الحكومة، يرفع لثلاث جهات مسئولة، وهي جلالة الملك، سمو رئيس الوزراء، ومجلس النواب، وعلى هذه الجهات أن تمارس عملها الدستوري في دراسة هذا التقرير ووضع الحلول لما جاء فيه من توصيات».

ووجه فخرو نقداً لاذعاً للصحافة، مطالباً إياها بتناول التقرير بغرض تنويري، بعيداً عن الإثارة والتأجيج والانتقائية، وقال: «أن تتناول الصحافة التقرير في الأسبوع الأول لصدوره وتصمت، فإن ذلك يعبر عن عمل إعلامي فاشل، وهو ما اعتادت على فعله صحفنا المحلية».

وأضاف «نحن أمام تقرير مهني لا يكتب بطريقة صحفية ولا تنشر منه نصف الحقيقة على طريقة (ولا تقربوا الصلاة)، والإعلام مسئول عن نشرها بصورة كاملة، ويتضمن ذلك الملاحظة والتوصية ورد الجهة المعنية وتعليق الجهة المعنية عليها».

وأردف «يجب أن نعلم أن التقرير أعد على أيدي مهنيين ومحاسبين قانونيين، ضمن قانون ينظم عمله»، لافتاً إلى أن أولى نسخ التقرير الصادرة العام 2003، اشتملت على 130 صفحة أما اليوم فتتجاوز عدد صفحات التقرير الأخير 650 صفحة، وهو أمر لا يعني أن الأخطاء زادت، بقدر ما يعني أن الجهات الخاضعة للرقابة زادت، وأن حجم الرقابة قد زاد، بما يعني أن الملاحظات أصبحت تكتب بشكل مهني».

كما بين أن الديوان في السابق يستعرض التوصيات، لتأتي الجهة المعنية وتؤكد تطبيقها للتوصية وتنتهي الأمور عند هذا الحد، أما الآن فإن الأمور تأخذ مساحة أكبر في دائرة الأخذ والرد، حتى بات ذلك أحد الأسباب وراء تضخم حجم التقرير.

وفيما يرتبط بالحديث عن عدم تطبيق توصيات التقرير، قال فخرو: «هناك شعور عام بأن التوصيات لا تنفذ، وأنا أعتقد خلاف ذلك، على اعتبار أن التقرير يتضمن باباً خاصاً بتوصياته عن العام الماضي، ويدرج كل توصية من العام الماضي ويبين ما طبق وما هو في طور التطبيق، وما هي التوصيات التي لم تطبق حتى الآن».

وذكر أن غالبية توصيات التقرير تستهدف تعزيز أنظمة الرقابة الداخلية للجهات الرسمية، ولذا فإننا مطالبون بعدم النظر للتقرير بسلبية تامة، مؤكداً أن الجزء الأكبر من مسئولية ذلك تقع على عاتق مجلس النواب.

وأوضح «بإمكان مجلس النواب أن يستثمر التقرير، كمادة دسمة للرقابة على أعمال الحكومة لمدة 12 شهراً قادماً، ولو أن كل عضو خرج بـ 10 أسئلة من التقرير للوزير المعني لكان ذلك كافياً»، معتبراً أن «التقرير يشكل في كل دول العالم أساساً للمساءلة والمراقبة على أعمال الحكومة، إلا أن برلمان البحرين ومنذ أن تأسس حتى الآن، لم ينجح في استخدام هذا التقرير الاستخدام الصحيح».

أما فيما يتعلق بدور الديوان في نقل المخالفات للنيابة العامة، فقال فخرو: «هذا خطأ شائع في البحرين، فالديوان ليس من مهامه تحريك الدعوة الجنائية، إلا إذا اكتشف من التحقيق أن هناك شبهة جنائية والمادة 11 من قانون الديوان واضحة في هذا الجانب، وإذا أريد للديوان القيام بذلك، فيجب أن يعدل القانون».

جعفري: تقرير شجاع وأخطاء متعمدة

بدوره، قال المحلل الاقتصادي أكبر جعفري إن التقرير مهني وشجاع، وتضمن أخطاء في مجملها متعمدة ومخطط لها لا بل لا يمكن أن تكون أخطاء بشرية، فهنالك قانون عتيق يطبق لمدة طويلة ورغم ذلك نرى مخالفات تتجاوز ذلك، تحديداً في الشركات الكبيرة.

وتحدث جعفري عن ما أسماه ارتباط «الجباة بالمسئولين الكبار»، في إشارة منه لاستشراء الفساد في أوساط مهنية عديدة.

رغم ذلك، رأى جعفري أن «الحديث عن وجود تحسن طفيف قد يكون صحيحاً، إلا أن الناس بحاجة للتعرف على حقيقة ما يجري، وقبل عام سمو رئيس الوزراء أحال الموضوع لسمو ولي العهد، ثم أحيل لوزير المتابعة وانتهت الأمور عند ذلك الحد، من دون أن نعلم حقيقة ما جرى».

وأضاف «سنوياً نرى الأخطاء نفسها والمؤسسات نفسها، الأمر الذي يعزز من مطلب التدقيق الاستباقي، وصولاً لتطبيق الحوكمة التي تمكن هذه المؤسسات من معرفة الخطأ قبل وقوعه»، مشدداً في الوقت ذاته على أهمية النأي بذلك عن الكيدية، والتركيز عوضاً عن ذلك على تصحيح الأخطاء.

وتابع «مجريات الأمور خلال السنوات العشر الماضية، لا تبشر بوجود تحسن، والغالبية من المجتمع تستشعر ذلك، وقد يعود ذلك لغياب المعلومات، مؤكداً وجود تراخٍ في الأداء تصل نسبته إلى 100 في المئة في بعض الحالات، فيما النسبة الطبيعية يجب أن تبقى محددة بأقل من 10 في المئة».

عطفاً على ذلك، قال جعفري: «من حق المجتمع استجواب هذه الوزارات، وفي مجمل الهيكل الرقابي البحرين لا وجود للتوجس أو الخوف، بل هنالك اطمئنان أكثر من اللازم، وأي مؤسسة أو حضارة يكون اطمئنانها أكثر من اللازم، فمصيرها يكون مصير الحضارات التي بادت».

وأردف «بحسب قراءتنا، فإن السنوات الـ 4 المقبلة لن تشهد تحسناً، إذا استمر الوضع على ما هو عليه، وبرنامج الحكومة مليء بالنصوص الإنشائية التي مرت علينا في البحوث الدراسية، وتفتقر للإنجازات المحددة، وفي موقع ما يقول التقرير: (نسعى لنمو اقتصادي حقيقي)، فهل هنالك نمو اقتصادي غير حقيقي؟».

ووفقاً لحديث جعفري فإن الحاصل الآن أن 20 ألف أسرة بحرينية تتلقى مساعدات من وزارة التنمية الاجتماعية، وذلك يعادل خمس عدد البحرينيين، منبهاً إلى أن المؤشر الوحيد المضمون والمعيار الحقيقي يكمن في تلمس التحسن في المستوى المعيشي للمواطن.

جاسم حسين: الدين العام سيتجاوز 20 مليار دولار

من جانبه، قال النائب السابق الاقتصادي جاسم حسين إن حديث تقرير ديوان الرقابة عن الدين العام وخطورته كان ملفتاً، منوهاً بدعوة الديوان لإصدار قانون خاص بذلك، ومبيناً أن أهمية ذلك تتعاظم مع ارتفاع سقف هذا الدين، حيث كان في العام 2008 يمثل 10 في المئة فقط من حجم الناتج المحلي الإجمالي للبحرين، وفي 2012 ارتفع إلى 40 في المئة وبلغ 4 مليارات دينار، ثم قفز إلى 5 مليارات دينار العام 2013 بمقدار 44 في المئة من حجم الناتج المحلي.

وأضاف «تصور صندوق النقد الدولي أن استمرار الحال على ما هو عليه، سيرفع الدين العام إلى أكثر من 7.5 مليارات دينار، أي ما يعادل 20 مليار دولار في 2020 ما يعني 61 في المئة من حجم الناتج المحلي، وكل ذلك سيشكل ضغوطاً كبيرة على الدولة».

وبين أن تقرير ديوان الرقابة بحاجة للدراسة المتأنية، بسبب التأثيرات الكثيرة للموضوع، بما في ذلك تغيير عدد من الجهات الدولية المختصة بتقييم المؤسسات نظرتها المستقبلية للاقتصاد البحريني من الإيجاب للسلب، وفي وقت سابق كانت مؤسسة موديز هي المتشددة، حتى انضمت لها مؤخراً مؤسسات أخرى، لتصبح النظرة السلبية للبحرين سمة مشتركة.

وقال: «الأمر الآخر والذي نراه متكرراً في تقارير ديوان الرقابة، يتمثل في عدم تحصيل بعض الجهات للإيرادات إما بسبب عدم الدفع أو التأخير في ذلك، حتى بات الأمر عادياً، ففي كل عام هنالك جهات متأخرة».

وتابع «هنالك بطء في تنفيذ المشاريع التنموية، رغم وجود أموال مخصصة لذلك، ولنأخذ على سبيل المثال وزارة الصحة التي استفادت فقط بمقدار 22 في المئة من مخصصات المشاريع للعام 2013، مع أهمية موضوع الخدمات الصحية، وهنالك أيضاً المؤسسة العامة للشباب والرياضة والتي استفادت فقط من 16 في المئة من مخصصات المشاريع».

وأردف «كذلك، هنالك تأخر في ضبط الحسابات من قبل بعض الجهات الرسمية، والتقرير يشير إليها بشكل مكرر، وكل ذلك يؤثر على ترتيب البحرين في مؤشر مدركات الفساد، حيث تراجعت من المرتبة 26 العام 2003 إلى المرتبة 55 في آخر التقارير الصادرة، من بين اقتصاديات 74 دولة».

بعض المداخلات في الندوة

الحقوقي عبدالنبي العكري: التقرير هام، ونحمل الجهات التنفيذية والقضائية ومجلسي الشورى والنواب والمجتمع المدني مسئولية القيام بالأدوار المناطة بها، بما في ذلك تصحيح الأوضاع وتفعيل الرقابة.

– الاقتصادي عبدالحميد عبدالغفار: هوة بين قوة التقرير وضعف البرلمان.

– الاقتصادي عبدالحميد عبدالغفار: يتكرر التقرير وتتكرر الملاحظات عليه، وما زاد هو كرة الثلج ليس إلا.

– النقابي محمد عبدالرحمن: الإصلاح السياسي هو المخرج، فالمخالفات تكررت والحكومة في مكانها.

صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4512 – الأربعاء 14 يناير 2015م الموافق 23 ربيع الاول 1436هـ

http://www.alwasatnews.com/4512/news/read/952532/1.html