الوسط – أماني المسقطي
استمر تراجع البحرين في مؤشر مدركات الفساد للعام 2013، للعام الثاني على التوالي، إذ جاءت في الترتيب 57 عالمياً، والثالثة عربياً وخليجياً، متراجعة بذلك ثلاث مراتب عن العام 2012، حين حلّت في الترتيب 53 عالمياً.
وبحسب نتائج تقرير مؤشر مدركات الفساد السنوي، الذي أطلقته منظمة الشفافية الدولية أمس (الثلثاء)، فإن أكثر من ثلثي 177 دولة أحرزت أقل من 50 نقطة.
حصلت على 48 نقطة بتقرير «الشفافية الدولية» للعام 2013
البحرين تستمر بتراجعها في «مؤشر مدركات الفساد» وتحتل الترتيب 57 عالميّاً
الوسط – أماني المسقطي
استمر تراجع البحرين في مؤشر مدركات الفساد للعام 2013، إذ جاءت في الترتيب 57 عالميّاً، والثالثة عربيّاً وخليجيّاً – بعد الإمارات وقطر – متراجعة بذلك ثلاث مراتب عن العام 2012، حيث حلت حينها في الترتيب 53 عالميّاً، بعد أن كانت تحتل الترتيب 46 عالميّاً في العام 2011، وحصلت على 48 من 100 نقطة.
وبحسب نتائج تقرير مؤشر مدركات الفساد السنوي، الذي أطلقته منظمة الشفافية الدولية يوم أمس الثلثاء (3 ديسمبر/ كانون الأول 2013)، فإن أكثر من ثلثي 177 دولة مشمولة بمؤشر 2013 أحرزت أقل من 50 نقطة، وفق مقياس يبدأ من صفر (للدول الأكثر فسادًا) إلى 100 (للدول الأقل فسادًا).
وخلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته الجمعية البحرينية للشفافية يوم أمس بالتزامن مع إطلاق التقرير الدولي، أوضح رئيس الجمعية عبدالنبي العكري، أن تقرير منظمة الشفافية السنوي، يعده معهد متخصص لحساب الشفافية الدولية، ويتم جمع معلوماته من قبل 10 مؤسسات مالية معتمدة، منها البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، والبنك الآسيوي، والبنك الإفريقي، ومؤسسة برتلسمان.
وقال: «لا يتم إدراج أي بلد في التقرير ما لم تتوافر فيه ستة معطيات رئيسية على الأقل، ويتم ترتيب الدول من أقلها خلوّاً من الفساد ونزاهة وشفافية إلى أسوئها».
وأضاف أن «الدول المتقدمة في مؤشر هذا العام هي الدول ذاتها المتقدمة في العام الماضي، مع بعض التبادل في المواقع، وتصدرت القائمة الدول الاسكندنافية وسنغافورة، فيما احتلت الدول المتخلفة ذيل القائمة، وكانت الصومال هي آخر دولة في المؤشر».
وواصل «المؤسف أن الدول العربية، باستثناء الإمارات وقطر، شهدت تراجعاً في ترتيبها على مؤشر مدركات الفساد، وحصلت على أقل من 50 نقطة».
وأشار العكري إلى ما اعتبره «الفارق الكبير» بين ترتيب كل من دولتي الإمارات وقطر مجتمعتين، وترتيب البحرين وعمان اللتين جاءتا في ترتيب دون المتوسط، وكانت بينهما فجوة وبقية الدول العربية بما فيها السعودية والأردن والكويت وتونس، وهي الدول التي شهدت مزيداً من التدهور في مؤشر الفساد، وفقاً له.
وفي حديثه عن ترتيب البحرين بموجب المؤشر، قال العكري: «إننا نأسف لترتيب البحرين في المؤشر، لكن ذلك يرجع إلى عدة عوامل، أهمها تكشف الكثير من قضايا الفساد الخطيرة، وعلى رأسها قضية (فساد ألبا – ألكوا)، والتي بدأت تتكشف أبعادها الخطيرة جدّاً في المحاكمة التي يحاكم فيها وسيط دفع الرشا للمسئولين في ألبا، وبروس هول، وهي قضية الفساد التي ترتبت عليها خسائر هائلة في الاقتصاد الوطني، وخلقت بيئة تشجع على الفساد ولا تشجع على الإبداع والتنافس، ناهيك عن استنزاف الموارد الطبيعية مثل الغاز من دون مقابل».
وأضاف «كذلك الفساد الذي ترافق مع بناء مستشفى الملك حمد، وتم الكشف عنه أخيراً، إضافة إلى تقرير ديوان الرقابة المالية، والفساد في تجارة العقارات الذي أدى إلى انهيار بنك أركابيتا».
كما أشار في السياق نفسه، إلى أن البحرين لم تتخذ في العام 2013 أيّاً من الإجراءات لمعالجة حالات الفساد المذكورة، وهذه الممارسات التي يزدهر فيها الفساد لم تستفد مما ورد في مؤشر مدركات الفساد للعام 2012، لافتاً إلى أنه وعلى رغم أن البحرين صدقت على اتفاقية مكافحة الفساد فإنها لم تصدر هيئة أو تشريعاً لمكافحة الفساد ولا قانون حق الحصول على المعلومات.
وتطرق العكري كذلك إلى عدم مثول أي من المسئولين الكبار المتهمين بالفساد أمام القضاء، وإصدار المجلس الوطني في جلسته الاستثنائية تعديلات تشريعية تشدد فيها عقوبة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك إنشاء مركز السلامة الالكترونية، وهي أمور اعتبرها العكري أسباباً في تراجع البحرين بمؤشر مدركات الفساد، مضيفاً إليها ما وصفه بـ»افتقاد النزاهة» في التعيينات و»ممارسة التمييز» في المنح والبعثات الدراسية.
وقال: «إذا قارنَّا معدل دخل الفرد لدول لخليج مع بلدان أخرى في أوروبا وأميركا اللاتينية، فعلى رغم أنها أعلى منها فإن هذه الدول متقدمة كثيراً على البحرين في المؤشر، ما يدل على اختلالات في الدولة، بسبب نهب الثروات وافتقاد النزاهة».
وأضاف «إن النتائج التي يكشف عنها التقرير ليست مصادفة أو مفاجئة، والدول التي حققت تقدماً في المؤشر، حققت ذلك من خلال التشريعات والإرادة السياسية لتحقيق النزاهة والشفافية، وسيادة ثقافة عدم التسامح مع الفساد والمفسدين».
وختم العكري حديثه، بالتأكيد على مساعي الجمعية للتفاعل مع أجهزة الدولة التنفيذية والبرلمان والقضاء لتقديم الرؤى والنصح لاتباع سياسات حازمة في التصدي للفساد، إلا أن محاولات الجمعية – وفقاً للعكري – لم تلقَ فائدة وإنما ووجهت الجمعية بالتهديدات والقيود المفروضة عليها، مطالباً في الوقت نفسه الحكومة والبرلمان والقضاء بالإيفاء بالتزامات البحرين الدولية واتباع السياسات الحازمة باتجاه محاربة الفساد.
أما نائب رئيس الجمعية سيد شرف الموسوي، فأشار إلى أن كلاًّ من الصومال والسودان والعراق، كانت من أسوأ الدول العربية في مؤشر مدركات الفساد، فيما كانت الإمارات وقطر، أفضل دولتين عربيّاً وخليجيّاً، لافتاً إلى أن جميع الدول العربية الأخرى حصلت على نتائج أقل من 50 في المئة.
وأوضح، أنه بالإضافة إلى المؤسسات التي تعتمدها منظمة الشفافية الدولية لتقييم مؤشر كل دولة، فإن هناك مجموعة من الخبراء الذين يقدمون تقارير عن كل دولة، وتشمل مجموعة من النقاط المهمة، وأهمها شفافية الموازنة العامة لكل دولة والالتزام بنشر الموازنة على المجتمع، ووجود أداة رقابة في التصرف في الموازنة المعتمدة، ووجود برلمان فاعل لمراقبة الحكومة على أدائها بشكل عام، ووجود منظومة قانونية تسهم في الرقابة الذاتية، ومنها قانون حرية الحصول على المعلومات، والتي لم تلتزم بها البحرين كما يجب، وفقاً للموسوي.
وقال: إن «الخبراء يأخذون في الاعتبار، أثناء تقييمهم الدول، دور مؤسسات المجتمع المدني في التنمية والرقابة على القطاعين العام والخاص، واستقلالية القضاء، وتقديم المسئولين الفاسدين في القطاعين العام والخاص لمحاكمات عادلة. هذه الأمور تتم مناقشتها بشكل مستفيض وجيد بواسطة الخبراء، ومن خلالها يتم تقييم الدول».
وتابع «هناك منظمات مستقلة أو جهات فاعلة لعرض الاستبانات تقيس مدى تعرض المجتمع للرشا، أو حصول الأشخاص على الخدمات التي يحتاجون إليها مثل الصحة والتعليم والسكن من دون رشا. ومتى ما انتشرت الرشا في أي مجتمع، فإن ذلك يعني انخفاض تقييم الدولة على مؤشر مدركات الفساد».
وبالنسبة إلى البحرين، فإن تراجعها في مؤشر مدركات الفساد، يعتبر السابع خلال 11 عاماً، بعد أن كان ترتيبها تحسن مرتبتين في العام 2011 عن العام الذي سبقه، ولم يشهد مؤشر البحرين تحسناً على مدى عشرة أعوام إلا خلال العامين 2008 و2011.
فيما أبقت على ترتيبها الخليجي الثالث، وهو الترتيب الذي شهد تراجعاً خلال الأعوام 2005 و2008 و2010.
وجاءت الإمارات في الترتيب 26 عالميّاً (69 نقطة)، وقطر في الترتيب 28 عالميّاً (68 نقطة) على مؤشر العام الحالي، وعُمان في الترتيب 61 عالميّاً (47 نقطة)، والسعودية في الترتيب 63 (46 نقطة)، والكويت في الترتيب 69 (43 نقطة).
وتصدرت دول الخليج والأردن قائمة الدول العربية، فيما جاءت كل من العراق وليبيا والسودان في ذيل القائمة، وكان 84 في المئة من الدول العربية حصلت على أقل من 50 في المئة في المؤشر.
وتصدرت كل من الدنمارك ونيوزيلندا في مرتبة واحدة قائمة مؤشر مدركات الفساد، إذ حصلت كل منهما على 91 نقطة، أما أفغانستان والصومال فقد تبين أنهما ضمن أسوأ نتائج هذا العام؛ إذ أحرزت كل منهما 8 درجات فحسب.
وفي البيان الصادر عن الشفافية الدولية، قالت رئيسة المنظمة هوغيت لابيل: «يُظهر مؤشر مدركات الفساد 2013 أن جميع الدول مازالت تواجه تهديد الفساد على جميع المستويات الحكومية؛ من إصدار التراخيص المحلية وحتى إنفاذ القوانين واللوائح».
وأضافت لابيل: «من الواضح أن الدول صاحبة أعلى الدرجات تُظهر بوضوح كيف أن الشفافية تدعم المساءلة وأنها قادرة على وقف الفساد. لكن الدول صاحبة أعلى الدرجات مازالت تواجه مشكلات مثل السيطرة على مؤسسات الدولة لتحقيق مآرب خاصة، والفساد في تمويل الحملات الانتخابية، وفي الإشراف على العقود العامة الكبيرة، وهي من مخاطر الفساد الكبرى حتى الآن».
ويستند مؤشر مدركات الفساد إلى آراء الخبراء بمجال فساد القطاع العام، ويمكن أن تساعد آليات إتاحة الحصول على المعلومات القوية وتوافر قواعد حاكمة لسلوك شاغلي المناصب العامة في تحسين درجات الدول، في حين أن نقص المساءلة في القطاع العام مقترناً بعدم فعالية المؤسسات العامة يؤثر سلباً على مدركات الفساد هذه.
واعتبرت الشفافية الدولية أن الفساد في القطاع العام مازال من بين أكبر التحديات العالمية، ولا سيما في مجالات مثل الأحزاب السياسية والشرطة ونظم القضاء، وأكدت ضرورة أن تكون المؤسسات العمومية أكثر انفتاحاً فيما يخص عملها وأنشطتها، وأن يكون المسئولون أكثر شفافية في صناعة القرار.
واعتبرت المنظمة أنه مازال من الصعب للغاية التحقيق في الفساد وملاحقة المسئولين عنه أمام القضاء، محذرة في الوقت نفسه من أن تواجه الجهود الرامية للتعامل مع التغير المناخي والأزمة الاقتصادية والفقر المدقع عقبات كبرى تتمثل في الفساد.
ودعت الكيانات الدولية، مثل مجموعة العشرين، إلى مكافحة أنشطة غسل الأموال وأن تجعل الشركات الكبرى أكثر شفافية وأن تسعى إلى استرداد الأموال المسروقة.
وقالت لابيل: «حان الوقت لوقف من يفلتون بالفساد. إن الثغرات القانونية وغياب الإرادة السياسية في الحكومات تيسر من الفساد المحلي والفساد العابر للحدود، وتستدعي جهودنا المتضافرة من أجل مكافحة الإفلات من العقاب على الفساد».
ويقيّم مؤشر مدركات الفساد الدول بحسب درجة إدراك وجود الفساد في القطاع العام في الدولة، وهو مؤشر مركب ويشكل مزيجاً من استطلاعات الرأي ويعتمد على بيانات ذات صلة بالفساد تم جمعها عن طريق استقصاءات متخصصة قامت بها مؤسسات مختلفة وحسنة السمعة.
ويعكس مؤشر مدركات الفساد آراء المراقبين من جميع أنحاء العالم متضمناً الخبراء من الدولة نفسها الجاري تقييمها، ومن أجل أن يتم إشراك الدولة في عملية التصنيف، فلابد أن تكون تلك الدولة مشمولة ضمن ثلاثة مصادر مسحية على الأقل من مصادر مؤشر مدركات الفساد، وبذلك، فإن وجود دولة ما في المؤشر لا يدل على وجود فساد في تلك الدولة، إنما يعتمد آليّاً على توافر المعلومات.
ويُقصد بالفساد، بحسب تقرير الشفافية، سوء استغلال الوظيفة العامة من أجل مصالح خاصة، وينطبق على القطاعين العام والخاص على حد سواء، ويركز مؤشر مدركات الفساد على الفساد في القطاع العام، أو الفساد الذي يشمل الموظفين الحكوميين أو السياسيين.
وتطرح الاستقصاءات المستخدمة في إعداد المؤشر أسئلة ذات صلة بسوء استغلال السلطة العامة لتحقيق مصالح شخصية، مع التركيز على قبول الموظفين الحكوميين الرشا أثناء المشتريات أو اختلاس الأموال العامة، ومدى نجاح جهود مكافحة الفساد في القطاع العام.