نائب رئيس «الاقتصاديين البحرينية» في ورشة «أهداف الألفية»:
البحرين تفتقر لتعريف «خط الفقر»… والمقياس الدولي غير صالح محليّا
السنابس – أماني المسقطي
أكد نائب رئيس جمعية الاقتصاديين البحرينية جعفر محمد أن البحرين تفتقر إلى تعريف واضح لخط الفقر، وأن المقياس الدولي لخط الفقر، أي نسبة السكان الذين يعيشون بأقل من دولار واحد في اليوم، غير صالح للبحرين، وأن الإطار العام للأهداف الإنمائية للألفية يتطلب من البلدان المعنية أن تستخدم خطوط الفقر الوطنية وليس المقياس الدولي من أجل رصد التقدم بالنسبة إلى هذا الهدف المحدد.
جاء ذلك خلال افتتاح أعمال ورشة عمل الأهداف الإنمائية للألفية في البحرين وآلية المراجعة الدورية الشاملة بارتباطها بالتنمية، التي نظمتها شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية، يوم أمس (الإثنين) في فندق «إليت سويتس».
وقال: «أشار تقرير البحرين بشأن ما حققته على صعيد هدف مكافحة الفقر والجوع في إطار الأهداف الإنمائية للألفية، إلى أن المحاولات الحكومية السابقة لتحديد خط الفقر، هي أقرب إلى تحديد فئات مستوى المعيشة المنخفضة التي قدرت بـ 11 في المئة في تقرير أهداف الألفية الأول في العام 2003، وهذا ليس تقديراً لنسب السكان الذين يعيشون في فقر مدقع بحسب ما هو مقصود في أهداف الألفية».
وأضاف «إن الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل يهدد الاستقرار المعيشي، وإن الزيادة المطردة في معدل النمو السكاني وكذلك تداعيات الأزمة المالية يهددان الاستقرار المعيشي وارتفاع معدل البطالة، وخصوصاً أن عمليات التسريح في ارتفاع مستمر».
وتطرق محمد إلى بعض الدراسات التي كشفت عن أن جزءاً كبيراً من الدخل يوجه بشكل أساسي نحو إشباع الحاجات الأساسية، وأن أكثر الأسر تخصص أكثر من نصف نفقاتها الكلية لفئات الإيجارات والطعام والمواصلات، ناهيك عن أن نسبة كبيرة من المجتمع تولي اهتماماً خاصّاً بالتعليم، وخصوصاً في حال زيادة الدخل.
كما تناول محمد خلال حديثه الهدف الإنمائي المتعلق بتمكين المرأة، إذ أشار إلى أنه على رغم الزيادة الكبيرة والتحسن الذي طرأ على تعليم المرأة في البحرين، فإن عمل المرأة مازال يتطلب المزيد من العمل لمواكبة التطور في مساهمة وانخراط المرأة في مجالات النشاط الاقتصادي المختلفة.
ولفت إلى أنه بحسب تقرير لوزارة العمل، فإنه على رغم زيادة أعداد ونسب مشاركة المرأة في سوق العمل ومزاولتها العمل في بعض الأنشطة الاقتصادية والمهن التي لم تكن مقبولة سابقاً مثل مهن التمريض والبيع، إلا إنه لايزال هناك عزوف من قبل المواطنين وبالذات من الإناث عن العمل ببعض الأنشطة الاقتصادية أو بعض المهن.
وأكد محمد أن أهم التحديات التي تواجهها البحرين وبقية دول المجلس في الهدف المتعلق بتحقيق التنمية الشاملة، يتمثل في الاعتماد على مصدر واحد للدخل الذي من شأنه أن يؤدي إلى انعكاسات قد تكون سلبية على الاقتصاد، لافتاً إلى أن هذه الدول جميعاً تواجه تحدياً لا يمكن مواجهته إلاّ بتنويع مصادر دخلها بما يحقق استمرار التنمية الاقتصادية وبشكل متوازن ولتحقيق التنوع في مصادر الدخل.
كما أكد ضرورة إعادة صياغة العلاقة بين القطاعين العام والخاص وتغيير دور الدولة في الاقتصاد الحديث من واضع لخطط التنمية ومنفذ لها إلى منظم وموجه للنشاط الاقتصادي، بما يؤدي إلى تحقيق التوازن بين القطاعات المختلفة في المجتمع ويساعد على تحقيق التنمية المستدامة. ونوه بأهمية مواءمة مخرجات التعليم والتدريب والتأهيل لسوق العمل التي تشهد تغيرات كبيرة ومنافسة عالية، مشيراً إلى أنه على رغم أن المتابع للتعليم يلاحظ التقدم الهائل في عدد الملتحقين به وكذلك تحسن مخرجاته، إلاّ أن التغيرات العلمية والتقنية تشير إلى تحول كبير في أسلوب التعليم والتدريب والتأهيل.
وقال: «إن التحدي الأكبر الذي تواجهه البحرين وبقية دول مجلس التعاون يتمثل في استغلال الإمكانات والموارد المتاحة، وخصوصاً تلك التي يتيحها المجلس لأعضائه، ووجود الإرادة الحقيقية والكافية لجعل المصلحة الإقليمية فوق المصلحة الوطنية، ووجود الإدارة الفعالة القادرة على إحداث التغيير».
وأضاف «ما يقلق فعلاً هو أنه بدلاً من المزيد من الاندماج والتوحد، ظهرت العديد من المخاوف والمشكلات ذات الطابع السياسي والاقتصادي التي أصبحت تهدد بحدوث ما وصلت إليه التجمعات العربية الأخرى من نتائج».
وأوضح محمد أن نظرية النمو تؤمن بوجود علاقة وثيقة بين التنمية البشرية والنمو الاقتصادي، باعتبار أن هذه النظرية تعتبر الناس القوة الرئيسية المحركة للتقدم الاقتصادي، وأساس هذا النمو، والمحدد الرئيسي لنوعيته، فلا يمكن تحقيق أحدهما من دون الآخر.
وأشار إلى أن النمو الاقتصادي مثلاً يولد عمالة متعلمة راقية تساعد على تحقيق إنتاجية عالية، وأمن يضمن الاستقرار البشري، وحرية تعزز التقدم البشري، وعدالة تحمي الحقوق الإنسانية والاجتماعية وتضمن مشاركة أوسع من جميع فئات المجتمع، وتماسك اجتماعيّ يدعم ويضمن مستقبل الأجيال المقبلة.
واعتبر أن إلقاء اللوم على الأسباب التقليدية مثل النمو السكاني، أو تفاقم العجز، أو انخفاض في القدرة التنافسية، أو عزوف القطاع الخاص عن المشاركة في التنمية، أو انخفاض في الطلب العام قد لا يكون صائباً، باعتبار أن هذه الأسباب ما هي إلا نتيجة لعدم فاعلية الإدارة الاقتصادية التي لا تؤمن بأهمية التنمية البشرية ولا تعترف بأنها غاية النمو الاقتصادي. من جهته، تطرق عضو المكتب التنفيذي للشبكة العربية للتنمية مجدي عبدالحميد إلى آلية عمل الشبكة، موضحاً أن الشبكة هي إطار إقليمي يجمع منظمات من 11 دولة، وأن المنظمات البحرينية شاركت بتأسيس الشبكة عبر تجربة التشبيك خلال الأعوام العشرة الماضية، وتعمل على الضغط حيال إصلاح السياسات وإحقاق الحقوق السياسية والاجتماعية في المنطقة العربية. وأشار إلى أن الشبكة عكفت منذ العام 2003 على دفع مؤسسات المجتمع المدني إلى متابعة الالتزام بتحقيق الأهداف بحلول العام 2015، لافتاً إلى أن الأزمات الدولية المتعلقة بتغير المناخ والأزمة الاقتصادية العالمية زادت من حدة التحديات والأخطار الاقتصادية التي تحيق بالمواطنين. واعتبر عبدالحميد أن مشاركة مؤسسات المجتمع المدني تتجاوز إعداد التقارير، لتصل إلى مستوى صنع السياسات العامة وتطوير المساءلة الحكومية.
أما عضو الشبكة كندة محمودي فأشارت إلى أن قمة الأهداف الإنمائية الألفية التي عُقدت في سبتمبر/ أيلول الماضي، كشفت بصورة واضحة عن أن إشراك منظمات المجتمع المدني في الأهداف محدودة مقارنة بمشاركات الأمم المتحدة الأخرى، حتى فيما يتعلق بإدخال المنظمات غير الحكومية في المؤتمر.
وقالت: «التضييق على مؤسسات المجتمع المدني إجمالي، إذ كان على الصعيد اللوجستي انفصال بين فعاليات المجتمع المدني والفعاليات الرسمية في القمة، ولكن هناك نقاش حيوي بين مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الدولية، وخصوصاً منظمة العمل الدولية، التي عقدت شراكات إستراتيجية مع صندوق النقد الدولي وغيرها».
وأضافت «هناك عدد من نقاط الضعف التي أشارت إليها مؤسسات المجتمع المدني بشأن القمة، وخصوصاً اللغة التي عبرت عنها وانتقلت من لغة تضع مكافحة الفقر في صلب السياسات الدولية إلى لغة تعبر عن عدم رضا المجتمع الدولي لكنها لا تأخذ أدواراً أو قرارات فعلية أو عملية في إطار مواجهة الواقع الذي يشير إلى أن الفقراء وعملية الحرمان في العالم يزيد ولا ينقص».
وانتقدت كذلك عدم إدماج قضايا الأشخاص ذوي الإعاقات في التوصيات الصادرة عن القمة، إضافة إلى مسألة حقوق المرأة وتمكين المساواة بين الجنسين.
تغيُّب رسمي عن ورشة «شبكة المنظمات العربية»
شهدت ورشة العمل التي نظمتها أمس (الإثنين) شبكة المنظمات العربية غير الحكومية، بشأن «الأهداف الإنمائية للألفية في مملكة البحرين وآلية المراجعة الدورية الشاملة بارتباطها بالتنمية»، تغيب ممثلين عن وزارتي التنمية الاجتماعية والخارجية، إضافة إلى تغيب ممثلي برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وكان من المقرر أن يلقي كل من وزيرة التنمية فاطمة البلوشي ووزير الدولة للشئون الخارجية نزار البحارنة والممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيد آغا، كلمات في افتتاح أعمال الورشة التي تغيبوا عنها. وعلمت «الوسط» أن الإدارة العامة للجنسية والجوازات والإقامة منحت 7 من أصل 15 عضواً في الشبكة كان من المزمع أن يشاركوا في أعمال الورشة تأشيرة لدخول البحرين، فيما لم تمنح 8 آخرين، من بينهم المدير التنفيذي للشبكة العربية زياد عبدالصمد الذي كان من المزمع أن يلقي كلمة خلال افتتاح أعمال الورشة.
صحيفة الوسط البحرينية 14 أكتوبر 2010م