Skip to main content

الموسوي: عدم وجود محاسبة حقيقية أدى إلى رفع العجز والدين العام

main_loc-11

أم الحصم – حسن المدحوب

ذكر القائم بأعمال أمين عام جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) رضي الموسوي أن «عدم وجود محاسبة حقيقية أدى إلى استشراء الفساد المالي والإداري في مفاصل مؤسسات الدولة، ما دفع إلى رفع العجز والدين العام للدولة».

وأشار الموسوي في «ندوة الحساب الختامي للدولة، العجز في الموازنة العامة وارتفاع الدين العام والمستقبل المقلق»، التي عقدت بمقر جمعية «وعد» مساء الأربعاء (25 يونيو/ حزيران 2014) إلى أن «الاقتصاد البحريني يمر بفترة حرجة تحتاج إلى رافعة عملاقة لتنتشله من الحال التي وصل إليها، وخصوصاً العجز المستمر في الموازنة العامة وتسديد هذا العجز باستمرار الاستدانة وزيادة حجم الدين العام».

وأوضح أن «المعطيات تؤكد أن تعثر مسيرة الاقتصاد الوطني ناجم عن غياب الشفافية والإفصاح وعدم وجود محاسبة حقيقية تقوم به سلطة مشرعة، مما قاد إلى استشراء الفساد المالي والإداري في مفاصل مؤسسات الدولة ليتحول إلى وباء يصعب اجتثاثه دون عملية إصلاح جذرية تشمل الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وترتكز على شرط المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار ومتابعة تنفيذه».

وتابع «فما أشارت إليه بيانات الحساب الختامي الذي رفضه مجلس النواب بحالته الراهنة، تؤكد أن الوضع أكثر من حرج، كما أن مطالباتهم بفصل حسابات شركة بابكو التي تكرر النفط عن حسابات وزارة المالية ليس مطلباً آنيّاً بل إنه تكرار عدة مرات من دون تجاوب من الجانب الحكومي الذي زاد على ذلك بدمج حسابات شركة تطوير مع شركة بابكو مع المالية من خلال دمج حسابات الإنتاج بالتكرير لنصل إلى هامش ربح أقل ما يقال عنه إنه خسارة».

وأكمل «قد يفسر الإرباك وعدم الشفافية وجود أربعة رؤساء تنفيذيين في شركة بابكو منذ تفجر الأزمة السياسية قبل ثلاث سنوات حتى الآن، ما يثير تساؤلاً عن مدى أداء شركة بابكو وباقي الشركات التي تمتلك الدولة حصصاً رئيسية فيها، وتقرر إداراتها العليا، أن ذلك يفسر أيضاً تآكل النظام الإداري الذي يشكل عصب النجاح في أي بلد».

وشدد على أن «شعار الكفاءة في العمل وزيادة الإنتاجية ليس شعاراً هلاميّاً أو ضبابيّاً بقدر ما هو شرط أي اقتصاد ناجح ومنافس، وقد تم اختباره في دول النمور الآسيوية التي انتشلت شعوبها من الفقر والمرض والبطالة إلى مواقع متقدمة على الخريطة العالمية، وذلك بعد إن استثمرت في التعليم والصحة، أي في الإنسان بغض النظر عن انتمائه السياسي أو العرقي أو الأثني، فحققت نجاحات وبردت التوترات العرقية التي كانت سائدة وحافظت على النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي لتستقر وتتفرغ إلى التنمية المستدامة».

وواصل الموسوي «أما الدول التي شيدت اقتصاداتها على المحاصصات القبلية والطائفية والعرقية، فقد واجهت استحقاقات، بعضها دامية، نظراً إلى المحاباة، وتحويل مؤسسات الدولة إلى عزب خاصة بهذه القبيلة أو تلك الطائفة. فلا يمكن لأي اقتصاد أن يحقق النجاح وهو يميز بين مواطن وآخر، كما لا يمكن لأي اقتصاد أن يحقق نجاحاً في ظل غياب التشريعات والقوانين الواضحة المنظمة للعملية الاقتصادية التي تنطلق من مبدأ أن الإنسان هو هدف التنمية المستدامة ووسيلتها في آن واحد».

وأضاف أن «هذا لا يتحقق في ظلال الدولة الأمنية وأزمة الثقة القائمة، إنما من خلال الدولة المدنية الديمقراطية المنفتحة على رياح التغيير التي تقود المجتمع إلى التطور».

وذكر أن «التعاطي مع توصيات صندوق النقد الدولي يمكن معالجتها إذا تمكنت الدولة من إقناع مواطنيها بأنها تسعى من أجلهم اقتصاديّاً وسياسيّاً واجتماعيّاً».

وأردف «لقد كشفت الحسابات الختامية للدولة خلال السنوات الخمس الماضية، الكثير من مكامن الخلل، لكن الجهاز التنفيذي لم يعالجها، حتى أن النواب لم يتجرع حساب 2013 الختامي وهو يلاحظ أن إنجازاً متواضعاً وفاشلاً في نسبة تنفيذ المشاريع الحيوية، كما يلاحظ اقتراضاً مضاعفاً يفوق حاجة الموازنة العامة لتغطية العجز، الأمر الذي يفرض أسئلة مشروعة عن مصير هذه الأموال المقدرة بالمليارات من الدنانير المهدورة، التي يتحمل المواطن العادي عبء تسديدها في شكل رسوم أو ضرائب غير معلنة أو ورفع الدعم عن السلع الاستهلاكية أو اختفاؤها من الأسواق».

وتابع «وينذر استمرار الوضع على ما هو عليه من نهج بتفاقم عجز الموازنة، حيث أصبح اليوم نقطة التعادل فيها بسعر برميل يصل إلى 125 دولاراً، بينما تؤكد كل التقديرات أن أسعار النفط في العام الجاري ستشهد تدنياً مقارنة بالسنة الماضية، حيث بلغ متوسط سعر برنت القياس يوم الثلثاء الماضي (106.23 دولارات للبرميل، ما يعني زيادة العجز وكذلك الدين العام».

ولفت إلى أن «الاقتصاد البحريني يمر بمرحلة مفصلية من ناحية الأداء ومدى القدرة على التنافسية مع اقتصادات المنطقة والعالم، يزيد من صعوبة وضعه حالة الانكماش المتزايدة بشهادة صندوق النقد الدولي الذي حذر من تداعيات هذا الانكماش والتراجع على مجمل الوضع العام، وطالب بتقليل العجز في الموازنة العامة والدين العام المتصاعد واتخاذ قرارات مفصلية ستؤثر في حال تنفيذها على الاقتصاد الكلي، كما ستؤثر على المواطن العادي الذي قد يواجه موجة جديدة من زيادة الرسوم تنفيذاً لتوصيات صندوق النقد الدولي بفرض ضرائب على القيمة المضافة إلى الشركات وإعادة هيكلة الدعم المقدم إلى المواد الأساسية وضبط وتقليص التوظيف والزيادات في القطاع الحكومي».

وأوضح أن «هذه الدعوات والمطالبات، دعمها الصندوق بتوقع انكماش النمو في الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.5 في المئة هذا العام».

وأكمل «ولأن الرقابة المالية والإدارية هي أضعف من أن تضع يديها على الجرح وتعالجه، نظراً إلى عدم تبعيتها إلى السلطة التشريعية وعجز الأخيرة عن القيام بمهامها بسبب الصلاحيات المحدودة جداً، فقد شهدت السنوات الماضية استفحالاً في الفساد الإداري والمالي ما أثر على النظام الإداري وقاده إلى التآكل وعدم الفاعلية، وبالتالي عدم القدرة على تنفيذ بنود الموازنة العامة، كما يتطلبه علم الإدارة العامة، وتعثر الوزارات ومؤسسات الدولة في تنفيذ واحد من أهم بنود الموازنة العامة وهو بند المشاريع، حيث تأكد أن نسبة إنجازها في الموازنة العامة لسنة 2013، لا تتجاوز 56 في المئة بسبب تعطيلها في العديد من المناطق وممارسة الانتقائية في تنفيذها مما يثير مخاوف ذات صلة بالعقاب الجماعي».

وواصل الموسوي «شمل تقليص الإنفاق كل الوزارات باستثناء الدفاع وجهاز الأمن الوطني والداخلية حيث صرفت الجهات الثلاث كل المبالغ المخصصة للمشاريع بنسبة 100 في المئة للأولى والثانية و77 في المئة للثالثة».

وقطع أنه «مما لا شك فيه أن الأزمة السياسية الدستورية التي تفجرت في فبراير/ شباط 2011، قد فعلت فعلها في مسيرة الاقتصاد الوطني المتعثرة، حيث زاد الغموض بغياب الشفافية، وتزايد الفساد المالي والإداري، واستفحال سياسة التمييز لتصل إلى قطاعات مهمة مثل التعليم والصحة والبلديات، ما قاد إلى تأثر قطاع المرافق والخدمات العامة بصورة سلبية، الأمر الذي أدى إلى تفاقم سياسة الإقصاء والتهميش التي مورست منذ عدة عقود لتتفجر أزمة سياسية دستورية قبل أكثر من ثلاث سنوات».

وذكر «مع الإمعان في مصادرة صلاحيات السلطة التشريعية ومنح السلطة التنفيذية صلاحيات مضاعفة، بما فيها تحصين الوزراء ومن في حكمهم من المساءلة النيابية بوضع شروط تعجيزية تصل إلى شرط موافقة ثلثي أعضاء المجلس النيابي لمساءلة الوزير بدلاً من تقدم 5 أعضاء التي كانت مقررة في السابق».

وتابع «هذه التداعيات من شأنها أن تقود إلى مزيد من الاحتقان السياسي والطائفي، ما سيؤثر على حجم تدفق الاستثمارات الأجنبية ومغادرة الاستثمارات المحلية وبالتالي تقليص نسبتها في تحريك الاقتصاد الوطني المعتمد اليوم بشكل رئيسي على عائدات النفط، حيث تشكل نسبة مساهمة هذا القطاع في الموازنة العامة 88.3 في المئة. ذلك يعني أن البحرين بحاجة ماسة إلى الحل السياسي الوطني الجامع وليس الحل الأمني السائد في الوقت الراهن، وإلى اقتصاد متنوع في مصادر الدخل وعدم الركون إلى النفط كمصدر رئيسي للدخل».

وأفاد أنه «في هذه الورقة نحاول تسليط الضوء على العناصر التي قادت إلى تفاقم الدين العام والعجز في الموازنة وانعكاس ذلك على تردي الأداء الاقتصادي والإداري في البلاد، وذلك من خلال التركيز على القطاع النفطي باعتباره يشكل النسبة الكبرى من إيرادات الموازنة العامة».

وأشار إلى أن «الموازنة العامة واجهت سنة 2013 عجزا بلغ أكثر من 410 ملايين دينار، أي ما يعادل ملياراً و85 مليون دولار أميركي، بينما حققت دول التعاون الخمس الأخرى فوائض بلغت 146.7 مليار دولار، استحوذت السعودية على 37 في المئة منها، بقيمة 54.9 مليار دولار، تلتها الكويت 34.1 مليار دولار، ثم الإمارات بفوائض مقدارها 29.7 مليار دولار ثم قطر 25.3 مليار دولار وأخيراً سلطنة عمان أربعة مليارات دولار».

وختم الموسوي بأن «الدين العام للبحرين بلغ 5.3 مليارات دينار، 43.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي البالغ 28.6 مليار دولار بالأسعار الثابتة و32.8 مليار دولار بالأسعار الجارية في 2013، بحسب المصرف المركزي البحريني، وقد تواصلت زيادة الدين في الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري، ما حدا بمجلسي الشورى والنواب إلى رفع سقف الدين ليصل إلى أقل من 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الأمر الذي تسير البلاد إليه، ومن المتوقع أن يصل إلى 6 مليارات دينار (نحو 16 مليار دولار)، أي ما يعادل 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وهي منطقة الخطر التي تقود إلى تعثر في تسديد الأجور والرواتب لموظفي الحكومة، في منطقة تنعم بالفوائض المالية.

من جانبه، أفاد النائب السابق في كتلة الوفاق محمدجميل الجمري أنه «قبل أيام قليلة اصدر البنك الدولي بياناً تحدث فيه عن مؤشرات اقتصاد البحرين وفيه أبدى تخوفاً من وصول الناتج المحلي إلى 2 في المئة فقط».

وذكر أن «النمو في الاقتصاد البحريني كان فقط بسبب انتعاش سوق النفط العالمية وارتفاع قيمة البرميل في الفترة الماضية، أما المجال غير النفطي فإن النمو فيه كان قليلا جداً وهذا يبين مدى تخوف المستثمرين من الاستثمار في البحرين».

وتابع «نلاحظ أن الحساب الختامي يذكر أن المصروفات المتكررة نمت بحوالي 13 في المئة، بينما لم تنم الإيرادات إلا بنسبة 2 في المئة وهذا خلل يجب معالجته».

وأفاد «القوى العاملة غير البحرينية في القطاع العام زادت في سنة 2013 عن سنة 2012 بما نسبته 30 في المئة، أما القوى العاملة في القطاع العام فتكلف ما يساوي نصف مدخول النفط في العام الواحد في البحرين».

وشدد على أن «كل هذه الأرقام مأخوذة من التقرير المنشور، لو وجدت الشفافية الحقيقية لظهرت أرقام الإيرادات والمصروفات التي لا يعلم عنها أحد».

ولفت الجمري إلى أنه «كنتيجة لذلك، وصل الدين الحكومي لأرقام كبيرة، حيث في 8 سنوات زاد الدين العام بمقدار 8 مرات، والخطر أن الاستدانة لم تكن من أجل مشاريع تنموية، لذلك فالاقتصاد البحريني يمر بمرحلة مفصلية من ناحية الأداء ومدى القدرة على التنافسية مع اقتصاديات المنطقة والعالم».

صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4311 – الجمعة 27 يونيو 2014م الموافق 29 شعبان 1435هـ

http://www.alwasatnews.com/4311/news/read/899094/1.html