هيومن رايتس ووتش – 21 يونيو 2015
قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على السلطات الكويتية المبادرة فوراً إلى إلغاء مرسوم تكفل فعلياً بإغلاق الفرع الكويتي لمنظمة الشفافية الدولية. ويعد المرسوم أحدث الأدلة على حملة قمع حكومية تستهدف الانتقاد السلمي وحرية التعبير.
وقد أصدرت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في 7 مايو/أيار 2015 مرسوماً بحل مجلس إدارة جمعية الشفافية الكويتية المستقلة، وتكليف خمسة أشخاص معينين من الحكومة بإدارتها. ثم قام المعينون بإنهاء عقود العاملين وبدأوا في التخلص من أصول الجمعية، كما قال مصدر مقرب منها لـ هيومن رايتس ووتش. وجاءت هذه التحركات الحكومية بعد أسابيع من قيام بعض أعضاء مجلس الأمة الكويتي باتهام الجمعية بالمبالغة في مستوى الفساد في الكويت واتباع أجندة سياسية، وهي الاتهامات التي تنكرها الجمعية برمتها.
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “لقد وضعت الكويت استعدادها للتسامح مع النقد والتزامها بمحاربة الفساد موضع التساؤل. ويبدو الأمر كحالة تقليدية من الاستعاضة عن حل المشكلة الحقيقية بمهاجمة من يكشف عنها”.
وجمعية الشفافية الكويتية هي الفرع الكويتي الوطني لمنظمة الشفافية الدولية العاملة في مجال مكافحة الفساد. وقد أنشئ الفرع منذ 2006 عند اعتماده بمرسوم وزاري، بغرض معلن هو مكافحة الفساد من خلال ترويج الشفافية والإصلاح. وتحظر لوائح الجمعية قيامها بـ”التدخل في السياسة”.
وفي 9 فبراير/شباط قام يوسف الزلزلة، عضو مجلس الأمة الكويتي، باتهام الجمعية في مقابلات إعلامية بمتابعة أجندة سياسية. وقد قدم المقابلات في اليوم التالي لحضوره اجتماعاً مع ماريو مارسيل، كبير مديري الممارسات العالمية للحكم الرشيد في البنك الدولي، والمدراء القطريين للبنك في الكويت، وذلك بحضور آخرين من أعضاء مجلس الأمة ومنهم رئيسه مرزوق الغانم. وأفادت تقارير علامية بأن مسؤولي البنك الدولي أبدوا القلق في الاجتماع بشأن ترتيب الكويت المتدني نسبياً على مؤشر انطباعات الفساد العالمي والذي تصدره منظمة الشفافية الدولية. واتهم الزلزلة جمعية الشفافية الكويتية باتباع أجندة سياسية من خلال ملأ تقارير كاذبة لخفض ترتيب الكويت، كما تعهد باستخدام جميع الوسائل المتاحة لمجلس الأمة بغية التحقيق مع الجمعية الكويتية.
وردت الجمعية في مؤتمر صحفي بتاريخ 2 مارس/آذار، وفيه أنكر صلاح الغزالي، عضو مجلس الإدارة، أن يكون للجمعية أجندة سياسية أو أن تستطيع التأثير في مؤشر الفساد الصادر عن الشفافية الدولية، وقال إن معلومات الجمعية استندت إلى مصادر متاحة في الحيز العام. وبعد ذلك قام الغزالي وسلمى العيسى، وهي بدورها من أعضاء مجلس الإدارة، بنشر تغريدات تتهم أعضاء مجلس الأمة بالكذب أثناء اجتماعهم بمسؤولي البنك الدولي، وبتلفيق تهمة تشويه صورة البلاد للجمعية الكويتية.
وفي 11 مارس/آذار قام نبيل الفضل، وهو عضو آخر من أعضاء مجلس الأمة، باتهام الجمعية الكويتية بمخالفة لوائحها التي أكد أنها تقصر دورها على القضايا العمالية، وذلك من خلال التعليق على قضايا سياسية وإهانة الحكومة ومجلس الأمة وأعضائه.
وبعد خمسة أيام قام رئيس مجلس الأمة، بتأييد مجموعة من الأعضاء الآخرين، بتوجيه طلب رسمي إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل للتحقيق في “المخالفات” المزعومة داخل الجمعية الكويتية. وفي خطبة أمام مجلس الأمة بتاريخ 25 مارس/آذار، وصف الفضل الجمعية الكويتية بأنها “أداة قذره في أيدي الإخوان المسلمين” تعليقاً على تصريح إعلامي للرد على تسريب تم في يونيو/حزيران 2014 لوثائق تورط مسؤولين حكوميين في فساد واسع النطاق. وكان التصريح يدعو إلى إجراءات تتخذها “السلطة التشريعية، ومجلس الوزراء، والمجتمع المدني، للقيام بما يلزم لإنقاذ الكويت من تزايد مؤشرات الفساد”.
وقالت الوزارة إنها أصدرت مرسومها بتاريخ 7 مايو/أيار بموجب المادة 6 من قانون جمعيات النفع العام الصادر في 1962، والتي تحظر على المنظمات غير الحكومية أية أنشطة من قبيل “التدخل في السياسة أو المنازعات الدينية أو إثارة العصبيات والطائفية والعنصرية”. وقد ألزم المرسوم أعضاء مجلس الإدارة بالاستقالة وتسليم ممتلكات الجمعية ووثائقها وأموالها في غضون 3 أيام، كما عين خمسة أشخاص كبدلاء لأعضاء مجلس الإدارة. وقالت هند صبيح الصبيح، وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، إن الحكومة تحركت لأن أعضاء مجلس الإدارة نشروا تغريدات تهين أعضاء مجلس الأمة، وبسبب “انتساب الجمعية إلى منظمات دولية”.
وقال مصدر مقرب من الجمعية الكويتية لـ هيومن رايتس ووتش إن أعضاء مجلس الإدارة المعينين من الحكومة سارعوا إلى إنهاء عقود العاملين وبيع أصول الجمعية، رغم تقدم اثنين من أعضاء مجلس الإدارة المقال بالطعن على مرسوم 7 مايو/أيار أمام مجلس الوزراء الكويتي. وفي 11 يونيو/حزيران علقت منظمة الشفافية الدولية عضوية الجمعية الكويتية، قائلة إنها لا تعترف بمجلس الإدارة المعين من قبل الحكومة.
وقد صدقت الكويت على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في 16 فبراير/شباط 2007. وبموجب المادة 13 تلتزم كل دولة طرف بتعزيز وتدعيم المشاركة النشطة للأفراد والجماعات خارج القطاع العام. ويتضمن هذا “احترام وتعزيز وحماية حرية التماس المعلومات المتعلقة بالفساد وتلقيها ونشرها وبثها”. ولا تسمح الاتفاقية بفرض قيود على هذه الحقوق إلا إذا نص عليها القانون وكانت ضرورية لحماية حقوق الآخرين وسمعتهم أو الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة والآداب العامة. ويمتد نطاق هذه الاتفاقية ليشمل جميع أشكال الفساد في القطاعين الخاص والعام على السواء.
كما أن الكويت طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، وكلاهما يلزمها بحماية حرية تكوين الجمعيات. وقد ذكر مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في حرية التجمع وتكوين الجمعيات أنه:
ينطبق الحق في حرية تكوين الجمعيات طوال عمر الجمعية، وتعليق عمل الجمعية وحلها الإلزامي هما أقسى أشكال القيود التي يمكن فرضها على حرية تكوين الجمعيات. ونتيجة لهذا فلا يجب أن يكونا متاحين إلا في وجود خطر واضح وداهم ينجم عن مخالفة صارخة للقانون الوطني، اتفاقاً مع القانون الدولي لحقوق الإنسان. كما يجب أن يتناسبا مع الغرض المشروع الملتمس، وألا يستخدما إلا حين تثبت التدابير الأخف عدم كفايتها.
وقال جو ستورك: “على الحكومة المسارعة إلى إلغاء مرسومها الأخير والسماح لجمعية الشفافية الكويتية باستئناف عملها، إذا كانت مهتمة حقاً بالتصدي للعنة الفساد”.
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4670 – الأحد 21 يونيو 2015م الموافق 05 رمضان 1436هـ