أعدها : شرف محسن الموسوي رئيس الجمعية البحرينية للشفافية
أولاً: التعريف بالأحزاب السياسية:
هو تجمع بين مجموعة من الأشخاص يتوافقون في روئ وأهداف اجتماعية وسياسية معينة، ويؤمنون بأفكار آيديولوجية أو اجتماعية واحدة ويعملون على نشر هذه الأفكار والآيديولوجيا أوساط الجماعات المحلية. ويهدف الحزب أو التجمع إلى الوصول للسلطة لتشكيل النظام السياسي أو في أقل تقدير التأثير على السلطة القائمة في اتخاذ القرارات الحكومية من خلال المشاركة في الانتخابات العامة. ويعمل الحزب وفق منهج وبرنامج عمل متفق عليه في شأن آليات اتخاد القرار الديمقراطي في الحزب من بين أعضائه. وعادة ما يكون للحزب أمانة عامة ولجنة مركزية وممثلين حزبيين لتمثيل الحزب أمام الدولة ولدى الاحزاب الأخرى المرخصة في الدولة المعنية وأعضاء ملتزمين بقراراته، ومناصرين له.
ثانياً : تعريف الفساد:
عرفت منظمة الشفافية الدولية الفساد بأنه ” إساءة استغلال الوظيفة العامة لتحقيق مكاسب شخصية” بمعنى سوء استغلال المنصب الوظيفي والسلطة والنفود وأستثمارها لتحقيق مصالح شخصية مباشرة. ونود الإشارة إلى إن أغلب الدول العربية تقع في المراكز المتأخرة في مؤشر مدركات الفساد الذي تعده منظمة الشفافية الدولية، بإستثناء دولتين خليجيتين فأن أغلب الدول العربية لم تصل إلى 50 نقطة على مستوى المؤشر الذي يتكون من 100 نقطة. ويشمل الفساد المنتشر في الدول العربية جميع الأنواع، الفساد السياسي والمالي والاجتماعي والأقتصادي والإداري. بالرغم من تبني بعض الدول العربية لمشاريع وقوانين لمكافحة الفساد وتوقيع ( 17 دولة عربية ) على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.إلا إنه يبدوا إن الفساد أصبح مؤسسة هلامية وشبكة من المصالح المتداخلة تسيطر على العديد من مواقع اتخاد القرار. لذلك سيكون من الصعب ” ولكن ليس من المستحيل” مكافحة الفساد في ظل الأنظمة الشمولية في الدول العربية وذلك من خلال نشر مبادئ الشفافية وتعزيز النزاهة.
في تصريح للسيد / بيتر إيغن، أحد مؤسسي منظمة الشفافية الدولية، يقول فيه:- ” إن الأحزاب السياسية والبرلمانات تعتبر من بين أكثر المؤسسات فسادا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”. وأضاف إيغن في تقرير للمنظمة الذي نشر على موقع CNN بالعربية نسخة منه: “صدرت مؤخراً دساتير في مصر وتونس، وهو ما يعني أن الفرصة سانحة للتشديد على الشفافية والنزاهة لدى المنوط بهم تمثيل الناخبين الذين انتخبوهم.”
ثالثاً: تشكيل و واقع الاحزاب السياسية تعدد الاحزاب السياسية واختلاف توجهاتها الفكرية والسياسية أحد أهم أركان النظام الديمقراطي في أي بلد. في البلدان العربية تحول هذا المبدأ بدعوى الديمقراطية الى السعي الى تأسيس عدد غير محدد من الأحزاب ولكن اغلبها بتوجهات مختلفة في الشكل أما في المضمون فأنها تخدم مصلحة النظام السياسي بشكل أساسي.ويعارض هذا النظام السياسي نفسه في تشكيل أحزاب مستقلة عن سطوتة وسيطرته. ويلجأ النظام في هذه الحالة الى فرض العديد من القيود التي تمنع تأسيس أوقيام الأحزاب المستقلة من هذه القيود التعريف الديني أو الأثني للمجموعة التي ستتولى تأسيس الحزب. أما المشكلة التي تعاني منها الأحزاب العاملة أو التي تم تأسيسها ( أحزاب الموالاة في أغلب الأحيان) وبعض الأحزاب الأخرى فهي انعدام الديمقراطية الداخلية في هذه الأحزاب حيث تجد في غالب هذه الأحزاب أستمرار الأمين العام أو القائد السياسي الى فترة طويلة وأغلب فوزه بمنصبه القيادي يتم بالتزكية أو بالتحالفات الداخلية للأشخاص المؤيدين له لأستمرار مصالح هذه الفئة للسيطرة على الحزب وفي الغالب سينتج عن هذه السيطرة مصالح شخصية أو فئوية تتمتع بها هذه الفئة في الحزب السياسي . ولا تترك هذه القيادات الحزب إلا اذا وصلت لمرحلة الشيخوخة. أو العجز.في المقابل تعاني هذه الأحزاب من ضعف الشفافية الداخلية في أعمالها وخاصة فيما يتعلق بمعايير الترشيح أو الانتخاب لأن غالباً ما تتمكن التكتلات السياسية الداخلية من السيطرة على الحزب وعلى تحديد القيادات السياسية الحزبية مثل الأمين العام واللجنة المركزية وغيرها. كما تفتقد بعض الأحزاب الى ضعف شديد في منح الفئات الواعدة مثل الشباب والمرأة والمختلفين معهم في الرأي ( وليس التوجه ) الفرص الحقيقة والمستقلة من الوصول الى المراكز القيادية في الحزب. وهذه الممارسات بالتأكيد سوف تحد من التطور الحقيقي والفعلي للحزب و سوف تحد مشاركتة بطريقة عملية في نشر ثقافة الديمقراطية والعدالة والحرية. ومن أهم مظاهر غياب الشفافية في الأحزاب السياسية هو عدم الالتزام بتقديم الحساباب المالية على سبيل المثال، أوتفصيل المصاريف ومصادر التمويل بالشكل المناسب وفي الوقت المطلوب، للجهات الرقابية اللازمة مثل الجمعية العمومية أو المؤتمر العام للحزب أو للجهات الرسمية في الدولة المسئولة عن الرقابة على الأحزاب السياسية وهناك العديد من الأحزاب السياسية العربية لا تفصح بشكل واضح عن مصادر التمويل سواء المحلية” ربما تمويل حكومي غير مباشر” أو التمويل الأجنبي. في البحرين على سبيل المثال تقدم الجمعيات السياسية وهي في مصاف الأحزاب السياسية تقاريرها المالية الى المؤتمرات العامة والى وزارة العدل (الدائرة المسئولة عنها) والى ديوان الرقابة المالية الذي يتولى تدقيق ومراقبة حسابات هذه الجمعيات بشكل سنوي بالإضافة الى شركة مستقلة لتدقيق الحسابات التي تتولى اصدار الحسابات الختامية المدققة. من الواضح ايضاً إن غياب الشفافية في الأحزاب السياسية سواء الحاكمة أو التي في المعارضة، يشكل تهديدا حقيقياً للديمقراطية والعدالة وحكم القانون، وعلى الأخص في البلدان النامية التي تمر في مراحل انتقالية كحالة بعض الدول العربية مثل مصر وتونس واليمن، إضافة إلى النتائج الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المدمرة، وهذا ما أسهم في تفّجرالحركات الاحتجاجية في العديد من الدول العربية مع نهاية العام 2010، والتي استهدفت تحدي النظام التسلطي الفاسد، وإطلاق الحريات العامة، والمحافظة على حقوق الانسان، ومكافحة الفساد واسترداد الاموال والممتلكات المنهوبة، وما زالت معظم هذه الدول في مخاض مفتوح لإعادة بناء عقد اجتماعي جديد، يعزز من مفهوم الفشل بين السلطات وضمان عدم إتاحة الفرصة لإٕعادة توليد الاستبداد والفساد. وهي مرحلة تتطلب من الجميع بما فيهم المفكرون والخبراء في كل بلد، المساهمة في بلورة روؤية وطنية لشكل الدولة المدنية المعاصرة التي تقوم على أساس المواطنة والحكم الرشيد، وضمان وجود نظام وطني للنزاهة يحول دون العودة لتوفير فرص للفساد وإفلات الفاسدين من العقاب. (1)
رابعاً: دور الأحزاب السياسية في تعزيز مبدأ الشفافية. لم تعد ظاهرة الفساد، من الأمور المحضور الحديث عنها وخاصة بعد ثورات الربيع العربي، ويعتبر انتشار الفساد في العديد من الدول العربية وخاصة تلك التي تأثرت بالربيع العربي أحد اهم اسباب الثورات سواء في تونس او مصر أو غيرها من تلك الدول. وقد أكدت منظمة الشفافية الدولية إن انتشار الفساد في هذه الدول كان الشرارة التي اشعلت الشباب العربي. للمطالبة بالتغيير والمشاركة في ادارة البلد. تلعب الأحزاب السياسية دورا مهما في كشف الفساد ومواطن استغلال السلطة ودورها في انتشار ظاهرة الفساد في المجتمعات. إلا إن العديد من هذه الأحزاب يبتعد عن معالجة ما يعانية داخلياً من فساد سواء مالي او اداري أو سياسي. ومن أهم الأدوار التي يجب أن يقوم بها الحزب لمكافحة الفساد المالي والإداري هو تصحيح الخلل في هيكليته التنظيمية، قبل العمل على كشف بواطن الفساد في الدولة في المواقع المهمة التالية:-
خامساً : المعوقات التي تحول دون تنفيذ الأحزاب السياسية لدورها في نشر ثقافة الشفافية وتعزيز النزاهة :
بالرغم من إن هناك ادوار استراتيجية يمكن للأحزاب القيام بها في نشر الشفافية والنزاهة إلا إن هذه الأحزاب تعاني ايضاً في بيئتها الخارجية العديد من المعوقات التي تحول دون مقدرة هذه الأحزاب القيام بدورها الطبيعي في مكافحة الفساد ونشر ثقافة النزاهة والشفافية ومن هذه المعوقات ما يلي:-
|
|
|
(1) تقرير عن الفساد السياسي في الدول العربية. اصداء تحالف امان – فلسطين
(2) اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2005