لا يمكن الاستمرار في الاقتراض دون وضع خطة لتوضيح كيفيةً سداد القروض في ظل تفاقم الوضع المالي
كتب – محمد الغسرة
قال الدكتور جعفر الصائغ ، ان التقرير لا يعكس الوضع الاقتصادي الصعب التي تمر به البحرين ، ففي الوقت الذي نرى فيه انخفاض في الإيرادات العامة بسبب تدهور أسعار النفط ، وعجز مستمر في الميزانية العامة ادى الى الاقتراض وارتفاع في الدين العام ،وتبني سياسة تقشفية صارمة تشمل ترشيد الإنفاق وخفض الدعم وتأجيل بعض المشاريع الرأسمالية الناجم عن خفض في السيولة العامة وارتفاع في عدد العاطلين عن العمل وارتفاع في الرسوم والضرائب الحكومية والاتجاه نحو تقاعد مبكّر لخفض المصروفات الحكومية ، والتوازن المالي.
وقال الصائغ في ندوة “قراءة في تقرير ديوان الرقابة المالية” التي نظمتها جمعية الشفافية امس ، ” نرى بالمقابل حسب التقرير الهدر المالي مازال مستمر وأن الوزارات والجهات الحكومية لا تؤمن بسياسة التقشف التي أصبحت العنوان الأبرز في السياسة المالية خلال الخمس سنوات الماضية، بل العكس حيث هناك تبذير مالي واسع”.
فعلى سبيل المثال جهات حكومية تصرف تذاكر سفر على درجة رجال الأعمال لغير شاغلي الوظائف العليا ، وتحمل معهد الإدارة العامة راتب مستشار التعليم والتطوير «أجنبي» وقيمته 63 ألف دينار سنويا فيما يقضي ثلث السنة خارج مقر المعهد، وصرف ٢٣ الف دينار بدل حضور اجتماعات مجلس الإدارة للمستشار العام لشركة مطار البحرين خلال ٣ سنوات على الرغم من حضوره الاجتماعات يقع في نطاق واجباته ، وإعفاء بضائع من الجمارك من دون النظر إلى شهادة المنشأ؛ ما يتسبب في هدر الملايين.
من جانب اخر تدني نسبة صرف بعض الوزارت والجهات الحكومية من ميزانية مشاريعها لعام 2018، الأمر الذي يشير إلى عدم صحة ودقة الأسس التي استندت عليها تلك الجهات في تقدير ميزانية مشاريعها، أو عدم حسن استغلالها للميزانية المعتمدة لتلك المشاريع لعام 2018 ، مما يؤدي إلى عدم الاستغلال الأمثل للميزانيات والتي كان من الممكن الاستفادة منها في تنفيذ برامج أخرى تكون أكثر أهمية.
الموافقة على تعيين موظفين جدد في بعض الجهات الحكومية على الرغم من وجود موظفين تم إلغاء وظائفهم ويشغلون وظائف مشابهة في جهات أخرى من دون اتخاذ الإجراءات اللازمة للاستفادة منهم بدلا من التوظيف الجديد، الأمر الذي يزيد من الأعباء المالية على الجهات الحكومية ويؤدي إلى تحملها تكاليف التوظيف الجديد مع استمرار دفع رواتب الموظفين الملغاة وظائفهم.
وقال الصايغ ان اهم استنتاجاتنا من التقرير التالي :
١ – ليس هناك التزام بقوانين العمل والتوظيف في العديد من الوزارات والجهات الحكومية .
2- الاستثمار في السندات الحكومية لا تزال هي المفضلة لدى القطاع الاستثماري في البحرين فالحكومة لا تواجه أي صعوبة في بيع سنداتها في السوق المحلي. فقد تمكنت البحرين من بيع صكوكا بقيمة مليار دولار تُستحق في 2027 بعائد 4.5 % وسندات تقليدية بقيمة مليار دولار تُستحق في عام 2031 بعائد 5.625 %. ويظهر هذا النجاح في إصدار سندات مقومة بالدولار تحسن ثقة الأسواق المالية والمستثمرين بمستقبل اقتصاد البلاد، بعد أن ساعدها الدعم الخليجي على تخفيف حدة الأزمات التي تعاني منها وقلص الضغوط على توازناتها المالية.
3- وتشير البيانات إلى ان مملكة البحرين قد خفضت استثماراتها بالسندات الأمريكية إلى نحو 687 مليون دولار، مقارنة بـ721 مليون دولار قيمتها في مايو السابق له.
4- وهذا يعني أن السيولة متوفرة في الاقتصاد إلا أن هناك عدم ثقة في الاقتصاد والاستثمار ، كما أن الأمر يعني أيضاً أن الحكومة تستمر في سحب السيولة من السوق من خلال الاقتراض وبيع السندات.
5- غياب خطة وطنية على مستوى الجهات الحكومية لاستقطاب الكوادر البحرينية بدلا من الأجانب.
6- السياسة المالية والاقتصادية لا تعكس الرؤية المستقبلية لمملكة البحربن 2030
7- لا يزال قانون الردع ضعيف لمنع تكرار هذه المخالفات الجسيمة، ولعل السبب هو أن بعض المسئولين في الوزارات والجهات المختلفة تشعر بأنها لا تخضع للقوانين والتشريعات التي تحكم المالية العامة.
8- بعد إصدار ١٦ تقرير وكشف كل هذه المخالفات لا تزال أكبر سلطة تشريعية في البلد عاجز عن وقف ومنع هذه المخالفات ومحاسبة مرتكبيها
9- هناك فساد مبرمج في كثير من الجهات الحكومية
وبالنسبة الى الدين العام الذي وصل الدين إلى 12.4 مليار دينار العام الماضي بنسبة تصل إلى 94% من الناتج المحلي.
وقال صحيح لا يوجد ما يعيب في الاستعانة بالقروض لتحفيز وزيادة معدلات النمو، ولكن هناك شروطاً لذلك، اذ لا بد من استخدام تلك القروض في مشروعات استثمارية تحقق عائداً يفوق كلفة الاقتراض،
لا يمكن الاستمرار في الاقتراض، دون وضع خطة لتوضيح كيفيةً سداد القروض في ظل تفاقم الوضع المالي ، ويبدو انه لا توجد خطة للسداد غير الطريقة التقليدية.
ومع عدم وجود خطة للسداد، وفي ظل استمرار العجز في الميزانية العامة تبدو الخطوات التالية هي الأقرب للحدوث، الحصول على المزيد من القروض، بآجال استحقاق بعيدة، لتحل محل ما يتعين سداده، وهذا سوف يؤدي الى انخفاض حاد في مشاريع البنية التحتية والتنموية ، وعدم القدرة على دعم العملة وارتباطها بالدولار ، وانحدار في التصنيف الائتماني.
الرابط