Skip to main content

main_loc-18

الرفاع – عادل الشيخ

دعا رئيس الجمعية البحرينية للشفافية عبدالنبي العكري الجهات القضائية والرقابية بوزارة الداخلية والنيابة العامة ومجلس النواب للقيام بدورهم بإجراء التحقيقات بشأن القضايا التي بها شبهات فساد مالي وإداري، مستندين في ذلك إلى ما تضمنه تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية الأخير.

جاء ذلك خلال ندوة عن تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية، عقدها مجلس المشعل بالرفاع مساء أمس الأول (الاثنين)، تحدث خلالها رئيس الجمعية البحرينية للشفافية عبدالنبي العكري.

وقال العكري: «إن هناك ثغرات كبيرة في استثمار تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية وموجوداته بحيث يتحول إلى أداة لإصلاح أجهزة الدولة والنزاهة في إدارة مواردها وتعظيم مردود الإنفاق والخدمات والمشاريع».

وأضاف «إذا لم يكن للديوان سلطة الضبط القضائي، فإنه يتوجب على النيابة العامة أن تتحرك للتحقيق في القضايا ذات شبهة الفساد، كما يمكن لدائرة مكافحة الفساد وغسيل الأموال بوزارة الداخلية أن تتحرك للتحقيق في القضايا ذات الشبهة، ويمكن لمجلس النواب أن يُشكل لجنة تحقيق في قضايا الفساد والمساءلة السياسية للوزراء المعنيين من خلال السؤال ثم الاستجواب».

واستعرض العكري ما تضمّنه تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية الحادي عشر الصادر في يناير/ كانون الثاني الماضي.

وأفاد في هذا الجانب «نلاحظ أن تقارير ديوان الرقابة تتضخّم سنةً بعد أخرى، إضافة إلى تفرّع التقرير ليكون أكثر تعقيداً. وفي البداية كان مرسوم إنشاء ديوان الرقابة المالية، وأُضيف له خلال العام 2013 المراقبة الإدارية لرصد المخالفات والخروقات الإدارية والنظم».

ونوّه العكري بأهمية الرقابة ومكافحة الفساد، مشيراً إلى أن «وجهة نظر العالم تغيّرت بشكلٍ كبير تجاه موضوعات الفساد وإهدار الموارد. ففي القديم كانت البلدان التي يستشري فيها الفساد تتقاطر عليها الاستثمارات، أما الآن فالنظرة تغيّرت بعد أن انهارت بنوك، وأصبحت النزاهة والشفافية والحكم الصالح والرشيد عاملٌ مهم لجذب الاستثمارات».

كاشفاً عن أن «الخسائر المباشرة نتيجة الفساد في بعض الدول تقدر بترليون دولار، أما الآثار العميقة للفساد نراها في بلدان فاشلة وتدني مستويات التنمية وانتشار المجاعات والحروب».

مؤكداً على «وجود اهتمام عالمي ودولي بموضوع مكافحة الفساد، فصندوق النقد الدولي يهتم ويُقدم تقارير عن البلدان وعن النزاهة والشفافية فيها، لأنه تترتب عليها مكانة تلك البلدان، وهي أمور تهتم فيها شركات التصنيف العالمية، ويترتب على ذلك أيضاً تقدير حجم الفوائد على القروض السيادية للدول».

لافتاً إلى «وجود منظمتين تُعنى بهذا الجانب، إحداهما منظمة الشفافية الدولية التي تصدر تقرير دولي عن الفساد في العالم، وتبدأ درجات التصنيف لديها من (1 – 170) دولة».

وبحسب العكري فإن «البحرين احتلت المرتبة 27 في القائمة خلال العام 2004، ومن المؤسف القول أنها احتلت المرتبة 57 خلال العام 2013، والمرتبة 55 خلال العام 2014».

مجدداً تأكيده على «وجود المنظمات الدولية التي تهتم بشكل متخصص في رصد مدى أن تكون الدولة كفوءة ونزيهة في الكشف عن الموارد والنفقات؛ وعليه فإن هناك أساليب للرقابة على المال العام والميزانية والمداخيل والإنفاق، تختلف من بلدٍ إلى آخر، وهناك أكثر من مؤسسة تقوم بهذا الدور، والبرلمان أحد هذه المؤسسات التي تلعب دوراً مهماً، فهناك ما يُسمى بالحرس القضائي في هولندا مثلاً، ووكالة الرقابة المالية في الولايات المتحدة أو مكتب المدقق الحسابي للحكومة الذي يلعب دورٌ مهم، وهو مستقل عن السلطة التنفيذية، وفي الكويت مثلاً هناك ديوان المحاسبة المنبثق من مجلس الأمة».

وأضاف «بالنسبة للبحرين فإن إنشاء ديوان الرقابة المالية والإدارية وتبعيته للديوان الملكي، وهو يقدم تقريره لثلاث جهات هي جلالة الملك، وسمو رئيس الوزراء، ومجلس النواب. ونحن بدورنا كجمعية شفافية نحصل على نسخة من التقرير، ونحرص على الاجتماع برئيس الديوان لإبداء ملاحظاتنا، ونقدم ندوات بخصوص ذلك».

وأبدى العكري ملاحظاته بشأن التقرير الأخير لديوان الرقابة، قائلاً في هذا الصدد: «ما نلاحظه في التقرير الأخير لديوان الرقابة المالية والإدارية أنه يُعالج الحسابات الختامية إلى شهر ديسمبر/ كانون الأول للعام 2013، وله أبواب متعددة، وهو مكوّن من 619 صفحة؛ ولأوّل مرة يتعرّض التقرير إلى الدين العام وتبعاته وهو أمرٌ جديد، إضافةً إلى الحساب الختامي للدولة، وبشكلٍ عام يحتوي الباب الأول على ملخص لأهم التقارير الواردة، والحساب الختامي الموّحد للدولة والحساب الاحتياطي، ونتائج أعمال الرقابة الخاصة بالحسابات الختامية للوزارات والجهات الحكومية، والرأي المهني، وملاحظات جوهرية على 16 هيئة حكومية».

وتابع حديثه «أما الفصل الثاني من التقرير فيخُص الرقابة على الجمعيات السياسية، والباب الرابع يحتوي على نتائج الرقابة الإداية، إذ تناول 10 وزارات وهيئات حكومية من ناحية الرقابة الإدارية في التعيينات والترقيات والتقاعد، ومدى كفاءة الأجهزة في العمل، وأنظمة الرقابة الداخلية. كما يوجد فصل خاص بملاحظات توصيات التقرير السابق، والتدقيق على توصيات تقرير العام 2012 من ناحية الأوجه المالية والإدارية والأداء».

وأفصح العكري عن موضوعات لم يتناولها تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية: «فالتقرير لا يتناول المصروفات المرتبطة بالأمن والتعاقدات ذات الصفة العسكرية بحكم سريتها، كما لا يشمل قيمة الأراضي الموهوبة، ولا يعرض الإطار البنيوي لأجهزة الدولة وتركيبتها، ولا النقص في التشريعات التي تمكن من ارتكاب كل هذه التجاوزات».

مُضيفاً في هذا الجانب أن «تقرير ديوان الرقابة لا يعرض غياب تشريعات ضرورية مثل قانون شامل لمكافحة الفساد، والحاجة لهيئة مستقلة لمكافحة الفساد، وقانون شامل وهيئة مستقلة للذمة المالية، كما لا يعرض التقرير آليات التعيينات الإدارية العليا ومخصصاتها».

وفي عرض التقرير لانتهاك القوانين والأنظمة؛ عقّب المتحدث: «لا يعرض التقرير كون هذه الانتهاكات والمخالفات متكررةً وبعلم الجهات العليا، كما أن تكرار مثل هذه الانتهاكات والمخالفات على امتداد 12 عاماً يدل على اطمئنان مرتكبيها وحصانتهم».

وتحدّث العكري عن توصيف التقرير للمخالفات والملاحظات الجوهرية، موضحاً «هي في الحقيقة قضايا فساد، لأنه يترتب عليها التربح من المال العام سواء من مشتريات أو ترسيات أو مناقصات، ومداخيل غير معقولة للوزراء والسفراء والنواب والشوريون والمجالس الإدارية، وامتيازات وعلاوات ومكافآت لا تتناسب مع مهامهم، وكذلك الأمر بالنسبة إلى تقاعد النواب والشوريون والمجالس البلدية».

وبيّن أنّ «ما هو مشترك في تقارير ديوان الرقابة ما جاء في التقرير فيما يصفه من مخالفات الاستيلاء على المال العام، بسبب عدم كفاءة الأجهزة الإدارية للوزارات والهيئات، ما ترتب عليه عدم تنفيذ المشروعات المدرجة للسنتين الماليتين 2013 – 2014 لجميع الوزارات تقريباً، ومنها مشروعات حيوية مثل الإسكان والطرق والمجاري والمدارس والمستشفيات، كما يترتب على ذلك زيادة كلفة تنفيذ هذه المشروعات مع مرور الوقت، ومثال ذلك شبكة طرق مدينة عيسى وجسر سترة وغير ذلك».

وبحسب العكري فإنّ «هناك ظاهرةً أكثر خطورةً من مجرد عدم كفاءة الجهاز الإداري، وهي ما يُشاع من شُح الأراضي ونقص التمويل لتلبية الاحتياجات الإسكانية، فالمدينة الشمالية التي وُضع حجر الأساس فيها في العام 2004 وكان متوقعاً أن تحل جميع طلبات الإسكان خلال 4 سنوات قد تبخرت وأضحت مدينة استثمارية».

كما تشترك التقارير في رصد مخالفات «ترسية عقود من قِبل جهات حكومية على شركات يملكونها أو لهم نصيب فيها، وعدم تنفيذ مشروعات ومع ذلك يتم تحصيل المبالغ، وتجزئة العقود لأقل من 25 أو 50 ألف دينار لعدم ترسيتها من خلال ديوان المناقصات، وعدم الالتزام بالعرض الأقل، وعدم تمتع ديوان المناقصات بالكفاءات اللازمة القادرة على تقدير كلفة المشروعات والخدمات، إضافةً إلى التراخي في تحصيل أموال الدولة، فهناك وزارات وهيئات وشركات تتراخى في تحصيل مستحقات الدولة، ومثال ذلك أن لهيئة الكهرباء والماء ديون تتجاوز الـ 70 مليون دينار معظمها على شركات سياحية، إضافةً إلى أن دائرة الأوقاف الجعفرية ترسي عقوداً بمبالغ رمزية لاعتبارات غير تجارية لأراضٍ ومزارع وعقارات وليست هناك إدارة كفوءة لأملاك الأوقاف».

وتابع العكري في تبيان مشتركات التقارير «إن إدارة عقارات الدولة لا تُدير هذه العقارات لاعتبارات تجارية بل محاباة، وشركة ممتلكات القابضة لا تُقدم حسابات الشركات التابعة لها، وهناك حالات فساد فاضحة كما في قضية «ألبا – ألكوا»، إضافةً إلى أن حسابات «بابكو» غير مفصولة عن حسابات وزارة المالية رغم مرور سنوات على مطالبة الديوان بذلك».

وأشار إلى «أن خسائر (بناغاز) في عدم الاستغلال الكامل للغاز المصاحب يُقدر بـ 96 مليون دولار سنوياً».

وتطرّق إلى تضخم معاشات ومكافآت وامتيازات كبار المسئولين على حساب الأغلبية من موظفي الدولة والقطاع العام.

وفي ذلك قال: «إنّ هناك خروقاتٌ جمّة في احتساب تقاعد الوزراء والنواب والشوريون والرؤساء التنفيذيين للشركات وكبار موظفيهم، كما لا يوجد حد أدنى لرواتب التقاعد، الأمر الذي يتسبّب في استنزاف أموال التقاعد، بحيث هناك شبح الإفلاس الاكتواري، والمتضرّر الأكبر هم صغار المتقاعدين، بينما هناك 75 ألف أسرة تعيش على مساعدات الشئون الاجتماعية وعلاوة الغلاء ومساعدات الصناديق الخيرية».

وتحدّث العكري عن أوجه المخالفات الإدارية، موضحاً أنها تتثمل في «أن الوظائف العليا في الدولة لا تخضع لإشراف ديوان الخدمة المدنية، ولا تجري لشغرها مباريات تعتمد الخبرة والكفاءة».

مضيفاً أن «غالبية الوظائف الشاغرة لا يتم ملؤها من خلال الإعلانات والتقدم لها من قبل المواطنين والمباراة وترجيح الكفاءة، بل أنه يجري الإعلان عن معظمها خارج البحرين، وخصوصاً وظائف قطاعات التربية والصحة وبابكو وخدمات المطار، بينما هناك آلاف الخريجين البحرينيين من مختلف التخصصات بمن فيهم أطباء وممرضين ومهندسين وغير ذلك من العاطلين عن العمل».

واعتبر المتحدّث أن «الترقيات وخصوصاً في المراتب العليا للوزارات والشركات لا تخضع لمعايير موضوعية كالأداء والإنجاز، بل لاعتبارات أخرى، وهو ما أدى إلى تدني كفاءة الأجهزة الإدارية وعجزها عن تنفيذ المخططات في المشروعات، وتقديم منتجات أو مخرجات ذات جودة غير عالية في قطاعات التعليم والصحة مثلاً، وهو ما أدى إلى ازدهار التعليم الخاص والصحة الخاصة».

ولفت إلى «فترات الانتظار للحصول على خدمات الدولة مثل الخدمة الإسكانية التي ترتفع بشكلٍ مهول».

ولم يغفل العكري التحدث عن الدين العام، وقال في هذا الخصوص: «مقابل الهدر في المال العام وعدم الكفاءة في إدارة الموارد والأملاك، فإنّ هناك تزايداً محموماً في الدين العام، والذي ارتفع من 1.2 مليار دينار بما نسبته 10 في المئة من الناتج العام الإجمالي في العام 2008، إلى 5 مليار دينار أي 44 في المئة من حجم الناتج العام الإجمالي للعام 2013، وقد جرى اكتتاب مؤخراً بما قيمته 350 مليون دينار، وإذا ما استمر الحال على هذا المنوال فسيبلغ الدين العام 7.5 مليار دينار أي 61 في المئة من الدخل العام».

منتهياً بالقول: «تمثل خدمة الدين العام عبئاً متزايداً على الإنفاق العام وعلى الاقتصاد الوطني، ويؤدي إلى تدني تصنيف البحرين السيادي الائتماني، مما يرفع نسبة الفائدة على القروض السيادية».

صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4540 – الأربعاء 11 فبراير 2015م الموافق 21 ربيع الثاني 1436هـ

http://www.alwasatnews.com/4540/news/read/960517/1.html