في ورقته التي عُرضت بـ«منتدى المستقبل المدني»
العكري يطالب بإحياء المجتمع المدني وتجريم التمييز الطائفي في البحرين
الوسط – أماني المسقطي
طالب رئيس الجمعية البحرينية للشفافية عبدالنبي العكري بإحياء المجتمع المدني من أحزاب ونقابات وجمعيات وهيئات، وبتجريم التمييز الطائفي في البحرين.
جاء ذلك خلال ورقة العمل التي قُدمت خلال أعمال ورشة منتدى المستقبل المدني الذي اختتمت أعماله يوم أمس (الأحد) في الدار البيضاء بالمغرب، وناقش الإصلاحات الاقتصادية والقطاع الخاص، والديمقراطية وحقوق الإنسان والحكم الصالح الرشيد، والتنمية الاجتماعية والأمن الإنساني.
فيما تبدأ اليوم (الإثنين) أعمال الاجتماع الوزاري للدورة السادسة لمنتدى المستقبل في مراكش، وتختتم أعماله يوم غدٍ (الثلثاء).
وأكد العكري على ضرورة تمكين مؤسسات المجتمع المدني من العمل بحرية، ليترك الحكم للجمهور، وتتنافس الأحزاب بطريقة سلمية، وليقرر صندوق الاقتراع من هو الفائز ومن هو الخاسر، ولينبثق برلمان يمثل خريطة القوى السياسية.
وأشار إلى أن الطائفية تفسد الحياة السياسية والاجتماعية، وأن معظم الجمعيات السياسية والأهلية تشكلت على القاعدة الطائفية ولا يمكن الحد من الطائفية إلا بتجريم التمييز الطائفي في الدولة والمجتمع وجعله جريمة يعاقب عليها القانون، واستحداث أجهزة رقابة لرصدها وتلقى الشكوى بشأنها.
وقال: «من عناصر إفساد الحياة السياسية سلطة المال، ولذا فإن أعرق الديمقراطيات تضع قيودا على استخدام المال في تمويل الأحزاب والمؤسسات الأهلية، والحملات الانتخابية».
وتابع «إذا كانت مصالح طبقة رجال الأعمال مصانة دائما، فإن الخطورة تكمن في توجههم للتأثير على الحياة السياسية من خلال دعمهم لجمعيات سياسية معينة ومرشحين معنيين كما قررت غرفة التجارة والصناعة أخيرا».
وأكد العكري على ضرورة التحول من النمو الاقتصادي العشوائي والمنفلت إلي تنمية مستدامة وشاملة، وخصوصا مع غياب الخطط التنموية وبرامج الإصلاح الاقتصادي الحقيقي التي اختفت من برامج عمل الحكومة. ناهيك عن النمو الهائل للقطاعات المالية والمصرفية والخدماتية على حساب قطاعات أخرى مهمة أيضا. إذ أشار إلى أن عائد تلك المشروعات يقتصر على فئة محدودة وهي تستخدم في معظمها عمالة أجنبية، وأنه كثيرا ما يصاحب المشروعات العقارية الاستثمارية تدمير البيئة وتستهلك فيها جزءا كبيرا من الموارد والخدمات الحكومية الضرورية على حساب المواطنين ومناطقهم.
وقال: «من الواضح أنه من خلال الخبرة الإنسانية فإن التنمية المستدامة والشاملة هي البديل الأنجح لما يجري من تخبط حاليا».
وتابع «يجب عدم الأضرار بالتزامات الدولة تجاه مواطنيها، كما جاء في دستور البلاد والمواثيق الدولية وأهداف مشروع الإصلاح المعلن بالنسبة لدولة نفطية قليلة السكان، إذ يُلاحظ تخلي الدولة تدريجيا عن مسئولياتها تجاه مواطنيها في توفير الخدمات الأساسية والرفاه العام والبيئة النظيفة والحقوق المدنية والسياسية، ومن نتائج ذلك ما يواجهه المواطن من صعوبات معيشية وغلاء وبطالة وافتقاد الأمان المعيشي له ولأسرته ومستقبل أبنائه».
أما على صعيد تصحيح مسار برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعين فقال العكري: «إن نجاح أي برنامج إصلاح حقيقي يجب أن يستند أولا إلى توافق ومشاركة بين الدولة والمجتمع، ومن الملاحظ أن هناك افتراقا بين برنامج الدولة وبرنامج قوى المجتمع الحية وخصوصا برامج قوى المعارضة الوطنية، وفي كل المفاصل رفضت الدولة الجلوس على طاولة واحدة مع ممثلي قوى المجتمع».
وأضاف «تعمد الدولة إلى إعاقة أية رقابة حقيقية من قبل ممثلي الشعب على أداء أجهزتها وخططها وبرامجها، وأحيانا تعمد الدولة إلى الانحياز لبعض رجال الأعمال عندما تتعارض مصالحهم مع مصالح الأغلبية الشعبية، إذ يجري الالتفاف حتى على القوانين السارية، مثل قانون تنظيم سوق العمل».
وفي مجال الإصلاحات الاقتصادية وتحرير الاقتصاد والاستثمار، ذكر العكري أن إطلاق حرية التملك العقاري ترتب عليه أزمة إسكانية لعدد من المواطنين، ناهيك عن الإضرار بمصالح المحامين بالسماح لمكاتب المحاماة الأجنبية بمزاحمتهم من دون حماية.
وفي مداخلة له خلال أعمال المنتدى، شدد النائب جاسم حسين على أهمية تنفيذ إصلاحات اقتصادية في الدول العربية لأنها تفسح المجال أمام تحقيق شراكة في صنع القرارات وتبني الخيارات.
وأشار إلى أن المصلحة تقتضي تقليص دور القطاع العام كونه يعاني من سلبيات تشمل المحسوبية، وبالمقابل تعزيز دور القطاع الخاص والذي يرغب في تحقيق الربحية ما يعني التركيز على المهنية.
كما حذر حسين من ظاهرة المجتمع المدني المزور في بعض الدول العربية، لافتا إلى أن جهات رسمية تقوم بتأسيس مؤسسات تعمل في مجال حقوق الإنسان لكنها حقيقة تنفذ برامج معادية للطموحات الفعلية للمجتمع المدني.
وبدوره أكد نائب الأمين العام للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عيسى الغائب على الحاجة إلى شراكة حقيقية بين المجتمع المدني والحكومات، وأن الجهات الرسمية مطالبة بالأخذ بمرئيات واقتراحات المجتمع المدني وتطوير قوانين بديلة طبقا للمعايير الدولية وما صادقت عليه من تعهدات والتزامات دولية.
وفي كلمتها خلال افتتاح أعمال المؤتمر، قالت رئيسة مؤسسة المستقبل نبيلة حمزة: «إن الإنجاز الذي أسفرت عنه مبادرة منتدى المستقبل يكمن في الإصرار على نقل منظمات المجتمع المدني في المنطقة من طرف مهمش أو معارض للحكومات إلى طرف فاعل ومحاور وشريك لها».
وتابعت «على الرغم من الجدل العاصف بين رافض لهذا المسار وقابل به، تحقق خلال الأعوام الستة الماضية تنسيق متواصل بين عدد من هذه المنظمات التي قبلت مبدأ المشاركة وأدركت الأهمية الاستراتيجية للتعاون مع الجهات الرسمية لتحقيق إصلاحات سياسية واجتماعية ذات أثر عميق ودائم».
وأضافت «بناء على ذلك، فإن من واجبنا الاستمرار في دعم هذا التوجه، وتجنب كل ما من شأنه أن يعرقل هذه العملية التاريخية أو يفشلها؛ لأنه بدون مشاركة منظمات المجتمع المدني بجدية واستقلالية في هذا المسار، فإن المبادرة التي أقدمت عليها الدول الثمانية تفقد جوهرها ونقطة تميزها وقوتها، ويتحوّل منتدى المستقبل بذلك إلى مجرد نادٍ للحكومات».
فيما ذكرت رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان آمنة بوعياش أن اجتماع الدار البيضاء هو لحظة لبناء إطار شراكة بين الحكومات والمجتمع المدني وبين المجتمع المدني نفسه سواء داخل بلد محدد أو بين عدد من الدول، لافتة إلى أن الهدف من هذا الاجتماع أن يكون لحظة إطلاق مسار بناء شراكة متكافئة، واضحة، فعالة، ومتجددة .
وأكدت على أن اجتماع هذا العام سيعمل على وضع آلية للتقييم والمتابعة السنوية للقرارات الوزارية المنبثقة عن منتدى المستقبل..
العدد : 2614 | الإثنين 02 نوفمبر 2009م الموافق 14 ذي القعدة 1430 هـ