تحتفل الأمم المتحدة وأغلب دول العالم يوم التاسع من ديسمبر من كل عام باليوم العالمي لمكافحة الفساد.
وقد أشار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في عدد من المناسبات إلى أن الفساد يحبط التنمية وتمتع الشعوب والأفراد بالحقوق التي كفلتها المواثيق والمعاهدات الدولية، وخصوصاً الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية، ويتسبب في الكوارث للشعوب والصراعات بل والحروب.
إن التطور المهم والنوعي هذا العام هو الربيع العربي، الذي هبت نسائمه على امتداد الوطن العربي من المغرب حتى البحرين، حيث الفساد وآثاره المدمرة من أهم محركات التحرك والانتفاضات الجماهيرية.
أضحى الفساد غولاً يفترس الثروات والطاقات العربية، وأضحى شائعاً و ممتداً وتكمن خطورته في أن الفساد الأكبر يكمن في السلطة، حيث يجتمع المال والسلطة، دون رقابة أو سيطرة للشعب وممثليه.وسبق للجمعية في أكثر من مناسبة أن طالبت ولا زالت تطالب الحكومة والبرلمان البحريني بأهمية إنشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد تتمتع بصلاحيات واسعة، وقد كانت هذه التوصية إحدى التوصيات التي قدمتها الجمعية لمؤتمر الحوار الوطني وتم التوافق عليها إلا انه اعيدت صياغتها مرة أخرى بما لا يتناسب واشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد.
إن كلفة الفساد مرتفعة جداً كما تتضح في المؤشرات المرتفعة للفساد في الدول العربية، وحجم الأموال العامة المنهوبة، والبلايين التي يتم تحويلها من أرباب السلطة والنفوذ إلى الخارج. وقد كشفت الحقائق حول أساطين الفساد وحجمه ومداه والأموال المنهوبة والمودعة في الخارج في البلدان العربية التي أطيح فيها بالأنظمة الاستبدادية في تونس ومصر وليبيا، عن هول ما يجري، وهو نموذج لما يجري في البلدان العربية الأخرى.
إن من أهم إسهامات الأمم المتحدة بهذا الخصوص الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد حيث صادقت مملكة البحرين عليها بموجب قانون رقم (7) لسنة 2010 وأضحت طرفاً فيها في بداية عام 2011، وبذا أصبحت ملزمة لمملكة البحرين. كما أن المؤتمر الثالث للدول الأطراف في الاتفاقية في الدوحة 2009 قد أقر نظام أن تقدم كل دولة عضو تقريراً عن مدى تنفيذها للاتفاقية بإشراف دولتين عضوتين، في حين أن المؤتمر الرابع للدول الأطراف في الاتفاقية في مراكش (أكتوبر 2011) والذي حضرته الشفافية البحرينية، قد أقر دور منظمات المجتمع المدني الوطنية والدولية في عملية المراجعة وبناء على ألتزام البحرين بقرارات هذه المؤتمرات الدولية تدعوا الجمعية البحرينية للشفافية حكومة البحرين السماح لها بالقيام بدورها في تقديم تقرير موازي، والمساهمة في مراجعة وإعداد تقرير حكومة البحرين المطلوب منها حسب معايير الاتفاقية.
وإلى جانب ذلك هناك مكتب الأمم المتحدة في فيينا المعني بدعم الدول الأطراف في تنفيذها للاتفاقية. والأكاديمية الدولية لتدريب الضباط والمسؤولين المعنيين بمكافحة الفساد، كما أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قد أقام وحده للحكم الرشيد ويدعم في المنطقة العربية الشبكة العربية للنزاهة ومكافحة الفساد.
أما أهم حدث لهذا العام في بلادنا فهو بروز فضيحة ألبا- ألكوا إلى السطح، حيث تقدر كلفة الفساد وفيها بليوني دولار، وتشمل رشاوى قدمت لكبار المسؤولين من قبل ألكوا، مقابل أرباح غير مشروعة حصلت عليها من ألبا طوال 15 عاما. ويبقى تقرير اللجنة البرلمانية للتحقيق في أراضي الدولة المنهوبة من قبل المتنفذين في الأدراج.
إن الجمعية البحرينية للشفافية، وهي تدافع عن مصالح البحرين شعباً ودولةً فإنها قد عملت على تبني ملفات فساد عديدة، وبذل الجهود مع السلطة التشريعية لإصدار وتطوير تشريعات معنية بالنزاهة والشفافية والحكم الصالح ومكافحة الفساد.
كما أنها تعاونت مع من يقبل من المسؤولين من أجل تعاون بناء في سبيل هذه الأهداف. كما أنها تتعاون مع منظمات المجتمع المدني والشخصيات العامة والقطاع الخاص ممثلا بغرفة التجارة والصناعة، في القيام بهذه المهمة النبيلة ونود أن نشكر بشكل خاص مكتب الأمم المتحدة الإنمائي الذي يتعاون معنا كممثل للمنظمة الدولية المعنية بمكافحة الفساد، وتعزيز النزاهة والشفافية والحكم الصالح.
إننا ننظر بقلق إلى موقع مملكة البحرين 46 على قائمة مؤشر مدركات الفساد من قبل منظمة الشفافية الدولية، ورغم كونها الثالثة عربياً إلا أن الدول العربية باستثناء قطر والإمارات متخلفة جداً.
ونود في هذه المناسبة أن نشيد بمنظمة الشفافية الدولية وما تقدمه من جهود جبارة في مكافحة الفساد على مستوى العالم، وتطويرها لإستراتيجية 2011-2015 الشاملة، ونعتز بعضويتنا ودورنا فيها.
الفساد غول يلتهم الثروات الوطنية ويحبط التقدم والحقوق.
مكافحة الفساد مسؤولية كل مواطن.
الجمعية البحرينية للشفافية.
المنامة البحرين
9/12/2011