في ندوة «الحوكمة بالجمعيات الأهلية ودورها في مكافحة الفساد»:
المنطقة الدبلوماسية – محرر الشئون المحلية
03 يونيو 2016
أحاطت ندوة «الحوكمة في الجمعيات الأهلية ودورها في مكافحة الفساد» بجوانب مهمة تتصل بتأكيد أهمية التدقيق والرقابة وتفعيل آليات المحاسبة المهنية الصارمة.
وتحدث في الندوة التي نظمتها الجمعية البحرينية للشفافية بدعم من «الشفافية الدولية» مساء الثلثاء (31 مايو/ أيار 2016) في قاعة جلجامش بفندق غولدن توليت كل من الباحث والمحاضر الأكاديمي عيسى سيار والباحث الاقتصادي ومدرب التنمية البشرية محمد الأحمدي ونائب الأمين العام لجمعية المنبر التقدمي السيد فلاح هاشم، وأدارها رئيس الجمعية البحرينية للشفافية السيد شرف محسن الموسوي الذي أكد في كلمته الترحيبية أن للجمعيات الأهلية دوراً في مكافحة الفساد من خلال التزامها بمعايير الحوكمة داخليًّا في الجمعية من خلال سلوكيات أعضائها بالالتزام بالقيم الأخلاقية والمبادئ المهنية.
وأشار إلى أن ذلك يشمل أعضاء مجلس الإدارة ومن يتبوأ المسئولية فيها، كما يمكن لهذه الجمعيات المشاركة مع منظمات المجتمع المدني الأخرى في القيام بحملات التوعية بمخاطر الفساد وتقديم الرأي للمشرعين القانونيين في مجال عمل كل جمعية، ويأتي الدور الرقابي لهذه الجمعيات بتبليغ الجهات ذات العلاقة عن حالات الفساد من الأمور المهمة للجمعيات في هذا المجال.
وفي ورقته، تناول الباحث والمحاضر الأكاديمي عيسى سيار البدايات الأولى للعمل في المجال التطوعي منذ عقد العشرينات من القرن الماضي من خلال الأندية الرياضية والثقافية التي كانت تقوم بدور وطني واجتماعي وخيري، منها النادي الأدبي، ونادي إقبال أوال، ونادي العروبة والمنتدى الإسلامي والنادي الأهلي، وفي الخمسينات بدأت المرأة في تأسيس الجمعيات الخاصة بها والتي تهتم بشئونها، مثل جمعية نهضة فتاة البحرين والطفل والأمومة، وفي نهاية الستينات دخلت الجمعية المهنية على الخط مع تزايد عدد الخريجين وكذلك أخذ العمل الإسلامي الدعوي الخيري التطوعي الطابع المؤسسي مع مطلع السبعينات باستثناء جمعية الإصلاح التي تأسست في العام 1948.
وتحدث سيار حول سمات الجمعيات الأهلية بشكل عام قبل تطبيق المشروع الإصلاحي السياسي حيث كان عددها يقارب 120 جمعية أهلية، أما طبيعة عملها فتنوعت بين الخيري والدعوي والنسائي والمهني والتثقيفي وغلب على عملها الانضباط ووفرة وجودة المدخلات والمخرجات، والالتزام بالقوانين وتطبيق الأنظمة واللوائح وارتفاع مستوى الشفافية للمحاسبة والوعي وتنفيذ مشاريع ملموسة وبإمكانيات محدودة، أما بعد المشروع الإصلاحي منذ العام 2000 إلى الوقت الحالي فقد زاد العدد على 500 جمعية وهو عدد كبير بالنسبة إلى الفترة التي تكونت فيها.
أما سماتها فأبرزها قلة ونوعية انتاجها مقارنة بعددها، وتدني مستوى الانضباط والالتزام بتطبيق الأنظمة واللوائح، كما أن العديد منها موجود على الورق فقط، فيما يغلب على عمل الكثير منها الارتجالية ويمكن وصف العديد منها بالموسمية، كما أصبح بعضها أشبه بالمؤسسة الفردية وتدني مستوى النزاهة والشفافية والكثير منها لا يعقد الجمعية العمومية بحسب الأنظمة، وبعد أن تناول نصوصًا من قانون الجمعيات الأهلية رقم 21 للعام 1989، ودور وزارة العمل والتنمية الاجتماعية القائم على الترخيص والإشراف والمراقبة والضبط والمحاسبة، تساءل: «هل تقوم الوزارة بهذا الدور كما ينبغي، فيما يتعلق بالحوكمة؟».
وفي الإجابة على السؤال رأى أن هناك دوراً جيداً تقوم به الوزارة، لكنه دور يعتريه القصور في التطبيق الفعال للقوانين والأنظمة ذات العلاقة، مثل التدقيق والمحاسبة والتحويل إلى النيابة وسحب التراخيص وقلة عدد المفتشين والمراقبين وعدم المتابعة الحثيثية لما هو مطلوب من الجمعيات القيام به تجاه القوانين والأنظمة والمراقبة والتدقيق المالي، مؤكدًا أن المطلوب هو تفعيل الحوكمة من خلال إعادة هيكلة وتصنيف القطاع برمته، ووضع آليات فعالية للقوانين والأنظمة والرقابة والتدقيق والمحاسبة بصرامة مهنية، وتوفير كادر كاف ومؤهل ومدرب.
أما ورقة الحوكمة والشباب للباحث الاقتصادي ومدرب التنمية البشرية محمد الأحمدي فتناول فيها العلاقة التكاملية بين المجتمع المدني والديمقراطية والمواطنة، ذلك أن المجتمع المدني لا يمكن أن يكون مجتمعًا مدنيًّا دون ديمقراطية، وهذا يؤدي إلى أن تكون للمواطنة قيمة، والمواطنة تعني أن المواطنين يمارسون الديمقراطية وهم يشكلون المجتمع المدني، والعلاقة هنا تكاملية، يتحول فيها الفرد من خاضع للنظام السياسي إلى صانع له، ويسعى إلى تحقيق حقوقه الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
وتناول عناصر تكوين المجتمع المدني وهي الطواعية، والغاية، والهدف، وتنظيم المؤسسات، وهذا كله يعتمد على مفهوم المجتمع المدني، ومن آفات واختلافات المجتمع المدني تدني فعالية الإدارة والمحاسبة والشفافية والعمل المؤسساتي والرقابة ومصادر التمويل وروح المسئولية.
وأكد أن من أهم دعائم المجتمع المدني الصحي هي حوكمة المجتمع المدني التي ترسخ الشرعية والشفافية والمساءلة والتمكين والمصداقية والفعالية والاستقلالية والهيكلة التنظيمية.
وذهب نائب الأمين العام لجمعية المنبر التقدمي السيد فلاح هاشم إلى «دور النقابات في الرقابة والشراكة الاجتماعية»، موضحًا أن دور النقابات والتنظيمات العمالية يبرز كطرف فاعل وقوي ضمن قوى المجتمع المدني، ويمكنه أن يلعب دورًا نشطًا في منظومة الرقابة المجتمعية والمشاركة الإيجابية في المساءلة والرصد والمتابعة وتقديم المقترحات على صعيد السياسات لتعزيز أجندة العدالة الاجتماعية، كما أنه الصفة التمثيلية لأكبرشريحة مجتمعية وأنشطتها في العملية الإنتاجية، وهي مسئولية تترتب عليها المشاركة في اتخاذ القرارات العامة المتعلقة بالشئون والحقوق العمالية خاصة والمجتمعية عامة عبر آلية نصت عليها القوانين والتشريعات المحلية وعلى رأسها الدستور والميثاق ثم القوانين المنظمة كقانون النقابات والعمل والقوانين المنظمة لبعض المؤسسات والهيئات كهيئة التأمين الاجتماعي وهيئة سوق العمل وتمكين وغيرها، كما دعمتها وأكدت على حق ودور النقابات في هذا الموضوع اتفاقيات وتشريعات دولية، وعلى سبيل المثال اتفاقيات منظمة العمل الدولية، أو بعض المنظمات الدولية المتخصصة مثل الجمعية الدولية للضمان الاجتماعي وغيرها من المنظمات الدولية.
ولتفعيل دور النقابات، أكد ضرورة العمل على إزالة المعوقات والعراقيل التي تعترض دور النقابات، مستعرضًا باستفاضة المعوقات على المستوى التشريعي، والتنفيذي، وعائق الشفافية، والعائق الداخلي للنقابات وغياب الرصد النقابي المستمر.
واختتم بالإشارة إلى أهمية الحوار الاجتماعي ودور العمال وأصحاب العمل في إدارة أنظمة الضمان الاجتماعي، وفق ما ركزت عليه منظمة العمل الدولية ومنها المساهمة في حسن إدارة أنظمة الضمان الاجتماعي، ونشر التوعية وتعزيز الدعم العام للضمان الاجتماعي لدى أعضائها، والمشاركة الفاعلة في عمليات الحوار الاجتماعي التي تهدف إلى تصميم استراتيجيات وسياسات الضمان الاجتماعي الوطنية وتطبيقها ومراقبتها، ومساعدة العمال وأصحاب العمل في تعاملهم مع مؤسسات الضمان الاجتماعي بغية ضمان جمع المساهمات وتسليم المنافع.
العدد 5018 – الجمعة 03 يونيو 2016م الموافق 27 شعبان 1437هـ