البحرين: ردود فعل حكومة خاطئة لقضية عادلة
إن الهدف الأساسي للتيار الأساسي للمعارضة في البحرين هو إحداث تغيير في البلاد نحو الملكية الدستورية على غرار الممالك الدستورية في أوربا وتشمل الأهداف الأخرى حكومة منتخبة وصحافة حرة ومجتمع مدني نشط، وتوزيع عادل للثروة، وإنهاء التمييز استنادا إلى العقيدة. كما يسعى المعارضون للحكومة لتصفية جميع الممارسات الادارية والمالية الفاسدة. (1)
لكنه بدلا من التعاطي مع أولئك الذين يعبرون عن مطالبهم الديمقراطية بمستقبل أفضل للجميع فإن السلطة عادت إلى ممارسة اجراءات قمعية ترتب على إثرها وفيات وإصابات وكذلك اعتقال المئات من النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان والشخصيات الدينية والشباب وتسريح الآلاف من الشيعة من وظائفهم. شكلت السلطة اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق (BICI) والتي أطلقت تقريرها في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) 2011 ووثقت العديد من إساءات المعاملة المتعمدة للفعالية الشيعية من قبل رجال الأمن. (2).
الأهم هو أنه خلال المراجعة الدورية الشاملة (UPR) في سبتمبر 2012 فقد أصدر مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة 176 توصية لحكومة البحرين. ورغم ذلك وحتى اليوم فإن المدافعين عن حقوق الإنسان ومنظماتها يشككون في إرادة السلطات البحرينية في تنفيذ هذه التوصيات. (3)
فماذا يتوجب عمله إذاَ؟ وبغض النظر عن الصحة أو الخطأ، فإن النشطاء السياسيين يتطلعون للولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة والاتحاد الأوربي للمساعدة في دعم الديمقراطية في بلدهم. بالتأكيد فإن هناك طريقا واحد للمخرج وهو اجتماع جميع الأطراف المعنية حول طاولة الحوار من أجل التوصل إلى حل عادل ومتوازن ومستدام. ويتوجب على أي حل الأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف المعنية بما في ذلك الشيعة والسنة، وعدم تجاهل أوضاع العمالة المهاجرة الذين يعيشون في البحرين والذين يمثلون نصف السكان تقريباً.
إحباط الموقف الدولي
كما افترضنا سابقا فإن رد فعل الحكومة للمطالب الديمقراطية تسبب في خسائر أخرى حيث أساء لصورة البلاد وترتيبها في المؤشرات الدولية وخصوصاً بمقارنتها ببلدان مجلس التعاون الخليجي الأخرى، وهي السعودية والإمارات وقطر وعمان والكويت، وخصوصاً أن استخدام القوة ضد المجموعات السياسية قد أثبت أنه حاسم في هذه الصورة.
فقد حددت شركة ستاندرد آند بور، الشركة الدولية لتصنيف الإئتمانات أن تصنيف البحرين يترتب على توتر سياسي محلي شديد، ومخاطر جيو سياسية، وركود معدل الناتج الوطني المباشر الحقيقي واعتماد الدخل المالي على اسعار نفط مرتفعة. (4) وبالتالي أبقت ستاندر آند بور على تصنيفها ونظرتها السلبية للبحرين خلافا لباقي دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، والحقيقة أن الشركة ثبتت تصنيفا دوليا بعيد المدى، والديون السيادية المحلية بـ(BBB) وهو لغير صالح البحرين قياسا بدول الخليج الأخرى فإن تصنيف الشركة لكلا من السعودية هو (AA) مع ثبات الرؤية المستقبلية. إن تصنيف ستاندرد آند بور الدولي هو من أهم ما تستخدمه دول مجلس التعاون الخليجي في إبراز قدرتها التنافسية في مجال الأعمال.
إضافة إلى ذلك فقد شهدت البحرين هبوطاً بثلاث درجات إلى المرتبة 42 في مجال الأعمال (Doing Business)، للعام 2013 وهو تقرير مشترك للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي والذي يقدم مقارنة نوعية للتشريعات لضبط حقوق الملكية في 185 بلداً، فيما يتعلق بالأعمال الصغرى والمتوسطة (5) وإن زيادة الأعمال الصغيرة والمتوسطة يعتبر دوليا مصدرا أساسيا لخلق فرص عمل. ويتم تصنيف البلدان التي يتم مراجعتها استناداً إلى عشرة متغيرات بدأ بالأعمال المتعلقة برخص الانشاءات وتوصيل الكهرباء وتسجيل الملكية والحصول على قرض وحماية المستثمرين. ودفع الضرائب والتجارة عبر الحدود وتنفيذ العقود والحسم في تصفية الأعمال.
للأسف فإن التقرير لم يسجل أية صلاحيات في البحرين مما يعكس الحاجة لإصلاحات واسعة تتعلق بالقضايا الاجتماعية الاقتصادية والاجتماعية السياسية وقد كانت مكانة بلدان دول مجلس التعاون الأخرى وبالتحديد السعودية (22) والإمارات (26) وقطر (40) أفضل من البحرين واستمرار لهذا الاتجاه السلبي فقد صنف المنتدى الاقتصادي العالمي في تقريره للتنافسية العالمية لعام 2013 البحرين الثانية الأقل تنافسية في مجلس التعاون الخليجي بعد الكويت، رغم أن البحرين لحسن الحظ تقدمت مرتين إلى المرتبة 35 في حين تراجعت الكويت ثلاث مراتب لتحتل المرتبة 37 (6).
يصنف مؤشر التنافسية العالمي (GCI) الاقتصادات استناداً إلى إنجازاتها في مجالات ثلاثة واسعة وهي الاحتياجات الأساسية وتعزيز الكفاءة وعوامل التطور وبالتالي فإن كلا من هذه المجالات الثلاثة تتفرع أيضاً، فمثلا الاحتياجات الأساسية والبنية الأساسية والاقتصادية والماكر والاستقرار والصحة والتعليم الأساسي. فيما تعزيز الكفاءة تتفرع إلى اتعليم العالي والتدريب والسلع وكفاءة سوق العمل وتعقيدات سوق المال والاستعداد التكنولوجي وحجم الاقتصاد، أما عامل الابداع والتطور فيشمل تطور وإبداع الاعمال.
تستخدم المجالات الثلاثة مجتمعة في تركيبة مؤشر التنافسية العالمية (GCI) ويتم تركيب المؤشر بالرجوع إلى معطيات معلنة وإحصاءات المستوى الاقتصادي العالمي.كما يجري استفتاء المئات في قيادات الأعمال بهدف جمع المعطيات للتعزيز. ومن المؤمن أن البحرين تعاني من تدهور صورتها بسبب ممارسات الدولة الخاطئة والاقتصاد للمبادرات.
وفيما يتعلق بإجراءات التنمية الأوسع فإن البحرين تتراجع بثلاث درجات إلى المرتبة 48 من بين 183 بلدا للعام 2012 في تقرير التنمية البشرية وهذا يضع البلاد خلف دول مجلس التعاون الخليجي قطر والإمارات.
إن مؤشر التنمية البشرية هو مكون أساس للتقرير والذي يستمد من ثلاثة متغيرات وهي توقعات مدى الحياة عند الولادة والتعليم والدخل استناداً إلى القدرة الشرائية (PPP). ومن بين القضايا الأخرى فإن مؤشر التنمية البشرية سجل قطر كصاحبة أعلى معدل دخل الفرد على مستوى العالم. (7).
إضافة إلى ذلك فقد حافظت البحرين على أداء سلبي فيما يتعلق بالحريات استنادا إلى مكانتها في الحريات في العالم لعام 2013 من قبل فريدوم هاوس في واشنطن. وللأسف فإن التقرير يعتبر البحرين ضمن البلدان التي تشهد إنحداراً في الحريات خلال 2009-2013.
يعتبر البلد غير حرا عندما يحصل على ما بين 5.5 حتى 7 نقاط كحد أقصى والتي تشمل الحريات السياسية والحريات المدنية.
وفي هذين المؤشرين فقد حصلت البحرين على 6 نقاط لكل منهما فيما اعتبرت الكويت حرة جزئيا (8).
آفاق تحقيق أهداف الألفية للتنمية.
لا نجانب الصواب بالقول أن بعض الأعمال الحكومية في البحرين منذ فبراير 2011 تسير عكس أهداف الألفية للتنمية بل تشكل انتهاكا فاضحا لها ، هذه الأهداف التي أقرتها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عام 2000 (9). وبالرغم من أنها لا تعاني من انتشار الأمراض الوبائية مثلا الملاريا وليس لها مشاكل مع الوفيات عند الولادة، فإن ممارستها التمييزية ضد الأغلبية الشيعية أبعدتها عن تحقيق هدف التمتع الكامل والمنتج وتعزيز المساواة الجندرية.
أضحى اعتيادياً أن لا يحصل الشيعة على وظائف في المؤسسات الأمنية بما في ذلك المؤسسات العسكرية والحرس الوطني والداخلية والمخابرات، والتي تمثل المصدر الرئيسي الحكومي للتوظيف. إنه و خلال عام 2012 وإثر الحركة الديمقراطية الشعبية في فبراير 2011 فقد ازداد التمييز الرسمي ضد الشيعة الساعين للحصول وظائف حكومية، بتوسيع نطاق الدوائر الحكومية مما في ذلك الإعلام.
ذلك لا يعني بأن الشيعة لا يجري توظيفهم في اماكن أخرى مثل التعليم والصحة ولكن بمزيد من الصعوبات. ليس هناك تفسير بسيط لهذا التوجه السلبي باستثناء معاقبة الشيعة لتعبيرهم عن التطلعات الديمقراطية.
وفيما تتسابق الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في سباق مع الزمن لتحقيق الأهداف الألفية للتنمية بحلول 2015، فإن ذلك ليس هو الحال بالنسبة للبحرين نظرا للإجراءات الردعية للمعارضين وتشديد إجراءات التمييز العنصرية والدينية.
المراجع:
1. Geneive Abdo and Jasim Husain Ali, “Misunderstanding Bahrain’s Shia protesters,” 3 April 2011. Available at:http://www.aljazeera.com/indepth/opinion/2011/03/201132982742988712.html.
2. Bahrain Independent Commission of Inquiry (BICI), November 2011. Available at: http://www.bici.org.bh/BICIreportEN.pdf.
3. Human Rights First, “Bahrain’s Pledge to Implement UPR Recommendations Met with Skepticism,” 19 September 2012. Available at:http://www.humanrightsfirst.org/2012/09/19/bahrain%E2%80%99s-pledge-to-implement-upr-recommendations-met-with-skepticism.
4. Reuters, “S&P affirms ratings on Bahrain at ‘BBB’; outlook still negative,” 25 July 2012. Available at: http://in.reuters.com/article/2012/07/20/idINWLA060220120720.
5. The World Bank and International Finance Corporation, Doing Business 2013(10th ed.), Washington, DC 2013. Available at:http://www.doingbusiness.org/data/exploreeconomies/bahrainand at:http://issuu.com/world.bank.publications/docs/9780821396155?mode=embed&layout=http://skin.issuu.com/v/light/layout.xml&showFlipBtn=true.
6. World Economic Forum, Global Competitiveness Report 2012-2013, Geneva, 2012. Available at: http://www3.weforum.org/docs/WEF_GlobalCompetitivenessReport_2012-13.pdf.
7. UNDP, Human Development Report 2011, New York, 2011. Available at:http://hdr.undp.org/en/media/HDR_2011_EN_Complete.pdf.
8. Freedom House, Freedom in the World 2013, Washington, DC, January 2013. Available at:http://www.freedomhouse.org/sites/default/files/FIW%202013%20Booklet.pdf.
9. Millennium Development Goals Indicators (official UN site). Available at:http://mdgs.un.org/unsd/mdg/Default.aspx.