Skip to main content

مقدمة     
شكلت الشبكة العربية لديموقراطية الإنتخابات وفدا لمراقبة الانتخابات النيابية الاردنية لعام 2013. تألف الفريق من 15 خبيراً تطوعوا وبتمويل ذاتي كامل من خمس دول عربية (العراق، البحرين، لبنان، فلسطين والاردن) ويمثلون 11 جمعية. وقد نظمت اعمال الفريق الشبكة العربية لديمقراطية الانتخابات بالتعاون مع الجمعية اللبنانية من اجل ديمقراطية الانتخابات واتحاد المرأة الاردنية.

هدفَ الفريق الى تقييم العملية الانتخابية وفق المعايير الدولية لحرية ونزاهة الانتخابات، وليس الى مراقبة الانتخابات بالمعنى التقني للكلمة، وعليه فقط هدف  لاعداد تقرير عن الاجواء العامة التي سبقت ورافقت الانتخابات وكان لها تأثير مباشر او غير مباشر على نتائجها وعلى البيئة التشريعية التي تمت فيها، ومن أجل المساهمة في الاقتراحات والتوصيات التي من شأنها تعزيز المسار الاصلاحي الخاص بالانتخابات باتجاه اضفاء المزيد من الديمقراطية والحرية والنزاهة والعدالة. إلتقى  الفريق العربي ببعض الفعاليات السياسية الاردنية من أحزاب  المعارضة (المقاطعة والمشاركة) ومرشحين ووزير التنمية السياسية والشؤون البرلمانية ووزراء ونواب سابقين وشخصيات مستقلة وخبراء ومنظمات من المجتمع المدني، حقوقية ونسائية ومنظمات تعنى بالشفافية،  للاطلاع منها على الاجواء السياسية العامة التي أحاطت بالانتخابات.

كما التقى الوفد رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات بعد جولة في مكاتبها للاطلاع على التحضيرات وعلى سير الاعمال الادارية والتنظيمية وعلى التحديات التي تواجه الانتخابات.

توزّع الفريق لثلاث مجموعات وقام بجولة ميدانية طالت 14 دائرة في محافظتي عمان (7 دوائر) والكرك (6 دوائر) وفي البادية، حيث اطلع على سير العملية الانتخابية عن كثب.

الملخص التنفيذي:
جرت الانتخابات البرلمانية للعام 2013 من خلال اعتماد النظام الانتخابي المختلط والذي اعتمد 27 مقعد للدائرة الوطنية و 108 للمقاعد الفردية توزعت على 45 دائرة انتخابية تجري فيها الانتخابات على اساس الصوت الواحد غير المتحول، و 15 مقعد كوتا للمرأة، ويعتبر فريق الخبراء ان التطور الذي طرأ على النظام الانتخابي ما زال بحاجة الى مزيد من العمل من اجل معالجة الخلل في توزيع المقاعد بين الدوائر المختلفة وزيادة حصة المقاعد للقائمة الوطنية. تم تشكيل هيئة مستقلة للانتخابات وهي مبادرة ايجابية كونها لأول مرة تشرف على تنظيم وإدارة العملية الانتخابية في الاردن وتم اقرار قانون خاص بالهيئة، وتتكون الهيئة من رئيس وأربعة أعضاء، ويعتبر الخبراء العرب هذا تطورا مهما في الاصلاح الانتخابي في الاردن، ويرون انه ما زال هناك حاجة لتطوير الهيئة بدءا من التشكيل الى الدور المناط بها.

قامت الهيئة المستقلة للانتخابات بالعمل على انجاز الانظمة والإجراءات الخاصة بالعملية الانتحابية ومنها تسجيل الناخبين الذي تديره الهيئة، وتنفذه دائرة الاحوال المدنية. ويقترح فريق الخبراء العرب بان تتولى الهيئة عملية التسجيل بإشراف وتنفيذ طواقمها التنفيذية، كما حددت الهيئة شروط الترشح واجراءات الاقتراع والفرز، وقامت بتدريب طواقم الاقتراع والفرز والذين نفذوا مهمتهم بكفاءة مهنية. ولاحظ الخبراء العرب غياب التشريعات الخاصة بالانفاق الانتخابي.
يرى الخبراء العرب ان نسبة المشاركة التي وصلت الى حوالي 57% من المسجلين – حسب ما اعلنت الهيئة المستقلة للانتخابات- أنها مقبولة على الرغم من حملات المقاطعة والظروف التي سبقت موعد الانتخابات. ويوصي الخبراء العرب بأهمية توفير الاجواء الايجابية من اجل توسيع رقعة المشاركة الشعبية في الانتخابات القادمة.

أولاً) الاجواء السياسية والاقتصادية العامة:
سبقت الدعوة الى الانتخابات العامة في الاردن سلسلة من التطورات السياسية الهامة التي إنعكست وستنعكس على مستقبل العمل السياسي والمدني فيه، إلا ان الانتخابات الحالية (2013) جرت بموجب قانون إنتخابات لم يتبن معظم مخرجات لجنة الحوار الوطني وتوصيات منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية مما أدى الى رفضه من معظم مؤسسات المجتمع المدني وأطياف المعارضة.
رافق الاحتقان السياسي أوضاعاً اقتصادية صعبة جاءت مع تصاعد الشبهات بفساد وقع في عمليات الخصخصة وكذلك في الادارة العامة؛ حيث لم تتم معالجتها على المستوى المطلوب على الرغم من انعكاساتها الكبيرة على المقدرات الوطنية؛ مما زاد من حدة التوتر وادى الى تنامي الحركات الاحتجاجية التي توّجت بالاعلان عن مقاطعة الانتخابات تسجيلا واقتراعا وترشحا.

 ثانياً) ابرز الاعتراضات على التشريعات الناظمة للعملية الإنتخابية

1) في الهيئة المستقلة :
بموجب القانون رقم 11 لسنة 2012 شكلت هيئة مستقلة لادارة وتنظيم الانتخابات  لأول مرة في الأردن، وهي خطوة ايجابية تسجل على مستوى الانتخابات التشريعية. إلا ان الاعتراض جاء على آلية تشكيل الهيئة المستقلة.
كما تضمنت الملاحظات جانبا يتعلق بصلاحيات الهيئة، ومنها الاعتراض على آلية ايصال الشكاوى حيث يعود البت فيها الى اللجان وقرارها غير قابل للمراجعة او الطعن به وليس الى الهيئة كما يفترض به ان تكون.

2) في النظام الانتخابي:
لقد تم اعتماد النظام الإنتخابي المختلط الذي يتألف من قائمة وطنية فيها 27 مقعدا (أي 18% من المقاعد) يتم انتخابها على أساس النظام النسبي والقائمة المغلقة، ومن 45 دائرة جغرافية (108 مقاعد) تجري فيها الانتخابات على اساس الصوت الواحد غير المتحول. وفي هذا السياق كان من أبرز الإعتراضات  هو تدني نسبة عدد المقاعد المخصصة للقائمة الوطنية وعلى إعتماد نظام الصوت الواحد غير المتحول.

  3) في تقسيم الدوائر:
إن تقسيم الدوائر لم يراع العدالة والمساواة في التمثيل إذ يتفاوت عدد المقاعد وعدد الناخبين من دائرة الى اخرى (مثال: هناك دائرة فيها حوالي 7 آلاف ناخب لها  مقعد واحد في حين توجد دائرة فيها 49 ألف ناخب لها  مقعد واحد أيضاً)، أي ليس هناك مساواة بقوة الصوت الانتخابي. كما تم اعتماد توزيع جغرافي للدوائر لا يضمن التمثيل الصحيح للمواطنين.

4) في انظمة الكوتا:
اعتمد القانون اربعة انواع من الكوتا وهي:  الكوتا النسائيةكوتا للمسيحيين كوتا للشيشان أو للشركس كوتا للبدو هناك إعتراض على تدني نسبة الكوتا النسائية وعلى آلية احتسابها، كما أن هناك إعتراضات على الكوتات الاخرى التي تميز بين المواطنين وتتعارض مع الدستور. في ضوء هذه الإعتراضات التي ذكرت أعلاه، قرر جزء اساسي من المعارضة مقاطعة الانتخابات.

 ثالثاً) البيئة التشريعية:
من العوامل المؤثرة في الانتخابات، تحضيراً واقتراعاً، هي القدرة على التنظيم وحشد المؤيدين من خلال العمل السياسي والمدني المباشر، ويتم ذلك من خلال تشكيل الاحزاب السياسية والجمعيات والنقابات العمالية والمهنية. إن ذلك يندرج تحت خانة الحقوق والحريات العامة وتحديدا الحق في التجمع وحرية الجمعيات والمنظمات السياسية والمدنية. ويُفترض بالبيئة التشريعية ان تضمن هذه الحقوق وتحمي الحريات، الا ان القانون الاردني يضع قيوداً امام انشاء الاحزاب والجمعيات وعلى تمويلها ايضا مما إنعكس سلباً على الحياة السياسية العامة والمدنية.

  رابعاً) سير العملية الانتخابية:
توزعت المقاعد النيابية الـ 150 على نظامي القائمة الوطنية (النسبية) بـ 27 مقعدا حيث تنافست 61 قائمة، ونظام الدوائر حيث تم الاقتراع على اساس الصوت الواحد غير المتحول والبالغ عدد المقاعد 108 بالإضافة الى الى 15 مقعدا مخصصا للنساء تنافس عليها 606 مرشحا. جرت الانتخابات بادارة وتنظيم هيئة مستقلة لاول مرة وهي خطوة ايجابية. وقد تعاونت الهيئة مع البرنامج الانمائي للامم المتحدة والاتحاد الاوروبي وبعض المنظمات الدولية ذات الخبرة بوضع آليات تنظيمية وادارية للانتخابات.

خامساً) ملاحظات الفريق:
ومن خلال تقييمه للعملية الانتخابية والتحضيرات المرافقة لها، سجّل الفريق العربي الملاحظات التالية:

أ. الإيجابيات:
جرت الإنتخابات في ظل أجواء أمنية تنسجم والمعايير الدولية. أُعتمدت السجلات الالكترونية للناخبين الذي ربط كل المراكز بالهيئة المستقلة للتأكد من سلامة العملية الانتخابية وعدم حصول أخطاء في التسجيل وفي عملية الاقتراع. وترافق ذلك مع السجلات اليدوية تلافياً لأي طارئ قد يحصل اثناء سير الانتخابات.وفرت الهيئة سجل الناخبين إلكترونياً لكافة  المرشجين والمعنيين بالإنتخابات.تم الإلتزام بالقانون لجهة توفير المناخ الملائم داخل محيط مراكز الاقتراع.  معظم اللجان بدأت اعمالها في الوقت  المحدد في القانون.اعتماد القسائم المعدة سلفا في العملية الانتخابية ساهم في سرية الاقتراع وفي مشاركة الاشخاص الأميين، فتضمنت القسائم الرموز والصور امام القوائم او اسم كل مرشح من المرشحين.سُجلت عدة حالات توقيف  بتهمة استخدام المال السياسي (اخلي سبيل البعض واستبقي البعض الاخر وفقاً لإجراءات التحقيق).اعتمد العازل لضمان سرية الاقتراع.سمح قانون الهيئة لأول مرة بالمراقبة المحلية والدولية للإنتخابات، وأصدرت الهيئة تعليمات تنفيذية تنظم عملية المراقبة.لم تُسجل حالات لتدخل القوى الأمنية في سير العملية الإنتخابية.تم توفير التسهيلات في المراكز من خلال المتطوعين لمساعدة الناخبين في الوصول الى صناديقهم.تم اعتماد الية التسجيل المسبق وتوفير البطاقة الانتخابية لكل الناخبين.اعتمدت ألية التعرف على رقم الصندوق ومكانه عبر الانترنت.تم تدريب أعضاء اللجان الإنتخابية.لوحظ توازن في توزيع عدد الناخبين في لجان الإقتراع.

 ب‌)  المخالفات:
ومن خلال التقييم والاطلاع المباشر والزيارات الميدانية واللقاءات خلص الفريق الى الملاحظات التالية:سُجلت بعض حالات حجز بطاقات المقترعين من قبل المرشحين.وُثقت حالات انفاق المال السياسي (حيث اعلن عن عدد من التوقيفات).لا يتناسب وضع العازل الانتخابي مع المعايير الدولية بما يضمن سرية الاقتراع.  لوحظ ان كل المباني غير مجهزة لاقتراع الاشخاص ذوي الاعاقة (وقد خصص لهم مراكز للاقتراع منفصلة ومجهزة الا ان ذلك يتعارض مع مبدأ الدمج المعمول به تنمويا).استمرار الحملات الانتخابية خلال فترة الصمت.لا يوجد سقف للانفاق الانتخابي في القانون.لا توجد معايير محددة لتنظيم الاعلام والاعلان والدعاية الانتخابية في القانون.لا يوجد آلية لتمكين الموقوفين الذين لم تصدر بحقهم احكام تمكنهم من ممارسة حقهم في الإنتخابات.عدم توفير آليات تضمن إقتراع أعضاء لجان الإقتراع والفرز الذين يتجاوز عددهم الـ 30000.سجلت بعض حالات التكتم عن المعلومات من قبل ضباط الارتباط بتعليمات من الهيئة المستقلة. تم اقفال بعض اللجان في مواقيت الغذاء.لم تتخذ التدابير والاليات التي تضمن اقتراع المغتربين غير المقيمين.  عدد اعضاء اللجان كبير جدا (6 أشخاص).

خلاصة وتوصيات :
ترى الشبكة ان هناك انجاز قد تحقق بالرغم من العيوب التي شابت العملية الإنتخابية مقارنة بالمعايير الدولية وبالنظر الى البيئة السياسية والاقتصادية والتشريعية. واستناداً الى المقابلات مع جهات عديدة ومتنوعة تقترح الشبكة اطلاق حوار مجتمعي بمشاركة كافة الفعاليات لتلبية المعايير الدولية وحقوق الانسان على النحو الأتي:توفير البيئة التشريعية الملائمة التي تتضمن حرية التجمع وتكوين الجمعيات وحرية الرأي والتعبير. تعديل النظام الانتخابي وتطوير آليات تشكيل القوائم.تعديل تقسيم الدوائر الإنتخابية بما يضمن المساواة والعدالة.تطوير انظمة الكوتا: زيادة نسبة الكوتا النسائية وتعديل آليات احتسابها بما يعزز مشاركة المرأة وبشكل عادل وتطوير الكوتات الاخرى.تعديل اليات تعيين الهيئة وصلاحياتها بما في ذلك تسجيل الناخبين وتعيين اللجان وتلقي الشكاوى يوم الاقتراع.وضع سقف للانفاق الإنتخابي ومعايير للاعلام والاعلان والدعاية.على مستوى الادارة الانتخابية: ضمان ممارسة أعضاء اللجان حقهم في الإنتخاب.تقليص عدد الاشخاص في اللجان.افتتاح مراكز ارتباط للهيئة لتسهيل التواصل مع اللجان.الحزم في احترام فترة الصمت (منتصف الليل الذي يسبق يوم الاقتراع).تعديل الجدول الزمني بين الترشح واطلاق الحملة الانتخابية.تعديل سن الترشح الى 21 سنة.تطوير آلية تقديم الطعون بنتائج الإنتخابات. خاتمة وشكرتشكر الشبكة العربية لديمقراطية الانتخابات كل من شارك في البعثة ومن تعاون من اجل تسهيل اعتمادها، لاسيما الهيئة المستقلة للانتخابات، وتتمنى للشعب الاردني ان يأتي اليوم الذي تجري فيه الانتخابات وفق قانون يعالج كل الاختلالات ويحترم المعايير الدولية للانتخابات. وإذ تجدر الإشارة  أن الشبكة العربية لديمقراطية الانتخابات انطلقت عام 2009 على اثر مشاركة فريق الخبراء العرب في مراقبة الانتخابات النيابية التي جرت في بيروت والذي نظمته الجمعية اللبنانية من اجل ديمقراطية الانتخابات. وتوالت بعثات الشبكة الى عدد من الدول العربية لمراقبة الانتخابات فيها. فكان ان نظمت بعثات الى كل من موريتانيا والسودان ومصر وتونس والكويت واليمن وبيروت مرة اخرى لمراقبة الانتخابات البلدية فيها عام 2010 وكذلك تم ارسال خبراء للمساهمة في جهود الاصلاح الانتخابي في كل من تونس والاردن وليبيا.وتضم الشبكة حاليا أعضاء من 17 دولة عربية، وهي قيد التسجيل في لبنان كشبكة اقليمية (أو منظمة دولية بحسب القوانين اللبنانية المرعية).كما تجدر الاشارة الى أن الشبكة  وبالتعاون مع إتحاد المرأة الأردني والجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الإنتخابات كانت قد نفذت برنامج لتطوير الأنظمة الإنتخابية في الأردن لمدة 4 أشهر وتّوج بورشة عمل آواخر العام 2011 حول الاصلاح الانتخابي برعاية دولة طاهر المصري رئيس مجلس الأعيان وبمشاركة عدد من الخبراء العرب، وخلصت الى جملة من التوصيات الاصلاحية سلمت الى الجهات المعنية في حينه كمساهمة في الحوار الذي دار خلال تلك الفترة حول الإصلاح الإنتخابي.

الشبكة العربية لديموقراطية الإنتخابات