اعتبر الفريق العامل بشأن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، أن النظام القانوني في البحرين لا ينصُّ على إسقاط الأهلية عن الأشخاص المدانين بارتكاب أفعال فساد، لتولي منصب في منشأة مملوكة كليًّا أو جزئيًّا للدولة، وأن التشريعات البحرينية لا تحتوي على حماية قانونية للمبلِّغين. جاء ذلك في تقرير الفريق العامل بشأن تقرير البحرين بخصوص اتفاقية مكافحة الفساد، الذي من المرتقب أن تتم مناقشته في الدورة السادسة للفريق العامل، وذلك في الفترة بين 31 أغسطس/آب – 2 سبتمبر/ أيلول 2015، في العاصمة النمساوية (فيينا). وأشار التقرير إلى أن لدى البحرين العديد من الجهات والأجهزة المعنية بمكافحة الفساد، من أبرزها الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني في وزارة الداخلية، والتي تشمل عدداً من الإدارات، منها إدارة مكافحة جرائم الفساد ووحدة التحرِّيات المالي، وعلاوةً على ذلك، تؤدِّي النيابة العامة دوراً رئيسيًّا في مكافحة الفساد. وتطرق التقرير إلى المواد التي تجرم الرشا والمتاجرة بالنفوذ، ومن بينها المادة «190 مكرر» من قانون العقوبات، والتي تجرم تقديم الرشا للموظف العام أو المكلَّف بخدمة عامة بدولة أجنبية دون أن يشمل هذا التجريم رشوة موظفي المؤسسات الدولية العمومية. غسل الأموال أما فيما يتعلق بغسل الأموال أو إخفائها، فأشار التقرير إلى أن مملكة البحرين جرمت غسل العائدات الإجرامية بموجب المادة الثانية من المرسوم بقانون لسنة ٢٠٠١ بشأن حظر ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، غير أنَّ هذه المادة لم تنص صراحةً على تجريم تمويه الطبيعة الحقيقية للممتلكات أو كيفية التصرُّف فيها أو حركتها أو ملكيتها أو الحقوق المتعلقة بها، مع العلم بأنَّ تلك الممتلكات هي عائدات إجرامية، وتنطبق على هذه الجريمة أحكام قانون العقوبات المتعلقة بالشروع في الجريمة وبالمساهمة الجنائية. وتشمل الجرائم الأصلية جميع الجرائم المعاقب عليها في القانون البحريني، بالإضافة إلى قائمة من الجرائم تشمل جرائم الرشوة والاختلاس والإضرار بالمال العام واستغلال الوظيفة أو النفوذ وجرائم الكسب غير المشروع، وتشمل الجرائم الأصلية الجرائم التي تقع داخل المملكة أو خارجها دون اشتراط ازدواجية التجريم، ولم يُستثنَ الغسل الذاتي. إعاقة سير العدالة وفيما يتعلق بإعاقة سير العدالة، جرَّمت التشريعات البحرينية فعل استعمال الإكراه أو التهديد أو عرض عطية أو مزية من أي نوع أو الوعد بشيء من ذلك لحمل آخر على عدم أداء الشهادة أو على الشهادة زوراً في حالة لم يبلغ الجاني مقصده، أما إذا بلغ الجاني مقصده، فيكون التجريم بناءً على المادة «363» في حالة التهديد بأية وسيلة كانت بما فيها استخدام القوة البدنية، غير أنَّ التشريعات البحرينية لم تنص على تجريم استخدام القوة البدنية أو التهديد أو الترهيب أو الوعد بمزية غير مستحقة أو عرضها أو منحها للتحريض على تقديم الأدلة في إجراءات تتعلق بارتكاب أفعال مجرَّمة وفقاً للاتفاقية. وجرَّمت المادة «220» من قانون العقوبات، وفقا للتقرير، استعمال القوة أو العنف أو التهديد مع موظف عام أو مكلَّف بخدمة عامة للتدخُّل في أداء أعمال وظيفته. مسئولية الشخصيات الاعتبارية وعلى صعيد مسئولية الشخصيات الاعتبارية، ذكر التقرير أن التشريعات البحرينية لم تنص على المسئولية الجنائية للشخصيات الاعتبارية إلا استثناءً، كما هو الحال بالنسبة لجريمة غسل الأموال، كما لم تشر البحرين إلى نصوص قانونية تسمح بمساءلة الشخصيات الاعتبارية مدنيًّا وإداريًّا عند المشاركة في الأفعال اﻟﻤﺠرَّمة وفقاً لهذه الاتفاقية. وجاء في التقرير: «لا تخضع التشريعات البحرينية الشخصيات الاعتبارية لعقوبات عند المشاركة في الأفعال اﻟﻤﺠرَّمة وفقاً لهذه الاتفاقية إلا بالنسبة لجريمة غسل الأموال». المشاركة والشروع أما بشأن «المشاركة والشروع»، فأشار التقرير إلى أن قانون العقوبات البحريني عالج موضوع المشاركة الجرمية وذلك في المواد «٤٣ و٤٤ و٤٥» منه، وموضوع الشروع في المواد «36» إلى «40» منه. ويُعاقب على الشروع في الجنايات، لكن لا يُعاقب على الشروع في الجنح إلا في الأحوال التي ينصُّ عليها القانون، وهو ما اعتبره التقرير يحول من دون معاقبة الشروع بارتكاب بعض جرائم الفساد مثل عرض الرشوة على موظف عمومي التي لم تلقَ قبولاً وعرض الرشوة على موظف عمومي أجنبي، فيما لا يعاقب القانون البحريني على الأعمال التحضيرية لارتكاب الجريمة. وبين التقرير بأن قانون العقوبات يتضمن عقوبة العزل والحرمان من الحق في تولي الوظائف والخدمات العامة، غير أنَّ النظام القانوني في البحرين لا ينصُّ على إسقاط الأهلية عن الأشخاص المدانين بارتكاب أفعال فساد، لتولي منصب في منشأة مملوكة كليًّا أو جزئيًّا للدولة. وجاء في التقرير: «ليس لدى البحرين برامج مخصَّصة لمتابعة الأشخاص المدانين بعد إطلاق سراحهم بغية إعادة إدماجهم في مجتمعاتهم، غير أن هؤلاء الأشخاص يكلفون خلال فترة سجنهم بأداء أعمال بقصد تأهيلهم للتآلف الاجتماعي. كما يجوز رد الاعتبار إلى كل محكوم عليه، بناءً على طلبه، بعد انقضاء مدَّة من الزمن من تاريخ انتهاء تنفيذ عقوبته». وتابع التقرير: «لم تعتمد البحرين تدابير لمنح مرتكبي الجرائم المتعاونين حصانة من الملاحقة القضائية، وإن كان يجوز أن يؤخذ هذا التعاون في الاعتبار في قضايا الرشوة وغسل الأموال، إذ يمكن للأشخاص الذين يتعاونون مع العدالة أن يستفيدوا من تخفيف العقاب أو الإعفاء منه إذا أبلغوا عن الجريمة قبل أن تنتهي إلى علم السلطات، وباستثناء حالات غسل الأموال، لا يوجد أي شرط لتوفير مساعدة فعلية ومحددة للسلطات المختصة يمكن أن تسهم في حرمان الجناة من عائدات الجريمة واسترداد تلك العائدات. وأعدت البحرين مشروع قانون يتناول موضوع المصالحات في قضايا الفساد، ويمكن للأشخاص الذين يتعاونون مع العدالة أن يستفيدوا من الحماية المنصوص عليها في المادة (127 مكرر) من قانون الإجراءات الجنائية». التجارب الناجحة وأشار التقرير إلى أن من التجارب الناجحة والممارسات الجيِّدة في تنفيذ الفصل الثالث من الاتفاقية، هي عدم تطبيق أحكام التقادم على جرائم غسل الأموال، وعدم سريان مدة انقضاء الدعوى في جريمة الكسب غير المشروع إلا من تاريخ تقديم إقرار الذمة المالية بعد ترك الشخص المعني الوظيفة أو المنصب، وعدم سريان مدة انقضاء الدعوى في جرائم الاختلاس والإضرار بالمال، التي تقع من موظف عام أو مكلَّف بخدمة عامة إلا من تاريخ زوال الصفة أو انتهاء التكليف، ما لم يبدأ التحقيق فيها قبل ذلك، واستخدام التقنيات الحديثة لربط النيابة العامة إلكترونيًّا بأقسام الشرطة مما يعجِّل إجراءات التحقيق والإحالة، كما يسهِّل عملية متابعة القضايا واستخلاص الإحصاءات. التحديات التي تواجه التنفيذ أما فيما يتعلق بالتحديات التي تواجه التنفيذ، فاعتبر التقرير أن من شأن عدد من الخطوات أن تتيح زيادة تعزيز التدابير القائمة لمكافحة الفساد، فتتمثل في تجريم رشوة موظفي المؤسسات الدولية العمومية، والنظر في تجريم قيام موظف عمومي أجنبي بالتماس رشوة من دون الحصول عليها وتجريم قيام موظف في مؤسسة دولية عمومية بالتماس رشوة أو قبولها، والنظر في تجريم وعد موظف عمومي بأي مزية غير مستحقة أو عرضها عليه أو منحه إياها لاستغلال نفوذه، حتى عندما لا يلقى الوعد أو العرض أو المنح قبولاً من الموظف العمومي. كما دعا التقرير إلى النظر في تجريم وعد موظف عمومي بأي مزية غير مستحقة أو عرضها عليه أو منحه إياها لاستغلال نفوذه، حتى عندما لا يلقى الوعد أو العرض أو المنح قبولاً من الموظف العمومي، وبالإضافة إلى النظر في تجريم وعد أي شخص آخر لا ينطبق عليه تعريف الموظف العمومي، بأي مزية غير مستحقة أو عرضها عليه أو منحه إياها لاستغلال نفوذه الفعلي أو المفترض بهدف الحصول من إدارة أو سلطة عمومية تابعة للدولة الطرف على مزية غير مستحقة. وكذلك النظر في تجريم قيام «أي شخص آخر» لا ينطبق عليه تعريف الموظف العمومي، بالتماس أو قبول أي مزية غير مستحقة لاستغلال نفوذه الفعلي أو المفترض بهدف الحصول من إدارة أو سلطة عمومية تابعة للدولة الطرف على مزية غير مستحقة. وأشار التقرير كذلك، إلى أنه مع مراعاة أنه تم تجريم عدد من أشكال إساءة استغلال الوظائف، فإنه يجب النظر في تجريم «إساءة استغلال الوظائف كجريمة عامة». ودعا التقرير إلى ضرورة النص صراحةً على تجريم تمويه الطبيعة الحقيقية للممتلكات أو مصدرها أو مكانها أو كيفية التصرُّف فيها أو حركتها أو ملكيتها أو الحقوق المتعلقة بها، مع العلم بأنَّ تلك الممتلكات هي عائدات إجرامية، وكذلك إلى النص صراحةً على تجريم استخدام القوة البدنية أو التهديد أو الترهيب أو الوعد بمزية غير مستحقة أو عرضها أو منحها للتحريض على تقديم الأدلة في إجراءات تتعلق بارتكاب أفعال مجرَّمة وفقاً لهذه الاتفاقية. وأكد التقرير على ضرورة تقرير مسئولية الشخصيات الاعتبارية، جنائية أو مدنية أو إدارية أيضاً في غير حالات غسل العائدات الإجرامية وإخضاع هذه الشخصيات الاعتبارية لعقوبات جنائية أو غير جنائية فعالة ومتناسبة ورادعة، عند المشاركة في الأفعال اﻟﻤﺠرَّمة وفقاً لهذه الاتفاقية. وأوصى التقرير البحرين بتجريم الشروع في ارتكاب عرض الرشوة على موظف عمومي من دون أن تلقى منه قبولاً وعرض الرشوة على موظف عمومي أجنبي، وتجريم الأعمال التحضيرية لارتكاب الجريمة، والنظر في اتخاذ إجراءات تتيح تنحية الموظف العمومي المتهم بارتكاب فعل فساد أو نقله، وكذلك النظر في اتخاذ إجراءات لإسقاط الأهلية عن الأشخاص المدانين بارتكاب أفعال فساد لتولي منصب في منشأة مملوكة كليًّا أو جزئيًّا للدولة. ودعا التقرير أيضا إلى السعي لاتخاذ إجراءات إضافية لتشجيع إعادة إدماج الأشخاص المدانين بارتكاب أفعال فساد في مجتمعاتهم، وتحسين تنظيم إدارة الممتلكات اﻟﻤﺠمدة أو المحجوزة واتخاذ تدابير لتنظيم إدارة الممتلكات المصادرة، والنظر في النصِّ صراحةً على إمكانية حجز ومصادرة الممتلكات التي حُوِّلت العائدات الإجرامية إليها أو بُدِّلت بها والممتلكات التي خُلطت بها العائدات الإجرامية في حدود القيمة المقدَّرة للعائدات المخلوطة. وأوصى التقرير بتعديل التشريعات البحرينية لتشمل إمكانية حجز ومصادرة الإيرادات والمنافع المتحصلة من العائدات الإجرامية، والنظر في توسيع إمكانية عكس عبء الإثبات فيما يتعلق بمشروعية مصدر الممتلكات، بما يشمل غير حالات الإثراء غير المشروع، والنظر في اتخاذ ما قد يلزم من تدابير لتوفير الحماية من أي معاملة لا مسوغ لها لأي شخص يقوم بالإبلاغ عن الفساد، واتخاذ مزيد من التدابير لتشجيع الأشخاص الذين يشاركون أو شاركوا في ارتكاب فعل فساد على تقديم معلومات مفيدة إلى السلطات المختصة لأغراض التحقيق والإثبات، وعلى توفير مساعدة فعلية محددة للسلطات المختصة يمكن أن تسهم في حرمان الجناة من عائدات الجريمة واسترداد تلك العائدات. كذلك أوصى التقرير بأن تخضع مملكة البحرين لولايتها القضائية جرائم الفساد المرتكبة في الخارج من قبل شخص عديم الجنسية يوجد محل إقامته المعتاد في إقليمها وجرائم الفساد التي ترتكب ضد مملكة البحرين أو ضد مواطنيها. التعاون الدولي وجاء في التقرير: «لدى البحرين نظام شامل لمكافحة الفساد من خلال التعاون الدولي. إلاَّ أنّهَ من الصعب إجراء تقييم تفصيلي للممارسة المتبعة في البحرين في تقديم المساعدة القانونية المتبادلة في قضايا الفساد، نظراً لغياب البيانات الكافية ذات الصلة». تسليم اﻟﻤﺠرمين ونقل الأشخاص المحكوم عليهم ذكر التقرير أنه لا يوجد قانون منفصل بشأن تسليم اﻟﻤﺠرمين في البحرين، بل يتم تنظيم هذه المسألة من خلال الأحكام الواردة في قانون الإجراءات الجنائية بشأن تسليم المتهمين والمحكوم عليهم والإنابة القضائية، بالإضافة إلى أحكام الاتفاقية الثنائية والمتعددة الأطراف التي هي حيِّز التنفيذ. كما ورد في التقرير أن البحرين لا تعتبر أيًّا من أفعال الفساد جرماً سياسيًّا، ناهيك عن أنها لم تتخذ إجراءات كافية للتعجيل بإجراءات التسليم وتبسيط ما يتصل بها من متطلبات إثباتية، لافتا إلى أن البحرين تعترف بمبدأ «إمَّا التسليم وإمَّا المحاكمة»، لكنه غير منظم بقانون تشريعي، ولا تقوم البحرين بتسليم مواطنيها. التعاون في مجال إنفاذ القانون والتحقيقات المشتركة أشار التقرير إلى أن سلطات إنفاذ القانون البحرينية تتعاون من خلال عدد من الآليات والشبكات، من بينها الإنتربول ومجموعة إيغمونت، وتتعاون وحدة التحريات المالية، على وجه الخصوص، مع نظيراتها الأجنبية، بما في ذلك في الأمور المتصلة باسترداد الموجودات. ولفت التقرير إلى أن لدى البحرين قانونا خاصا يتناول جرائم تقنية المعلومات يتيح معاقبة كل من قام بارتكاب جريمة منصوص عليها في أي قانون آخر بواسطة نظام أو أية وسيلة من وسائل تقنية المعلومات، وأنه لدى البحرين أيضاً إدارة خاصة بمكافحة الجرائم الإلكترونية، تتبع للإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني. وأشاد التقرير في هذا الإطار، باعتماد البحرين منهجا مرناً لتسليم اﻟﻤﺠرمين، سواء باستخدام الاتفاقية كأساس قانوني أو بغياب معاهدة لتسليم اﻟﻤﺠرمين، ناهيك عن إمكان تقديم البحرين المساعدة القانونية المتبادلة في غياب ازدواجية التجريم. التحديات التي تواجه التنفيذ أوصى التقرير البحرين بأن تكيِّف نظام المعلومات لديها ليتيح لها جمع بيانات وتقديم إحصاءات أكثر تفصيلا بشأن طلبات التعاون الدولي، وإلى السماح بتسليم الأشخاص بسبب جرائم لا يعاقب عليها بموجب قانونها الداخلي، وكذلك ضمان اعتبار الجرائم التي لم يزل من الواجب تجريمها في عداد الجرائم التي تستوجب تسليم مرتكبيها. وأشار التقرير إلى أنه من أجل زيادة تحسين إجراءات التسليم، فإن على البحرين السعي إلى التعجيل بهذه الإجراءات وتبسيط ما يتصل بها من متطلبات إثباتية، وأكد على ضرورة النظر في إمكانية استحداث إجراءات محلية لتنظيم نقل واستقبال الأشخاص المحتجزين أو الذين يقضون حكماً بالسجن. وأوصى كذلك إلى النظر في إنشاء إطار إجرائي ينظم عملية نقل الإجراءات الجنائية، وإلى تعزيز التعاون في مجال إنفاذ القانون، بما في ذلك من خلال تبادل العاملين، والنظر في إبرام اتفاقات أو ترتيبات ثنائية أو متعددة الأطراف تجيز للسلطات المعنية أن تنشئ هيئات تحقيق مشتركة.
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4699 – الإثنين 20 يوليو 2015م الموافق 04 شوال 1436هـ