نظمت الجمعية البحرينية للشفافية طاولة مستديرة مساء الاثنين 3 مارس 2014 في مقرها بالعدلية، المنامة، مملكة البحرين بعنوان “الامتيازات المالية لأعضاء البرلمان” وقد دعي إليها بعض المسؤلون والنواب والشورويون الحاليين والسابقين وخبراء. حضر منهم النائب الأول لمجلس الشورى السيد جمال فخرو، والنائب السابق عبد الهادي مرهون و د. هدى المحمود منسقة مبادرة “الوطن يجمعنا” والنائب السابق د. جاسم حسين والاقتصادي د. حسن العالي، والمحامي محمد التاجر منسق المرصد، والسيد عبد الله الدرازي عضو مجلس أمناء المؤسسة الوطنية لحقوق الانسان، والسيد أحمد عبد الأمير رئيس جمعية الشباب الديمقراطي البحريني، والمحامي محمود ربيع رئيس جمعية الشبيبة البحرينية، والمهندس عبد النبي العكري رئيس الجمعية البحرينية للشفافية. وأدار الحوار السيد شرف الموسوي نائب رئيس الجمعية.
قدم السيد شرف مداخلة افتتاحية ذكر فيها أن الدعوة وجهت لعدد من النواب والشوريين بعضهم اعتذر والآخر لم يعتذر وحضر نائب رئيس مجلس الشورى جمال فخرو الذي نقدره. كما أننا لم نطلب أوراقاً مسبقة، ونأتي هذه الليلة بعد أن ثار جدل كبير في الشارع إثر مناقشة تعديلات على قانون ميزات وعلاوات ومنافع تقاعد النواب لعام 2009 لمزيد من الماتيازات ومنها رفع سقف منافع التقاعد لما بعد 4000 دينار شهريا وغير ذلك.
المتحدث الأول كان السيد جمال فخرو، والذي أكد أن النواب بحاجة إلى تقاعد مجز مثلهم مثل باقي المواطنين، وهناك عدة أنظمة لتقاعد أعضاء السلطة التشريعية. لكننا الان أن معضلة وتناقض، فالنائب يستحق 80% من راتبه لدورتين ومجموعها 8 سنوات، في حين أن المواطن الخاضع لديوان الخدمة المدنية يحتاج إلى 40 سنة خدمة ليحصل على 80% من معدل راتب أقل كثيراً من راتب النائب. وبتحليل محاسبي، فإن النائب سيحصل على 2800 دينار شهريا بزيادة قدرها 3% سنويا وعلى افتراض انه اصبح نائبا بعمر 30 عاما، وأن متوسط أعمار البحرينيين 70 سنة، فإنه اذا خدم دورتين بعمر 38 سنة، فإنه يستحق راتباً تقاعدياً لمدة 32 عاماً ويقدر عدد من يستفيدون من تقاعد النواب وممثلي المجالس البلدية 500 شخص خلال السنوات القادمة، في حين أن من يسهمون حالياً في الصندوق من البرلمانيين وممثلي المجالس البلدية 120 شخص فقط، وحاليا فإن النائب لدورتين يسهم بـ34 ألف ديناء في حين تسهم الحكومة 76 ألف دينار لكل فرد، ولذى فإن هناك فجوة متزايدة بين مداخيل ومصاريف الصندوق مما سيؤدي إلى إفلاس اكتواري سريعا، ما لم تضخ الدولة المزيد من الأموال، مما يفي عن استنزاف اموال الدولة.
عدى عن ذلك فإن الامتيازات والعلاوات الجارية للنواب، ومنافع التقاعد للنواب لا تتناسب مع جهد النائب وسنوات خدمته، فمن المفترض أن تكون خدمة عامة، وليس وظيفة مربحة لا تتناسب مع جهد النائب وسنوات خدمته، وأعلى بكثير حتى من معدل كبار الموظفين كما أن رفع سقف التقاعد بما يتعدى 4 آلاف دينار شهرياً هو إجحاف بحق المواطنين حيث أن من يحصلون على ذلك كبار موظفي الدولة لا يصل إلى 100 متقاعد في حين إذا أقر هذا التعديل فسيكونون بالمئات. واقترح فخرو بأنه مثلما يجري في البلدان الديمقراطية.
أما النائب السابق عبد الهادي مرهون فطرح تجربة كل من العراق الفاشلة في تصحيح الامتيازات المبالغ فيها لمنافع النواب وتقاعدهم، والتجربة الناجحة في لبنان لمنع مزيد من الامتيازات للنواب، وعلينا أن ندرس تجارب الاخرين الناجحة، واقترح اطلاق عريضة شعبية من الناخبين لمنع اقرار التعديلات التي يجري مناقشتها في مجلس الشورى.
د. حسن العالي قدم دراسة مقارنة لامتيازات النواب في عدد من البلدان ومؤشرها نسبة ما يحصل عليه النائب مقارنة بمعدل ما يحصل عليه المواطن، فوجد أن أعلى نسبة هي في البحرين 10 أضعاف، وفي ايطاليا 5.5 ضعف، وفي فرنسا 2.7 ضعف، وفي السويد 1.9، وفي بريطانيا 2.6، وذكر انه في البلدان الديمقراطية فإن هناك معايير لتحديد منافع النواب استناداً إلى فئة من موظفي الدولة، ففي استراليا تعادل المدراء التنفيذيين، وفي فرنسا كبار الموظفين، وفي ألمانيا القضاة، كما تخضع هذه المخصصات لمعايير ومنها الأداء، وفي كل هذه البلدان فإنه ليس الحكومة ولا البرلمان من يحددها بل هيئة مستقلة، ولا ترتفع المخصصات إلا ضمن ارتفاع مماثل لموظفي الدولة.
النائب السابق جاسم حسين قدم نموذج سنغافورة، التي أرادت أن تجتذب أفضل الكفاءات للوظائف العليا الحكومية والبرلمان ولتجنيبهم الحاجة والرشوة، بتقديم مداخيل مرتفعة ولكن ذلك خاضع للأداء، ودفع الضرائب التصاعدية المترتبة عليهم، وقد نجحت سنغافورة في ذلك بإقامة إدارة تنفيذية وبرلمان كفئ أسهم في ازدهارها الاقتصادي وتراجع الفساد حيث تتبوأ مرتبة ضمن البلدان العشرة الأولى على سلم الشفافية الدولية.
د. هدى المحمود عبرت عن دهشتها لتجرؤ النواب على مناقشة تعديل قانون 2009 بمزايا النواب، لمزيد من الامتيازات في حين أنهم يحصلون على مزايا مبالغ فيها لا تتناسب مع ما يقومون به من مهام، وتقاعسهم أصلا عن القيام بمهامهم في التشريع والرقابة على الحكومة وخصوصاً ما يخص المال العام، في بلد الآلاف من مواطنيه يعيشون بمعدل راتب شهري بـ200 دينار. وقد انعكس ذلك في عزوف الناس عن الادلاء بأصواتهم كما في الانتخابات التكميلية لعام 2011 حيث نجح البعض بما لا يتجاوز 100 صوت تقريباً، وناشدت الناخب البحريني أن يكون واعيا ولا ينتخب نواباً نفعيين.
المحامي محمد التاجر طرح مدى جدوى قيام الدولة بإقامة مؤسسات مثل مجلس الشورى والنواب، تستنزف الكثير من المال العام لكنها لا تسهم في بناء دولة الملكية الدستورية الديمقراطية بل تحبطها. وعرض على عدد من مظاهر تقاعس النواب عند القيام بواجباتهم في المشاريع بحيث لا يقومون بتحديث القوانين المالية مثل قانون الايجارات أو محاسبة الحكومة على الفساد وإهدار المال العام.
الصحفي علي صالح عرض تجربة البحرين في ظل المستشار شارلز بلجريف في تشكيل المجالس المختلطة المنتخبة و المعينة مثل غرفة التجارة ومجلس المعارف والمجلس البلدي، حيث كان القانون يمنع من ليس لديه الكفاءة والاكتفاء المادي من أن يترشح لهذه المجالس وبالطبع دون التعيين فيها، ولذا كانت مجالس كفوؤة ونظيفة.
حالياً فإن توافقا ما بين الحكومة والسلطة التشريعية من حيث استعداد الحكومة لدفع ما تكلفه الامتيازات الغير مشروعة للنواب من الأموال العامة، وحتى زيادة هذه المنافع، مقابل استنكاف النواب عن الرقابة على الحكومة ومحاسبتها، ممل يتطلب نقدا لكل من الحكومة والنواب في السباق على المنافع على حساب أموال الشعب.
السد أحمد عبد الأمير طرح بأن تمثيل الناس (النواب) يحتاج إلى مكافأة، لكن في الدول الديمقراطية فإنه بعد خروج النائب من البرلمان لأسباب عدة، يرجع للعمل العادي سواء في القطاع الخاص أو العام، ويحتسب تقاعده أثناء النيابة ضمن مستحقاته لخدمته الممتدة. إن هناك شراء ذمم بإقامة المزيد من المؤسسات العامة التي لا تخضع لديوان الخدمة المدنية أو ديوان الرقابة.
أما المحامي محمود ربيع فطرح أن هناك شبهة دستورية في القانون لعام 2009 وكذلك في التعديلات التي تناقش في مجلس الشورى لمزيد من مزايا النواب حيث أن النيابة خدمة عامة، وليس لتحقيق مزايا مادية مبالغ فيها.
وقد أوصى المنتدون بالتالي:
1- مراجعة قانون 2009 لمزايا النواب من قبل لجنة مستقلة
2- إيقاف مناقشة التعديلات على القانون لمزيد من امتيازات النواب.
3- تشكيل هيئة مستقلة عن الحكومة والسلطة التشريعية تضع قواعد و حدود هذه الامتيازات ومراجعتها.
4- كما أوصى المنتدون باحتساب خدمة النيابة كامتداد للخدمة العامة أو الخاصة دون امتيازات تقاعد خاصة ومبالغ فيها.