الوسط – أماني المسقطي
حذرت فعاليات وطنية، من أن يؤدي استمرار فرض القيود من قبل وزارة التنمية الاجتماعية على الجمعيات الأهلية، وخصوصاً قرارات حل مجالس إدارات بعض الجمعيات، وحل جمعيات أخرى، من شأنه أن يقتل العمل التطوعي، ناهيك عن تشجيع بعض الجمعيات على ممارسة النشاط الأهلي من دون ترخيص.
وفي حين مازالت محكمة الاستئناف العليا تنظر في قضية مجلس إدارة جمعية المحامين البحرينيين في دعواها ضد وزارة التنمية الاجتماعية، فإن القضاء سيصدر حكمه في الدعوى التي تقدم بها عدد من الأطباء ببطلان انعقاد الجمعية العمومية لجمعية الأطباء وانتخابات مجلس إدارتها، في 31 من الشهر الجاري.
ومن جهتها، اعتبرت رئيسة جمعية التمريض البحرينية رولا الصفار، ما وصفته بـ «استهداف» الحكومة لجمعية التمريض، مؤشراً سلبياً للتعاطي الرسمي مع المهنيين بصورة عامة، فيما أكدت نائب رئيس جمعية المعلمين البحرينية جليلة السلمان، أن الجمعية مازالت بصدد البحث في الجانب القانوني لإبطال قرار حل الجمعية، وخصوصاً أن أعضاء مجلس إدارتها لم يصلهم حتى الآن، أي إشعار رسمي بحل الجمعية نهائياً.
حذروا من أن استمرارها يسمح بممارسة النشاطات خارج القانون
فعاليات وطنية: قيود «التنمية» على الجمعيات الأهلية تقتل العمل التطوعي
حذرت فعاليات وطنية، من أن يؤدي استمرار فرض القيود من قبل وزارة التنمية الاجتماعية على الجمعيات الأهلية، وخصوصاً قرارات حل مجالس إدارات بعض الجمعيات، وحل جمعيات أخرى، من شأنه أن يقتل العمل التطوعي، ناهيك عن تشجيع بعض الجمعيات على ممارسة النشاط الأهلي من دون ترخيص.
وفي هذا الصدد، قال النائب محمود المحمود: «هناك بعض الجمعيات التي تم حلها لأسباب قد تكون معلومة وأخرى لأسباب غير معلومة، فإذا كانت معلومة وينص ويقضي القانون بحلها، فهنا يمكن أن يكون الأمر مقبولاً، وإنما المشكلة في أن بعض الجمعيات قد تم حلها لا لأسباب محددة، لأن رئيسها فلان أو علان، أو لأسباب أخرى غير معلومة بالواضح، من دون أن يكون هناك ما يدل على أن هذه الجمعية خالفت القانون».
وأضاف أن «مثل هذه القرارات تثير تساؤلات كبيرة، وخصوصاً أن بعض مجالس الإدارة المؤقتة المعينة من قبل وزارة التنمية، يتم تعيينها لأغراض في نفس يعقوب، ويمكن أن تُفسر تفسيرات غير معلومة أو غير واقعية من قبل أطراف أخرى».
وأكد المحمود ضرورة ألا يتم حل الجمعيات إلا بتطبيق القانون، وأن معاقبة أية جمعية يجب أن يتم بموجب ما ينص عليه القانون، لا وفق أهواء معينة على حد تعبيره، مشدداً في الوقت نفسه على أن حل الجمعيات يجب ألا يتم إلا بأمر قضائي.
من جانبه، اعتبر نائب رئيس جمعية الشفافية البحرينية شرف الموسوي، أن قرار حل الجمعيات المهنية أو حل مجالس إدارتها 2011، أثرت تأثيراً مباشراً على قطاعات الأطباء والممرضين والمعلمين والمحامين.
وقال: «إن قرارات حل الجمعيات أو مجالس إداراتها، ينذر بالخطر على الجمعيات الأخرى التي لا تسير وفق هوى وزارة التنمية، وهو ما حدث بالنسبة لجمعية المعلمين».
وتابع أن «الواضح أن عدم رضا وزارة التنمية عن أي من الجمعيات الأهلية القائمة، حتى الجمعيات الفاعلة منها، ستخلق من أجله الوزارة عدة أسباب لحل مجالس إداراتها، وهذا ما حدث أيضاً في وقت سابق حين تم تجميد جمعيتي الشفافية والبحرينية لحقوق الإنسان لعدة أشهر، ناهيك عن حل مجلس إدارة جمعية الأطباء، ووجود مجلسي إدارة لجمعية المحامين، أحدهما منتخب وآخر معين من قبل الوزارة».
وذكر الموسوي أن مثل هذه الإجراءات من شأنها أن تؤثر بشكل مباشر على الجمعيات، ناهيك عن التأثير المباشر على الفاعلين في الجمعيات، وخصوصاً أن عضوية الجمعيات هي عمل تطوعي، محذراً من أن ذلك قد يخلق تخوفاً لدى الأشخاص من الانضمام للعمل التطوعي ويقلل من رغبتهم بالانخراط فيه، وخصوصاً من فئة الشباب الأعضاء في الجمعيات الرسمية المشهرة رسمياً تحت القانون.
كما حذر الموسوي من أن يؤدي مثل هذا التعاطي الرسمي مع الجمعيات الأهلية من خلق جمعيات أو تجمعات أو أنشطة غير مرخصة ولا تخضع للقانون.
واعتبر الموسوي أن أغلب الإجراءات التي تم اتخاذها بحق الجمعيات الأهلية، لها ارتباط بالأحداث التي شهدتها البلاد في العام 2011.
وقال: «إن القيود المستمرة على الجمعيات، أدت إلى قلة أنشطة الجمعيات، وخصوصاً في الدفاع عن أعضائها ومنتسبيها، فجمعية الأطباء على سبيل المثال، لم تحرك ساكناً بعد قرار فصل مجموعة من الأطباء، وهو ما تم من دون أن تصدر جمعية الأطباء بياناً صحافياً على أقل تقدير، والأمر نفسه ينطبق على جمعيتي المحامين والتمريض، وهذه الجمعيات باتت أنشطتها شبه معدومة».
أما نائب رئيس الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عيسى الغائب، فاستند إلى المادة «12» من العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية، الذي صادقت عليه البحرين، والذي يكفل حق التجمع السلمي وتكوين الجمعيات.
وقال الغائب: «في ظل المعايير الدولية الحامية للحق في التجمع السلمي، فإنه لا يجوز حل منظمة بشكل إجباري إلا في ظل ظروف بالغة الضيق، وهي ذاتها التي كانت لتستوجب رفض طلب التسجيل، أي في حال حدوث انتهاكات ينص عليها القانون، وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العامة أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم، بحسب ما ورد في المادة (22) من العهد الدولي. والتي تؤكد أيضاً أنه يجب في جميع الأحوال أن تسوغ الظروف المحددة في إطار ضيق، إذ إنه لا يمكن وضع قيود على حرية التجمع السلمي إلا بأسباب مقنعة وجبرية».
وأضاف أن «الأسس التي ينص عليها القانون البحريني في الحل الإجباري للمنظمات، لا تلتقي وهذه الحدود الضيقة، بل وتعطي الوزارة سلطة تقرير حل منظمة من عدمه، إذ يمكن للمحكمة أن تحل جمعية تستخدم نسبة ضئيلة من مواردها المالية في نشاط له علاقة ثانوية مع هدفها الرئيسي، أو الحصول على تمويل من الخارج بغير إذن الوزير».
وأشار الغائب إلى أنه في حين يتطلب قانون الجمعيات قيام الوزير برفع دعوى مطالباً بحل المنظمة، فإنه لا يعطي الجمعية أي حقوق أو ضمانات إجرائية فيما يتعلق برفع هذه الدعوى، مؤكداً ضرورة أن يتم الحد من سلطة الوزارة في حل الجمعيات، وإضافة ضمانات إجرائية للجمعيات التي تقدم ضدها إجراءات الحل.
وعلق الناشط الحقوقي عبدالله الدرازي، على قرارات وزارة التنمية الاجتماعية بحل مجالس إدارات أو حل بعض الجمعيات، بالتأكيد أن حرية تشكيل الجمعيات مكفولة في العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
وقال: «إن تشكيل الجمعيات لا يحتاج إلى ترخيص وإنما إشعار، وذلك يأتي من أهمية دور منظمات المجتمع المدني كسلطة خامسة، ودورها في مساعدة الدول على تحمل أعباء أمور كثيرة، على المستويات الاجتماعية أو الثقافية أو المهنية أو الحقوقية. كما أن هناك مقرراً خاصاً من ضمن مقرري الأمم المتحدة، يهتم بحرية تشكيل الجمعيات».
وأضاف «وحين الوزارة تحارب هذه الجمعيات بشكل رسمي أو بآخر، وتحل مجالس إدارتها وتعين مديرين مؤقتين، فإن من ذلك التأثير سلباً على سمعة البحرين دولياً على صعيد احترام وتقدير دور مؤسسات المجتمع المدني».
ووصف الدرازي حل مجلس إدارة الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان في وقت سابق بـ «الفضيحة» على المستويين الدولي والحقوقي، باعتبار أن طرح الجمعية كان متوازناً ومهنياً، على حد تعبيره.
كما اعتبر أن حل أو حل مجالس إدارات الجمعيات المهنية الأربع، أدى إلى خلخلة في سمعة البحرين دولياً على هذا الصعيد، وفقاً للدارزي، الذي تطرق إلى الدعوتين القضائيتين المرفوعتين على وزارة التنمية بسبب حل مجلسي إدارتي جمعيتي المحامين والأطباء.
وأشار الدرازي إلى أن الجمعيات المهنية تدافع عن فئة مهنية في المجتمع، وأن محاربة الحكومة للمؤسسات التطوعية أو شن حرب ضدها، يقتل العمل التطوعي، وفقاً للدرازي، الذي حذر من أن مثل هذا التعاطي من شأنه أن يساهم في تدهور وانحدار في مستوى الاستجابة للعمل التطوعي من قبل المجتمع.
وقال: «في الدول الأوروبية يتم الاعتماد بصورة كبيرة على المتطوعين الذين يخففون الأعباء على الدولة، وانحسار الاتجاه للعمل التطوعي يؤدي إلى خلق مصروفات وكلف مادية أخرى على الدولة، التي ستضطر بدورها لتحمل الأعباء التي كانت تقوم بها مؤسسات المجتمع المدني».
وتابع «على الدولة أن تشجع العمل التطوعي، وخصوصاً بين قاعدة الشباب، الذين إذا رأوا أن هناك تعاملاً غير صحيح أو سلبي رسمي تجاه هذه الجمعيات، فإنهم سيصدون عن الانضمام لهذه الجمعيات، وخدمة الفئات المحتاجة في المجتمع».
كما أشار إلى أن محاربة الجمعيات أو الانتقائية في منح التراخيص أو تطبيق القانون، يشجع الجمعيات على الاتجاه للحصول على الترخيص لممارسة النشاط من خارج البحرين، أو ممارسة عملها بشكل غير قانوني، وفقاً للدرازي، الذي جدد تأكيده أن تشكيل الجمعيات يجب أن يتم بالإخطار لا الترخيص.
واعتبر أن استمرار وزارة التنمية في تعاطيها الحالي مع الجمعيات، يساهم في خروج جمعيات غير مرخصة كثيرة، فقدت الوزارة السيطرة عليها أو إخضاعها للقانون، مؤكداً أن عدة جمعيات مازالت تنتظر الموافقة من قبل الوزارة المعنية لممارسة عملها بشكل قانوني ومرخص.
وقال الدرازي: «على وزارة التنمية أن تعي أن حل مجالس إدارات الجمعيات ليس هو الحل، بل قد يعقد المشكلة، فحين يتم حل مجلس إدارة جمعية وتعيين مدير مؤقت لها، فإن ذلك يخلق جفاء وعدم تعاون بين الجمعية والإدارة المعنية للجمعيات في وزارة التنمية».
وأضاف «يجب أن يتم النظر لمنظمات المجتمع المدني كشريك حقيقي لا عدو أو منافس للدولة، فهي مكمل لمؤسسات الدولة. فلا يجب التعامل مع هذه الجمعيات على أن هناك علامات استفهام على ما تقوم به، وإنما يجب أن يختلف التعامل معها تماما».
وختم حديثه بالقول: «إن سياسة إدارة المنظمات التابعة لوزارة التنمية بحاجة إلى تغيير، لأن الكثير من الجمعيات تعاني من طريقة التعامل غير المهني من قبل هذه الإدارة. ويجب أن تتم معالجة مسألة حل الجمعيات بشكل جذري، وخصوصاً أننا بصدد قانون جديد للجمعيات، والذي إذا تم تمريره فإنه سيزيد من التضييق على الجمعيات، وخصوصاً أنه يعطي الوزير حق دمج الجمعيات بالقوة، وهذا أمر غير مقبول تماما».