نشب سجال بين عضو كتلة الوفاق النائب د. جاسم حسين ونائب الأمين العام لجمعية المنبر الديمقراطي التقدمي عبدالنبي سلمان حول تفاعل المجلس النيابي مع مخالفات تقرير ديوان الرقابة المالي
في ورشة عمل أقامتها «الشفافية» حول التقرير.. وفيما أشاد زينل بمهنيته
سلمان: تفاعل النواب مع «الرقابة المالية» مخجل.. حسين: لسنا غافلين
كتب – حسين العابد:
نشب سجال بين عضو كتلة الوفاق النائب د. جاسم حسين ونائب الأمين العام لجمعية المنبر الديمقراطي التقدمي عبدالنبي سلمان حول تفاعل المجلس النيابي مع مخالفات تقرير ديوان الرقابة المالية، ففي الوقت الذي اعتبر فيه عبدالنبي سلمان تعاطي النواب مع التقرير «مخجلا» و«متراخيا» رأى د. جاسم حسين أن النواب غير غافلين عن التقرير وسوف يرفعون وتيرة المساءلة لدرجة «الاستجواب» بعد أن ينتهوا من الميزانية العامة للدولة للعامين المقبلين.
واعتبر عبدالنبي سلمان تبرير د. جاسم حسين بالانشغال بالميزانية عن مناقشة تقرير الرقابة المالية أفضل جواب تنتظره الحكومة، مشيرا إلى أن اللجنة المالية فيها 8 أعضاء، والذين يعملون على دراسة الميزانية هم 3 أعضاء، مستائلاً «لماذا لا يعمل باقي الأعضاء على التقرير، ولماذا نؤجله إلى أن تهدأ الأمور؟» موضحاً «لا يمكن انتظار مناقشة التقرير لحين الانتهاء من الميزانية، فهذا الكلام من شأنه أن يورث تقريراً أكثر فساداً في الأعوام المقبلة».
وتسبب تقرير الرقابة المالية في تصاعد السجال بين الاثنين حول بعض المخالفات التي وردت في التقرير، حيث رأى عبدالنبي سلمان أن عدم استثمار مجلس احتياطي الأجيال للمبلغ الموجود والذي يقدر بـ 65 مليون دولار تخبطاً في الاستثمار ولا يمكن أن يعول على الركود الاستثماري في تعزيز احتياطي الأجيال إلا أن د. جاسم حسين رأى أن المبلغ ليس كبيرا ولا يمكن زجه في استثمارات قد تكون خاسرة وأن الإبقاء عليه أجدى.
وانتقد سلمان، ضمن ورشة العمل التي نظمتها جمعية البحرين للشفافية حول «تداعيات تقرير ديوان الرقابة المالية» أمس الأول، عدم تحري الدقة من قبل النواب في تقرير ديوان الرقابة المالية والحسابات الختامية بعد أن ذكر حسين أنهم وقبل يومين اكتشفوا واتضح لهم أن هيئة الإذاعة والتلفزيون تعاني من عجز في الميزانية يبلغ 13 مليون دينار وأنها وصلت لمرحلة يصعب عليها دفع رواتب الموظفين، ما اعتبره سلمان تغافلا من النواب عن الدقة في تحري الحساب الختامي قائلاً «يقول د. جاسم حسين إن هناك العديد من الأرقام كانت غائبة عنهم في الحساب الختامي، وليسمح لي أن أقول له إن ذلك يعود لعدم القراءة الدقيقة للحساب الختامي، لو تمت قراءته بصورة متأنية هو وتقرير ديوان الرقابة المالية لكان أحرى بهم أن يرفعوا رسالة مستعجلة للحكومة على أقل تقدير يضمنونها ملاحظاتهم وتوصياتهم حول الموضوع».
ورأى سلمان أن شركة إدامة المكلفة بتحصيل مبالغ العقارات التي تعود للدولة قامت بشراء عقارات في الخارج تخصص للسفرات الخارجية معتبراً ذلك خارج اختصاصها وتجاوزا للقانون وأن على الجهة المعنية بالأمر التكلف بشراء العقارات في الخارج لا إدامة، إلا أن د. جاسم حسين كان له رأي آخر حيث رأى أن الجهات الحكومية ليست معنية بشراء أو تحصيل عقارات إنما هي إدامة المكلفة بذلك.
وحمل سلمان تراخي النواب في التعاطي مع التقرير ما يحصل من تكرار للفساد في كل عام بنفس الشكل وبنفس المخالفات، موضحاً «لا يمكن أن نتوقع أن تكون الحكومة متجاوبة في الوقت الذي يغفل فيه مجلس النواب 3 تقارير ويغض الطرف عنها، ففي التقرير السابق أعطى مجلس 2006 جلسة واحدة فقط في نهاية دور الانعقاد الأخيرة، وهو ما يعطي انطباعا عن عدم جدية النواب في التعامل مع هذه التقرير، كما ان الحكومة عليها أن لا تتعاطى مع التقرير وكأنه مناسبة سنوية».
وذكر أن الحل الحقيقي يتمثل لدى الحكومة التي يجب أن تثبت قدرتها على مواجهة الفساد، وكذلك في مجلس النواب التي تعد الجهة القادرة على رصد الفساد ومكافحته ليس بالشعارات والحملات الانتخابية بل بالعمل اليومي والجاد، وعلى النواب أن يستفيدوا من التقرير في قراءة ميزانية الدولة.
وأشار إلى أن الصدمة التي أحدثها التقرير ناتج من تراخي مجلس النواب وعدم جدية الحكومة في التعاطي مع الفساد ففي كل عام وبعد كل تقرير تطالع الرأي العام بتشكيل لجنة للتحقيق في الفساد الحاصل وبعد فترة بسيطة يكون التقرير في عداد النسيان.
وأضاف «الحكومة لم تقدم أي مسؤول للمحاكمة، ومنذ عام 2003 طالعنا ديوان الرقابة المالية بالعديد من التجاوزات المالية والإدارية وكان بالإمكان أن تثبت جديتها برفع عدد من القضايا والمسؤولين للنيابة».
ولفت إلى أن العديد من الهيئات والوزارات تتجرأ بعدم التعاون مع ديوان الرقابة المالية، وهو ما يؤكده التقرير الأخير من أن 45% من الوزارات والهيئات لم تقدم تقارير ولم تتعاون مع الديوان، وأن هناك 32% من الوزارات والهيئات تتهرب من ديوان الرقابة وتقدم معلومات مضللة.
واستعرض سلمان بعض المخالفات التي وردت في التقرير، حيث ذكر أن إدامة أنشات لتحصيل اجارات عقارات الدولة، والتقرير الأخير يذكر أنها تحصلت على 521 الف دينارا من العقارات إلا أن ذلك المبلغ لم يدرج في إيرادات الدولة بل أعطي لإدامة كمكافأة لها على الجهد والعمل الذي قدمته، معتبرا ذلك قمة الفساد وهدرا للمال العام.
شركة البحرين للاستثمار التي أنشأت لسبب واحد لتحصيل إجارات عقارات الدولة، والتقرير الأخير يذكر انها جمعت 521 ألف دينار تحصلت ولم تدخل في إيرادات الدولة بل أعطيت لإدامة كمكافأة للعمل والجهد الذي قدمته، ولماذا إدامة تصرف على مشروع بناء مبنى إدارة بـ 10 ملايين، وشراء عقارات لسفرات الخارج، وهذا خارج اختصاصها وتجاوز للقانون.
احتياطي الأجيال أنشأ في 2006 باعتبار اقتطاع 1% من عائدات النفط للأجيال لكن بعد مرور 5 سنوات، يذكر التقرير أن الصندوق الذي تجمع فيه 65 مليون لا يوجد جهاز إداري ولا استثماري، اذا من يدير هذه الأموال؟
وأضاف «ان تمكين تعد أغنى مؤسسة في البحرين حيث تستثمر 90 مليوناً لإدارة 40 مشروعا، إلا أنك حين تدخل لمبنى تمكين لا ترى موظفين، وتنصدم حين تعلم أن هيئة تدير هذا الكم من الأموال تعتمد على 14 موظفا فقط، فهل هذا استرخاص للمال العام؟».
من جانبه قال النائب د. جاسم حسين إن المطلوب لاتخاذ إجراءات صارمة والوقف بجدية على ما ورد في تقرير ديوان الرقابة المالية أن يكون هناك توافق بين الكتل البرلمانية، إذ لابد من استجواب بعض الوزراء وإحالة البعض للنيابة خصوصاً أن الأدلة واضحة وجلية».
ورفض حسين حديث عبدالنبي سلمان عن إغفال النواب للتقرير، مشيرا إلى أن مجلس النواب في الفصل التشريعي الثاني نجح في تحقيق إنجاز كبير فيما يتعلق بأملاك الدولة وكان ذلك نتيجة لاستغلاله للمعلومات البسيطة التي وردت في التقرير.
وأضاف «حاليا هناك محاولات للاستفادة مما ورد في التقرير، وسوف نستغل أداة الاسئلة بشكل كبير في الفترة المقبلة، كما ان هناك دراسة لتشكيل لجان تحقيق إلا أننا بحاجة لتوافق من قبل جميع الكتل في المجلس».
ورأى أن اللجنة المالية لديها اهتمام بالتقرير إلا أنها مشغولة في إعداد الميزانية، وبعد ذلك ستنفرد بتقرير ديوان الرقابة المالية وستعمل على الاجتماع مع المسؤولين والمعنيين لتداول مع ورد في التقرير.
بدوره عبدالنبي سلمان كان له رأي آخر في كلام د. جاسم حسين قائلاً «إذا كان المجلس ينتظر حصول التوافق في المجلس فإن ذلك لن يحصل وهو يعطي انطباعا للحكومة بذلك، فالمجلس التشريعي أهم مؤسسة سياسية في البلد ولا يجب عليه أن ينتظر وجود التوافق بين النواب من عدمه». من جانبه قال النائب السابق يوسف زينل إن تقرير ديوان الرقابة المالية يعد تقريراً جيداً ومهنياً ولا مثيل له في البحرين.
وقال ان تقرير ديوان الرقابة المالية جيد ومهني ولا نستطيع إلا أن نقدم الشكر للجهود لمن يعملون في الديوان لهذا الجهد الواضح، والديوان يقوم بعمل مهني قيم لا مثيل له في البحرين.
وذكر زينل أن على ديوان الرقابة المالية إحالة أوجه الفساد للجهات المختصة وتحريك الدعاوى الجنائية، وأن النيابة العامة عليها مباشرة هذه القضايا، خصوصا وأن الكثير من الممارسات التي حصلت لا تعد مخالفات مالية وحسب بل تصل لإجرام قانون العقوبات كاستخدام النفوذ والرشوى. أضاف «قامت وزارة الداخلية بخطوة جيدة بفتح خط ساخن لتلقي حالات الفساد، إلا أننا لا نعلم مدى فعالية هذا الخط، واذا ما كانت هناك إجراءات اتخذت حول شكاوى فساد».
وأشار إلى أن مجلس النواب وعلى مدى 7 تقارير لم يستخدم إلا القليل من الأدوات الرقابية في سبيل الحصول على مزيد من المعلومات من خلال الاسئلة وتشكيل لجان تحقيق واستجواب وزراء.
ووجه زينل إلى أن المطلوب من مجلس النواب القيام بدور أكبر بحسب قانون الرقابة المالية ومناقشة أي موضوع يتعلق بالتقرير واستدعاء رئيس الديوان للبحث معه حول المواضيع المثارة.
من جانبه قال الأمين العام لجمعية البحرين للشفافية عبدالنبي العكري إن تقرير هذا العام تطور لتقارير الديوان في السنوات الماضية فقد كشف عن مخالفات جسيمة ترتب عليها خسائر مالية تفوق ما كشف عنه في السنوات الماضية.
وأضاف «إن هذا التفاعل والحراك النشط هو شيء إيجابي، لكننا نسجل أيضا سلبيات لا يخطؤها المواطن العادي فكيف بالاختصاصي، بعد استشعار البعض لخطورة هذا التفاعل والحراك».
وذكر أن عودة كبار المسؤولين للحديث عن أن هذه المخالفات بسيطة وأنه يمكن معالجتها من قبل الوزارات والهيئات والشركات، في حين أن هذه الوزارات والهيئات والشركات الحكومية، فاقمت من مخالفاتها وتجاهلت الكثير من توصيات الديوان الواردة في تقاريره السابقة، لأن المسؤولين لم يتعرضوا للمحاسبة لا من قبل مجلس الوزراء ولا من قبل البرلمان ولا من قبل كبار المسؤولين.