الاخوة والاخوات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اشكركم على تلبية دعوة الجمعية للمشاركة في احتفالنا بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد المصادف ٩ ديسمبر من كل عام والذي أقرته الامم المتحدة ودعت للاحتفال به من أجل تذكير العالم بالأضرار والدمار الذي يتسبب فيها الفساد سواء على مستوى التنمية الوطنية للدول او على المستوى العالمي. لقد اعتمد مكتب الامم المتحدة المعني بالمخدرات و الجريمة شعار هذا العام ” لنكسر سلسلة الفساد “.
لقد قدر البنك الدولي بان حجم الفساد في العالم يتجاوز ٢،٦ تريليون دولار أمريكي. وهذا المبلغ الضخم كان يمكن ان يساهم بشكل كبير في تنمية المجتمعات الفقيرة والدول التي تسعى بجدية لتنفيذ واستمرار برامج التنمية المستدامة. ولهذا السبب اقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في اجتماعها والذي عقد في نيويورك بشهر سبتمبر ٢٠١٥ الهدف السادس عشر من اهداف التنمية لما بعد ٢٠١٥ وهو المتعلق بالحد من الفساد والرشوة نجمية أشكالها وتنفيذ الدول لأهداف التنمية ومنح هذا الهدف ايضاً دورا لمنطمات المجتمع المدني في تنفيذ اهداف التنمية. كما اهتم مؤتمر الدول الاطراف الذي عقد في مدينة سان بطرس بورغ بموضوع الاموال المنهوبة وإعادتها لدول المنبع وأفرد لها وقت من مساحات المؤتمر.
في منطقتنا العربية المنكوبة بآفة الفساد بلغ حجم الاموال المهربة لبعض الأنظمة التي أسقطها الربيع العربي بما يتجاوز مئات المليارات من الدولارات. حيث قدر خبراء البنك الدولي ومنظمة “جلوبال فاينانشيال انتجريتى» الأمريكية لمكافحة تهريب الأموال إن حجم الأموال المهربة من احدى هذه الدول بشكل غير شرعى قدرت بنحو 132 مليار دولار أمريكي، وقدر منها مبلغ بنحو 70 مليار دولار أمريكي ناتج عن اختلال في ميزان المدفوعات والذي عادة ما يقيس حجم الفساد ووفقًا لما نشرته جريدة «الجارديان البريطانية» قبل نحو 3 سنوات، فإن أسرة احد الرؤساء المخلوعين قد بلغت 70 مليار دولار أمريكي. إلا أن هناك بعض الخبراء قد شككوا في صحة هذا الرقم واعتبروه مبالغ فيه. ربما تتذكرون ما تمت إثارته بداية هذا العام حول الحسابات السرية للعديد من المسئولين العرب في احد البنوك الدولية. والتي تصل الى مليارات الدولارات. وعلى المستوى العربي ايضاً فقد أصدرت منظمة الشفافية الدولية تقريرها السنوي حول مؤشر مدركات الفساد في العمليات والإدارة و المشتريات الامنية والعسكرية في أغلب دول العالم. وقد صنف هذا المؤشر جميع الدول العربية ما عدى تونس على انها في المستويات التي تتمتع بوضع ذو مخاطر عاليه (F&E )في مستوى الشفافية و عدم الافصاح ونأمل ان ينظر الى هذا المؤشر بما يؤدي الى تحقيق خطوات عملية للانتقال بالوضع الى الافضل.
على المستوى الوطني فلازال ينتظرنا الكثير من الخطوات الجدية والضرورية التي يجب ان تتخذها الدولة من اجل الحد من ظاهرة الفساد ومكافحته. وتأتي هذه الخطوات في عدة مستويات منها المستوى التشريعي. حيث لازال هناك نقص في التشريعات المهمة لمكافحة الفساد ومنها على سبيل المثال اصدار قانون انشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد. وإصدار قانون حق الحصول على المعلومات وإصدار قانون النزاهة الوطني الذي يجب ان يتضمن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد وقانون لحماية المبلغين والشهود ونشطاء مكافحة الفساد وقوانين اخرى لايتسع المجال لذكرها. ويأتي أيضا دور ومسئولية الادارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والأليكتروني وهي الجهة الحكومية المناط بها مسئولية مكافحة الفساد حيث لازال دورها محدود في مكافحة الفساد ومطلوب منها مضاعفة جهودها في هذا المجال والاستفادة من تقرير ديوان الرقابة المالية قدر الإمكان.
لقد أعدت البحرين لمؤتمر الدول الاطراف الذي عقد في مدينة سان بطرس بورغ تقرير الاستعراض الدوري للالتزام بتنفيذ اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد. وبالرغم من ان الاتفاقية تشجع الدول على إشراك منظمات المجتمع المدني عند اعداد هذا التقرير وهناك العديد من الدول قد أشركت المجتمع المدني في ذلك إلا ان الجهات المعنية في البحرين تجاهلت تماماً المجتمع المدني ولم تشركه في اعداد هذا التقرير كما لم تدعى جمعية الشفافية حتى لحضور مناقشات التقرير في اجتماعات المراجعة التي قامت بها دولتي الاردن وهندوراس. ونأمل ان تخطوا الجهات الرسمية خطوات لمشاركة المجتمع المدني في ذلك.
كما يتطلب نشر ثقافة النزاهة ومكافحة الفساد من إفساح المجال لهذه المنظمات من المشاركة في هذه الجهود وهذا ما تؤكد عليه الاتفاقية الأممية وما أكدت عليه الامم المتحدة في العديد من أدبياتها وأهدافها للتنمية ولتحقيق ذلك على الدولة توفير الدعم المالي لقيام الجمعيات بمسئولياتها تجاه مكافحة الفساد.
اما على المستوى التشريعي فإن مجلس النواب يتحمل مسئولية كبيرة في سن القوانين المطلوبة والتي سبق الإشارة لها للحد من ظاهرة الفساد والتعامل مع تقرير ديوان الرقابة المالية كما يفترض ان يقوم به حيث لم يستفذ مجلس النواب من هذا التقرير المهني على مدى السنوات السابقة كما يجب ومنها متابعة المسئولين على ما ورد من ملاحظات على اداء وزاراتهم بل يكتفي المجلس بإصدار تقرير يتضمن بعض التوصيات للحكومة. ان الدور المطلوب من مجلس النواب اكبر من ذلك بكثير بحكم ما يمتلكه من صلاحيات دستورية في المراقبة والتشريع.
اما على مستوى الجمعية البحرينية للشفافية فقد عقدت الجمعية العديد من الفعاليات التي ساهمت في نشر ثقافة النزاهة ومكافحة الفساد بالرغم من محدودية وضعف الموارد المتاحة ومنها الدورة التدريبية التي أقامتها الجمعية بدعم من صندوق التنمية حول النزاهة في أوساط الطلبة الجامعيين وكذلك الدورة التدريبية في مجال الصحافة الاستقصائية ومتوقع ان تعقد الجمعية دورة جديدة تتعلق بالحوكمة في الشركات وكذلك دورة اخرى في اتباع مبادئ الحوكمة في الجمعيات الأهلية والسياسية. الإضافة للعديد من ورش العمل والحلقات الحوارية التي أقامتها ومنها المتعلقة بالتأمينات الاجتماعية حيث عقدت هذه الورشة بمشاركة مع الاتحاد العام لعمال البحرين وحلقة حوارية كانت عن البرنامج الحكومي وأخرى عن الميزانية العامة للدولة للسنتين ٢٠١٥-٢٠١٦ وكذلك ورشة عمل بشأن تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية وتنوي الجمعية من عقد حلقة حوارية بشأن النسخة الاخيرة من هذا التقرير.
نعترف ان الدور المناط بالجمعية كبير ويتطلب بذل المزيد من الجهود والعمل ولكن ذلك لن يتحقق اذا لم تتمكن الجمعية من الحصول على الدعم من أعضائها اولا ومن المجتمع والدولة وعلى الأخص الدعم المعنوي والمالي المناسب.
لقد شاركت الجمعية في اعداد العديد من اوراق العمل الإقليمية والدولية من خلال مشاركتها في العديد من اللقاءات والمؤتمرات الخارجية وعكست بذلك دورها العربي والدولي الذي وصلت اليه حيث شاركت الجمعية في المنتدى الاجتماعي الدولي بإقامة ورشتي عمل والثالثة كانت بمشاركة مع الاتحاد النسائي التونسي. وشاركت الجمعية كذلك في المؤتمرالدولي لمكافحة الفساد. كما حضرت مؤتمر الدول الاطراف الذي عقد اخيراً في مدينة سان بطرس بورغ.
في الاخير ايها السيدات والسادة نعدكم ان تستمر الجمعية في القيام بالدور المناط بها كما ورد في نظامها الأساسي وبالتعاون مع جميع الاطراف من اجل الوصول الى تحقيق التشريعات الوطنية المناسبة لمكافحة الفساد كما نؤكد لكم تعاوننا من اجل مكافحة هذه الآفة بما يناسب وإمكانياتنا المحدودة.
ايها السيدات والسادة اشكر لكم حسن استماعكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته