لماذا تراجعت الشفافية في البحرين؟
رضي الموسوي
حدثان مهمان تزامنا مع بعضهما: الأول صدور تقرير منظمة الشفافية الدولية (2009) الذي سجلت فيه البحرين تراجعا بلغ ثلاث درجات مقارنة مع العام الماضي (2008)، إذ حصدت المرتبة السادسة والأربعين على المستوى العالمي، بعد أن كانت في المرتبة الثالثة والأربعين، والرابعة عربيا بعد كل من قطر التي جاءت في المرتبة 22 متقدمة ست نقاط، والإمارات في المرتبة 30 متقدمة خمس نقاط، فسلطنة عمان في المرتبة 39 متقدمة نقطتين. وجاءت كل من اليمن، العراق، السودان والصومال في ذيل القائمة العربية.
أما الحدث الثاني فهو تمرير مجلس النواب أمس مشروع قانون بشأن ضمان حق الحصول على المعلومات، الذي أضيفت له مادتان مهمتان ومثيرتان للجدل خاصة من الجانب الرسمي المعنيّ بهذا المشروع، وهما تتعلقان بالعقوبات، إذ تنص المادة الأولى على أنه ”يعاقب بالحبس 6 أشهر أو غرامة ألف دينار كل من حجب معلومات واجبة الاطلاع بموجب هذا القانون أو أعطى معلومات مضللة”، فيما تنص المادة الثانية على أنه ”لا يجوز إيقاع أي عقوبة على أي موظف ساعد على تحقيق رسمي في انتهاكات هذا القانون”.
ثمة علاقة مباشرة بين الشفافية وحق الحصول على المعلومة. فأكثر ما يعاني منه الصحافيون هو حجب المعلومات اللازمة عنهم، خصوصا في الجانب الرسمي الذي تراجع أداؤه على مستوى الهيئات التي كانت تحمل مواقعها الإلكترونية بإحصائيات منتظمة، لكنها تراجعت في الأشهر الأخيرة بعد أن وجدت الصحافة فيها مادة تستحق المتابعة والنشر، فقررت هذه الجهات حجب المعلومة، ولتذهب الصحافة والصحافيون إلى جحيم التسريبات التي عادة ما يتم نفيها من العلاقات العامة للمؤسسات الرسمية.
ومع إقرار مجلس النواب لمشروع قانون حق الحصول على المعلومات، تكون الكرة قد انتقلت إلى ملعب مجلس الشورى الذي يفترض فيه عدم الوقوف أمام هذا المشروع، ويتركه يمر بسلام بما يعزز مستوى الشفافية التي أصيبت بعلة واضحة مع صدور تقرير منظمة الشفافية الدولية وتراجع البحرين عن معدلها العام الماضي، فيما تقدمت ثلاث دول خليجية علينا.
المنظمة الدولية تذهب في تقريرها إلى القول أيضا إن ”التهديدات التي تحيط بالبنى المؤسسية والسياسية في المنطقة تسلط الضوء جزئيا على الفجوة القائمة في الحكم الجيد، في حين أن عوامل أخرى مثل قلة الشفافية واللا استقرار وأموال النفط ماتزال تغذي الفساد”. هذا الرأي ليس غريبا علينا خصوصا بعد صدور تقرير ديوان الرقابة المالية محملا بمخالفات بالجملة من قبل الوزارات والهيئات الحكومية التي لم تتعود بعد على التعاطي الجدي مع الرقابة المالية والأداء، حيث تعاني مواطن كثيرة من خلل واضح وعدم قدرة على اتخاذ قرارات جدية تلجم حالة الفساد المستشرية والخلل القائم منذ سنوات.
إن تقرير ديوان الرقابة المالية وتقرير منظمة الشفافية الدولية وقرار النواب أمس بالحق في الحصول على المعلومة وحبس من يحجبها.. عناصر مهمة يمكن الانطلاق منها لإعادة النظر في ما تقوم به بعض الأجهزة في الدولة. فليس هناك مفرّ من الالتزام بشروط الحكم الرشيد الذي لم يعد دعوات مستوردة بقدر ما هو حاجة ماسّة وضرورية للخروج من المأزق الراهن.
جريدة الوقت العدد 1367 الأربعاء 30 ذي القعدة 1430 هـ – 18 نوفمبر 2009 عمود نهار اخر