Skip to main content

main_loc-1

دعوا إلى وقف التمييز وإطلاق خطةٍ وطنيةٍِ تراعي احتياجات التنمية

وصف نشطاءُ ملفَ البعثات الدراسية بـ «المسيس»، فيما اتهموا وزارة التربية والتعليم بمحاصرة المتفوقين لاعتباراتٍ طائفيةٍ وسياسيةٍ من خلال فرضها موافقتها على دراسة أيّ طالبٍ في جامعاتٍ خارج البحرين، فضلاً عن وجود قائمتين للبعثات الأولى معلنةٌ والثانية سريةٌ للتوزيع دون معايير واضحةٍ إلى جانب تطبيقها آلية مقابلات البعثات التي رأوا أن كثيراً من الأسئلة المطروحة فيها لمعرفة ميول الطالب السياسية وانتماءاته الدينية.

ودعوا خلال منتدى «الوسط»، الذي يسلط الضوء على ملف البعثات، إلى إطلاق خطةٍ وطنيةٍ تراعي احتياجات التنمية ومن بينها ملف البعثات، إلى جانب تدشين جهازٍ لمراقبة توزيع البعثات والمحاسبة وإعلان أسماء المتفوقين ومعدلاتهم، والمستحقين للبعثات ووقف التمييز، على حد وصفهم.

وفيما يأتي ما دار في المنتدى، الذي شارك فيه كلٌّ من رئيس الجمعية البحرينية للشفافية عبدالنبي العكري، رئيس جمعية الشيخ الجمري الخيرية مجيد السيد علي، والقيادي في جمعية الوفاق عبدالجليل خليل، فضلاً عن نائب رئيس جمعية المعلمين البحرينية (سابقاً)، والتي تم حلها على خلفية الأحداث السياسية، جليلة السلمان، واستشاري جراحة المخ والأعصاب طه الدرازي، فيما غابت كلٌ من وزارة التربية والتعليم ووزارة العمل عن المنتدى على رغم توجيه «الوسط» دعوةً إلى كلٍّ منهما…

أعلنت وزارة التربية والتعليم خطتها للبعثات للعام الدراسي المقبل، وتضمنت (2749) بعثةً ومنحةً دراسيةً، موزّعةً على النحو الآتي: البعثات الدراسية لخريجي المدارس الحكومية (1547) بعثةً دراسيةً، البعثات الدراسية لخريجي المدارس الخاصة (352) بعثةَ دراسيةً، المنح الدراسية (المساعدة المالية) للطلبة المتفوقين (800) منحةٍ دراسيةٍ، البعثات الموجهة إلى الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة (50) بعثةً دراسيةً، وباستقراءٍ سريعٍ للخطة يتبيّن أن أكثر من 80 في المئة من بعثاتها موجهةٌ إلى لجامعات داخل البحرين، وأن التخصصات الطبية تصل إلى زهاء 300 بعثةٍ، فكيف تقرأون أنتم هذه الخطة؟

– عبدالنبي العكري: أرى أن ملف البعثات في المقام الأول متعلقٌ بسياسة البلد بشكلٍ عامٍ وبسياسة وزارة التربية والتعليم بشكلٍ خاصٍّ، وأن خطة البعثات هي إحدى تجليات سياسة التمييز التي تتبعها الوزارة وتوجهاتها، لتشكيل ثقافة التعليم بأحادية، وشخصيّاً أرى ضرورة أن تكون هناك خطةٌ وطنيةٌ واضحةٌ لتوفير متطلبات البلد المتعلقة بالتنمية، وليس بسوق العمل المرتبط بالقطاع الخاص، وللأسف تلك الخطة غير موجودةٍ وتحتاج إلى تصورٍ واضحٍ ومعايير تقوم على العدالة والإنصاف.

وبمقارنة الوضع في السابق بما هو عليه الآن، أرى أن مملكة البحرين كانت متطورةً في الحصول على المنح والبعثات الدراسية من الدول لأفضل التخصصات والجامعات، وجميعنا يعلم أن الابتعاث كان يوجه إلى جامعاتٍ أقوى من الآن، فيما تضمنت خطة البعثات اليوم كثيراً من الجامعات المتدنية أكاديميّاً، كما أن فتراتٍ سابقةٍ شهدت أحداثاً أمنيةً وسياسيّةً قاسيةً لكن لم تكن هناك محاصرةٌ للطلبة في الحصول على المنح والبعثات من المغرب إلى المشرق، فكان الطالب قادراً على الدراسة في جامعات مصر وتونس والمغرب وسورية والعراق وحتى اليمن، ولم يكن يمنع من الالتحاق بها، أما اليوم فوزارة التربية والتعليم بدلاً من  تكريمها الطلبة الراغبين في التحصيل العلمي والمتفوقين على حد السواء قامت بمحاصرتهم من خلال عددٍ من الإجراءات، منها منع أيّة دولةٍ أو جامعةٍ من إعطاء مقعدٍ جامعيٍ للمستحقين إلا تحت إشرافها وبإذن منها الأمر الذي حرم الكثيرين من فرص مواصلة دراستهم خارج البحرين، ولم تكتف بذلك بل تقوم بإيقاع إجراءاتٍ عقابيةٍ تصل إلى عدم الاعتراف بشهاداتهم في حال قاموا بالتسجيل فيها من دون إذنٍ منها.

وأقولها صريحةً اليوم إن وزارة التربية والتعليم تحاصر الطلبة من منطلقٍ طائفيٍ وسياسيٍ، وهذا إنما يدل على فشلٍ وإخفاقٍ واضحٍ في سياستها، وللأسف لهذا الموضوع تداعياتٌ وخيمةٌ على المديين القريب والبعيد، ومنها أن البحرين لن تكون قادرةً على تأهيل الكفاءات التي تحتاج إليها لخطط التنمية، كما أن كثيراً من تلك الكفاءات ستهاجر كما هو حاصلٌ حاليّاً بالنسبة إلى كثيرٍ من الأطباء والمهندسين الذين باتوا موزعين في دول المنطقة والعالم المتطور وتلك خسارةٌ للوطن فضلاً عن وقف مسيرة التنمية أو تعثرها في أقل تقديرٍ وأدت إلى تراجع موقع البحرين في التنمية البشرية وموقعها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتنافسيتها في العديد من الجوانب.

– طه الدرازي: من وجهة نظري يحتاج الطلبة إلى  التوجيه لاختيار التخصص المناسب والمتوائم مع ميولهم، وفيما يتعلق بالتخصصات الطبية، فالواقع يشير إلى حاجة ماسة إلى خريجي وخريجات التمريض أكثر من الأطباء، وللأسف فإن مستشفيات ممملكة البحرين بها عددٌ كبيرٌ من الأجانب من الممرضين وزادت أعدادهم بشكلٍ كبيرٍ في الفترة الأخيرة في الوقت الذي يظلّ كثيرٌ من الخريجين البحرينيين من هذا التخصص بلا وظيفةٍ، وذلك لأسبابٍ طائفيةٍ، ولا يمكن وصفها بأقل من ذلك أو بعباراتٍ أقل حدَّةٍ.

أرى ضرورة تسريح الأجانب من وزارة الصحة، فليس من مهامنا توفير أعمالٍ للأجانب ولاسيما تلك التي يستطيع أن يشغرها البحرينيون، وفي حال عدم توافر العنصر البحريني فلا ضير من الاستقدام، إلا أني أرى أن الكوادر البحرينية اليوم دخلت في جميع القطاعات والتخصصات، فبعض التخصصات لم تكن متوافرة في السابق وكانت الوزارة تضطر إلى إرسال المرضى لإجراء عملياتٍ بسيطةٍ في الخارج، أما اليوم فالكفاءة موجودةٌ والأجهزة، فلماذا يتم تهميشهم والاعتماد على الأجانب من عرب وغير عرب.

ومما يؤسف له ازدياد حدة هذا الأمر بعد الأزمة السياسية واستخدام التوجهات الطائفية بشكلٍ كبيرٍ في التوظيف والتدريب والابتعاث.

– سيد مجيد: من الواضح عدم وجود خطةٍ واضحةٍ لوزارة التربية والتعليم، كما هو واضحٌ عدم وجود مؤشراتٍ واضحةٍ لسعي الوزارة إلى تطبيق الاستراتيجية الوطنية لتنفيذ رؤية 2030، فهناك كثيرٌ من التخبط، والدليل إطلاق برامج ومشاريع واستنزاف موازناتٍ دون نتيجة، والمثال على ذلك توجيه طلبة متفوقين قبل ثلاث سنواتٍ إلى دراسة أحد التخصصات في إحدى الكليات في مملكة البحرين وحينما تخرجوا تفاجأوا بحديث الوزارة بأن المنهج الذي ابتعثوا له ليس هو المطبق في كليتهم، واليوم هم أرقامٌ على قوائم العاطلين الجامعيين.

هؤلاء هم مشاريع لكفاءاتٍ علميةٍ رميت في تخصصاتٍ غير مدروسةٍ، ولا يمكن اليوم للوزارة إقناع الرأي العام بأن لديها خطةً واضحةً للبعثات والبرامج، وعموماً لا يمكن الحديث عن خطةٍ في ظلّ عدم تواجد المعلومات، كعدد السكان والنمو في أقل تقديرٍ، فعدم توافر المعلومات أمرٌ من شأنه أن يصعِّب أيّ مخططٍ لإعداد خطةٍ في أبسط اتجاه، ومن الواضح أن خطة البعثات لا ترتكز على خطةٍ تقوم على معلوماتٍ دقيقةٍ.

– جليلة السلمان: الخطة توضع نتيجة دراساتٍ معينةٍ تبلور الاحتياجات المطلوبة في وزارة التربية والتعليم أو سواها، وما تقوم به وزارة التربية والتعليم ليس بوضع خطةٍ للبعثات، وإنما بتجميع ما هو متوافرٌ ومطروحٌ، وفي المقابل تقوم بإخفاء بعض البعثات أيضاً.

ولو كانت لوزارة التربية والتعليم خطةٌ لما تراكم العاطلون على قوائمها، والذين أغلبهم من المبتعثين من وزارة التربية والتعليم، وتم تعليمهم من موازنة الدولة. فأين الاستثمار في المواطن وتوظيفه؟

ومن التخبط أيضاً، أن الوزارة تريد فقط أن ترسل رسالةً بأنها وضعت خطةً للبعثات لكن ما هي تلك الخطة، وما هي طبيعة التخصصات المطروحة فيها وقيمتها الأكاديمية والعملية، فبرؤيةٍ سريعةٍ يتضح أن  كثيراً من التخصصات المطروحة في خطة البعثات هي تخصصاتٌ تشبّع سوق العمل بها، ولكثرة متخرجيها العاطلين يمكن أن تغطي لسنوات مقبلة، فضلاً عن طرح تخصصاتٍ غير منطقيةٍ، فأين القيمة من دراسة تخصص اللغة الكورية، أو الصينية والتي  يمكن دراستها كمهارةٍ إضافيةٍ بالنسبة إلى متفوقٍ اجتهد طوال سنواتٍ طويلةٍ للحصول على فرصةٍ لدراسة تخصصٍ يطمح إليه.

هذا، وأتفق مع زملائي على ضرورة وجود خطةٍ وطنيةٍ لا تراعي فقط احتياجات سوق العمل، وإنما تنظر إلى خطط التنمية، إلا أن الوزارة وللأسف لا تراعي أيًّاً من الأمرين وإنما تقوم بتعميق المشكلة وخلق مشكلةٍ جديدةٍ.

باعتقادكم ما هي التخصصات التي من المفترض طرحها في خطة البعثات؟

طه الدرازي: وزارة التربية والتعليم طرحت بعثات للعلاج الطبيعي في ظل وجود 170 عاطلاً وعاطلة منذ أكثر من 6 سنوات، بعضهم عمل مجاناً في الوزارة لثلاث سنوات ولم يتم توظيفهم، وبالنسبة إلى سؤالكم، فأرى ضرورة الحاجة إلى تخصص المختبر والمســــعفين والصيدلة.

وأود أن أشير إلى أن ضرورة طرح تخصصات وفق الرؤية الحديثة، كتخصص الصيدلة والأشعة والمختبر، موضحاً أن الصيدلي وفق تلك الرؤية ليست مهمته قراءة الوصفة وإعطاء المريض الدواء فقط، وإنما يمتلك القدرة على تحضير الأدوية، وكذلك بالنسبة إلى تخصص المختبر، يجب أن يكون الخريج قادراً على قراءة التحليل وليس سحب دم فقط، وكذلك تخصص الأشعة لابد أن يطرح تخصص يمكن الخريج من قراءة الأشعة وتحليلها لا الاعتماد على الطبيب.

وفي السياق نفسه، فإن البحرين بحاجة إلى بعض التخصصات في الطب، فعلى سبيل المثال، تخصص جراحة الأعصاب، فهناك طبيب بحريني واحد فقط وهو نبيل حميد والمتبقي جميعهم أجانب، وهؤلاء الأجانب كثير منهم يخافون إجراء العمليات ويعتمدون على الأطباء الزائرين خوفاً من إجراءات الوزارة في حال تعرض المريض لأية مشكلة في العملية وما بعدها.

في السابق نرى المريض ونشخص المرض ونجري العملية، وفي حال تعذر علاج المريض نكتب توصية بأن المريض لا يمكن معالجته في البحرين وفقاً لحالته ويتم إرساله إلى الخارج، اليوم تغير الأمر وبات الاعتماد على الأطباء الزائرين، وانكسرت بسبب الظروف السياسية الثقة بين الطبيب والوزارة.

وخلاصة الحديث أن مهنة الطب ستكون طاردة مع الوقت في ظل السياسة المتبعة.

وزارة التربية والتعليم قامت بعدد من الخطوات، كوقف نشر أسماء الطلبة المتفوقين ومعدلاتهم فضلاً عن إيقافها نشر نتائج خطة البعثات وتدشين مقابلات وامتحانات للتنافس على تلك الخطة، إلى جانب المعدل التراكمي، كيف تفسرون تلك الخطوات؟

– عبدالجليل خليل: خطة البعثات اليوم مسيسة بالكامل وليست مبنية على أسس واضحة، كما لا توجد خطة وطنية تكون وزارة التربية والتعليم جزءاً منها لطرح خطة البعثات، فالوزارة اليوم تطرح خطتها التي تتضمن 20 في المئة لسد احتياجاتها من المعلمين و80 في المئة توضع وفق اجتهادات ليست لها علاقة بمستقبل سوق العمل، فهل المراد من الخطة جعله سوقاً خدماتيّاً، سياحيّاً أم مركزاً ماليّاً أم غير ذلك، الوضع يشير إلى عدم وجود تصور واضح لوضع خطة البعثات ومن يضعها هو فريق غير مؤهل لطرح خطة وطنية.

وأود أن أشير إلى أنه سبق أن التقينا المعهد السنغافوري، وهو معني بوضع خطط لحاجات السوق، والتي خطة البعثات جزء منها، كما له علاقة بكل المراكز ويبدأ بطلب حاجات الدولة ويرسم وفقها خطة البلد، والمعهد سبق أن قدم إلى البحرين والتق وزارة التربية والتعليم التي وعدت بالتواصل والاستفادة من خبراتهم، لكن لم يتم ذلك، وهو دليل على عدم وجود نية حقيقية لتعديل الوضع على هذا المستوى.

وفيما يتعلق بخطة البعثات وشفافيتها، فقد تدهورت منذ العام 2005 /2006، ففي عز الأحداث الأمنية خلال فترة التسعينات كانت الوزارة تعلن اسم الطالب، ومعدله، والبعثة التي يستحقها، كما كانت تنشر شواغر البعثات ونتائج التظلمات، والتعذر بالحفاظ على خصوصية الطالب هو هراء، فلسنوات طويلة كنا نسمع أسماء ومعدلات الطلبة في الإذاعة ولم يشتك أحد بل على العكس كنا ننتظرها بفارغ الصبر، أما اليوم فهناك خطتان إحداهما معلنة وأخرى سرية توزع من تحت الطاولة، فهناك كثير من أجهزة الدولة توزع بعثات أرقى ولجامعات أفضل من موازنة الدولة دون معايير واضحة، في المقابل ينحشر المتفوقون في خطة بعثات وزارة التربية والتعليم التي لا تخضع لأبسط مبادئ الشفافية والرقابة، وما زاد هو تطبيق آلية (40 في المئة، 60 في المئة) للتنافس على خطة البعثات، إذ تخصص نسبة 60 في المئة للمعدل التراكمي والنسبة المتبقية لامتحان ومقابلة يتم فيها طرح أسئلة شخصية مسيسة على كثير من المتفوقين لاكتشاف ميولهم الشخصية السياسية، وبنتيجة تلك المقابلات يحرم الطلبة من فرصهم في الحصول على البعثة التي يستحقونها كما حدث لإحدى الطالبات العام الماضي والحاصلة على معدل 99 في المئة، تم حرمانها من رغبتها في دراسة الطب وتم إعطاؤها منحة لدراسة تقنية المعلومات بحجة نتيجتها في مقابلة البعثات.

وهذا العام لدي حتى الآن قائمة مكونة من 109 أسماء من المتفوقين، 99 في المئة منهم لم يحصلوا على رغباتهم على رغم تفوقهم، ومنهم طالبة متفوقة حاصلة على معدل 98.4 في المئة وحصلت على رغبتها الأخيرة، فأين الإنصاف في ذلك!!

تحركنا العام الماضي لإلغاء هذه الآلية ووصلنا إلى مستويات عليا وتم إعطاؤنا وعوداً بإلغائها إلا أن ذلك لم يتم، فهناك سياسة ممنهجة ضد مكون أساسي في المجتمع، تقوم على عدم الشفافية والتمييز الذي طال خطة البعثات.

وخلاصة الحديث لا توجد في البداية خطة وطنية لوضع خطة البعثات ولا شفافية في إعلان النتائج وتوزيع البعثات ولا معايير واضحة، فضلاً عن عدم وجود جهاز رقابي على توزيعها، ففي العام 2006 دخلنا في غرفة الكنترول وهي أشبه بمطبخ سري يمنع أي أحد من دخوله، وبعد ربع ساعة لم نتعرف خلالها بعد على آلية توزيع البعثات في أقل تقدير تم إصدار أوامر.

وللأسف فإنه نتيجة لعدم توافر المعلومات فإن الطالب غير قادر على معرفة الحقيقة، كما أن التظلم الذي تطرحه الوزارة هو تظلم شكلي فقط، وكل ذلك ظلم خطير بحق المتفوقين الذين هم خلاصة الخلاصة وتمزيق للمجتمع.

جهاز البعثات وجهاز التوظيف، هما جهازان سريان، والمعلومات حولهما لا تعلن بشفافية وتتم بسرية.

جليلة السلمان: التعليم في البحرين فقد قيمته، قبل 2011 كنا نتفاخر بين دول المنطقة بأننا أنجح نظام تعليمي، فقد شاركت في سنوات سابقة في مؤتمر جمعية المعلمين في الكويت والتي كانت تعتزم إدخال التعليم الإلكتروني وكانت البحرين حينها سباقة في هذا المجال، حاليّاً يكفي أن تدخل على موقع الهيئة الوطنية للمؤهلات وضمان جودة التعليم والتدريب وترى وضع المدارس والتقييم الصادر بحقها والذي يعطي مؤشراً واضحاً لحال قطاع التعليم، اليوم ليس المهم كثرة البرامج، وإنما مردودها الفعلي. وعلى الوزارة أن تعي ذلك.

بعد كل تلك المعطيات والظروف الراهنة، هل لمستم حالة من الإحباط بين صفوف الطلبة المتفوقين؟

– جليلة السلمان: موضوع التفوق ليس بالأمر السهل في الظروف الراهنة، التفوق في هذا الظروف يحسب مضاعفاً، هذه عقول لابد من توجيهها بشكل سليم أولا، وإعطائها الفرصة، المتفوقون اليوم بأنفسهم يرون أن معهم طلبة مبتعثين بمعدلات أقل وهذا يعكس أن ما هو معروض هو باقي الخطة فقط، وقيمة المنح الدراسية هي مشكلة أخرى، ففي أي عصر تعيش وزارة التربية والتعليم، هل ترى أن 400 دينار سنويا كافية لدراسة طالب؟!!

– عبدالجليل خليل: لا بد من تحدي الظروف والمناضلة لتحقيق طموحهم وعدم الضياع وسط سياسات فاشلة، وشق الطريق نحو مستقبل سيكون أفضل إن شاء الله، فالعلم هو ما يملكه المواطن ويفاخر به في وطنه وخارجه.

من الواضح أن هناك اتهامات متبادلة حول الطرف الذي سيس قطاع التعليم، فما رأيكم؟

– عبدالنبي العكري: أرى أن وزارة التربية والتعليم طرحت نفسها طرفاً سياسيّاً، وأبرز دليل هو عرضها وتوزيعها في الأمم المتحدة بجنيف، كتيِّباً بعنوان: «المدارس في مواجهة التخريب» بثلاث لغات (العربية، الإنجليزية والفرنسية) في ندوة جانبية عن الحق في التعليم والاعتداءات على المدارس، على هامش انعقاد مجلس حقوق الإنسان خلال يونيو/ حزيران الماضي، وباتت طرفاً محرضاً ضد المعارضة وجمعية المعلمين البحرينية، وقامت بتسيس قطاع التعليم، كما أن هذا الكتاب مليء بالمغالطات الفاضحة.

وفي الوقت الذي نستنكر فيه تعرض بعض المدارس للتخريب، لكن هل هذه الصورة لقطاع التعليم، وأين هي من اعتقال الطلبة والتعرض للمدارس، والملاحظ حينما يتحدث المرصد عن الكتاب وانتهاكات حقوق الإنسان في قطاع التعليم يتعرض لحملة هوجاء، الموضوع اليوم في الأمم المتحدة ولدى رئيس مجلس حقوق الإنسان.

الكتاب طبع 7 مرات وبثلاث لغات ورأيته لأول مرة في أحد المؤتمرات في الأردن وأثرته في المؤتمر، ولم يستطع ممثل وزارة التربية والتعليم في المؤتمر الرد، ورئيس المؤتمر أمر بإزالة الكتاب واللافتة، والغريب أخذ أيضاً إلى جنيف على رغم ذلك.

وزارة التربية والتعليم مهمتها بث الكراهية والطائفية، وكثير من موظفيها وكبار المسئولين فيها ينشرون أعمدة مهمتها مهاجمة المعارضة، والحديث عن السياسة عوضاً عن الحديث عن البرامج التربوية وما يجمع اللحمة الوطنية والعملية التربوية وهو أمر معيب، وأقولها بنيةُ هذه الوزارة بنيةٌ طائفية.

بماذا تفسرون قيام وزارة التربية والتعليم ومجلس التعليم العالي بوقف الاعتراف بشهادات وتخصصات محلية وخارجية؟

– عبدالنبي العكري: السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق: هل يوجد جهاز لتقييم الجامعات وكفاءات قادرة على ذلك، بالطبع لا، كل ما يتم هو محاصرة للطلبة، ومسألة التعليم العالي مصيبة أخرى، فقبل وجود مجلس التعليم العالي تم فتح الباب على مصراعيه لتدشين جامعات خاصة ملاكها معروفون دون النظر إلى الإمكانات الأكاديمية ومؤهلات طاقهما، وبسبب يأس الطلبة وعدم حصولهم على فرصة للدراسة في جامعة البحرين لجأوا لتلك الجامعات، إلى أن اتضحت ملامح الكارثة بتدني مخرجات تلك الجامعات، والسؤال الذي يطرح نفسه والمتعلق بإجراءات الوزارة والتعليم العالي، لم تم إغلاق جامعة وعدم إغلاق غيرها، وكيف يتم التصريح لجامعات لا تمتلك حرماً جامعيّاً وجامعات معلموها يعملون بالنظام الجزئي، وكيف يتم وقف دراسة الطب في جامعة أخرى بعد مرور أربع سنوات على فتحه، وما هو مصير الطلبة؟.

ولو قارنا تجربة دول مجاورة، كالكويت وقطر والشارقة، فإننا نرى مستوى الجامعات الخاصة فيها ومخرجاتها ومؤهلاتها والتجهيزات والمسئولين، وفي المقابل تلجأ البحرين لفتح «دكاكين» خاصة لتعذر قدرتها على استيعاب الطلبة في جامعتها الوطنية.

ماذا بشان تجربة جمعية الشيخ الجمري الخيرية فيما يتعلق بدعمها للطلبة؟

– سيد مجيد: المشكلة أكبر من الجمعية، فنحن نصطدم بالإمكانات المادية، وما نقوم به هو مساعدات رمزية فضلاً عن تقديم دورات إرشادية طوال ثلاث سنوات لتوجيه الطلبة ومساعدتهم على تحديد ميولهم وتطلعاتهم المستقبلية في ظل غياب التخطيط، كما نحاول أن ننسق لهم للتسجيل في جامعات معترف بها، وتتناسب مع إمكاناتهم المادية، فهم ليسوا بثروة وطنية فحسب بل إنسانية، وإن كثيراً من الدول تلجأ لاستقطاب المتفوقين واستثمارهم، فعلى سبيل المثال تقوم سانغفورة باستقطاب الكفاءات من الصين والهند والحاصلين على معدلات تفوق 95 في المئة، وتمنحهم منحاً دراسية، ومن ثم تخيرهم بين الحصول على وظيفة فيها أو العودة إلى بلادهم، وفي البحرين قدرنا أن نصدر العقول، فعلى رغم حجمنا الصغير وعلى المستوى البعيد ستظهر تداعيات هجرة الكفاءات، وللأسف فإن الثقافة السائدة محبطة نتيجة المعطيات الحالية، إلا أني أرى أن الكفاءة لا تعترف بموقع جغرافي أو ظروف، وأن على المتفوقين أن يستمروا في تميزهم على رغم الإحباطات والوضع الراهن، فبالتأكيد المستقبل سيكون أفضل بكثير، وحينها سيكونون قادرين على أخذ موقعهم المناسب.

وفيما يتعلق بمسألة الاعتراف بالشهادات، أود أن أعلق، بأنه أمر مضحك ألا يتم الاعتراف بالجامعات إلا بعد تخرج عدد من الطلبة البحرينيين، على رغم مزاولتها تخريج أجيال منذ أكثر من 200 عام، وهذا إنما يدل على تخبط واضح.

ما هي الحلول لخطة بعثات أكثر جدوى وأكثر إنصافاً؟

– عبدالجليل خليل: في تقديري تكمن المشكلة في عدم وجود مبدأ تكافؤ فرص ولا عنصر مساواة، وللأسف المتفوقون اليوم يشعرون بأنهم ليسوا بأبناء الوطن، وخطة البعثات جزء من أوراق السلطة، وفي حال عدم وجود إصلاح سياسي مبني على مساواة المواطنين، ستدخل كل الأطراف الأخرى لمعاقبة المواطنين، معاقبة تشمل وزارة التربية والتعليم وخطة بعثاتها من خلال حرمان طلبة من حقهم في بعثة دراسية تتناسب مع مؤهلاتهم وما حققوه من تفوق.

الوضع اليوم يشير إلى عدم  وجود مساواة وحرمان كثير من الطلبة من البعثات، ومحاربتهم لاعتبارات طائفية وسياسية، وليس أدل على ذلك من فرض الوزارة موافقتها على للحصول على مقعد دراسي في جامعات دول الخليج وغيرها، ولا يمكن وصف ذلك بأقل من «حصار» للمتفوقين وقدراتهم وتحطيم معنوياتهم، في الوقت الذي تفتح الباب على مصراعيه لآخرين للحصول على بعثات من دون معايير واضحة ومعدلاتهم أقل من زملائهم.

وعلى رغم حاجتنا إلى حل سياسي قائم على المساواة، ستظل المشكلة قائمة، إلا أننا نحتاج في المقابل إلى علاج فوري لمشكلة خطة البعثات تشمل وجود جهاز وطني كما في سنغفورة يتضمن مختلف الكفاءات لوضع خطة بعثات وطنية تراعي احتياجات البلد ومتطلبات التنمية لخمس سنوات مقبلة، فضلاً عن جهاز للرقابة وتوزيع خطة البعثات وضمان عدم ظلم أحد، وجهاز للمحاسبة، كما لابد من تحييد ملف البعثات، فللأسف اليوم هناك شخصيات نيابية ترفع قوائم إلى وزارة التربية والتعليم لإعطائهم منحاً وبعثات دراسية وفقاً للمحسوبية وتعلن ذلك بكل صراحة في الإعلام، في الوقت الذي من المفترض أن يكون جهاز البرلمان هو الجهاز الرقابي على ملف خطة البعثات في التربية والموازنة في المالية، إلا أنه اليوم جهاز شبه حكومي.

ونتساءل: أين تطبيق استراتيجية 2030، فلا يوجد اليوم مبدأ لتكافؤ الفرص ولا استثمار في المواطن، فالحساب الختامي يشير إلى وجود وظائف للأجانب تصرف عليها ملايين الدنانير سنويّاً، الرسالة التي يريدون إيصالها اليوم للمتفوقين هي معاقبة من يتفوق وحرمانه من بعثته وتعزيز الطائفية والتمييز، إلا أن المواطنين أكثر وعياً اليوم عما كانوا عليه بالأمس وأكبر دليل هو زيادة أعداد المتفوقين عاماً بعد عام رغم كل الظروف، ومن هنا ندعو المتفوق إلى مواصلة التفوق والإصرار عليه.

– جليلة السلمان: على المدى القريب أرى ضرورة إلغاء آلية المقابلات الشخصية التي لا توجد في أية دولة في العالم، فليس من حقها أن توجه الطالب إلى دراسة تخصص، وتمنعه من آخر، كما عليها تطبيق الشفافية والشعارات التي تنادي بها الوزارة في كل محفل، وعلى مستوى أبعد، أرى الحل يكمن في جزءين، الأول: متعلق بالدولة والآخر خاص بوزارة التربية والتعليم، نحتاج أولاً إلى وزارة معنية بالتخطيط كما في الدول المتقدمة، ولها فروع ومندوبون في كل وزارات الدولة، وخبراء مستقلون مهمتهم التخطيط للبلد، وفقا لاحتياجات سوق العمل وخطط التنمية التي منها خطة البعثات، وأن تكون وزارة التربية والتعليم عضواً فيها فقط.

وأود ان أعلق على مسألة الاعتراف بالشهادات والتخصصات، فعلى الوزارة ومجلس التعليم العالي تطبيق آلية التصييف كما في كثير من الدول المتطورة والتي تفتح الباب للدراسة في جميع الجامعات على أن يكون هناك تصنيف لكل جامعة، بناء عليه تترتب كثير من الأمور كالأولوية في التوظيف على سبيل المثال، أو تلجأ إلى آلية امتحان رخصة مزاولة العمل.

وفي السياق ذاته، على الوزارة إعادة النظر فيما تسميه بالمنح الدراسية والتي لا تتجاوز 400 دينار، والسعي إلى زيادتها كي يشعر الطالب المتفوق بأن هناك نتيجة لتعبه، وأن الدولة تقوم بتكريمه نتيجة جهوده ليعود لها بشهادته فخوراً وتفخر به.

– عبدالنبي العكري: نحتاج إلى حكومة ائتلاف وطني حقيقية تعكس إرادة الشعب ولها مصلحة في إصلاح الوضع السياسي، وقبل أن يتم ذلك لن تحل أية مشاكل أخرى.

– سيد مجيد: لا يمكن خلق كفاءة علمية، ولو رجعنا إلى السنوات الأخيرة وقارنا عدد من تم ابتعاثهم دون معايير منصفة ومن عادوا منهم فسنصدم بالأرقام، فالقيام بإعطاء المنح والبعثات لغير مستحقيها أمر من شأنه أن يضيع الفرص على زملائهم من المستحقين لها وهم من يمثلون تلك الكفاءة العلمية ويستنزف الموازنة ويؤثر على مخرجات التعليم العالي، وهذا بمثابة العبث، تلك العقول نعمة من رب العالمين ولابد من احتوائها بصرف النظر عن أية اعتبارات أخرى.

صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4337 – الأربعاء 23 يوليو 2014م الموافق 25 رمضان 1435هـ

http://www.alwasatnews.com/4337/news/read/906121/1.html