السيد شرف محسن الموسوي
رئيس الجمعية البحرينية للشفافية
في هذه الورقة سأتطرق لبعض النقاط التي رأيت إن لها علاقة بمهام جمعية الشفافية، و وجدت ان الاشارة اليها مهم من هذه الناحية. وهي اربع ملاحظات رئيسية على برنامج عمل الحكومة.
أولاً: في المحور الاقتصادي
- 1. تحقيق معدلات نمو اقتصادي حقيقي مستدام، كما ورد في البرنامج.
وفي هذا المجال لم تلزم الحكومة نفسها بنسبة للنمو الاقتصادي يتم من خلالها مراقبة أداء الحكومة فيما اذا تم تحقيق هذه النسبة أم لا. ونعتقد أن أعتماد معدل نسبة 5% للنمو السنوي على مدى الأربع سنوات القادمة في ظل تدهور أسعار النفط نسبة مقبولة كحد أدنى، آخذين بعين الاعتبار انخفاض اسعار النفط زما كانت تعلن عنه الجكومة من نسبة نمو في السنوات الآربع الماضية.
- 2. كما تطرق البرنامج إلى “إعادة توجيه الدعم الحكومي لمصلحة الفئات والقطاعات المستحقة وتحسين أساليب تقييم الاحتياجات بما يضمن توجيه الدعم الى مستحقيه”.
ونعتقد ان اعادة دراسة سياسة تقديم الغاز المدعوم ، لشركة ألمنيوم البحرين (ألبا ) وزيادة أسعاره، كفيل بتوفير كل ما يمكن أن تحصل عليه الحكومة من تخفيضات في الدعم المباشر الذي يقدم للمواطنين لدعم المواد الغذائية والغاز و وقود السيارات. كما أن اعادة تنظيم هذا الدعم يجب أن يأخذ بعين الاعتبار ما يقدم للمواطن وما يستفيذ منه المقيم آخدين بعين الأعتبار حقوق المواطنين أولاً وتقنين ما يقدم للمقيمين الأجاني.
- 3. تحسين نظام التقاعد ومعالجة العجز الاكتواري.
ورد في برنامج عمل الحكومة لمعالجة العجز الاكتواري مراجعة الخيارات المتعلقة بنظام التقاعد وربما تعطي الحكومة ايحاء برفع سن التقاعد لعمر الأثنين وستين عاماً خلافاً لما هو معمول به حالياً، علما بأن معدل حياة الفرد في البحرين هو 57 سنة. كما ترى الحكومة ادخال تعديل على ستدامة نظام التقاعد، واتخاذ الاجراءات الكفيلة لمعالجة العجز الاكتواري. ونعتقد أن الالتزام بتنفيذ توصيات لجنة التحقيق البرلمانية بعام 2006 في التأمينات وتنفيذ توصيات لجنة دمج منافع التأمينات وصندوق التقاعد والالتزام بتنفيذ توصيات ديوان الرقابة المالية واسترجاع الديون التي الغيت عن بعض البنوك ذات الوضع النقدي القوي، كل هذه التوصيات كفيلة بمعالجة الخلل في نظام التقاعد ومعالجة العجز الاكتواري ونظيف لهذه التوصيات التي توصلت لها الحلقة الحوارية التي اعدتها الجمعية البحرينية للشفافية بمشاركة متخصصين يمكن المساهمة في معالجة هذا الموضوع.
ثانياً: في المحور الاجتماعي
1) ورد في برنامج الحكومة تحت عنوان ( تمكين المنظمات الأهلية لتعزيز درها التنموي) ونعتقد انه من غير الممكن تماماً تطوير وتمكين المنظمات الأهلية واعتبارها شريكاً في التنمية في ظل قانون الجمعيات الأهلية الحالي أو القانون المقدم لمجلس النواب المتضمن بعض التعديلات القاسية سواء تلك التي المتعلقة بتأسيس الجمعيات أم تضمين القانون المقترح بالمراسيم أو القرارات الوزارية التي تطبقها الوزارة حالياً، وهما في واقع الحال ترسيخ لهيمنة وزارة التنمية على عمل الجمعيات الأهلية والحد من حرية عمل هذه الجمعيات وخلق العديد من العقبات لها، و اذا علمنا ان العمل الوزاري يعاني من البيروقراطية الشديدة، وتعالي موظفي الوزارة في التعامل مع مؤسسات المجتمع المدني وفي ظل هذه الحالة لا يمكن أن تحقق رغبة الحكومة في مشاركة الجمعيات الأهلية في التنمية في ظل هذه الصعوبات أضف الى ذلك ما تعانية الجمعيات الأهلية من شحة الدعم المالي و وقف حصول هذه الجمعيات من الدعم من جهات خارجية تقم أو قدمت دعماً لبعض الجهات الحكومية ( أي إن الوزارة تمنعها عن الجمعيات الأهلية ومسموح لجهات حكومية من الحصول على الدعم ) كما حصل مع وقف مشروع جمعية الشفافية والخاص بمشروع نشر ثقافة النزاهة في أوساط الطلبة الجامعيين الذي أوقفته الوزارة. ولذلك فإن الالتزام بتقديم مقترح لقانون الجمعيات الأهلية بمنح العمل الأهلي مزيداً من الحرية والمسؤولية هو الحل الصحيح لتمكين هذه الجمعيات من أن تكون شريكاً حقيقياً للحكومة في التنمية كما ورد في برنامج الحكومة.وبغير اقرار قانون تشارك هذه الجمعيات في الاعداد له يبقى هذا البرنامج مجرد طموح. وعليه نرى أنه يجب على وزارة التنمية أن تتوقف عن اعاقة عمل المنظمات الأهلية تحت ذرائع شتى وأن تساهم بشكل فعال في دعم الجمعيات الاهلية الفاعلة وليس الجمعيات التي تنفذ أجندة الوزارة. ونوصي بأن تشارك الجمعيات الأهلية الفاعلة في صياغة قانون جديد للمنظمات الأهلية يأخذ بعين الاعتبار حرية تكوين الجمعيات الأهلية وحرية العمل فيها دون التهديد بالسجن أوحل الجمعية وغيرها من التهديدات التي تخرج بها الوزراة من وقت لآخر.
2) ورد أيضاً في برنامج الحكومة ” توفير فرص عمل مناسبة للمواطنين وتنظيم سوق العمل” كل ما قدمته الحكومة ضمن برنامجها المقترح بتساقط أمام قرار مجلس الشورى بعدم اعتماد أولوية التوظيف للبحريني، واقرار هذا التوجه من قبل الحكومة ” وهذا متوقع بحجة حرية عمل السوق ” يعني مقدمة لانهيار أحد أهداف البحرين 2030 فيما يتعلق بجعل الموطن البحريني خياراً استراتيجياً ناجحاً لمؤسسات القطاع الخاص.
لذلك نعتقد ان الالتزام بأولوية توظيف البحريني سواء في الحكومة أو في القطاع الخاص سيؤدي لتحقيق ما تصبوا إليه الحكومة كما ورد في برنامجها، لذلك يجب أن تقدم الحكومة ضمن برنامجها التزاماً واضحاً بمنع وزارة التربية والتعليم و وزارة الصحة من استقدام عمالة أجنبية في الوقت الذي يقبع فيه المواطنين البحرينيين المؤهلين، في منازلهم بدون عمل، والسبب في اعتقادنا يعود لنتائج ما مرت به البحرين منذ 2011 وجعل التمييز والتهميش لأبناء طائفة معينة منهجاً كسيحاً لبعض الوزارات.
ثالثاً: في محور البنية التحتية
كما يرد في تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية خلال السنوات الماضية فإن هناك فشلاً من بعض الوزارات (ومنها وزارتي الصحة والتربية والتعليم وهما من أكبر الوزارات التي يتعامل معها المواطنين والمقيمين) من تنفيذ مشاريعهما التي يتم اعتمادها لهم في الميزانيات السنوية لهاتين الوزارتين في السنوات السابقة إذ لم يزيد انجاز المشاريع الواردة في الميزانية عن 30%. ونعتقد أنه بدون اجراء تعديلات جوهرية على الهيكلية التنظيمية لهاتين الوزارتين يشمل تغييراً حقيقياً في قيادات هاتين الوزارتين فلن تتمكن الحكومة من تنفيذ ما تعد به في برنامجها الحالي للأربع سنوات القادمة لأن فاقد الشيء لا يعطيه، وإذا استمرت الوزارتين بنفس المنهجية والعقلية الحالية التي يتم ادارتهما بها، فإن الوضع لن يتحسن كثيراً.
رابعاً: في تعزيز مبادئ المسائلة والشفافية
ورد في برنامج الحكومة تعزيز دور مجلس المناقصات والمزايدات وتحسن أداءه لضمان أعلى مستويات الشفافية..الخ، وهذا هدف جيد ولكن لم يتم التطرق في هذا المدخل الى التزام الحكومة بإتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد و خططها للحد من الفساد والعمل على نشر ثقافة النزاهة. وهنا لابد من توفير استراتيجية وطنية واضحة لمكافحة الفساد والحد منه، وخطة حكومية معلنة لتنفيذ هذه الأستراتيجية ويتطلب ذلك انشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد وتنفيذ بنود الاتفاقية بما فيها اصدار قانون حق الحصول على المعلومات وقانون حماية الشهود والمبلغين والعاملين في مجال مكافحة الفساد وخاصة في قطاع مؤسسات المجتمع المدني. لذلك نعتقد ان وجود محور أساسي في برنامج الحكومة يغطي مكافحة الفساد سوف يكون له انعكاس ايجابي على الوضع التنافسي للبحرين، واستقطاب مزيداً من الاستثمارات الأجنبية وسيؤدي ذلك بكل تأكيد الى التطور الاقتصادي والاجتماعي واستمرار مشاريع التنمية المستدامة التي تنشدها الحكومة ضمن برنامجها.
ومن باب الشفافية التي ورد في برنامج الحكومة لم يرد أي تفصيل عن المساعدات التي أقرها مجلس التعاون لدول الخليج العربية والبلغ عشرة مليارات دولار أمريكي، ولا يتطرق البرنامج الحكومي لكيفية الأستفادة من هذا المبلغ بشكل سنوي أضف الى إن المساعدات الخليجية الأخرى لم يتم التطرق لها. وهذا الوضع يصطدم بشفافية المساعدات الدولية التي تنادي به منظمة الشفافية الدولية والبنك الدولي ومنظمات الأمم المتحدة التي تصنف هذه المساعدات على اساس انها اموال عامة تضعم لنفس اسس حرمة المالي العام. لذلك نرى من المهم ان تحتوي خطة الحكومية لتفاصيل الدقيقة لكيفية التصرف في هذه المساعدات.
كما نعتقد أن تعديل المنظومة التشريعية بما يخدم مصلحة مكافحة الفساد والحد من الجريمة الاقتصادية والتكنولوجية والأفصاح عن حجم المساعدات وكيفية التصرف بها، منهج سيكون فيه انعاكساً ايجابياً على التنمية بشكل عام.
ونؤكد هنا على الالتزام الحكومي بتنفيذ توصيات ديوان الرقابة المالية، وتفعيل دور النيابة العامة فيما يتعلق بتقديم الجهات والمسئولين للمسائلة القانونية حسبما يرد من مخالفات يتضمنها تقرير ديوان الرقابة المالية الذي يحتاج الى النظر في قانون تأسيسه وممارسته لمهام عمله بما يؤدي الى تكامل هذا القانون مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ومنح دور أوسع لمنظمات المجتمع الأهلي لممارسة دورها الرقابي المستقل.
خامساً: ملاحظات عامة
1) لم يأخد البرنامج بعين الأعتبار توصيات الحوار الوطني الذي أقيم في عام 2011م ومنها انشاء هيئة او جهة لتنفيذ برنامج العدالة الانتقالية.
2) لم يتضمن البرنامج الحكومي أية أرقام سواء للمشاريع الاسكانية او لنسبة النمو المتوقعة.
3) لا يتضمن البرنامج أية خطط طوارئ في حالة فشل الحكومة في تنفيذ برنامجها الحالي، وماذا سيكون عليه الحال. وخاصة فيما يتعلق ببند الايرادات التي تعتمد في نسبة منها على 85% من ايرادات النفط وهذه نسبة عالية جداً.
4) لم يتضمن البرنامج الحكومي أي اشارة الى العدالة في فرص التوظيف بين المواطنين في التوظيف الحكومي وفي الهيئات والشركات الحكومية مما يعزز فكرة التمييز في التوظيف.
5) لم يضع البرنامج أدوات قياس حقيقة للأداء الحكومة مثل تقارير ربع سنوية للألتزام الوزارات والهيئات الحكومية بخطط البرنامج الحكومي.