سيد شرف الموسوي
مقدمة:
تم إنشاء ديوان الرقابة الماليةبموجب المرسوم بقانون رقم (16) لسنة 2002 الصادر بتاريخ 3 يوليو عام 2002 (قبل إنعقاد أول مجلس منتخب بعد المشروع الاصلاحي) وذلك في إطار استكمال البحرينلمؤسساتها الدستورية، بتاريخ 14 نوفمبر 2010تحول إلى ديوان الرقابة المالية والإدارية بموجب المرسوم بقانون رقم (49) لسنة 2010.
يتولى الديوان القيام بأعمال الرقابة النظامية ورقابة الأداء والرقابة الإدارية والرقابة المالية، ويصدر الديوان تقريراً سنوياً، يتضمن نتائج الرقابة على الحساب الختامي للدولة والحسابات الختامية للجهات الخاضعة لرقابته. ويُرفع هذا التقرير إلى جلالة الملك ومجلس الوزراء ومجلس النواب بموجب المادة (19) من قانون الديوان.ويمكن للديوان إصدار تقرير نصف سنوي أو تقرير عاجل لموضوع معين.
مقارنة بديوان المحاسبة في دولة الكويت.
أنشأ ديوان المحاسبة الكويتي بموجب القانون “رقم (30) لسنة 1964 الخاص بإنشاء ديوان المحاسبة”.و”يكون الديوان ملحقا بمجلس الأمة ” ويرفع تقاريره لسمو أمير دولة الكويت ورئيس الحكومة ولرئيس مجلس الأمة الكويتيالذي يستفيذ منه بتوجيه العديد من الأسئلة للوزراء ويعتبر تقرير الديوان المصدر الرئيسي للمعلومات الخاصةبأستجواباتالوزراء كما حدث مع العديد من الوزراء في تاريخ مجلس الأمة الكويتي وأضرب مثلا،باستجواب وزير المالية الكويتي بناء على ما ورد في تقرير الديوان، ونوقش الاستجواب بجلسته بتاريخ 24 يونيو 1986م وكان موضوع الأستجواب هو ما ورد في تقرير الديوان، حول صندوق ضمان معاملات الأسهم بالأجلالناتجة عن ” أزمة المناخ في العام 1982″.
كما تعتمد لجنة الميزانيات وهي من أهم لجان مجلس الأمة الكويتي على تقارير الديوان قبل تمرير الميزانيات الخاصة بالوزارات للمجلس حيث تتولى اللجنة قبل اعتماد الميزانية بالبحث في تقارير الديوان للتعرف على حجم الانفاق ونسبة انجاز المشاريع،،،الخ وهناك لجنة أخرى هي لجنة حماية الأموال العامة وتتولى متابعة الوزراء واعداد التقارير اللازمة وتقرير الديوان أحد مصادر معلوماتها.
سأتناول بعض الملاحظات العامة الواردة في التقرير بشكل عام ثم ما نراه في الشفافية من أجل الاستفاذة من التقرير قدر الامكان بواسطة السلطة التشريعية.
- الدين العام.
بلغ الدين العام بنهاية 2016 مبلغ 8،866 مليون دينار ودين آخر من البنك المركزي 1،064 دينار مما يرفع حجم الدين العام إلى 9،930 مليون دينار أي بحدود 10 مليار دينار هذا بالإضافة الى الإلتزامات المتوقعة تجاه قرض شركة ألبا لتطوير الخطوط الإنتاجية والعجز الإكتواري المتوقع لصناديق التأمين الاجتماعي. هذا يعني إن هناك أرتفاع درماتيكي للدين العام ابتداء من العام 2012 الذي بلغ فيه الدين العام 4،200 مليون دينار. وقد وصلت نسبة الدين العام للناتج المحلي ما يقارب من 80% وهي نسبة عالية وحرجة للاقتصاد الوطني.وتركت هذه النسبة أثراً سلبياً على التصنيف الإئتماني للبحرين مما أدى إلى أرتفاع أسعار فائدة الإقتراض من السوق الدولي أو حتى المحلي ( الأسبوع الماضي أعلن البنك المركزي عن طريق البورصة عن بيع سندات خزينة بفائدة بنسبة 5،5 % وهي نسبة عالية مقارنة بسوق الإقتراض التجاري.
ونوذ التذكير هنا بالتوصية التي تقدمت بها جمعية الشفافية عندما عقدت حلقة حوارية بشأن الميزانية العامة 2015 – 2016 حيث طالب المنتدون آندك بإصدار قانون لأنشاء هيئة لإدارة الدين العام والحد من تفاقمه.كما دعينا في تلك الحلقة الحوارية السادة في مجلس النواب إلى متابعة ضمان تنفيذ الوزراء لمرئياتهم الواردة في برنامج عمل الحكومة.
- صندوق احتياطي الأجيال القادمة.
بلغ إجمالي إحتياطي الأجيال القادمة 615 مليون دينار بنهاية 2016 مقارنة بمبلغ 554 مليون دينار بنهاية العام 2015 أي إن الحكومة أضافت تقريباً 61 مليون دينار للأحتياطي الاجيال القادمة في العام 2016. ونأمل أن لا يتم سحب أي مبالغ من هذا الصندوق لأي سبب كان، النقطة التي لنا عليها ملاحظة في هذا الأمر هو العائد المتحقق من استثمار موجودات هذا الصندوق حيث بلغت 2،1% وهي نسبة ضئيلة مقارنة بالعوائد الاستثمارية المتاحة في السوق المحلي والدولي.
- الصرف من ميزانية المشاريع.
إن من أهم الوزارات التي تقدم خدمات للجمهور هما وزارة البلديات و وزارة التربية والتعليم وكما ورد في تقرير الديوان فقدبلغت نسبة انجاز المشاريع في الوزارتين بنسبة 66% و 51% على التوالي بينما تجاوزت وزارة التربية المصاريف المخصصة لها بمبلغ ( 7،404،810 ) ويتضح إن وزارة التربية التي لم تتمكن من التخطيط للمشاريع الرأسمالية، تتوسع في الصرف من المصروفات الاعتيادية. مع ملاحظةان بعض الوزارات أو الهيئات لم تتجاوز نسبة انجاز المشاريع فيها 20 أو 25 % وهذا ويعطي انطباع عدم مقدرة الوزارات المعنية في التخطيط والأنجاز كما وضعوه في خطتهم، وبالمناسبة نسبة الانجاز لهذا العام ليست استثناء وانما هي النسبة التي لم تتمكن بعض هذه الوزارات من تجاوزها في السنوات السابقة.
- أمثلة على بعض الملاحظات الواردة في التقرير ” الرقابة على مشاريع الشئون الاسلامية بوزارة العدل والشئون الاسلامية والاوقاف “
- وجود اوجه الضعف التالية في تقييم عطاءات المناقصات:
- قيام الشئون الاسلامية عند تقييم عطاءات بعض المشاركين في مناقصات المشاريع في حال وجود بند لم يُسعره المقاول بوضع اعلى سعر لهذا البند ورد في العطاءات الاخرى المقدمة لنفس المناقصة وذلك للمقارنة بين عطاء المقاول وبقية العطاءات، واذا رست عليه المناقصة يُحاسب على اساس اقل سعر لذلك البند ورد في العطاءات المقدمة. وهو اجراء يخالف احد الاشتراطات المنصوص عليها في وثائق المناقصات والذي يجب بمقتضاه اعتبار قيمة البنود التي لا يسعرها المقاول في عطائه مشمولة ضمن قيمة البنود الاخرى، الامر ادى الى تغيير اسعار العطاءات دون اساس صحيح وبالتالي تغيير ترتيب المقاولين وارتفاع تكلفة بعض المشاريع بدون مبرر.
- الاستناد عند تقييم العطاءات الى معايير تختلف عن المعايير المنصوص عليها في وثائق المناقصات، مما يخالف متطلبات المادة الرابعة من قرار مجلس المناقصات والمزايدات رقم (1) لسنة 2010 والذي يقضي بتقييم العطاءات حسب المعايير المحددة في وثائق المناقصة.
- منح درجات لبعض بنود التقييم الفني مثل الوضع المالي والاعمال السابقة والموارد البشرية دون الاستناد الى اية مستندات تدعم التقييم، الامر الذي لا يضمن صحة وموضوعية الدرجات التي تُمنح للمقاولين.
- منح المقاول صاحب العطاء الاقل سعرا درجة منخفضة في التقييم الفني استنادا الى معايير لم تنص عليها وثائق مناقصة المشروع، الامر الذي ادى الى ترسية المشروع على المقاول صاحب العطاء الثاني من حيث السعر وتحمل تكلفة اضافية قدرها 42 الف دينار. (منقول من تقرير الديوان لعام 2017)
- الشفافية في المعلومات.
تنشر بعض الجرائد سنوياً مخلصاً لأهم الملاحظات التي وردت في تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية ولكن هذا النشر ليس مؤطر دستورياً أو قانونياً ويمكن أن يتوقف في أي وقت ترى السلطة التنفيذية أو التشريعية أو القضائية وقف هذا النشر، في هذه الحالة لن يتعرف الجمهور على محتويات التقرير سواء الأكاديميين أو الباحثين أو الجمهور العادي. لذلك نعتقد إن أحتواء قانون انشاء ديوان الرقابة المالية على التصريح للديوان بنشر تقاريره أمر مهم، وبناء عليه برى إن قانون الديوان يحتاج الى بعض التعديلات التي تسمح للديوان بنشر تقاريره للعموم وهذا دور السلطة التشريعية ” مجلس النواب “.
أبتداء من العام2015 بدأ ديوان المحاسبة الكويتي بنشر تقاريره السنوية على صفحته على الأنترنت ومتاحة لمن يرغب في الاطلاع عليها بشكل عام.
- دور مجلس النواب
لمجلس النواب البحريني دور رقابي مهم كما نص عليه الدستور في عدة مواد وأهمها “المادة – 69– والتي تنص على أنه يحق لمجلس النواب في كل وقت أن يؤلف لجان تحقيق أو يندب عضوًا أو أكثر من أعضائه للتحقيق في أي أمر من الأمور الداخلة في اختصاصات المجلس المبينة في الدستور، على أن تقدم اللجنة أو العضو نتيجة التحقيق خلال مدة لا تتجاوز أربعة أشهر من تاريخ بدء التحقيق.ويجب على الوزراء وجميع موظفي الدولة تقديم الشهادات والوثائق والبيانات التي تطلب منهم “.
كما ورد على الموقع الأليكتروني لمجلس النواب هذه هي الأدوات ادستورية المتاحة للرقابة
من الأدوات الرقابية التي يستطيع من خلالها مراقبة أداء السلطة التنفيذية، ولعل من أهمها وأحدثها هو “برنامج عمل الحكومة” الذي ينظم العلاقة بين السلطة التنفيذية والرقابية، وصولاً إلى اتفاق على برنامج عمل موحد للفصل التشريعي بأكمله. ومن أهم أدوات الرقابة المنصوص عليها في دستور مملكة البحرين هي التالي:
وتنظم اللائحة الداخلية للمجلسأعمال المجلس في هذا المجال وكذلك في الاستجوابات بالرغم من صعوبتها وربما استحالتها بعد التعديل الأخير على اللائحة الداخلية، ونعتقد أنه يمكن الاستفادة من تقرير ديوان الرقابة المالية بشكل أفضل مما هو عليه الحال الآن، لا يكفي أن يحول تقرير الديوان الى اللجنة المالية أو أية لجنة أخرى من أجل إعداد تقرير عنه ثم يبعث تقرير اللجنة مع التوصياتإلى السلطة التنفيذية التي سبق لها أن شكلت اللجان الخاصة بتنفيذ التوصيات الواردة في التقرير، يجب أن يستفيذ البرلمان من هذا التقرير بتوجيه أسئله للوزراء الواردة عليهم الملاحظات وتشكيل اللجان المتخصصة لمواضيع معينة، وتقديم مقترحات لمشاريع قوانين،وهذا ما نأمل ان يحققه مجلس النواب من أجل تطوير العمل الحكومي واثبات دور وقوة الرقابة البرلمانية.
- توصيات الجمعية البحرينية للشفافية.
تؤكد الجمعية على إصدار بعض التشريعات والإجراءات المهمة التي يجب ان تتخدها البحرين ومنها:-
- الاستفادة المثلى لما يرد في تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية من قبل مجلس النواب سواء فيما يتعلق بتوجيه الأسئلة أو لجان التحقيق أو اثناء مناقشة الميزانية العامة.
- إجراء التعديلات اللازمة على قانون انشاء الديوان من أجل السماح بنشر تقرير الديوان حال تسليمه لجلالة الملك.
- إصدار قانون حق الحصول على المعلومات.
- إنشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد.
- إصدار قانون حماية الشهود المبلغين والنشطاء.
- إعداد استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد يشارك في اعدادها جميع الاطراف.