قال وفد منظمة «هيومن رايتس ووتش» في البحرين: «إن حكومة البحرين لم تحرز أي تقدم على صعيد وعودها بالإصلاح، وخصوصاً على صعيد عدم الإفراج عن المعتقلين السياسيين الذين لم يحصلوا على محاكمات عادلة، ناهيك عن السماح باستمرار سياسة الإفلات من العقاب للمسئولين عن التعذيب الذين يشغلون مناصب رسمية رفيعة».
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده وفد المنظمة مساء أمس الخميس (28 فبراير/ شباط 2013)، في مقر الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، والذي يأتي في ختام زيارة قام بها الوفد إلى البحرين لمدة خمسة أيام خلال الأسبوع الجاري.
كما أكد الوفد، في رده على سؤال لـ «الوسط»، أن الحكومة لم تلتزم بتنفيذ التوصيات الصادرة عن اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق أو التوصيات الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان في جنيف في إطار المراجعة الدورية الشاملة للبحرين.
وبدأت مديرة برنامج الشرق الأوسط في «هيومن رايتس ووتش» سارة ليا ويتسون حديثها، بالقول: «بعض الأشخاص حذرونا من أن المؤتمر الصحافي هذا قد يضر بالحوار الذي يجري حالياً، وأود أن أؤكد للحكومة أن ليس لدينا رغبة في الإضرار بالحوار، وإنما نرحب بالجهود الحكومية بعقد الحوار بين مواطنيها».
أكد تلقيه تحذيرات من عقد مؤتمره الصحافي… وفد «هيومن رايتس ووتش» في المنامة:
سياسة الإفلات من العقاب مستمرة… والحكومة لم تنفذ توصيات «تقصي الحقائق» و «جنيف»
العدلية – أماني المسقطي
قال وفد منظمة «هيومن رايتس ووتش» في البحرين، ان سياسة الإفلات من العقاب مازالت مستمرة، وان الحكومة لم تلتزم بتنفيذ التوصيات الصادرة عن اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق أو التوصيات الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان في جنيف في إطار المراجعة الدورية الشاملة للبحرين.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده وفد المنظمة مساء يوم أمس الخميس (28 فبراير/ شباط 2013)، في مقر الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، والذي يأتي في ختام زيارة قام بها الوفد إلى البحرين لمدة خمسة أيام خلال الأسبوع الجاري.
وبدأت مديرة برنامج الشرق الأوسط في «هيومن رايتس ووتش» سارة ليا ويتسون حديثها، بالقول: «أعلم أن هناك عدم ارتياح من عقد هذا المؤتمر الصحافي في البحرين، وأنا سعيدة جدا أن نقيم هذا المؤتمر هنا، وأن حكومة البحرين أبدت تقبلاً لإقامة مؤتمرنا الصحافي هذا. ويجب أن أشير أن دولاً عربية أخرى قد لا تسمح بإقامة مؤتمر صحافي على أراضيها. كما أن إيران لم تسمح لنا بممارسة نشاطنا على أراضيها، لأنها لا تبدي هذه الشفافية والانفتاح».
وأضافت: «مثلنا المنظمة في البحرين ضمن وفد مكون من ثلاثة أشخاص، وحصلنا على تأشيرة لمدة خمسة أيام، وذلك بالتنسيق مع وزارة شئون حقوق الإنسان، وأود أن أبدي سعادتي لتأكيد الوزارة لنا بالسماح بالعودة إلى البحرين».
إلا أنها استدركت بالقول: «ولكني حزينة جداً إذ لا يتم السماح لنا بدخول البحرين بحرية كما كنا قبل عامين، وكلكم تعلمون أن ممثل المنظمة جو ستورك تم منعه من دخول البحرين في وقت سابق، ويجب أن أؤكد هنا أننا في المنظمة نحمل الرسالة ذاتها بشأن ما نراه في البحرين، ووجهة نظرنا في هذا الشأن ليست فردية».
وأشادت ويتسون بالخطوات التي قامت بها وزارة حقوق الإنسان على صعيد تنظيم لقاءات الوفد مع المسئولين الرسميين، الذين كانوا مستعدين للجلوس مع الوفد للإجابة بصراحة على أسئلته الصريحة والصعبة، على حد قولها، مشيرة في الوقت نفسه، إلى أن أية حكومة أخرى لم تكن لتقبل بالإجابة على أسئلة صعبة كتلك التي وجهها الوفد لهم، وفقا لويتسون.
وقالت: «يجب الأخذ في الاعتبار الإيجابيات هنا في البحرين، إذ ان هناك رغبة في عقد حوار وتبادل وجهات النظر والآراء، وهذا أمر مهم من أجل مستقبل هذه البلاد، فجمع مختلف الأطراف للحديث بشأن البحرين هو أمر أساسي».
وتابعت: «بعض الأشخاص حذرونا من أن المؤتمر الصحافي هذا قد يضر بالحوار الذي يجري حالياً، وأود أن أؤكد للحكومة أن ليس لدينا رغبة في الإضرار بالحوار، وإنما نرحب بالجهود الحكومية بعقد الحوار بين مواطنيها، ومن مسئولية الحكومة أن تجمع جميع أفراد المجتمع البحريني لهذا الحوار، الذي نأمل أن يحقق تطلعات البحرينيين».
وأشارت إلى أن الوفد التقى خلال زيارته بوزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، والنائب العام علي البوعينين، والأمين العام للتظلمات في وزارة الداخلية نواف المعاودة، ورئيس الأمن العام طارق الحسن، والمستشار في وزارة الداخلية جون تيموني، وممثلين عن وزارتي حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية، وممثلين عن جمعيات سياسية وأهلية، وناشطين حقوقيين وعائلات بعض المعتقلين.
كما أشارت إلى لقاء الوفد بـ14 من المعتقلين، من بينهم المعتقلون السياسيون ضمن مجموعة الـ13، والناشط الحقوقي نبيل رجب، ورئيس جمعية المعلمين مهدي أبوديب، والطبيب علي العكري.
وأكد ويتسون، أن إدارة السجن سمحت للوفد بعقد لقاءات خاصة مع المعتقلين، وتصويرهم بالفيديو مع أخذ صور فوتوغرافية لهم.
وقالت: «رؤيتنا للأوضاع في البحرين، لا تختلف كثيراً عما ذكرناه في تقاريرنا بشأن الأوضاع في البحرين، وللأسف أنها محبطة».
وأضافت: «الرسالة الرئيسية التي تريد الحكومة البحرينية إيصالها للعالم أنها تقوم بخطوات على طريق الإصلاح، نرى أنها لن تتحقق مادام المسئولون عن الانتهاكات التي حدثت على ضوء الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في العام 2011 بعيدون عن المساءلة ومازالوا في مواقعهم، كما أنه لن يكون هناك أي إصلاح ملموس، مادام المعتقلون السياسيون، بمن فيهم أفراد الكادر الطبي والناشطون الحقوقيون، معتقلين. وما لم تعالج الحكومة هذين الأمرين، سيظل الإصلاح فيها عالقا».
وأشارت ويتسون إلى أن أبرز النتائج التي توصل إليها الوفد خلال زيارته إلى البحرين، هي استمرار سياسة الإفلات من العقاب للمسئولين في وزارتي الداخلية والدفاع، المتسببين في انتهاكات حقوق الإنسان التي شهدتها البلاد خلال الاحتجاجات، والمتمثلة في القتل والضرب والتعذيب والاعتقال والإصابات.
وقالت: «نحن سعداء أن نعلم أن وزارة الداخلية حققت في 117 قضية في ادعاءات وقوع هذه الانتهاكات، وأحالت عددا منها للتحقيق، إضافة إلى محاكمة 5 رجال أمن بسبب دورهم في تعذيب المواطنين البحرينيين».
إلا أنها استدركت بالقول: «لنكن واقعيين، إن هذا أمر غير كاف، فمن المؤسف أن التحقيقات التي تتم بشأن الانتهاكات، لم تحمل المسئولية لأي مسئول رفيع المستوى. لقد صدمنا حين أبلغتنا وزارة الداخلية أن نتائج التحقيقات لم تثبت تورط أي مسئول في الأمن بشأن الانتهاكات التي حدثت. وهذا الأمر كان محل تساؤل كبير في استمرار منح الحصانة لهؤلاء المتسببين بالانتهاكات، الذين قد يكونون قد سمحوا بوقوع الانتهاكات أو لم يسعوا لإيقافها أو منعها أو مراقبة عدم وقوعها».
واعتبرت ويتسون أنه من الصعب أن يتم تصديق الوعود بإصلاح الأمن، حين يكون المسئولون عن وقوع الانتهاكات مازالوا في مواقعهم ومستمرون في إصدار أوامرهم.
وقالت: «إذا كانت هناك جدية في إصلاح الأمن، فيجب أن يتم إيقاف المسئولين عن الانتهاكات عن عملهم. ولكن مع عدم وجود أي مسئول تم معاقبته أو فصله من موقعه بسبب السماح بهذه الانتهاكات، فإنه من الصعب تصديق أن هناك تحسنا في جهاز الأمن».
كما أبدت ويتسون قلقها بشأن عدم تمكن النيابة العامة من تقديم أي نتائج بشأن التحقيقات التي تقودها بشأن شكاوى الانتهاكات، مؤكدة أن الوفد لم يتمكن من الحصول على أية معلومة بشأن نتائج التحقيق أو آلية القيام بها.
وقالت: «كان من بين النتائج التي توصلت لها اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، أن الانتهاكات في وزارتي الداخلية والدفاع، لا يمكن أن تكون قد تمت من دون معرفة المسئولين في الوزارتين. ونريد أن نرى مساءلة لهؤلاء المسئولين الذين عناهم التقرير».
وأضافت: «التقينا مع الأمين العام لوحدة التظلمات نواف المعاودة، وهي الوحدة المعنية بالتحقيق في الشكاوى ضد رجال الأمن، ونحن سعداء بأن لديها صلاحية في مراقبة السجون، وندعو المسئولين عن هذه الوحدة لأخذ نظرة قريبة جدا للسجون».
وأكدت ويتسون، أن نجاح جهاز الأمن في كسب ثقة المجتمع البحريني، يعتمد على نسبة تمثيل أفراد المجتمع البحريني في الجهاز، مؤكدة ضرورة أن يعكس جهاز الأمن التنوع الاثني والعرقي والطائفي في البحرين، معلقة: «سمعنا الكثير من الحكومة بشأن ما يمثله المجتمع البحريني من تنوع، وهو أمر نؤيده، ولكننا غير راضين تماماً في النسبة التي يمثلها الشيعة من قوات الأمن».
وقالت ويتسون: «قلقنا كبير من استمرار اعتقال وحبس الناشطين السياسيين والحقوقيين والكادر الطبي، كما نود أن نشاطر قلقنا بشأن استمرار محاكمة الناشط الحقوقي نبيل رجب. وهو ليس جزءا من المجتمع البحريني فقط وإنما جزء من منظمتنا إذ كان مستشارها في الأعوام السبعة الأخيرة، وبالتالي، ليس المجتمع البحريني وحده الذي يفتقد رجب، وإنما نفتقده صديقا لنا».
وأضافت: «أعلم أنه قد لا يكون من المناسب أن ندعو لحصول المعتقلين السياسيين على عفو ملكي، وكنا نفضل أن يأخذ القانون مجراه، ولكن في البحرين ليس هناك خيار آخر. وعلى القيادة السياسية في البحرين أن تقتنع أن الإصلاح الحقيقي يترتب على الإفراج عن الأشخاص الذين اعتقلوا بسبب آرائهم السياسية».
وأكدت ويتسون أن هناك «عدم فهم» لمفهوم حرية التعبير من قبل الجهات الرسمية في البحرين، وتطرقت في هذا الإطار إلى محاكمة الناشط الحقوقي السيد يوسف المحافظة، بسبب نشره صورة لشخص مصاب في الاحتجاجات، إذ انتقدت اتهامه على ضوء ذلك بالتحريض على العنف، مشيرة إلى أن دعوة الأشخاص للمشاركة في تجمهر أو انتقاد القيادة السياسية لا يستوجب المحاكمة، باعتبار أنه بعيد عن ممارسة العنف.
كما أبدت ويتسون قلقها من اعتقال الناشطة الحقوقية زينب الخواجة، مشيرة إلى أن الاتهامات التي وُجهت لها لا تتفق والقانون الدولي الإنساني والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
وانتقدت ويتسون الاجراءات التي تم اتخاذها بحق الجمعيات المهنية، كجمعيات الأطباء والمحامين والتمريض والمعلمين، وقالت: «هذه ليست الطريقة الصحيحة للتعامل مع مؤسسات المجتمع المدني».
كما انتقدت أيضاً مشروع قانون الجمعيات الأهلية الذي أُحيل للبرلمان، وقالت: «لقد صُدمنا أنه في الوقت الذي يتم الترويج في الخارج وعبر شركات العلاقات العامة الى أن الحكومة البحرينية تعمل على الإصلاح، أن يصدر مثل هذا المشروع الذي يُعتبر أسوأ بكثير من القانون المعمول به حالياً».
وتابعت: «للأسف أن وزيرة التنمية الاجتماعية فاطمة البلوشي لا تفرق بين المؤسسات التي تقودها الحكومة والجمعيات المستقلة، إذ أزعجنا كثيراً أن الوزيرة أعطت لنفسها الحق في منع تأسيس الجمعيات التي ترى أنها لا حاجة لخدماتها. بل ان هذا القانون لا يعطي فقط الحق للوزيرة بمنع تأسيس الجمعية لعدم الحاجة لها، وإنما منع تأسيس الجمعية من دون سبب أبداً، وهذا استخدام تعسفي للقانون، ولا يمكن أن تقوم بموجبه مؤسسات مجتمع مدني مستقلة».
وتطرقت ويتسون إلى قلق الحكومة بسبب استمرار أعمال العنف، وقالت: «في كل البلدان، ظهور العنف يعتبر بطبيعة الحال مبررا لكل الحكومات في التعاطي الأمني، واعتقال الأشخاص».
وأضافت: «نحن لا ندافع عن العنف، ولا أعتقد أن أي أحد يدعم أعمال العنف، لكن الحكومة تبرر كل ما تقوم به كردة فعل على العنف. ولكننا قلقون من استمرار الإفراط في التعاطي الأمني، ووردتنا تقارير عن الاستخدام المفرط للغازات المسيلة للدموع والتي يتم اطلاقها من بُعد مسافة قريبة من الأشخاص، كما تتم ممارسة العقاب الجماعي بإطلاق الغازات المسيلة للدموع في الأحياء السكنية التي تشهد احتجاجات، ورأينا بأعيننا تصوير فيديو لإطلاق مئات المسيلات في منطقة معينة».
وأكدت ويتسون أن المسئولين في وزارة الداخلية أبلغوا الوفد بأنهم حققوا في الاستخدام المفرط لمسيلات الدموع، وأن الوفد أكد بدوره ضرورة أن يكون التحقيق دقيقا ومستقلاً، وأن تبادر الوزارة للتحقيق في الأمر من دون الاعتماد على شكاوى الأشخاص، لأن عدم ثقة العديد من الأشخاص في الوزارة يحول دون تقديمهم للشكاوى.
أما بشأن قوائم البحرينيين الممنوعين من دخول بعض دول الخليج، فقالت ويتسون: «ليس لدينا معلومات بشأن أسماء من هم على القائمة، ولكننا ندعو حكومات الخليج للشفافية في هذا الأمر، ومثل هذا الأمر يعد قراراً تعسفياً».
وأضافت في الإطار نفسه: «نأسف أن الإمارات باتت مكانا يُمنع فيه من دخول صحافيين بحرينيين أو أكاديميين، وهذا مؤشر سيئ لدولة تدعم الإعلام والعمل الأكاديمي على مستوى دولي».
أما عضو وفد المنظمة الباحث مروان هاما، فانتقد آلية ترخيص وزارة التنمية الاجتماعية للجمعيات الأهلية، وقال: «ليس من العدل أن يتم الترخيص لجمعيات وأخرى لا، وهذا ما نحاول أن نقنع الحكومة في البحرين به».
وأضاف: «كان من المفترض أن نلتقي بالوزيرة البلوشي خلال زيارتنا، ولكن حين ذهبنا للوزارة لم نتمكن من لقائها، إلا أننا أبدينا للمسئولين تحفظنا بشأن تدخل الحكومة في حل الجمعيات المهنية، وسنستمر بإثارة هذه الموضوعات إلى أن تتوقف الحكومة عن فرض القيود على الجمعيات».
أما بشأن عدم تمكن المصابين في الاحتجاجات من الحصول على العلاج في المستشفى خوفاً من المساءلة الأمنية، فقال هاما: «الحكومة أكدت أن كل الأشخاص لديهم الفرصة في الحصول على العلاج. وأنه في كل دولة يتم نقل مصابين بسبب الاحتجاجات أن يتم التحقيق في حالتهم. ولكننا نرى أن الأشخاص المصابين بسبب المشاركة في الاحتجاجات السلمية، يجب عدم التحقيق معهم».
وفي رده على سؤال لـ «الوسط» بشأن تقييم الوفد لما حققته البحرين على صعيد تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق ومجلس حقوق الإنسان في إطار المراجعة الدورية الشاملة للبحرين، قال هاما: «الحكومة حتى الآن فشلت في تنفيذ التوصيات الأساسية في تقرير لجنة تقصي الحقائق والأخرى الصادرة عن جنيف».
وختم حديثه بالقول: «لو كانت الحكومة قد نفذت هذه التوصيات، لرأينا معاقبة المسئولين الرسميين عن الانتهاكات، ولما تمت محاكمة الأشخاص بسبب تعبيرهم عن آرائهم، ولذلك فإننا للأسف، نرى أن الحكومة لم تنفذ هذه التوصيات».