البحرين: مصدرين طبيعيين في طور النفاذ: مستقبل مظلم
الجمعية البحرينية للشفافية
المقدمة:
إنه لمقدر فشل جهد مملكة البحرين في التنمية المستدامة حيث الموارد المائية للبلاد في طور النفاذ. وبالرغم من كون مخزون المياه في البحرين غير متجدد فإن نمط الاستهلاك ليس غير مسؤولاً فقط، ولكن الاحتياطي المحدود يجري تلويثه بالمخلفات الصناعية لصناعة النفط، وهو أيضاً ثروة طبيعية ستنفذ.
تفاقم هذه المشكلة من عدالة التوزيع مما يترتب عليه اضطرابات اجتماعية لكنه ليس لدى الحكومة ردود كافية أو خطة طوارئ.
اندلعت الاحتجاجات في البحرين، و دشن الاعتصام في ميدان اللؤلؤة في 14 فبراير 2011 كجزء من مظاهر الربيع العربي. لكن قوات الأمن قامت لاحقاً بقمع الاحتجاجات وفض اعتصام دوار اللؤلؤة. دعت الاحتجاجات إلى الدعوة لإجراء تغييرات سياسية واجتماعية وطرح قليلون إنهاء الملكية. لكنها لم تتناول ما يعتبر قضية حياة أو موت في البحرين وهي السيطرة المحكمة على إدارة موارد البلاد الطبيعية المحدودة. وفي تقييم لمكانة البحرين على سلم المخاطر، فقد توصلت مؤسسة مابلكروفت البريطانية(1) في العام 2011 بأنها أكثر البلدان شحة بالمياه في العالم، تتبعها قطر ثم الكويت فالسعودية وليبيا. ومعنى ذلك أنها الأكثر مخاطرة في استنزاف مواردها المائية كلية على المدى المتوسط والبعيد.
كارثة محدقة:
إن أكبر مشكلة في البلاد، والعقبة الرئيسية للتنمية المستدامة هي نقص المياه وحسب مؤشر فقر المياه(2) فإن البلد يصنيف في خانة ندرة المياه إذا ما كان معدل إمداداته أقل من ألف متر مكعب للفرد يومياً. في حين أن معدل إمداد الفرد للعام 2007 في البحرين كان 470 متر مكعب (3).
تبلغ مساحة البحرين 725 كلم مربع، أي أقل من مساحة مطار الملك فهد في السعودية المجاورة لكن سكانها يتجاوزون 1.2 مليون نصفهم من المقيمين الأجانب.
إن جل المياه المستهلكة متأتية من مصادر ثلاثة غير متجددة لخزانات جوفية تحت سطح الجزيرة الأم. وقد اعترف السيد ريحان أحمد عضو الهيئة العامة للموارد البحرية والبيئة والحياة الفطرية في كلمته في اليوم العالمي للمياه في 2010 بأن معدل استهلاك الفرد في البحرين هو 400 متر مكعب تقريباً في اليوم، وهو أعلى من المعدل العالمي البالغ 260 متر مكعب في اليوم، وفي اليابان مثلاً يبلغ 60 متر مكعب يومياً وذكر بأن الزيادة في معدل استهلاك المياه سنوياً بنسبة 10-8% وأن مخزون المياه يتناقص بسرعة. (4) وقد جرى استخراج ما يقارب 240 مليون متر مكعب في مياه الخزان الجوفي الرئيس للري الزراعي في عام 1998. في حين يرى مختصوا البيئة أن استخراج أكثر من 100 مليون متر مكعب سنوياً مخاطرة لأن معدل ما يسقط على البحرين من أمطار لا يتجاوز 80 مليون متر مكعب سنوياً (5). وبالطبع معظمنا لايصل إلى الخزان الجوفي وهو أقل بكثير مما يستهلك.
منذ 1970 تقوم الاستراتيجية في البحرين على الحد من استهلاك المياه الجوفية، ولذا جرى اقامة محطات تحلية المياه من البحر. دخلت الخطة موضع التنفيذ في 1974 حيث تم إقامة 4 محطات بحلول 2000 تنتج ما مجموعه 73 مليون جالون مياه محلاة يومياً (6). وعندما يضاف ذلك إلى ما يتم استخراجه من مياه جوفية، والمياه المعالجة والمدورة المستخدمة للزراعة، فإن مجمل الانتاج هو 142 مليون جالون يومياً. لكن الاستهلاك يصل إلى ما معدله 140 جالون يومياً مما يعني عدم وجود فائض للاحتياط.
تنفذ الحكومة حالياً خطة لإقامة تسع محطات تحلية جديدة لانتاج ما مجموعه 242 مليون جالون يومياً بحلول 2030، والهدف من ذلك إيجاد احتياطي من المياه حتى 420 مليون جالون يوفر إمدادات للمياه لثلاثة أيام في حالات الطوارئ (7). وهناك مقترح باستخدام الرياح لامداد الطاقة لمحطات التحلية هذه. (8)
على امتداد السنوات الماضية، قامت الحكومة بعدة محاولات لمعالجة مشكلة ندرة المياه، بما في ذلك القيام بعمليات توعية لأرباب البيوت لإعادة استخدام المياه غير الملوثة، لكن النتيجة لا ترقى إلى ما هو متوقع، أو تسببت في مشكلات جديدة. كما جرى تدشين برنامج طموح عام 1977 بإعادة تدوير مياه المجاري المعالجة لأغراض الزراعة حيث جرى تحذير الأهالي من تكراراً بأنه ليس صالحاً للاستخدام الآدمي. وقد أصدر السيد سمير عبد الله خلفان مدير الصحة العامة عام 2006 تحذيراً إلى الكبار ذوي الصحة المعتلة والأطفال بأن لايتنزهوا في الحدائق التي تروى بمياه المجاري المعالجة لإمكانية تعرضهم لمرض الكبد الوبائي (أ). (9)
وقد أدى ذلك إلى إغلاق محطة معالجة مياه المجاري مؤقتاً دون أن يجري بحث في المخاطر. (9)
إن الأسلوب غير المسؤول لاستهلاك مواطني ومقيمي البحرين للمياه غير المتجددة هو شبيه باستهلاك غير مسؤول لمواطني الدول المتقدمة لاحتياجات العالم من النفط.
النفط والغذاء
تشكل الصحراء 92% من أراضي البحرين فيما الأراضي المزروعة لا تتجاوز 2.28% ويعتمد السكان في غذائهم على الأسماك المتوفرة في مياه الخليج، لكن النظام البيئي للبيئة البحرية يتدهور بسبب التلوث النفطي، مما يعني مزيداً من اعتماد الناس على الأغذية المستوردة. إن اقتصاداً معتمداَ على موارد غير متجدةة هو مؤشر على أنه لا يمكن الوصول إلى تنمية مستدامة.
يتأتى النفط الخام من مخزون احفوري يمتد من وسط جنوب الجزيرة الرئيسية وتنتج البحرين ما يقارب الخمسين ألف برميل يومياً، حيث تشكل مداخيل النفط الخام والمكرر والصناعات المرتبطة بها ما يقارب 60% من الناتج الوطني العام (GDA). وقد قدر احتياط النفط في البحرين بـ 124 مليون برميل للعام 2009 (11).
أسهمت مداخيل النفط في رفع مستوى معيشة الناس عموماً رغم وجود جيوب للفقر وعدم العدالة في توزيع الدخل الوطني. يعتبر 90% من السكان ممن يجيدون القراءة والكتابة، فيما معدل سنوات الحياة المتوقعة 76 سنة. وفي العام 2002 جرى اعطاء المرأة حق الترشيح والانتخاب. ورغم عدم فوز أي إمرأة في انتخابات 2002 و وجود إمرأة واحدة في الدورات اللاحقة، إلا أن مشاركة المرأة السياسية محدودة جداً. بلغت البطالة 4% لعام 2008 حيث 85% من العاطلين من النساء (12)، وأضحت البحرين في العام 2007 أو من شرع للضمان ضد البطالة عربياً.
تأثيرات السياحة المتزايدة.
جرى إنشاء جسر الملك فهد والذي يربط البحرين بالمملكة العربية السعودية في العام 1985 ومن حينها أضحت السياحة مصدراً للعملة الصعبة ويسهم بـ 10% من الناتج الوطني المباشر (13).
أضحت العاصمة المنامة مركزاً للترفيه في المنطقة ويعود ذلك إلى التشريعات المتساهلة قياساً بالبلدان المجاورة، وحياة ليليلة حيوية وتقاليد ثقافية ليبرالية.
أثار التدفق الكبير للسياح الساعين وراء الأوقات السعيدة ردود فعل وكرد على ذلك فقد صدر قانون في 2009 يضع ضوابط على استهلاك الكحول وغيره من النشاطات الترفيهية. ويقول الشيخ عاد ل المعاودة، عضو مجلس النواب والذي دعم هذا القانون “لقد أضحت البحرين ماخوراً في الخليج، وشعبنا غاضب لذلك. نحن ضد احتساء الكحول والأمور التي تأتي بها مثل ممارسة الدعارة والفساد والمخدرات والمتاجة بالبشر. (14)
إن إزدهار السياحة قد حفز إقامة مشاريع فاخرة مثل العمارات الباسقة في العاصمة وحلبة الفورملا1 لجائزة البحرين الكبرى، وفي بلد تعاني مناطق مجاورة لهذه المشاريع من الجفاف، هناك متنزهات مائية.
الاستنتاج.
سوف تقع البحرين في أزمة في القريب العاجل وذلك بنفاذ الماء والنفط، نقتطف من الدكتور وليد زباري، الاستاذ بجامعة الخليج قوله: “نحن نستهلك معظم احتياجات الماء ونحن لا نعرف ماذا سيحدث عندما ينفذ، ويجب علينا الموازنة بين المنافع المباشرة لاستهلاكنا الماء مقابل الاثارة البعيدة المدى (15).
لكنه ومع انطلاق احتجاجات الربيع العربي في فبراير 2011، فقد طالب المتظاهرون مطالبين بحريات سياسية واجتماعية وبالتحديد التمييز ضد الشيعة من قبل حكم الأقلية.
المصادر:
[1] Maplecroft, Maplecroft index identifies Bahrain, Qatar, Kuwait and Saudi Arabia as world’s most water stressed countries, (25 May 2011), <maplecroft.com/about/news/water_stress_index.html>.
[2] Peter Lawrence, Jeremy Meigh and Caroline Sullivan, “The water poverty index: An international comparison”, Keele Economic Research Papers 2002/19, <www.keele.ac.uk/depts/ec/kerp>.
[3] ChartsBin, Total Water Use per capita by Country, <chartsbin.com/view/1455>.
[4] TradeArabia News Service, Bahrain Water Consumption Soars, (23 March 2010), <www.tradearabia.com/news/env_176867.html>.
[5] A. Bashir et al, Development of water resources in Bahrain, <www.emro.who.int>.
[6] Global Water Intelligence, “Bahrain to Scale up Desalination Capacity”, (October 2000), <www.medrc.org/old_site/new_content/industry_news/sept00/story3.htm>.
[7] E. Baxter, “Bahrain plans to double water production by 2030,” Arabian Business, (30 May 2010), <www.arabianbusiness.com/bahrain-plans-double-water-production-by-2030-271618.html>.
[8] WaterLink International, Wind-powered Desalination for Bahrain, (8 February 2011), <www.waterlink-international.com>.
[9] S. Hamada, “Dependent on Desalinisation, Bahrain Faces Water Conflicts,” The WIP, (2 March 2009), <www.thewip.net/contributors/2009/03/dependent_on_desalinisation_ba.html>.
[10] Ibid.
[11] GlobalEDGE, Bahrain: Statistics, <globaledge.msu.edu/countries/Bahrain/statistics/>.
[12] Khaleej Times, 85pc unemployed in Bahrain are females, (4 August 2008), <www.khaleejtimes.com>.
[13] Yaroslav Trofimov, “Upon Sober Reflection, Bahrain Reconsiders the Wages of Sin,” The Wall Street Journal, (10 June 2009), <online.wsj.com/article/SB124450701841896319.html>.
[14] Ibid.
[15] TradeArabia, Water demand ‘threatens Bahrain’s future, (9 February 2010), <www.tradearabia.com/news/ENV_174596.html>.