الوسط – فاطمة عبدالله
أكد المركز الدولي لقانون الجمعيات غير الربحية أن قانون الجمعيات في البحرين يقيد حرية المؤسسات، كما أنه يحد من أنشطة الجمعيات، ويضع المنظمات والجمعيات تحت عدة قيود تتعارض مع أنشطتها.
وأعد المركز الدولي لقانون الجمعيات غير الربحية تحليلا عن قانون «المنظمات المدنية»، وجاء فيه أن وزارة التنمية الاجتماعية أقرت مشروع قانون المنظمات والجمعيات الأهلية للمرسوم الملكي رقم (1) للعام 2013، وفي حال تم تطبيق هذا القانون الذي سيكون بديلاً عن قانون عام 1989، وتعمل ما يقارب 450 منظمة غير حكومية تحت هذا القانون فإنه سيحد من حرية المؤسسات.
وتابع التقرير أن هناك إشكالية من أحكام مشروع القانون فيما يتعلق بالمنظمات، إذ إن هذا القانون يفرض العديد من القيود الجديدة، في الوقت الذي أعلنت وزارة التنمية الاجتماعية أن هذا القانون وضع بعد استشارة منظمات المجتمع المدني وذلك في العام 2007.
وذكر التقرير أن القانون الحالي لا يتشابه مع القانون الذي تمخضت عنه التشاورات في عام 2007، إذ إن القانون يفرض العديد من القيود أمام المنظمات، والتي لم تكن موجودة في القانون السابق.
وحدد التقرير مجموعة من الأحكام الواردة في القانون والتي لا تتفق مع القوانين والممارسات الدولية، إذ إن مشروع القانون يحد من أغراض وأنشطة المنظمات في المجتمع، إذ تم حظر تشكيل منظمات على أساس طائفي أو ديني، كما يحظر المنظمات التي تتعارض مع النظام العام أو الأخلاق العامة، في حين أن المؤسسات الطائفية أو الدينية قد يمكن احتضانها بالترويج للصحة العامة والقيم.
هذا، وقد توصل التحليل لمشروع القانون الى أن هناك منظمات محظور عليها الانخراط في الأنشطة التي تنطوي على «السياسة أو الأعمال التجارية، أو كسب الربح»، وأشار التقرير إلى أن هذه القيود لا تحدد بدقة ما هي الأغراض والأنشطة المباحة، ما ترك المنظمات في واقع مبهم فيما يتعلق بكيفية التصرف في الأنشطة وكيفية تفادي انتهاك القانون.
وأكد التقرير أن القانون يحد بشكل كبير ودون رادع حرية المنتسبين إلى المنظمات الأهلية، كما أنه يحد من حرية تشكيل وتسجيل منظمات المجتمع المدني، في حين يواجه الأفراد الذين يشكلون مجموعات غير مسجلة عقوبات جنائية، إذ يمنح القانون السلطة التقديرية الواسعة في تسجيل المنظمة من عدمه، إذ إن الوزارة لها الحق في رفض تسجيل أي منظمة.
كما يفرض القانون على المنتسبين عدة قيود أولها العمر على ألا يكون المنتسب أقل من 18 عاما، وألا يكون مدانا في أي جريمة تنطوي على الفساد الأخلاقي أو خيانة الأمانة، إذ يحظر على شخص أدين بجريمة الانضمام إلى المنظمات، سواء كمؤسس أو عضو، في حين يشكل ذلك عقبة أمامه للمشاركة والاستفادة من خدمات المنظمات، كما أنه يعد تقييد إلى من أدينوا سابقاً من الالتحاق بالمنظمات، في حين أن الأخيرة قد تكون ذات فعالية وتعمل على الحد من الإجرام والجريمة.
كما ذكر تقرير المركز الدولي لقانون الجمعيات غير الربحية أن القانون يحظر على العضو الواحد في منظمة واحدة الانضمام إلى منظمة أخرى «تعمل في نفس النشاط»، مؤكدة أن ذلك يعد تقييدا للفرد، إذ إن للفرد الحق في الانضمام إلى منظمات متعددة مع جداول أعمال، إذ إن بعض الأفراد يملكون مواهب فريدة من نوعها أو احتياجات محددة، كالمعوقين ومشاركتهم في أكثر من منظمة يساعدهم.
وأوضح التقرير أن القانون يتطلب عدة متطلبات، من أهمها ضمان وجود موازنة تشغيلية لمدة سنتين للمنظمة، وذكر المركز الدولي لقانون الجمعيات غير الربحية أن هذه الاحتياجات تثير مخاوف كبيرة من الخصوصية وفرض تكاليف لا داعي لها، والتي قد تعوق الأفراد من ممارسة الحق في تكوين الجمعيات.
وتابع التقرير فيما يتعلق بتحليل مشروع القانون أن الأخير يقيد الانتماءات الخارجية إلى المنظمات، إذ إن ذلك يتطلب موافقة الوزارة قبل الانتساب لمنظمة أجنبية، أو حتى قبل الزيارة التي يقوم بها شخص أجنبي أو منظمة.
كما حلل المركز، القانون فيما يتعلق بفرض قيودا شديدة على جميع أشكال جمع التبرعات، إذ إن على أي منظمة من منظمات المجتمع المدني الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة فيما يتعلق بجميع أشكال جمع التبرعات الأجنبية والمحلية، وأكد المركز أن هذا البند يفتح الباب لاتخاذ قرارات تعسفية.
كما أكد المركز في تقريره عن تقييد حرية التعبير عن الرأي، أن القانون يقيد حرية التعبير، إذ لا يجوز للمنظمات إصدار نشرات دورية دون الحصول على إذن مسبق، ما يعد انتهاكا للمبادئ الأساسية للقوانين الدولية والمحلية.
ويفرض القانون بحسب ما ذكره المركز الدولي لقانون الجمعيات غير الربحية قيوداً وصفها بـ «الشديدة» على مجلس إدارة المنظمات بأن يكون الحد أدنى من خمسة أعضاء، كما يشترط نسبة مئوية معينة من الذين يجب أن يحملوا الجنسية البحرينية، كما أنه في بعض الحالات، تعين وزارة التنمية الاجتماعية مجلس ادارة أو مديرا مؤقتا، كما يمكن للوزارة إلغاء نتائج انتخابات المجلس، مؤكداً أن مثل هذه الإجراءات لا تجور، إذ إنه من غير اللائق التدخل في الشئون الداخلية للمنظمات، وتهديد استقلالها.
وذكر التقرير أن المنظمات تخضع إلى الإغلاق المؤقت من قبِل الوزارة في حال رفع دعوى في المحكمة، كما أن القانون يفرض عقوبات جنائية شديدة ووصفها المركز الدولي لقانون الجمعيات غير الربحية بأنها «زائدة عن الحاجة»، إذ قد يتعرض أعضاء المنظمات الفردية لعقوبات جنائية قاسية بما في ذلك السجن و/أو غرامات ضخمة لانتهاكات للقانون.
وأكد تقرير المركز أن قانون المنظمات الأهلية يغزو خصوصية المنظمات، ويمنح الوزارة صلاحيات واسعة للقيام بعمليات تفتيش مواقع المنظمات، بما في ذلك عمليات تفتيش السجلات والوثائق، دون إذن أو إشعار مسبق، مستنكراً هذه السلطة التقديرية غير المقيدة والتي تنتهك الحقوق والخصوصية.
وفي سياق متصل تطرق التقرير إلى «اللجان المدنية المؤقتة» التي تطالب بالتمسك بنفس القواعد المطبقة على المنظمات المسجلة رسميا.
وأكد المركز الدولي لقانون الجمعيات غير الربحية أن هذه الشروط ستمنع أو ستؤخر إنشاء المنظمات، وخصوصاً في حال كانت هناك رغبة لتنظيم «اللجان المدنية المؤقتة» للتعامل مع الأزمات الوطنية غير المتوقعة، مثل الكوارث الطبيعية.
ووفر المركز تحليلا لمساعدة المجتمع المدني والمسئولين الحكوميين وأعضاء البرلمان في البحرين في تحليل التشريع المقترح، إذ حلل المركز عددا من البنود مرفقاً الانتهاكات والقيود التي وضعت على المنظمات في كل بند، إذ ذكر أن المادة الثانية من مشروع القانون والتي تحظر تشكيل جمعية «على أسس طائفية أو دينية» أو على «أغراض متناقضة إلى النظام العام أو الأخلاق» تشكل انتهاكا واضحا للقانون الدولي الذي يحمي الحق في حرية تكوين الجمعيات، إذ إن الحق في حرية تكوين الجمعيات أحد حقوق الإنسان الأساسية المنصوص عليها في عدة معاهدات واتفاقيات قانونية دولية، بما في ذلك المادة 20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 22 من «الاتفاقية الدولية» وغيرها من المعاهدات الدولية كما تطرق إلى عدد من البنود الموجودة في مشروع القانون عبر تحليل هذه البنود ووضع التوصيات عليها، معرباً عن قلقه إزاء مشروع القانون وذلك لتقييده حرية المنظمات وأنشطتها.