Skip to main content

 

أعد الورقة: شرف محسن الموسوي

رئيس الجمعية البحرينية للشفافية

 

تتطلب الشفافية والحد من الفساد في المساعدات الدولية توفر عدة عناصر ومعايير منها قانون ضمان الحصول على المعلومات حسب متطلبات الأمم المتحدة. كما تضمنت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC)  بنود عديدة تتعلق بحق تداول المعلومات، وهذا القانون سيمكن منظمات المجتمع المدني أيضاً من الرقابة الفعلية والحقيقية على عمليات وأداء الحكومات في كيفية الاستفادة والتصرف في المساعدات الدولية سواء أكانت في مجال المساعدات الإنسانية أو المساعدات التنموية.

 

تعريف الفساد في المساعدات الدولية.

يمكن التوصل الى تعريف للفساد في المساعدات الدولية بالمقاربة مع ما تطرحة منظمة الشفافية الدولية كالتالي ” بأنه استغلال لهذه المساعدات التي تقدم للدول الضعيفة أو المحتاجة وتحويلها لصالح الفئات غير المستهدفة أو التي طلبت من أجلها المساعدات سواء المتعلقة بالمشاريع اوالمعونات الإنسانية، وكذلك استغلال المساعدات في مصالح عائلية او قبلية أو طائفية معينة كما يمكن استغلال المساعدات في الحصول على خدمات جنسية أو المعاملة التفضيلية لأفراد الأسرة والأصدقاء مثل عمليات توظيف أو التكسب الشخصي من العمليات اللوجستية أواستغلال المشتريات المتعلقة بهذه المساعدات للمصالح الشخصية أو الفئوية”.

الجهود الدولية المبدولة للشفافية والأفصاح.

 

يعتبر الفساد أحد مخاطر الحقيقية في المساعدات الدولية ولا توجد طريقة معينة للقضاء عليه. ولكن السؤال كيف يمكن الحد من الفساد ومعالجتة. هنا يبرز دور المنظمات الدولية المستقلة مثل برنامج الامم المتحدة الإنمائي ( UNDP ) ومنظمة الشفافية الدولية حيث عملت هذه المنظمات مع منظمات دولية أخرى مثل البنك الدولي على إنشاء مبادرة دولية تحت اسم (International Aid Transparency Initiative ) مبادرة الشفافية في المعونات الدولية، وتضمنت هذه المبادرة عدة معايير للرقابة وشفافية المعلومات، سواء تلك المتعلقة بالمساعدات الانسانية أو مساعدات التنمية المستدامة. ومن اهم ما تضمنته هذه المبادرة والعمل عليه هي الإفصاح عن المعلومات ومحاسبة المتورطين الذين يثبت عليهم ذلك في عمليات إستغلال للمساعدات الدولية. ويمتلك البنك الدولي والعديد من الدول المانحة سياسات لا بأس بها للحد من ظاهرة الفساد في المساعدات الدولية. هناك مؤسسات دولية أخرى لديها سياسات وإجراءات جيدة للحد من ظاهرة الفساد والاهتمام بشفافية المعلومات ومنها:

البنك الأمريكي للتنمية (Inter Americana Development Bank).

البنك الأوربي للاستثمار (European International Bank.

 

وفي جانب المساعي الدولية أيضاً عقد في مدينة بوسان في كوريا الجنوبية بشهرسبتمبر من عام 2011  المنتدى رفيع المستوى الرابع حول فاعلية المعونات، وكان موضوع الشفافية في المساعدات الدولية أحد المواضيع المطروحة للمناقشة. وعرضت دراسة قام بها فريق حملة «انشر ما تمول» بينت الدراسة إن الغالبية العظمى من المانحين الدوليين يفتقرون للصراحة عندما يتعلق الأمر ببرامج المساعدات الخاصة بهم، كما أن بعضهم لا يقدم معلومات تعتبر مفيدة في مراقبة وكفاءة استخدام هذه المساعدات، ويعتبر النشر والاعلان عن السياسات المتبعة في المشتريات الخاصة بالجهات المانحة من شأنها أن تساعد الدول المتلقية للمعونة في ادارة افضل لتلك المساعدات وكذلك معرفة الاستراتيجية والميزانية المقترحة على مدى السنوات القادمة في ما يتعلق بكل دولة على حدة.

بالإطلاع على ما تقوم بنشره الجهات المانحة من معلومات عن موازناتها، أو سياسات تخصيص المعونات للدول المحتاجة، أو سياسة الشراء الخاصة بها، أو تقارير حول مراجعة حساباتها وأدائها، وعمليات تقييم برامجها والنتائج التي توصلت إليها. يتضح ضعف ما تقدمة الدول المانحة من المعلومات بمعنى آخر ضعف في شفافية المعلومات من الدول المانحة وهذا يتطلب العمل بشكل اكثر اتساعاً لمعالجة هذه النواقص وعلى الدول المانحة ان تأخد زمام المبادرة لمعالجة هذا الأمر.

 

لقد قام الباحثون في حملة “انشر ما تمول ” بفحص الأنشطة التي تمولها الجهات المانحة بدقة أكثر للنظر فيما إذا كان بإمكان الباحثين من خارج هذه الجهة المانحة معرفة تفاصيل عن مشاريعها وما تفعله وكيفية تمويلها وتفاصيل المناقصات والعقود وتقييم أثرها والنتائج التي توصلت إليها وجد الباحثون ان المعلومات المتاحة لا ترقى الى المستوى المطلوب من الأفصاح في المعلومات المطلوبة.

 

لقد تم أجراء تقييم للعديد من الدول والهيئات الدولية التي تقدم المساعدات للدول المحتاجة وتوصل الى تصنيف وزارة التنمية الدولية في المملكة المتحدة على أنها ثاني أفضل جهة مانحة وطنية. بعد البنك الدولي، وهو ما علق عليه أندرو ميتشل، وزير التنمية الدولية، بقوله: «لقد جعلت بريطانيا… المساعدات أكثر شفافية، ونشرت جميع البيانات الخاصة بأي إنفاق يزيد عن 500 جنيه استرليني، وأنشأت وكالة مستقلة جديدة لمراقبة أنشطة المعونة… حتى يتسنى لدافعي الضرائب أن يروا كيفية ومكان إنفاق أموال المساعدات بشكل محدد.ويرى انه يجب تصميم برامج المعونة على أساس أدلة ودراسات وميزانيات واضحة، وليس تخمينات».

أصدرت منظمة الشفافية الدولية كتاب بعام 2010 حول “منع الفساد في العمليان الانسانية” يركز هذا الكتاب على أهمية وضرورة وضع سياسات ومعايير لتعزيز الشفافية في المساعدات الانسانية كما تطرق لكيفية وتحليل مخاطر الفساد وأثرها على هذه المساعدات. الرابط الإليكتروني  للكتاب هو (htt://www.transparency.org.kw.au-ti.org/upload/books/312.pdf)

 

المساعدات الدولية في الاقليم والأفصاح عن المعلومات ( الشفافية )، البحرين مثالاً:

اتخذت دول مجلس التعاون الخليجي قراراً بتقديم دعماً ماليا لكل من مملكة البحرين وسلطنة عمان بمبلغ (10 مليار دولار) لكل من مسقط والمنامة يسدد على مدى 10 سنوات بمبلغ مليار دولار سنوياً لكل منهما. وذلك بعام 2011 على أن يبدأ برنامج المساعدات ابتداءً من عام 2012. وباستعراض بنود الميزانية التقديرية للبحرين لعامي 2013-2014 لم تتضمن الميزانية هذا المبلغ ضمن بند الايرادات العامة للدولة. كما لا تفصح البحرين عن كيفية التصرف في هذه المبالغ وما هي المشاريع التي تم استغلال هذه المبالغ فيها بالتفصيل.

لابد من ان ترفق بال ميزانيات العامة للدول المانحة كشوف تفصيلية بالمساعدات الانسانية والتنموية التي يتم منحها لبعض الدول ويشمل التعاقدات مع الشركات او الجهات التي سوف تقوم بتنفيذ المشاريع او البرامج التي على ضوئها تم منح هذه المساعدات. كما لابد من ان تتضمن ميزانيات الدول التي تتلقى المساعدات تفاصيل المشاريع والبرامج والجهات المستفيدة منها والسماح للجهات المستقلة من الاطلاع على هذه البيانات وإجراء الدراسات والبحوث اللازمة التي تساعد على الكشف عن اي تلاعب او استغلال سيئ لهذ المساعدات.

 

المعايير المطلوبه لتحقيق شفافية المساعدات الدولية.

للوصول الى وضع مرضي يمكن من خلالة السيطرة على الفساد والحد منه في المساعدات وتحقيق الشفافية والإفصاح عن المعلومات بهدف الرقابة على توجيه واستخدام المساعدات في المجالات التي تستهدفها المساعدات لابد من توفر مجموعة من السياسات والمبادئ والمعايير التي يجب اتباعها في الأفصاح عن المساعدات:-

شفافية المعلومات والافصاح بشكل تفصيلي عن كيفية استخدام الأموال والمشاريع والجهات التي استخدمت فيها المساعدات متضمنة أمكانية الاطلاع على المستندات المؤيدة لعمليات الصرف وخطط وتقارير تنفيذ هذه المشاريع والميزانية الخاصة بها. بدون ذلك ستبقى كيفية التصرف في المساعدات عملية مبهمة لا يعرف عنها سوى بعض الجهات التي بالتأكيد ستكون لها مصالح متضاربة وأهداف مباشرة لإخفاء جزء من المعلومات عن المهتمين.

تضمين الموازنات العامة للدول المانحة والدول المتلقية للمساعدات عن جمع الأموال وطرق الصرف فيها أما ضمن بنية الموازنة العامة الرئيسية أو ضمن بيانات تفصيلية مرفقة مع الموازنة العامة.

وضع سياسة واضحة للمشتريات ومن أهم عناصرها التنافسية والاستقلالية والفصل في الصلاحيات المختلفة بين الأفراد. تقييم العطاءات من قبل جهات مستقلة ومهنية عن تلك التي تتخد القرار، قبل ترسية العطاءات او الأقدام على المشتريات.

يجب ان توقع عقود تفصيلية بين الموردين والجهات المسئولة عن تنفيذ البرامج والمشاريع الواردةضمن المساعدا والاعلان بشكل عام عنها. كما يجب ان تنص العقود التي توقع بين الدول المانحة والدول التي تتلقى المساعدات على السماح لبعض المؤسسات المستقلة على الاطلاع وتدقيق المعلومات والمصاريف ومعرفة كيفية صرف المساعدات مثل المدققين الخارجيين، والمدققين الداخليين، والجهات الدولية المهنية وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني التي تهتم بنشاط مكافحة الفساد وشفافية المساعدات والتصرف فيها. وأن تكون هذه المعلومات متاحة للباحثين أيضاً.

مشاركة المجتمع المدني الذي يعتبر جهة محايدة عن تلك التي تقوم بعمليات التنفيذ والاشراف فيما يتعلق بالمساعدات، لذلك وجود هذه المنظمات، مثل المحاسبين والاقتصاديين ومنظمات الشفافية ومراكز الأبحاث وغيرها من الجهات المستقلة غير التابعة للحكومة أو الجهة المسؤولة عن تنفيذ مشاريع وبرامج المساعدات يعطيها صفة الحياد والاستقلالية. ويتطلب ذلك المساعدة في بناء قدرات هذه المنظمات في مجال مكافحة الفساد والشفافية في المساعدات الدولية.

نشر البيانات والمعلومات المتعلقة بالمساعدات وكيفية التصرف فيها والجهات المستفيدة منها واسماء ومواقع المشاريع بشكل تفصيلي يتضمن كل ما تم بها. ونشرها على المواقع الإليكترونية بلغة مقروءة ومفهومة.

وضع السياسات والاجراءات العامة اللازمة لتنفيذ البرامج والصرف عليها من ميزانية المساعدات مثل، سياسة المشتريات، سياسة لمتابعة التنفيذ والمحاسبة، نظام التقارير والضوابط الداخلية لعمليات الصرف المالي والتوزيع، و وضع معايير إدارية ونوعية عن العمليات الأنسانية، و وضع سياسة لمراقبة الخدمات اللوجستية في المساعدات الإنسانية.

تتطلب الشفافية الكشف عن جمع البيانات والمعلومات المتداولة بحيث تكون في متناول جميع الاطراف سواء الدول الممولة أوالجهات أوالوكالات التي تمثلها وباقي الأطراف المستفيدة والمهتمين. وتحضى مسائلة المسئولين عن تنفيذ برامج المساعدات أهمية عالية لضمان جودة تنفيذ البرامج وشفافيتها ومراقبة العمليات التي تتم، حيث تساعد عملية المسائلة على الحد من عمليات الفساد في الأجهزة التنفيذية.

انتهى