الوسط – حسن المدحوب
شددت فعاليات سياسية وحقوقية وقانونية وأهلية في تصريحات لـ «الوسط» على «رفضها التضييق على حرية التعبير والتظاهر السلمي الذي كفله الدستور والقانون والمواثيق الدولية»، وذلك بعد صدور قرار بمنع جميع المسيرات والتجمعات.
واعتبرت الفعاليات جميعها أن «قرار وزير الداخلية بمنع جميع المسيرات والتجمعات هو ثاني إجراء (بعد حصار منطقة العكر) يدخل في إطار حالة الطوارئ من دون أن يكون هناك إعلان رسمي بذلك»، مشددة على أن هذا القرار «مخالف للدستور، وللعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي اعتمدته البحرين بمقتضى القانون رقم 56 لسنة 2006».
ومن جهتهم، أوضح قانونيون أن «منع التجمعات والمظاهرات بموجب قرار وزاري باطلٌ، ولا يجوز الاستمرار فيه، بل لا يجوز تطبيقه ابتداءً؛ لما يشوبه من مخالفة واضحة وصارخة للدستور والقانونيين المحلي والدولي».
فيما أشار حقوقيون إلى أن «هذا المنع يضع البلاد في إطار حالة طوارئ غير معلنة، إذ لا يمكن اتخاذ هذا الإجراء إلا في ظل هذه الحالة»، ذاكرين أن «ذلك يعد مخالفة للدستور وللقانون وللعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية».
ولفتوا إلى أن «من حق الناس التعبير السلمي عن آرائهم، لذلك فإن وجود هذا القرار من شأنه أن يشوه سمعة البحرين، خاصة وأننا خرجنا للتو من المراجعة الأممية لملف البحرين الحقوقي وكانت هناك قرابة 10 توصيات دولية تؤكد على السماح بحرية التظاهر السلمي للمواطنين للتعبير عن آرائهم ومطالبهم».
ومن جانبه، قال مسئول الملف الحقوقي في جمعية الوفاق السيدهادي الموسوي إن «قرار وزير الداخلية بمنع المسيرات والتجمهرات هو ثاني إجراء (بعد حصار منطقة العكر) يدخل في إطار حالة الطوارئ من دون أن يكون هناك إعلان رسمي بذلك»، مشيراً إلى مخالفة هذا القرار للدستور وللعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي اعتمدته البحرين بمقتضى القانون رقم 56 لسنة 2006.
وأوضح الموسوي أن «العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية جاء صريحاً في المادة (21) بأنه»يكون الحق في التجمع السلمي معترفاً به، ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقاً للقانون وتشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم».
وأشار الموسوي إلى أن «تعليق العمل بهذه المادة من العهد أو غيرها تحكمها المادة الرابعة من العهد، والتي تنص على أنه «في حالات الطوارئ الاستثنائية التي تهدد حياة الأمة والمعلن قيامها رسمياً، يجوز للدول الأطراف في هذا العهد أن تتخذ في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع تدابير لا تتقيد بالالتزامات المترتبة عليها بمقتضى هذا العهد، شريطة عدم منافاة هذه التدابير للالتزامات الأخرى المترتبة عليها بمقتضى القانون الدولي، وعدم انطوائها على تمييز يكون مبرره الوحيد هو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي».
ومن جانبه، شدد الأمين العام لجمعية المنبر التقدمي عبدالنبي سلمان لـ «الوسط» على أن «قرار وزارة الداخلية بمنع التجمعات والمسيرات لا ينسجم مع دستور الدولة ولا مع ميثاق العمل الوطني ولا مع ما صادقت عليه الدولة من اتفاقيات دولية».
وأضاف: «حرية التعبير النسبية هي آخر ما تبقى لنا، ونحن نعتبر أن ما صرح به وزير الداخلية بمنع المسيرات والتجمعات عملياً هو قانون أمن دولة جديد».
وتابع سلمان «منع المسيرات والتجمعات هو إصرار على نكث تعهدات الدولة أمام شعبها والمجتمع الدولي بخصوص ما سبق وصادقت عليه في العهدين الدوليين، فالعالم يرى ويراقب من حولنا ونحن معه نراقب حجم التراجعات نحو الخلف بعد منع التجمعات والمسيرات كأبسط وسائل التعبير والاحتجاج».
وأردف «حقٌ علينا الوعي بعدم الإنجرار لمواقع تريدنا السلطة أن ندخلها عنوة لتصيبنا في مقتل، فحذارِ، فالنضال السلمي يجب أن يكون بوصلتنا».
وأكمل «أقول لمن تعجبهم مسألة قمع الحريات والتظاهر والمطالب السلمية بالحقوق التي كفلها الدستور والميثاق، أقول لهم كونوا أحراراً في دنياكم، فلا يمكن أن نقبل بقمع حريات شعبنا، وهراء أن يستتب الأمن في ظل قمع الحريات المدنية، وهراء أن الأمن لا يستتب إلا بقمع التظاهر والتعبير».
وذكر سلمان «إذا كانت الدولة تحاول أن توظف ما يدور في جارتنا الكويت من أحداث، ومن انتخابات الرئاسة الأميركية للإجهاز على ما لنا من حريات نسبية فذلك مرفوض».
وتابع «متى يفهم من يضعون المزيد من القيود والمعوقات أمام شعبنا أن كل ذلك لن يجدي، المجدي حقاً هو التصالح مع الشعوب للانطلاق بالوطن للأمام».
وواصل سلمان «ما يحفظ السلم الأهلي والنسيج الاجتماعي ليس قمع حرية التعبير والتظاهر السلمي بل لجم ووقف الإعلام الرسمي المنفلت واللامسئول، هذا الإعلام في الصحافة والتلفزيون هو من يشوه ويسيء لشعبنا ووحدته وليس المسيرات والتظاهرات السلمية».
وختم الأمين العام للتقدمي بقوله «أوقفوا استرخاص أرواح شعبنا، أوقفوا قمع الحريات، أوقفوا إساءات الإعلام الرسمي، وأوقفوا قمع أصوات الحرية في البحرين».
يشار إلى أن وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة ذكر في بيان صدر أمس الأول الإثنين (29 أكتوبر/ تشرين الأول 2012) إنه «تقرر وقف جميع المسيرات والتجمعات وعدم السماح بتنظيم أية فعالية إلا بعد الاطمئنان إلى استتباب الأمن وتحقيق الاستقرار الأمني المنشود؛ بهدف الحفاظ على الوحدة الوطنية وتماسك النسيج الاجتماعي، ومنعاً لكل أشكال التطرف من أي أحد».
وأكد أنه «سيتم التعامل مع أية مسيرات أو تجمعات على أنها غير مرخصة، وستتخذ الإجراءات القانونية تجاه الداعين لها أو المشاركين فيها، وكل من له علاقة بذلك سيحاسب، وسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه».
وأوضح أن «الدولة سعت خلال الفترة الماضية للمحافظة على صون حرية الرأي والتعبير من خلال السماح للمسيرات والتجمعات، إلا أن تكرار التجاوزات من القائمين على تلك الفعاليات وعدم التزام المشاركين بالضوابط القانونية في تلك الفعاليات التي تم تنظيمها من قبل بعض الجمعيات السياسية بقيادة جمعية الوفاق الإسلامية والتي تعتبر امتداداً للأعمال المخالفة للقانون التي وقعت خلال شهري فبراير/ شباط، ومارس/ آذار العام 2011، حيث وصل التمادي فيها إلى إطلاق دعوات لقلب نظام الحكم، وترديد شعارات التسقيط التي مست رموز الوطن، وسيادة الدولة، وخلت من معاني الاحترام، وتعمدت الإهانة، وهو الأمر الذي يهدد السلم الأهلي ويؤدي إلى إخلال بالأمن والنظام العام».