«الشفافية البحرينية»: «الملاذات الآمنة» للفساد تزايدت
العدلية – حسن المدحوب
كشف الصحافي الاستقصائي المصري هشام علام الذي كان أحد الصحافيين الذين ساهموا في فحص وثائق بنما ضمن فريق الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية أن «المرحلة الثانية من نشر هذه الوثائق ستتضمن أسماء العديد من الأثرياء وأصحاب الأعمال العرب المتورطين في الفساد المالي المتعلق بتبييض الأموال والتهرب الضريبي».
وذكر علام الذي تحدث عبر اتصال هاتفي مباشر معه في ندوة عقدتها جمعية الشفافية البحرينية في مقرها في العدلية مساء الثلثاء (3 مايو/ أيار 2016) تحت عنوان: «وثائق بنما ودور الملاذات الآمنة في انتشار الفساد»، بمشاركة من ممثلين لمؤسسات المجتمع المدني أن «هناك مسئولين ايرانيين وردت أسماؤهم في تسريبات بنما، مشيرا إلى أن بإمكانه تزويد أي جهة بالأسماء».
وقال علام «كنت احد المحققين ضمن 80 صحافيّاً لنكوّن النواة الأولى لفريق التحقيق، والبداية كانت في (يوليو/ تموز الماضي 2015)، وتم عقد اجتماع في ميونخ في ألمانيا للاتفاق على آلية العمل، وعدنا إلى مواطننا وبدأنا بتشكيل فرق العمل، وكانت معنا العديد من المؤسسات الصحافية، وتم تحديد ساعة الصفر لنشر التقرير هذا العام».
وأضاف «أنا كنت مسئولاً عن مصر وبعض البلدان العربية، وكشفنا المستوى الأول عن التسريبات عن رؤساء الدول وكبار رجال الدولة فيها، وقريبًا سيتم إعلان المرحلة الثانية من الوثائق التي ستشمل أصحاب أعمال».
وأردف «الوثائق كانت تخص شركة بنمية لزبائنها حول العالم وكانت تقوم بتقديم النصائح والتسهيلات لإنشاء هذه الشركات، والوثائق التي تحصلنا عليها كانت بين الشركة وزبائنها وتضم عقوداً وجوازات سفر وتعاملات مالية».
وتابع «أحيانا قد تكون هناك خطورة ليس من الحكومات بل من الأشخاص الذين تم كشفهم، لكننا قمنا بعدد من الإجراءات الاحتياطية لتأمين هذه الوثائق عبر تقديم نسخ من الوثائق إلى زملائنا في الدول الأخرى لنشرها حال تعرض أي شخص منا لأي مضايقات أو الاعتقال».
وردا على أسئلة الحضور، قال الصحافي علام: «لا نستطيع أن نجزم بأن كل الشركات التي ضمتها هذه الوثائق هي شركات فاسدة، بسبب ضخامة الوثائق التي بحوزتنا، وما تم نشره هو فقط الوثائق التي تأكدنا من صحتها وتثبتنا من وجود فساد فيها، أما بقية الأمور فنتركها إلى الرأي العام والتحقيقات التي يمكن أن تجريها الدول المعنية».
وأكمل «نحن لا نتهم أي شخص، ولكن نذكر الأسماء والشركات من باب المكاشفة، وانه لا يوجد لدينا شيء نخفيه، وما نذكره أن هذا الشخص قد تعامل مع هذه الشركة، ومن ملكنا أدلة على تورطه في معاملات فاسدة أعلنا عنه».
وذكر أن «الرئيس الروسي فلادمير بوتين غير متورط شخصيا في وثائق بنما ولم يرد اسمه ولكن ورد اسم شخص مقرب منه وانتفع من علاقته ببوتين في تبييض الأموال، وهذا ما وضحناه في إعلاننا عن الوثائق، وقد اقر بوتين لاحقًا بصحة هذه الوثائق،
وختم مداخلته بقوله «نعم هناك مسئولون في إيران وردت أسماؤهم في تسريبات بنما، وأنا غير مطلع بشكلٍ كامل على الأسماء حاليًّا، غير أنني مستعد لتزويد أي جهة بالأسماء عند التواصل معها».
من جهته، قال الصحافي الأردني مصعب الشواكبة الذي شارك أيضاً في فحص الوثائق ضمن فريق الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية إن «وثائق بنما سواء في نسخها العربية في مصر أو الأردن أو المغرب سلطت الضوء على نخبها الحاكمة وأظهرت أن هناك تزاوجاً بين السلطة والفساد».
وأفاد الشواكبة «حجم التهرب الضريبي مهول في الدول العربية، مثلا نحن في الأردن وجدنا أن حجم هذه الأموال 200 مليون دينار أردني أي ما يقارب 300 مليون دولار، الأموال التي تدفع إلى الضريبة هي أموال عامة تذهب إلى البنية التحتية، وبالتالي فإن من يتهربون من الضرائب يأخذون من جيوب الناس».
وأوضح أن «غسيل الأموال مثل بيع الأسلحة والمخدرات وتهريب الأموال وتبييضها كلها ظهرت في وثائق بنما، وكشفت عن متورطين عرب، وخاصة أن الدول العربية لديها قيود على تحويل الأموال، واليوم المنطقة تعاني من الإرهاب، وقد تكون هذه الأموال جزءاً من مصادر تمويل هذه الجماعات الإرهابية».
وشدد على أنه «لابد من التحقيق في سبب تأسيس شركات وهمية لإخفاء الأموال؛ لأنه لابد أن تكون هناك أسباب لذلك، وفي وجود هذه الشركات لا يمكن أن نعرف من يدير هذه الشركات».
وختم الصحافي الشواكبة «المطلوب اليوم أن تتم الرقابة على هذه الشركات، ونريد أن نعرف هل دفعت هذه الشركات رشا للدخول في مناقصات، وهذا يتطلب منا معرفة من يملك هذه الشركات ومناصبهم».
ومن جانبه، قال رئيس الجمعية البحرينية للشفافية شرف الموسوي: «من أهم الملاذات الضريبية الآمنة في العالم هناك 20 منطقة منها بنما ودول أخرى، والوثائق التي تم إعلانها تخص شركة (موسكا) البنمية، وهي وثائق يمتد تاريخها إلى 40 عاماً، وتضم 11.5 مليون ملف، وتم تقديمها إلى صحيفة ألمانية هي «زود دويتشه تسايتونج»، والتي استعانت بدورها بالاتحاد العالمي للصحافة الاستقصائية، وشارك في العمل حوالي 100 صحافي استقصائي وكان من ضمنهم صحافيون عرب».
وأضاف الموسوي «الصحيفة كشفت كيف يقوم أثرياء في العالم وقادة سياسيون بإخفاء أموالهم، وكشفت «وثائق بنما» تورُّط شخصيات دولية معروفة في أنشطة مالية في المناطق المعروفة بالملاذات الضريبية الآمنة لإخفاء ثرواتهم، وتظهر كيف يُخفي ساسة بارزون ونجوم رياضيون ومجرمون في مختلف أنحاء العالم ثرواتهم».
وأوضح أن «الملاذات الآمنة تلعب دورا رئيسيا في الفساد، مثل بيع المخدرات وتبييض الأموال، وقد ذكرت منظمة الشفافية الدولية أن تحقيقات «أوراق بنما» كشفت عن استخدام العديد من المسئولين الحكوميين للشركات السرية لإخفاء ثرواتهم، مطالبة المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات فورية لتبني قوانين الشفافية لتجريم هذه الشركات السرية».
وأكمل الموسوي «أضافت المنظمة في تقرير لها، أن هذه الشركات السرية التي استخدمها الأثرياء، ذوو النفوذ والفاسدون كشفت كيف تقوم شبكة من المحامين والمصرفيين وغيرهم حول العالم بإخفاء ثرواتهم غير المشروعة».
وختم «أشارت المنظمة إلى أن «وثائق بنما» هي أكبر وثائق مالية تم تسريبها وتكشف عن ممتلكات 140 سياسيًّا وموظفًا عامًّا من بينهم 12 زعيمًا حاليًّا وسابقًا من زعماء العالم، والذين استخدموا ما يزيد على 214 ألف كيان في الخارج لإخفاء مخالفاتهم».
وفي المداخلات، قال النقابي كريم رضي: «الشيء الأساسي المهم لدينا في العالم العربي انه على رغم قانونية التعاملات عبر «الاوفشور»، أن هناك أشخاصاً في مستوى رؤساء الدول وزعماء سياسيين ووزراء تعاملوا مع شركات وهمية، وهذا الأمر يقودنا إلى قانون الذمة المالية الذي وضع لمنع من هم في السلطة من الفساد والإثراء غير القانوني».
أما القيادي في جمعية المنبر التقدمي عبدالجليل النعيمي، فأشار إلى أن «هذه الأوراق كشفت ليس عن طريق عمل من مؤسسات المجتمع المدني بل لأن هذه الأوراق وقعت في يد جهة قد تكون مستفيدة من كشف الأوراق في هذا التوقيت، وهذا يدفعنا إلى إثارة موضوع كيفية الاستفادة من هذه التسريبات من قبل مؤسسات المجتمع المدني».
وتابع النعيمي «هذا الأمر يحتاج إلى أن يطرح من قبل منظمة الشفافية الدولية مع مؤسسات المجتمع المدني للعمل على كشف وجوه الفساد».
من جهته، قال الناشط محمد حسن العرادي: «هناك شركات وهمية كبيرة في الوطن العربي لتبييض الأموال، ولا نحتاج إلى تسميات، ونحن بحاجة إلى أن نفرق بين الرقابة اللاحقة التي أظهرتها وثائق بنما، بينما نحن بحاجة إلى كشف ما يوجد الآن، ولابد من إثارة كيفية توظيف القوانين في حماية المجتمعات من الملاذات الآمنة للتهرب الضريبي أو تبييض الأموال، وتعزيز ثقافة الشفافية».
وأخيرا، قال النائب السابق عبدالهادي مرهون «يبدو أن مسار التهرب من الضرائب معمول به بشكل واسع دوليًّا، ويبدو أن آليات الرقابة الوطنية في الدول غير قادرة على وقف هذا الفساد».
صحيفة الوسط البحرينية العدد 4989 – الخميس 05 مايو 2016م الموافق 28 رجب 1437هـ
http://www.alwasatnews.com/news/1110463.html