الشفافية تقيم طاولة مستديرة بشأن الميزانية العامة للدولة ٢٠١٧ – ٢٠١٨
“البحرينية للشفافية” تدعو لاستراتيجية للحد من الدين العام والالتزام بـ”اتفاقية مكافحة الفساد”
من إعداد أماني المسقطي
جدد رئيس الجمعية البحرينية للشفافية السيد شرف الموسوي مطالبة جمعيته بإنشاء جهة حكومية مشتركة مع مجلس النواب وبعض المتخصصين تتولى وضع استراتيجية للسيطرة على الدين العام والحد منه تمهيداً لتفعيل عناصر الاقتصاد الإنتاجية.
كما أكد على مطالبات الجمعية المتكررة في أكثر من مناسبة بأهمية وضرورة الالتزام بتنفيذ بنود إتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد، وخصوصا على صعيد ما يلي: إنشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد، إصدار قانون حق الحصول على المعلومات، وإصدار قانون حماية الشهود والمبلغين والنشطاء، ووضع استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد يشارك في إعدادها القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني.
جاء ذلك في كلمة للجمعية، خلال الطاولة المستديرة التي نظمتها بشأن الميزانية العامة لمملكة البحرين للعامين 2017 – 2018، في فندق “غولدن توليب” بالعاصمة البحرينية (المنامة)، بتاريخ 21 يونيو 2017، بمشاركة عدد من المهتمين في الشأن الاقتصادي والسياسي في البحرين.
وخلال كلمته، ذكر الموسوي إن حكومة البحرين قدمت الميزانية العامة للمملكة لعامي 2017 – 2018 لمجلس النواب لمناقشتها ولإقرارها تمهيداً لعرضها على مجلس الشورى، ثم تعاد للحكومة لاتخاذ إجراءات إصدارها في قانون حسب الأصول التشريعية المتبعة في هذا الأمر، وأرسلت الميزانية بمنتصف شهر يونيو 2017 متأخرة عن الموعد الطبيعي والقانوني بحدود 8 شهور تقريباً،واستمر الصرف من الميزانية خلال الفترة السابقة بدون غطاء تشريعي حسب الأصول التشريعية المتبعة.
وقال: “تضمنت الميزانية الخطوط العامة لأبواب الإيرادات والمصاريف والعجز ومقدار الدين العام وتكلفته السنوية، بالإضافة الى العديد من الأبواب التفصيلية المتبعة. وتبين وثائق الميزانية إنه من المتوقع ان تصل ايرادات العام 2017 نحو 2,228,261,000 دينار بحريني، وللعام 2018 نحو 2,361,615,000 دينار بحريني بزيادة قدرها 133,354,000 دينار”.
وأضاف: “ستبلغ المصاريف المتوقعة للعام 2017 نحو 3,564,267,000 دينار أي بعجز قدره (1,336,006,000 دينار)، فيما ستصل المصاريف للعام 2018 نحو 3,601,999,000 دينار، أي من المتوقع أن يبلغ العجز مبلغ وقدره ( 1,240,384,000 ) مما سوف يزيد من الدين العام لهاتين السنتين حيث من المتوقع أن يرتفع الدين بعام 2017 ليصبح ( 10,202 مليون دينار )، مقارنة بالدين لعام 2016 والبالغ 8,866 مليون دينار، من المتوقع أن يصل إلى ( 11,442 مليون دينار ) لعام 2018″.
واعتبر أن ذلك يتطلب تعديل قانون الإستدانة المسموح للحكومة الوصول إليه من 10 مليارات دينار الى ما لايقل عن 12 مليار دينار. وبالمقابل سترتفع تكلفة الدين من 361 مليون دينار في العام 2016 إلى 477 مليون دينار في العام 2017، ليصل إلى مبلغ 553 مليون دينار في العام 2018”.
وأشار إلى أنه بالمقابل سيصل الدعم الحكومي المتوقع بعام 2017 مبلغ وقدره 621 مليون دينار تقريباً منخفضاً بمبلغ 32 مليون دينار عن العام 2016، إذ كان ( 653 مليون دينار) فيما سينخفض الدعم الحكومي بعام 2018 ليصل الى 545 مليون دينار، بزيادة في الانخفاض عن 2016 بمبلغ 108 مليون دينار، وعن عام 2017 بمبلغ وقدره 75 مليون دينار أي بنسبة 16,5 % عن عام 2016.
وقال كذلك: “من الواضح إن الدعم المقدم للكهرباء والبنزين والضمان الاجتماعي والإسكان سيستمر تخفيض الدعم فيهما على الرغم من استمرار زيادة الرسوم وتطبيق الضرائب على القيمة المضافة، وبنفس الوقت الذي تخفض الحكومة الدعم عن المواطنين، وعلى الرغم من الضائقة المالية، تستمر الحكومة في تقديم ملايين الدعم لشركة طيران الخليج، حيث تقدر الميزانية مبلغ 100 مليون دينار للعامين القادمين، إذ اثبتت الادارات التي تولت قيادة الشركة فشلها في وقف هذا النزيف”.
ودعت الجمعية مجلس النواب – وفقا للموسوي -للتطرق أثناء مناقشاتهم لمشروع الميزانية مع الحكومة أو في مداولاتهم في المجلس لبعض النقاط غير الواضحة في الميزانية وبعض الأسئلة ومنها: المبالغ المستلمة من المارشال الخليجي للسنوات السابقة وكيف تم التصرف به وماهي بنود صرفه، وفيما إذا من المتوقع أن تصل البحرين مساعدات أخرى وكيف سيتم التصرف في بنود صرفها ومن يشرف عليها.
أما فيما يتعلق بالمبالغ التي يتم صرفها من المارشال الخليجي والمخصصة لبناء المساكن للمواطنين ويتم بيعها عليهم بالأقساط ويتولى المواطنون تسديد قيمتها لاحقاً لبنك الأسكان أو لوزارة الإسكان، فتساءلت الجمعية عن بنود الميزانية التي يتم فيها تسجيل هذه الايرادات، وخصوصا أن الميزانية العامة لا توضح كيفية التعامل معها، ناهيك عن أن جزء من هذه المنازل قد تم تسليمها للمستفيدين، ويسددهؤلاء قيمتها لبنك الاسكان أو الوزارة حالياً.
كما تضمنت الأسئلة أيضا، مدى إمكانية مراقبة التزام الحكومة ببناء الوحدات السكنية المعلن عنها في ميزانيتي 2017 – 2018، وفيما إذا كانت الحكومة تتوقع أن يكون سعر بيع النفط 55 دولار للبرميللعام 2017 بعد انقضاء 6 شهور من العام، وعن معدل بيع النفط خلال الستة شهور الأولى من العام 2017 التي يمكن من خلالها توقع العائد المناسب، والعجز المتوقع في حال لم يتحقق 55 دولار للبرميل، وكيف ستتم تغطيته، والتكلفة المقابلة، وبشأن وقف الدعم المقدم لشركة طيران الخليج البالغ 100 مليون دينار، بغض النظر عن مقدرة الشركة على تجاوز خسائرها أم لا.
الصايغ: سياسات تعزيز الانضباط المالي ما هي إلا مشروعات وهمية
وفي سياق حديثه عن الوضع الاقتصادي الحالي، ذكر د. جعفر الصايغ إن أسعار النفط انخفضت بشدة منذ العام ٢٠١٤، وهو ما أدى إلى انخفاض الإيرادات النفطية باستمرار، وهو ما أدى إلى تزايد العجز بصورة سنوية، وبالتالي ارتفاع متفاقم في الدين العام.
كما تطرق إلى الإجراءات التي أعلنت الدولة أنها ستتخذها لوقف تدهور الوضع الاقتصادي بسبب ارتفاع الدين العام، وإلى ما تطرق إليه وزير المالية بشأن الخطوات والتدابير الحاسمة لتعزيز الانضباط المالي، مشيرا الصايغ إلى أن هذه السياسات والتدابير ما هي إلا مشروعات وهمية وإجراءات غير موضحة بشكل دقيق.
وذكر أيضا أن من بين هذه الإجراءات ضبط المعاملات الحكومية، وهي المعاملات الغير معروفة، وفقا له، ناهيك عن تخفيض نفقات الحكومات والجهات الرسمية، معلقا على ذلك بالقول: “جميعنا نعرف أن الاقتصاد يعتمد بشكل عام على ما تضخه الدولة من سيولة في النشاط الاقتصادي، وحجم هذه السيولة يحدد حجم النشاط الاقتصادي، وفهمنا أن بعض الإجراءات تتمثل في الاستمرار في خفض النفقات الحكومية، وتطبيق مبادئ الحوكمة في الجهات الحكومية مع عدم المساس بالرواتب والعلاوات الحكومية”.
وأضاف: “قبل ثلاثة أو أربعة أعوام أن دعم البنزين يسبب ثقل مالي، إلى أن تم رفع الدعم عنه، والآن تكرر الدولة أن استمرارية تفاقم الرواتب والزيادة السنوية يمثل عبء مالي على الدولة، ويخشى أن تكون هناك نية لخفض الدعم على الكثير من مستحقيه”.
أما عن مساعي الدولة في تنويع مصادر الدخل، فعلق عليها الصائغ بالقول: “نأمل أن يتم تحقيق ذلك على أرض الواقع، وهي إجراءات سمعناها كثيرا منذ عشرين إلى ثلاثين عاما، والدولة نجحت في تنويع مصادر دخلها، ولكن ذلك كان على صعيد زيادة الرسوم والضرائب غير المباشرة، لا من خلال زيادة الانتاجية والإيرادات الناتجة عن القطاعات الاقتصادية المختلفة”.
وأشار إلى أنه فيما يتعلق بالتصريحات الرسمية عن استرداد الكلفة حيال الخدمات الحكومية، فإن ذلك يعني التوجه لزيادة الضرائب والرسوم، متطرقا إلى ما أعلن عنه وزير المالية بشأن التوجه الرسمي لوضع استراتيجية متوسطة المدى للتحكم في مستوى الدين العام، إلا أن الصايغ وصف هذه الاستراتيجية بـ”الغير واضحة”، وخصوصا مع النية الرسمية لزيادة الاقتراض، وهو ما يثير تساؤل بشأن آلية تعامل الدولة مع نمو هذه الاعتمادات.
وقال: “لم يتبق إلا ستة أشهر على نهاية السنة المالية الأولى من الموازنة، وحتى الآن لا نزال نجهل ما هي المشروعات التي ستحقق الحكومة من ورائها وفورات لخفض فوائد الديون. كما لم توضح الوزارة آلية تفعيل دور القطاع الخاص في هذا المجال. والملاحظ أيضا أن هناك استمرارية في زيادة النفقات، على الرغم من اتباع الدولة سياسة التقشف”.
وأضاف: “الدولة اعتمدت سعر ٥٥ دولار أميركي لبرميل النفط، ولكن ماذا لو انخفض الدولار إلى أدنى من ذلك؟،
الدعم المقدم إلى مبيعات النفط انخفض من ٩٠٠ مليون إلى ٢٥ و٢٣ مليون، كما أن أغلب الإيرادات غير النفطية تمثل رسوم وضرائب غير مباشرة”.
وأوضح بأن الحكومة قدرت الإيرادات الغير نفطية بـ٤٧٥ مليون دينار في ٢٠١٧ و٥٣٧ مليون دينار في ٢٠١٨، مشيرا إلى أنه إذا كانت هذه الزيادات وهذه الضرائب غير المباشرة والرسوم الحكومية على الكثير من الخدمات، فإنه ليس أمام الحكومة إلا الاستمرار في زيادة هذه الرسوم والتي ستمثل عبء على المواطن والنشاط الاقتصادي.
وذكر الصايغ أنه مع استمرار الدولة في التقشف وانخفاض السيولة التي تضخها في الاقتصاد واستمرارية الركود الاقتصادي للسنتين الماليتين، يلاحظ غياب ضخ شركة ممتلكات لإيراداتها، وهو أحد المطالب المتكررة، لكون ممتلكات تشكل الذراع الاستثماري للحكومة وتملك تحت مظلتها خمسين شركة.
وأشار إلى وجود مشروعين مع الموازنة التي قدمتها الدولة لمجلس النواب، وهما رفع سقف الدين العام والاقتراض من احتياطي الأجيال القادمة، لافتا من جانب آخر إلى استمرار الدولة في الاقتراض من الخارج وسندات التنمية لمعالجة العجز.
وختم الصايغ حديثه بالقول: “ذكرت وزارة المالية أن نفقات إدارة الجهاز الحكومي والمتعلقة بشكل خاص بالرواتب والأجور زادت بنسبة ٨ في المئة، وستستمر في الزيادة خلال الأعوام المقبلة، وهذا يعني بحسب الوزارة أن هذه الزيادة تشكل ضغطا ملحوظا على الموازنة العامة للدولة، بما يؤكد أنه من غير المجدي التوسع في الأجهزة الحكومية، وهذا يكشف عن توجه رسمي لاتخاذ إجراءات رسمية تجاه الرواتب وهذا البند من المصروفات”.
حسين: ارتفاع كبير في خدمة الدين العام
وتطرق الاقتصادي د.جاسم حسين إلى خدمة الدين العام، التي بلغت في العام ٢٠١٥ نحو ٢٧٠ مليون دينار، و ٣٦٢ مليون دينار في العام ٢٠١٦، فيما من المتوقع أن يصل في ٢٠١٧ إلى ٤٧٧ مليون دينار، وللمرة الأولى سيتجاوز المليار دينار، واصفا ذلك بـ”الارتفاع الكبير”، وذلك يحدث في الوقت الذي تتراجع فيه معدلات الفائدة في العالم.
كما أشار إلى النظرة السلبية التي منحتها “ستاندرد أند بورز” إلى البحرين، وهو ما اعتبره تحديا كبيرا ستواجهه الدولة في موضوع العجز.
ولفت إلى أن أرقام الحساب الختامي تشير إلى أن العجز بلغ ١٦٣٥ مليون دينار في ٢٠١٦، وسيكون هناك تراجع في العام ٢٠١٧، وفي العام ٢٠١٦ كان التوقع أن يكون أقل ولكنه تزايد، معتبرا أن موضوع تمويل العجز يكتنفه غموض، وخصوصا أن الحكومة ستنافس القطاع الخاص، وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاع نسبة الفائدة، وفقا له.
وحذر حسين من السحب من الاحتياطي العام الذي بالكاد يغطي النقد المتداول وسحب احتياطي الأجيال القادمة، وقال عن ذلك: “يجب أن يكون هذا الأمر موضع نقاش مجتمعي، كما لا يمكن السحب من صندوق التأمين ضد التعطل. ومن جانب آخر، فإنالصورة غير واضحة بشأن المارشال الخليجي، لأنه يدخل مباشرة في المشاريع، ولذلك أتوقعأن يكون الرقم الفعلي للموازنة أعلى من المعلن عنه”.
وتابع: “الإمارات تقوم بأعمال توسعة مطار البحرين الدولي بـ٣٥٠ مليون دينار، وهو ما يعادل حجم موازنة المشروعات في سنة واحدة، بالإضافة إلى تمويل شبكات الطرق والوحدات السكنية، وهناك غموض لا يخدمنا في هذا المجال، والنفقات الفعلية ستكون أعلى لأن بعضها غير مرصود”.
وذكر حسين أيضا، بأن أرقام المنتدى الاقتصادي العالمي تشير إلى أن متوسط نسبة البطالة في البحرين تبلغ ٧ في المئة، ولكنها تصل في أوساط الشباب إلى ما نسبته ٢٠ في المئة، مشيرا إلى أن هذه الموازنة المتقشفة لن تخدم في حل معضلة البطالة، وأن الحكومة ستعتمد أكثر على المال السياسي الخليجي، وتحديدا من الإمارات والكويت والسعودية، وهو مال مشروط، على حد تعبيره.
صالح: الحكومة تهدف لتضخيم المصروفات لتستدين
أما كاتب المقال علي صالح فبدأ حديثه بالإشارة إلى رفض الحساب الختامي من قبل مجلس النواب في وقت سابق، لعدم شفافية الحكومة في موازنتي ٢٠١٥ و٢٠١٦، وقال: “حين نأتي إلى موازنة السنتين الماليتين ٢٠١٧ و٢٠١٨ نجد أن الموضوع انعكس أيضا على ذات الموازنة، وفي تقديري أن المشكلة هي في سياسات الحكومة ووزارة المالية، وخصوصا حين نتحدث عن العجز والدين العام والإيرادات والمصروفات، ومسألة تغطية العجز قيل عدة مرات في وقت سابق والتي لم يتحقق فيها شيء”.
وتابع: “من الملاحظ في الموازنة التي تأخرت ثمانية أشهر عن موعدها، أنهاجاءتبذات الأرقام السابقة، لأن الحكومة هدفها أن تضخم المصروفات وتفتت المصروفات، وأن تقلل الإيرادات قدر المستطاع حتى تزيد المصروفات، وتتيح لها مجال الاستدانة، وهذه سياسة أساسية لها منذ العام ٢٠٠٨”.
وواصل: “أكبر مثال على سياسة الحكومة هذه، هي مسألة تنويع مصادر الدخل، وذلك عن طريق جباية فلوسها في السوق، واسترداد كلفة الخدمات. وحين طرح موضوع فرض ضريبة ٥ في المئة على الشركات التي يبلغ ربحها نصف مليون دينار، رفض مجلس النواب بإيعاز من الحكومة هذا الاقتراح بحجة أنه سيضر بالاستثمار، على الرغم من أن ذلك سيسهم في حل مشكلة العجز، في حين أن الحكومة لا تريد تغطية العجز”.
وأكد صالح أن ما استدانته الحكومة يبلغ أكثر من ٦ مليارات دينار ومجموع العجز في الفترة بين العامين ٢٠٠٨ إلى ٢٠١٤ لم يزد على مليارين و٤٠٠ مليون، وتساءل: “إذا أين ذهبت الأربعة مليارات دينار؟، أين دخل الكهرباء الذي يقدر بـ٢٠٠ مليون دينار؟، مضيفا: “الحكومة تقول أنالمارشال الخليجي غير مقدم نقدا، بينما كل المشروعات بما فيها المدن الإسكانية وتطوير شارع ألبا وتطوير المطار، تأتي ضمن مشروعات المارشال الخليجي، وأدرجت مجددا في الموازنة، والمركز الشامل للإعاقة مدرجة له موازنة منذ العام ٢٠٠٦”.
وختم بقوله: “هناك تضخيم لمصروفات وهمية غير موجودة، للادعاء بوجود عجز، ونحن بحاجة لتغيير السياسات الاقتصادية والمالية للدولة، لأن ذلك سيؤدي لتقليل العجز والدين العام”.
العالي: الغموض في الموازنة موقف سياسي لا اقتصادي
أما د.حسن العالي، فأوضح بأن مجموع الدين الخارجي يشمل الدين الحكومي واقتراض الشركات الحكومية، مثل شركتي ألمنيوم البحرين “ألبا” ونفط البحرين “بابكو”، مشيرا إلى أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي تبلغ ٢٠٠ في المئة، وإن إقراض شركتي ألبا أو بابكو لا يتم من دون ضمانهما من الحكومة، وبالتالي هي قروض حكومية.
أما عن تأثير الموازنة على الاقتصاد، فعلق العالي: “مشكلتنا كدول نفطية أن النفط يمثل قاطرة اقتصاد، والموازنة لا تمثل إلا ١٠ إلى ١٥ في المئة من مجموع الاقتصاد، وبالتالي ذلك لا يؤثر على النمو الاقتصادي، لأن الاقتصاد يقوده القطاع الخاص.وبالتالي يجب أن نتفحص الموازنة إلى أين تأخذ الاقتصاد، والموازنة عصية على الترشيد”.
وواصل: “حين لا يتغير مجموع الموازنة، فهذا يعني أن الوفورات انتقلت إلى مجالات أخرى، وفي الموازنة انتقلت إلى الدين العام، وهي مرشحة للزيادة، بسبب ارتفاع الفوائد العالمية، وتخفيض التصنيف الائتماني للبحرين، وأكثر اقتراض للدين الحكومي هو من سندات الخزانة، وطوال العام كانت الحكومة تقترض لسداد الديون السابقة، وهذا ما يؤدي لتزايد فوائد الاقتراض. فـ٦٠ في المئة عبارة عن ديون داخلية، وهي سندات الخزانة وسندات الحكومة المحلية، و٤٠ في المئة للديون الخارجية”.
وفي إطار حديثه عن تأثير الديون المحلية على السوق المحلي، قال العالي: “البنوك لديها سيولة مريحة، وبالنسبة لموازنة المشروعات، والمعروف من الأعوام السابقة، أنها موازنة بمثابة متمم حسابي، فما يتبقى بعد المصروفات المتكررة يخصص لموازنة المشروعات، ودائما لا يتعدى الإنفاق الفعلي ٤٠ إلى ٥٠ في المئة من الرصيد المعتمد والمدور من موازنة المشروعات”.
وتساءل: “لماذا تصرف الحكومة نسبة قليلة من رصيدها؟ أعتقد أن لذلك أسباب سياسية أكثر منها اقتصادية، بغرض تضخيم المصروفات وزيادة الاستدانة”.
وزاد في حديثه: “المستغرب أن طيران الخليج توضع ضمن موازنة المشروعات، في حين أن ممتلكات لا تحول أرباح للموازنة بحجة دعمهالطيران الخليج، وهذه الشركة تمثل لغز كبير، ويجب تفكيكها بشكل كامل لمعرفة الثغرات التي تتسرب منها هذه الموازنات”.
وختم العالي قائلا: “موازنة المشروعات تمثل قاطرة للاقتصاد، ولكن صرف ٤٠ في المئة منها والفساد وتبرير غطاء لمزيد من الاستدانة، والمشروعات التي ليس لها تأثير فعلي على العمالة المحلية، والمارشال الخليجي، كلها مثار تساؤلات، والغموض في الموازنة هو موقف سياسي من أعلى سلطة أكثر منه موقف اقتصادي أو مالي”.
شريف يحذر من فقدان سيولة البنوك لإقراض القطاع الخاص
وبدأ الخبير الاقتصادي إبراهيم شريف حديثه عنالدين العام، بالقول: “هناك أرقام معلنة بشأن الدين العام، وأخرى غير معلنة، فالدين العام المعلن رسميا قبل العام ٢٠٠٨ كان أقل من مليار دينار. وكانت البحرين واجهت أزمة شديدة في التسعينات بسبب انخفاض أسعار النفط التي اقتربت من عشرة دولارات، وهو ما أدى إلى تسجيل عجز كبير، وبالتالي تراكم في العجز، أكل فائض السنوات السابقة، وفي العام ١٩٩٩ بدأت أسعار النفط في الارتفاع، واستمرينا في المحافظة على الدين الذي يعادل مليار دينار، إلى أن وصلنا للعام ٢٠٠٧، وفي العامين ٢٠٠٨ و٢٠٠٩، بدأ يطفر إلى أن وصل إلى ٨,٨ مليار في العام ٢٠١٦”.
وأضاف: “بدأت وزارة المالية في الاقتراض من مصرف البحرين المركزي، وفي العادة لا يتم الاقتراض من المصرف المركزي، وإنما عبر إدارة السيولة في الأسواق بالاحتفاظ بكمية معينة من السندات الحكومية”. وفي العامين ٢٠٠٥ و٢٠٠٦ لم تكن هناك أية قروض لدى المصرف المركزي، وهذه الأرقام لا يمكن الاطلاع عليها إلا من خلال بيانات المصرف المركزي، والتي تبين تغيرها بشكل كبير في الأعوام الأخيرة بسبب العجز”.
وأكد شريف انخفاض الاحتياطي الأجنبي لدى المصرف المركزي في سبيل تمويل الحكومة، وهو ما لا يدرج في الحساب الختامي للدولة، مشيرا إلى أن الحكومة تقترض أيضا من البنوك، وأنه الربع الأخير من العام ٢٠١٥ شهد ارتفاعا كبيرا في موازنة بنك البحرين الوطني، بما يعادل نحو ٣٥٠ مليون دينار، وتبين أن البنك أقرض الحكومة ٢٥٠ مليون دينار، ومن غير المعروف ما إذا كانت هماك مبالغ أخرى اقترضتها الحكومة من البنوك، وفقا له.
وقال: “كان لدى المصرف المركزي أصول خارجية وسندات استثمارية، وكان لدى المصرف المركزي في العامين ٢٠١٣ و٢٠١٤ نحو ٢,٣ مليار دينار في ودائع في الخارج، وبدأت تنزل إلى مليار في العام الماضي، والفارق كان لتسليف وزارة المالية، لأن الحكومة لا تستطيع الحصول على تمويل لكل متطلباتها، وتضطر اللجوء إلى المصرف المركزي، وهو ما يشكل خطورة في الوضع الحالي، لأن ٩٩ في المئة من أمواله كانت أموال أجنبية وهي النسبة التي انخفضت في الوقت الحالي إلى ٤١ في المئة، على الرغم أنها كانت تبلغ في عز أزمة النفط في العام ١٩٩٨، ٧٦ في المئة”.
وزاد في قوله: “من الواضح أن هناك ديون مخفية، ولكننا سنجد من خلال معدل زيادة الدين العام في العشر سنوات الماضية، أن الحكومة كانت تقترض ضعف ما تحتاجه، والسؤال: أين ذهب هذا الفارق الكبير؟ وخصوصا أنه يصل إلى المليارات. فهناك مليارات تم اقتراضها ولم يتم صرفها على العجز، وليست هناك شفافية تامة في الموازنة العامة للدولة”.
وأشار إلى أن الجانب الأكبر من دخل بنك البحرين الوطني هو من استثماراته في السندات الحكومية لحكومة البحرين، وهو ما أدى إلى ارتفاع أرباح البنك الذي كانت تتراجع أرباحه، لافتا إلى أن القروض العامة للقطاع الخاصستواجه صعوبة، إذا استمرت الحكومة على هذا النهج، إذ ستفقد البنوك سيولتها لإقراض القطاع الخاص، مؤكدا أن الحكومة ستحتاج إلى ما يعادل ٢٠ دولار من كل برميل نفط لتسديد فوائد السنة المقبلة.
رضي: نرفض استخدام صندوق التأمين ضد التعطل للتمويل
وتطرق النقابي كريم رضي، إلى المنهجية المتبعة في التعامل مع قانون الموازنة العامة، حسب ما أعلن رئيس اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس النواب عبدالرحمن بوعلي، إذ أعلن الأخير عن سلسلة اجتماعات مع الحكومة والشورى للانتهاء في ٢٥ يوليو من مرئيات اللجنة المالية بشأن الميزانية.
وقال رضي عن ذلك: “نعتقد أن هذه المنهجية وكأنها استباق للمناقشات التي ستحدث في مجلس النواب، فهل مهمة اللجنة المالية التفاوض مع الحكومة أم أن مهمة النواب هي طرح مرئياتهم في الميزانية؟”.
وأشار رضي إلى أنه في العام ٢٠١٥، صرح وكيل وزارة العمل محمد الأنصاري أن فوائض التأمين ضد التعطل هي ٤٠٠ مليون دينار، وهو ما يغاير الحديث عن صناديق التأمين الأخرى، والتي دائما ما تصرح الحكومة أنها تعاني من عجز، كأسلوب تتبعه الحكومة في التفاوض مع المجتمع، وفقا له، متسائلا: “هل من الصحيح أن نتحدث عن فوائض حين نتحدث عن صناديق تأمين؟ لأن صناديق التأمين في كل العالم هي صناديق مخاطر، ولكن مع ذلك فإن في تصريح الأنصاري أنه يمكن الانتقال في المرحلة الثانية من مشروع التأمين ضد التعطل، بمحاولة اشتمال فئات جديدة واستثمارات لتنمية موارد الصندوق ورفع المخصصات المقدمة للعاطلين”.
وذكر أنه في مايو ٢٠١٧، صرح وزير المالية أن موجودات صندوق التأمين ضد التعطل هي ٥٨٣ مليون دينار، ثم قال النائب محمد الأحمد أن هناك توجه ليس للاقتراض كما جرت العادة، وإنما لتعديل تشريعي يسمح للحكومة باستخدام وفورات التأمين ضد التعطل، وقاد بعض الصحافيين حملة لتأييد هذا التوجه، والذي جاء في ما يبدو ردا على بيان الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين الرافض للمساس بموجودات هذا الصندوق.
وقال رضي: “ذا كان الحديث عن استخدام هذه الموارد من اجل مشروعات توسع هذه الفئات، كرياض الأطفال التي لا يشملها التأمين، فهو أمر جيد، كما أن هناك عدد من الشركات التي تعرضت لمشكلات في الأجور ولم تستفد من التأمين ضد التعطل، وهي الشركة العربية للسكر والتي تضم ١٠٠ عامل بحريني، وشركة زخريادس والتي تضم آلاف العامل، وشركة ميركوري التي لم تدفع حتى الآن أجور العمال، لأن القانون لا ينص على دفع التأمين ضد التعطل إلا إذا انفصلت علاقة العامل بمؤسسة العمل وتم إلغاء اشتراك العامل في التأمينات ، وبالإمكان تطوير قانون التأمين ضد التعطل للاستفادة منه لا استخدامه وسيلة للتمويل”.
أسئلة تتركز على المخاوف من الوضع الحرج للميزانية
تركزت أسئلة وملاحظات الحضور في الندوة، على المخاوف من الوضع الحرج للميزانية العامة للدولة، وفي هذا الإطار قال عضو الجمعية البحرينية للشفافية عبد النبي العكري: “الميزانية العامة للدولة في وضع حرج، والأجيال القادمة ستتحمل كارثة، فكيف يمكن معالجة هذا الأمر؟ اليونان لجأت إلى إجراءات اقتصادية ومالية، وفرضت ضرائب تناسبية، واتخذت إجراءات شفافة، والآن هناك ثقة في الاقتصاد اليوناني، ولكن ظروفنا مختلفة إذ أن الحكومة درجت على الاقتراض المتزامن مع مشكلة سياسية ترتب عليها خلل جوهري انعكست سلبا على الميزانية”.
وأضاف: “المشروعات تشكل ما يعادل سدس الموازنة، فكيف تصبح موازنة تنموية؟، كما أن نفقات الأمن تساوي ١,٥ مليار دينار، وهذا ما يعادل نصف الموازنة، والنواب قالوا أنهم سيستعجلون الموازنة لضمان الأمن، وهنا أستذكر ما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس السابق بيل كلينتون حين حولت قواعد عسكرية إلى مراكز إنتاج، وبالتالي فإن حل المشكلة السياسية والتصالح الوطني سيخفض الإنفاق على الأجهزة العسكرية والأمنية، ويجب أن تتمتع الميزانية بالشفافية ومراقبة حقيقية من مجلس النواب”.
واختلف الناشط محمد الزياني مع النقابي كريم رضي في مسألة الاستفادة من الفائض التأميني في صندوق التعطل، وقال: “هذا الفائض التأميني المريح يقابله عجز اكتواري في صندوق التقاعد، والحكومة ستلجأ لاستخدام كل الفوائض”.
أما الاقتصادي محمد الكويتي، فقال: “لا توجد خطة حكومية توضح العلاقة بين الأهداف التي وضعتها والأرقام الموجودة في الموازنة. وكيف سيتحقق التنويع الاقتصادي في ظل هذه الأرقام؟ كما أن استخدام موارد الصناديق يحتاج إلى نقاش، ومن الخطأ استخدام ديون لتمويل استهلاك”.
ومن جهته، قال الناشط يحيى المخرق: “الفرق بين الموازنة الحالية وموازنة ٢٠١٦، في المدخولات والمصروفات والعجز، فهناك ارتفاع في المدخول بنسبة ١٨ في المائة في العام ٢٠١٧، وارتفاع بنسبة ٢٥ في المئة في ٢٠١٨، أما المصروفات فشهدت انخفاضا، وهناك انخفاض في العجز ١١ في المئة و١٧ في المئة للعامين ٢٠١٧ و٢٠١٨، ومن يرى الأرقام بشكلها الأبعد يشعر أن هناك تطورا في الموازنة، ولكن في التفصيل: من أين جاء الارتفاع في المدخول الذي أدى إلى انخفاض في العجز؟”.
وتابع: “المدخول يتكون من النفط والغاز ومدخولات غير النفط والغاز، ومع أن الحكومة استخدمت معدل أعلى لمدخولها من النفط، ولكن الفرق ٣٨ مليون دينار فقط في ٢٠١٧، وإنما الفرق الأكبر الذي يخفض العجز هو من المدخولات غير النفطية، وهي عوائد فرض الرسوم على المواطنين، وهذا يعني تخفيض العجز من جيب المواطن”.
واعتبر المخرق أن الحكومة لم تتقدم أي خطوة في الموازنة الحالية عن الموازنة السابقة، وإنما مدت يدها على جيب المواطن.
فيما اعتبر د.أسامة البحارنة إن الدولة لبت متطلبات النواب في المحافظة على الرواتب والزيادة فيها، لأن الموازنة هي مصروفات ودخل الدولة، وقال: “إذا طلبنا من الحكومة عدم تقليل النفقات وعدم تقليل عدد الموظفين وعدم إيقاف الزيادة السنوية، فهذه المصروفات لن تقل، ودائما سيكون هناك عجز، إلا إذا حاولنا الحد من النفقات، والجميع يطالب بالحد من النفقات، ولكنه لا يطرح رؤية واضحة لذلك”.
وأضاف: “الرواتب تأخذ من الموازنة ١.٥ مليار دينار على الأقل، فكيف يمكن خفض هذه الرواتب إذا لم نكن على استعداد للتقليل من موظفي الحكومة؟، والدخل الأساسي للدولة هو النفط، وهو لا يغطي الموازنة بصورة عامة، والحل الآخر أن الصحف والنواب يطالبون بتنويع مصادر الدخل”.
وتابع: “في الدول الأخرى هذا التنويع يتم عبر فرض الرسوم والضرائب، وهذا دور الحكومة، سواء بوضع يدها في جيب المواطن أو جيب الشركات. ولكننا نريد للحكومة أن تنوع مصادر الدخل عبر الشركات، ومعظم الشركات تحت مظلة “ممتلكات” هي شركات متهالكة ولا تؤدي الغرض الرئيسي، والسبب في ذلك أن الحكومة تملك أكثر من ٥٠ في المئة من هذه الشركات، وبالتالي إدارتها تعتمد على الحكومة، وهي ليست جيدة في إدارة الشركات”.
وختم مداخلته قائلا: “يجب أن نتعود على موضوع الرسوم والضرائب لأنه الحل الوحيد في المستقبل. ومن جانب آخر فإن ٢٢٠ إلى ٢٣٠ مليون دينار تذهب إلى الكهرباء، ونحتاج إلى خصخصة هذا القطاع، كما يمكن تخصيص القطاع التعليمي، وخصوصا أن الحكومة تصرف ما يعادل ٣٥٠ مليون دينار على الطلبة، ويمكن للقطاع الخاص أن يضبط المصروفات”.
إلا أن الخبير الاقتصادي إبراهيم شريف، عقب عليه قائلا: “الحفاظ على المكاسب ضروري، ولكن الحديث عن استرداد الكلفة في الظاهر، في حين أن الرسوم تتحول إلى شكل من أشكال الضرائب، فهو مرفوض،وربما يمكن لفكرة الأمن الشامل أن تحل جزء كبير من الموضوع، والمطلوب في هذا الأمر هو الشفافية”.
وواصل: “الضريبة مهمة، ولكن الطريقة التي يتم بها فرض الضريبة خاطئة، لأن ضريبة القيمة المضافة تضرب الفقير والغني، ولكن الغني سيكون اقل ضررا لأن أغلب مصروفاته تصرف في الخارج، وهناك من طرح ضريبة الثروة، والواقع أننا بحاجة إلى نظام ضريبي وتقليص النفقات، ولكن ذلك لا يتم مع ضريبة من دون تمثيل ومن دون شفافية”.
وعاد د. حسن العالي ليقول: “لاحظت منذ صدور الموازنة حتى الآن، أنه يتم النفخ في شعار أن الموازنة حافظت على مكتسبات المواطنين، وستمرر تحت هذا الشعار، وبالتالي الترويج لفكرة أن الموازنة جيدة”.
وأردف: “برنامج عمل الحكومة الذي سينتهي في العام ٢٠١٨ وضع عدة أهداف وأقره البرلمان، ومن بين هذه الأهداف خفض العجز وزيادة البحرنة وتحفيز القطاع الخاص وغيرها، وهذا يعني إذا وافق البرلمان على الموازنة من خلال موافقته على برنامج عمل الحكومة الذي فشل ١٠٠ في المئة، فهذا يعني أن الحكومة فشلت ١٠٠ في المئة، وبالتالي على النواب محاسبة الحكومة”.
وواصل: “لست مع تنويع الموارد المالية من خلال الموازنة لأن الخيارات محدودة جدا، وموازنة وزراتي الدفاع والداخلية المعلنة تبلغ مليار دينار، وهو ما يعادل ثلث الموازنة، وطريق حل هذا الأمر، معروف وربما يشكل مدخل لترشيد النفقات”.
وأكد العالي أن دور الموازنة يجب ألا يقتصر على الحفاظ على مكتسبات المواطنين فقط، وإنما تحقيق النمو الاقتصادي، وبالتالي تمرير الموازنة التي ستحمل الاقتصاد أعباء ثقيلة على المواطنين، معلقا: “الاقتصاد يسير إلى اتجاه خاطئ، والمطلوب محاكمة الموازنة على ضوء الاقتصاد وبرنامج عمل الحكومة، وليس فقط الحفاظ على مكتسبات المواطنين”.
أما د. جعفر الصايغ، فأشار إلى أن الحديث عن الدين العام يعني الحديث عن مستقبل وقدرة الدولة على تسديد هذه الديون من عدمه، وثقة المستثمرين في الاقتصاد وثقة الدائنين في الحكومة، وأن تفاقم الدين العام يعني الخوف من فقدان هذه الثقة ومن يقرضون الحكومة، لافتا إلى أن تفاقم الدين العام حتى في المستقبل، يؤدي إلى مخاوف من فقدان المستثمرين الثقة في شراء هذه السندات والأذونات العامة.
وقال: “الاقتصاد تحت قاعدة ارتباطه بأسعار النفط، يعني فشل سياسات تنويع مصادر الدخل، والآن بسبب هذه الأخطاء المتراكمة على مدى هذه الأعوام، أصبحت الخيارات محدودة أمام الدولة، لو أن النرويج وهي دولة نفطية تدخل في أزمة مالية، لكان لديها خيارات كثيرة، أحدها النظام الضريبي”.
وتابع: “لا يمكن فرض الضرائب في الوقت الحالي مع وجود حالة ركود اقتصادي، لأن تحفيز المجتمع على الاستهلاك والمستثمرين على الاستثمار، يتطلب ضخ السيولة لا سحبها، والنظام الضريبي كان يفترض أن يفرض منذ عدة أعوام لا الاعتماد على موارد قابلة للنضوب والانتهاء”.
اقتصادنا ليس قويا، الولايات المتحدة منذ نشأتها الدين العام مرتفع ولكن لديها اقتصاد قوي وقادرة على تسديد الديون حتى وإن تفاقم الدين العام.
أما النقابي كريم رضي فتساءل: “كيف يمكن التوجه لتنويع الدخل والضرائب، في حين نفتقر وجود وظائف للبحرينيين ذات المردود العالي القيمة؟”.
ومن جهته، أكد كاتب المقال يعقوب سيادي على أهمية شفافية المعلومات بشأن الموازنة، مشيرا إلى أن الحكومة اعتمدت بشكل أساسي على معلومة روجتها لتليين مواقف النواب في الموافقة على الموازنة، وهي ثبات رواتب المواطنين، ولكن في المقابل لم تقل أنها ستوقف الدعم عن أمور أخرى، مثل رفع الدعم عن البنزين، على حد قوله.
فيما عاد عضو الجمعية البحرينية للشفافية عبد النبي العكري، للقول: “هناك تدنِ في كفاءة القطاع العام، وهناك بطالة مقنعة وعديمو الكفاءة، كما أن هناك فرق هائل في الرواتب، وهناك ٧٠ موظف في الحكومة بدرجة وزير ومستشار، ولدينا الآلاف من المعلمين الأجانب وهناك عاطلين عن العاملين، فنحن نتحدث عن دولة فيها الكثير من المستشارين الذين يستلمون رواتب هائلة، وكبار المسئولين في الدولة يملكون القطاع الخاص من الخلف”.
وأضاف: “القطاع الخاص في البحرين غير تنافسي وإنما احتكاري، وهناك مثلا شركات تسيطر على الطرق والاستيراد، ويجب أن يكون هناك حل وطني للموازنة”.
أما الناشط السياسي رضي الموسوي، فتطرق إلى المطالبات المتكررة بالدمج بين حسابات المصفاة وحقل البحرين، وخصوصا أن بابكو مسئولة عن التكرير، فيما حين أن شركة تطوير مسئولة عن الإنتاج، وختم متسائلا: “عوائد المصفاة والحقل توازي عوائد المصفاة في الكويت في حجم المبيعات النهائية، فأين يذهب نفط حقل البحرين والذي يعادل إنتاجه ما بين ٤٥ إلى ٤٧ ألف برميل نفط في اليوم؟”.