سلمان أكد أن البحرين تورطت بعقود مع الشركة الأميركية لـ40 عاماً… في ندوة نظمتها «الشفافية»
خليل: الحكومة تجاهلت مقاضاة المتورطين بفساد «ألبا – ألكوا» الواردين بتقرير «كرول»
الجفير، أماني المسقطي
خليل متحدثاً في ندوة قضية الفساد «ألبا – أكوا» –
ذكر القيادي في جمعية الوفاق الرئيس السابق لكتلتها النيابية عبدالجليل خليل، أن الحكومة تجاهلت مقاضاة المتورطين في قضية فساد «ألبا – ألكوا»، على رغم أن شركة «كرول» التي تولت التحقيق في القضية، حددت أسماء جميع المتورطين في القضية، منذ العام 2008.
جاء ذلك خلال الندوة التي نظمتها جمعية الشفافية البحرينية أمس الأول الإثنين (21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011)، في نادي العروبة، بشأن ما عرف بقضية فساد «ألبا – ألكوا».
وخلال الندوة؛ أشار خليل إلى أن قضية فساد ألبا تم اكتشافها في بادئ الأمر حين كان هناك تحقيق في قضية فساد أخرى في دبي في العام 2001، وأنه أثناء التحقيق في القضية تم العثور على بعض الوثائق والتحويلات المالية التي تثبت أن هناك أموالاً تُنقل من شركة ألمنيوم البحرين إلى مصارف أجنبية، وفي ضوء ذلك قامت شركة «تي إن آر» الاتصال بوكيل وزارة المالية آنذاك، وإبلاغه بما لديها من وثائق.
وقال: «أبدت شركة (تي إن آر) استعدادها للتحقيق في قضية فساد «ألبا» مقابل أتعاب مالية تصل إلى ما نسبته 25 في المئة، وبدوره رفع وكيل وزارة المالية الموضوع إلى وزير المالية السابق، وإلى ما قبل العام 2007، لم يتم فتح الملف أو الحديث في الموضوع، قبل أن يتم تحريكه بعد نحو ستة أعوام من اكتشافه».
وأضاف «تم استقدام شركة (كرول) للتحقيق في قضية الفساد، وكشفت خيوط الوثائق التي بحثت فيها الشركة عن عملية اختلاس كبيرة من (ألبا)، وأن هناك تلاعباً في تقدير أسعار المواد الخام، وتلاعباً في المبيعات التي تباع إلى شركات أخرى، وأبرزها شركة (غلينكور)، وفي ضوء ذلك حركت النيابة العامة القضية لاتهام اثنين من مديري قسم المبيعات والتسويق في (ألبا)، كما تم التحقيق مع رئيس مجلس إدارة الشركة السابق ووزير المالية السابق، وعدد من المسئولين».
ومضى خليل قائلاً: إن «التحقيق الذي تم مع أحد المسئولين الكبار بشأن المنتج، يقوم على إثباتات ودلائل تثبت أن (ألبا) باعت إلى شركة (غلينكور) وبعض الشركات أطناناً من الألمنيوم مقابل تخفيضات كبيرة ووفق عقود سنوية، ولكن هذا المسئول نفى أي علم بموضوع الفساد في قسم المبيعات، وحين تم عرض مستند يحمل توقيعه على الخصومات التي قدمت للشركات، أكد أنها المرة الأولى التي يشاهد فيها هذا المستند، وحين سئل عن علاقته بالمديرين، نفى علاقته بهما، وأغلق التحقيق معه».
كما أكد أن التحقيق كشف عن أن أحد المسئولين تسلم ثلاثة شيكات باسمه، وأن الأخير أكد خلال التحقيق أن هذه الشيكات كانت نظير تقديم خدمات استشارية لهذه الشركات، وأغلق ملف القضية مجدداً، بحسب خليل، الذي أكد أيضاً أن التقرير الذي أصدرته «كرول» وجه الاتهام إلى 17 شخصاً، إلا أن الاتهام لم يطل إلا مديرين اثنين، فيما تم التغاضي عن بقية المتهمين، على حد قوله، واصفاً ذلك بـ «الازدواجية في المعايير».
وأشار خليل إلى أنه في العام 2009 عقدت «ألبا» صفقة تسوية مع «غلينكور»، دفعت الأخيرة فيها مبلغ 8 ملايين دولار لـ»ألبا»، وتم إقفال القضية بعد أن تم حصر مبيعات الشركة، في الوقت الذي رفعت فيه «ألبا» قضية ضد «ألكوا» كشركة وتركت من تسلموا الرشا ووقعوا الاتفاقيات والعقود من دون مساءلة، على حد تعبيره.
وقال: «وقعت (ألبا) مع (ألكوا) عقدها الأول لتزويد الشركة الوطنية بمادة الألومينا الخام منذ عشرين عاماً، وتم تجديد العقد لعشرة أعوام أخرى وفي العام 2004 تم تمديده إلى 2014، وحين فتحت (كرول) التحقيق، قامت (ألبا) برفع قضية في المحاكم المدنية الأميركية في العام 2008، وتم إيقاف القضية في المحاكم الأميركية باعتبارها قضية مدنية تنتظر البت من المحكمة المدنية، وهنا انفجرت القضية».
وتابع خليل قائلاً: «تم اعتقال فكتور دحدلة في بريطانيا، بتهم دفع رشا لمسئولين بشركة الألمنيوم بقيمة 6 ملايين دولار، إضافة إلى أكثر من مليون دولار دفعتها الشركة إلى الرئيس التنفيذي السابق الاسترالي الجنسية بروس هول. وهنا ازدادت القضية تعقيداً، وامتد التحقيق فيها إلى أستراليا وبريطانيا وأميركا».
وأكد خليل أن آخر عقد تم إبرامه بين شركتي «ألبا» و»ألكوا» في ديسمبر/ كانون الأول 2004، تم فيه رفع أسعار الألمنيوم إلى أكثر من 10 أضعاف كمواد خام، وأنه حين أرادت «ألبا» توقيع هذا العقد اعترضت شركة «سابك»
باعتبارها شريكة الأخيرة، وخصوصاً أن العقد – بحسب خليل – يشوبه شبهة باعتبار أن «ألبا» لا تدفع المبالغ لـ»ألكوا» وإنما لمكتب دحدلة الذي يحوله إلى ماليزيا ومن ثم إلى الشركة الأميركية.
وقال: «هناك خطابات بين (ألبا) و(سابك)، أبدت فيها الأخيرة اعتراضاً على عدم البحث عن عروض جيدة للألومينا، وخصوصاً بعد أن طالبتها (ألبا) بالتوقيع على اتفاقية بقيمة 3.6 ملايين دولار، وهو ما حدا بـ (سابك) رفض التوقيع على العقد، وطلبت من (ألبا) تقديم التبريرات لاستمرار العقود مع (ألكوا)، وهنا خاطب الرئيس التنفيذي السابق لألبا بروس هول شركة (سابك) بضرورة الإسراع في توقيع العقد مع (ألكوا)، وإلا ستضطر الشركة إلى إقفال قسم العمليات فيها، وهنا وافقت (سابك) على التوقيع على العقد لمدة عام واحد فقط، غير أن هول عاد ليؤكد أن (ألكوا) ترفض تجزيء العقد».
وأضاف: «في آخر تصريح لوزارة العدل الأميركية التي تحقق في قضية (ألبا – ألكوا)، أكدت أنها تحتاج إلى ستة أشهر لإنهاء التقرير، لأن المعلومات المتوافرة لديها واسعة النطاق، وأن هناك أموالاً ضخمة تم الاستيلاء عليها بطريقة غير شرعية، وكانت خسائر (ألبا) تصل إلى 65 مليون دولار في العام الواحد بسبب عقدها مع (ألكوا)، أي أنها بلغت خلال عشرة أعوام نحو 650 مليون دولار طوال فترة احتكار (ألكوا) عقود توريد الألومينا للشركة، بسبب تقاضيها مبلغاً مضاعفاً على المبلغ الحقيقي للعقد».
وجدد خليل مطالباته بإحالة المتهمين الحقيقيين بالفساد إلى المحاكمة، وبأن يتم فتح الملف محليّاً، وقال: «اطلعنا على 200 وثيقة تثبت فساد (ألبا)، وتكشف عن أن هناك صراعاً خفيّاً بينها وبين (سابك) منذ التسعينات، واشتد في الفترة الأخيرة، وإحدى الوثائق تكشف عن اتهامات واضحة لبعض الأشخاص بتورطهم في قضية الفساد، إلا أنهم لم يقدموا إلى المحاكمة، على رغم أن شركة (كرول) التي استمرت بالتحقيق لمدة عامين، حددت أسماء المتورطين بالتفصيل».
أما النائب السابق عبدالنبي سلمان؛ فأشار إلى أن تقرير ديوان الرقابة المالية للعام 2005 أشار بوضوح إلى تلاعب وفساد في عقود المبيعات وشراء مادة الألومينا من (ألكوا)، وقال: «حين كنا نناقش في مجلس النواب الموازنة العامة للدولة للعامين 2004/ 2005، كانت هذه القضية حاضرة بقوة، ولكن للأسف كان هناك من يدافع عن هذه السرقات من ممثلي الشعب، وكان هناك من يرى أن هذه الممارسات عادية فلتستمر».
وأضاف «أثناء مناقشة الموازنة، كان هناك سؤال مطروح لم تجب عليه الحكومة، مفاده أن شركة (ألبا) ومنذ تأسيسها الذي مضى عليه ثلاثون عاماً، لم تدخل فلساً واحداً في موازنة الدولة، وكانت إجابة وزير المالية أن أرباح الشركة كانت تُدور في خطي الانتاج الرابع والخامس، وإذا قبلنا بهذه الإجابة جدلاً، فإن المساهمين الآخرين ومن بينهم الشركة الألمانية و(سابك) كيف يمكن لهم القبول بعدم الحصول على أرباح لمدة ثلاثين عاماً، لكننا لم نحصل على إجابة عن هذا السؤال أيضاً، والواضح أنه تم توريط الشركة في عقود مع (ألكوا) تتجاوز الأربعين عاما، والشرط أن تكون الأسعار التي تدفعها الشركة للأخيرة تكون مضاعفة عشر مرات».
وأشار إلى أن محاكمة مديري المبيعات والتسويق في (ألبا) والتي تم ترحيلها إلى 15 يناير/ كانون الثاني 2012، تم فصلها عن شركة قضية (ألكوا)، وقال: «هناك قضية فساد كبيرة يجب أن يتحدث عنها القضاء البحريني. ولكن من الواضح أن هناك شخصيات لا يراد لهم أن يحاكموا في هذه القضية».
وأضاف «مجلس النواب الذي سخر لجان التأديب لفصل العمال، لم يطالب الحكومة بإجراء تحقيق محلي في قضية فساد (ألبا)، على رغم أن التغاضي عن ذلك، من شأنه أن يمس صدقية البلد أمام المستثمرين العالميين».
وتطرق سلمان إلى مؤتمر مراكش الأخير الذي ناقش الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، الذي تمت الإشارة فيه إلى أن من أهم أسباب اشتعال انتفاضات الربيع العربي هو انتشار الفساد على مستويات عالية.
وأشار كذلك إلى قضية سرقة أموال التأمينات الاجتماعية التي برزت في العام 2002 من خلال مجلس النواب، ولم تجد تجاوباً حكوميّاً لها، وفقاً له، مشيداً في الوقت نفسه بالدور الذي تقوم به صحيفة «الوسط» في متابعة قضية فساد (ألبا – ألكوا)، في حين تقوم فيه وسائل الإعلام الأخرى بالتعتيم على القضية، على حد قوله.
أما نائب رئيس جمعية الشفافية البحرينية السيد شرف الموسوي، فأشار إلى أن قضية فساد (ألبا – ألكوا)، تعطي دليلاً على أن الفساد ليس محليّاً وإنما أصبح عابراً للقارات، وخصوصاً أن هذا الفساد دخلت فيه خمس دول.
وأكد أن جمعية الشفافية دعت النائب عبدالحليم مراد إلى المشاركة في الندوة إلا أنه تغيب عنها من دون عذر مسبق، كما وجهت الدعوة إلى رئيس مجلس إدارة (ألبا) محمود الكوهجي للمشاركة في الندوة، إلا أنه لم يرد على دعوة الجمعية.
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3364 – الأربعاء 23 نوفمبر 2011م الموافق 27 ذي الحجة 1432هـ