لقد بادر جلالة ملك البلاد الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة للدعوة إلى هذا الحوار في ظروف محلية وإقليمية وعربية وعالمية مستجدة تماما ، ويتطلب أن يأخذها الحوار بعين الاعتبار ليتهيأ بالبلاد لدخول مرحلة ما بعد هذه المستجدات.
مرئيات الجمعية البحرينية للشفافية لحوار التوافق الوطني
المقدمة لمكتب رئاسة مجلس النواب في 23 يونية 2011
ظروف حوار التوافق الوطني :
لقد بادر جلالة ملك البلاد الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة للدعوة إلى هذا الحوار في ظروف محلية وإقليمية وعربية وعالمية مستجدة تماما ، ويتطلب أن يأخذها الحوار بعين الاعتبار ليتهيأ بالبلاد لدخول مرحلة ما بعد هذه المستجدات.
– فهي ستجري بعد تجربة عشر سنوات من الممارسة الديمقراطية بعد أن أطلق جلالة الملك مشروعه الإصلاحي في مطلع القرن الحالي، وبعد ما آلت إليه الأوضاع من أحداث مؤلمة جرت في الأشهر الأخيرة وتركت قبل كل شيئ آثارا مدمرة على النفسية الاجتماعية وأحدثت شرخا عميقا بين أبناء الشعب الواحد وصدعا في الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي.
– وستجري في ظروف تطور المواقف المعلنة لمملكة البحرين والتزاماتها بقضايا حقوق الإنسان وبمبادئ الشفافية ومكافحة الفساد ومناهضة التمييز ضد المرأة والطفل ومبادئ العدالة والمساواة التي تمليها الاتفاقيات الدولية التي وقعتها وصادقت عليها مملكة البحرين، وما يجب أن يستتبعه ذلك من انعكاسات في الدستور والقوانين والممارسات المحلية.
– وفي ظروف الأحداث والتغيرات العميقة في عدد من البلدان العربية الشقيقة، وما يتواصل من أحداث في بلدان شقيقة أخرى تشير إلى تغييرات جذرية في الحالة الجماهيرية العربية ستسفر لامحالة عن واقع سياسي واقتصادي واجتماعي وحقوقي جديد كليا في عالمنا العربي.
– كما أنها ستجري في ظروف الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي لا تزال تحدث آثارها السياسية والاجتماعية والأخلاقية العميقة على مختلف مناطق وبلدان العالم، وهي تنعكس بشكل واضح في بلادنا أيضا.
إن الخيار الوطني الوحيد الصحيح، برأينا، هو أن ننتقل ببلادنا بنتيجة هذا الحوار لتخطي مركب كل تلك الظروف ونتهيأ بوطننا الواحد وشعبنا الموحد إلى التكيف مع متطلبات المرحلة القادمة واستيعاب شروط الانتقال إليها بأقل التكاليف الاجتماعية، والانطلاق نحو مستقبل أفضل.
ولتهيئة المناخ المواتي لحوار التوافق الوطني فالبلاد بحاجة إلى استعادة ذات الأجواء التي سبقت مناقشة وإقرار ميثاق العمل الوطني، حيث حظي بإجماع شعبي نسبته 98.4 % وفتْحِ الطريق أمام مواصلة المشروع الإصلاحي الذي أطلقه جلالة الملك. وتتطلب تهيئة المناخ الإسراع في اتخاذ إجراءات ومبادرات حول :
– تغيير الخطاب الإعلامي بشكل جذري وفوري ليُسهم في إزالة آثار الأزمة بدلا من تعميقها، وتوظيف الإعلام لصيانة وتعزيز السلم الاجتماعي، وانفتاحه على كافة الآراء النابذة للعنف والكراهية والانقسام الطائفي ، والموجهة للطاقات البحرينية نحو الخلق والإبداع.
– سرعة إطلاق سراح المعتقلين الذين لم تثبت بحقهم إدانة، بدءا بصغار السن والنساء.
– إعادة الموقوفين والمفصولين إلى أعمالهم في القطاعين العام والخاص.
– إلغاء لجان التحقيق التي يحكم المزاج السياسي قراراتها بدلا من المهنية.
– إشاعة أجواء الطمأنينة العامة بين كافة المواطنين وفي كافة مناطق البلاد.
وكميثاق العمل الوطني، كذلك فإن ما يخرج به حوار التوافق الوطني يمكن أن يكتسب أهميته التاريخية بعرضه على استفتاء شعبي عام ليعكس من جديد وحدة إرادة جلالة الملك وشعبه على الخيار الديمقراطي. وبهذا نكون قد أعدنا وضع المشروع الإصلاحي لجلالة الملك على الطريق الذي يؤدي إلى مزيد من تطوره بدلا من تعثره، والسير ببلادنا العزيزة نحو أجمل الأيام المرجوة.
1- المحور السياسي :
أ- بينت تجربة المجلس الوطني بغرفتيه خلال عقد السنوات المنصرم بما لها وما عليها أهمية انتقال صلاحيات التشريع والرقابة كاملة إلى المجلس النيابي المنتخب.
ب- أن يكون للبرلمان دورا مقرِرَا في تشكيل الحكومة.
ت- استبدال قانون الجمعيات السياسية الحالي بقانون جديد متقدم للأحزاب السياسية، بحيث يمثل كل حزب سياسي تمثيلا صادقا فئات اجتماعية من مختلف مكونات شعب البحرين الدينية والطائفية والمناطقية والأصل القومي دون انغلاق. وأن يمكن القانون الجديد لأن تشكل هذه الأحزاب جزءا فاعلا في البناء السياسي للدولة ومؤثرا في السياستين الداخلية والخارجية للملكة عبر البرلمان وعبر التوافق الوطني خارج البرلمان عندما تقتضي الظروف مثل هذا التوافق. كما يضمن القانون للأحزاب السياسية حقها في التمويل من ميزانية الدولة وفق معايير عادلة.
ث- إعادة توزيع الدوائر الانتخابية بتقليص عددها أو جعل البحرين دائرة انتخابية واحدة بحيث يعكس ذلك إرادة كتل الناخبين ومناطقهم ويقطع الطريق على نفوذ المال السياسي ويضعف أثر العوامل الطائفية والقبلية وغيرها من العوامل على مخرجات الانتخابات سلبا.
ج- تعديل سن حق مباشرة الحقوق السياسية إلى 18 سنة.
ح- زيادة تفعيل ديوان الرقابة المالية والإدارية وجعله تحت إشراف مجلس النواب مباشرة.
خ- إصدار قانون خاص بالانتخابات، بما في ذلك هيئة مستقلة دائمة للإشراف على الانتخابات يتمثل فيها الجهاز القضائي والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني المعنية.
د- إصدار قانون للسماح لمنظمات المجتمع المدني الوطنية والدولية بمراقبة الانتخابات العامة.
ذ- أن يكون الإشراف القضائي على الانتخابات من خلال لجان الانتخابات.
2- المحور الاقتصادي :
أ- إعادة النظر في البنية الاقتصادية للملكة بما يحقق التوازن الاقتصادي بين قطاعات الاقتصاد الوطني وترابطها عضويا، ويؤدي إلى تخفيف الاعتماد على النفط وقطاع المال والعقار وغيرها من القطاعات الساخنة، وزيادة الاعتماد على القطاعات الإنتاجية والاقتصاد المعرفي التي توفر فرص العمل اللائق والعيش الكريم للمواطنين.
ب- تشجيع القطاع الخاص الوطني على التركيز في الاستثمار في القطاعات الإنتاجية التي تعظم إمكانيات البلاد الاقتصادية وقدراتها التنافسية.
ت- إعادة تنظيم سوق العمل بالانتقال من الاعتماد على الأعداد الواسعة من قوة العمل الوافدة غير الماهرة إلى جعل قوة العمل الوطنية المدربة الخيار الأفضل للقطاعين العام والخاص، وذلك بدعم احتواء القطاع الخاص للعمالة الوطنية ودعم الأجور.
ث- تشجيع العلوم والأبحاث العلمية وإدخال العلم كقوة منتجة في الاقتصاد الوطني.
ج- أن يترافق النمو الاقتصادي مع توسيع دائرة الفئات الاجتماعية المستفيدة من مردوده على أسس تكافؤ الفرص والكفاءة دون تمييز.
ح- مكافحة الفساد والرشوة والمحسوبية وتعزيز النزاهة في مؤسسات الدولة ومؤسسات القطاع الخاص.
خ- المضي بثبات على طريق التكامل الاقتصادي مع بقية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الشقيقة، والتعامل الاقتصادي الموحد مع بقية دول العالم وكتله الاقتصادية الإقليمية.
د- التخلي عن ربط سعر صرف عملتنا الوطنية بالدولار الأمريكي، وربطه بسلة عملات تتوافق والعلاقات الاقتصادية الدولية لبلادنا أو بلدان مجلس التعاون الخليجي مجتمعة.
ذ- تحديد النفقات العسكرية والأمنية إلى القدر الذي تتطلبه حاجات البلاد الفعلية وفقا لعقيدة عسكرية وأمنية واقعية.
3- المحور الاجتماعي :
تركت الأحداث المؤسفة التي مرت بها البلاد خلال الأشهر الماضية آثارا نفسية ومادية مدمرة على مختلف فئات وقطاعات الشعب ابتداء من أطفال المدارس، وانتهاء بكبار السن والمرضى. وأصابت الوحدة الوطنية بشرخ عميق انعكس على العلاقات بين الناس في العمل وفي مناطق السكن وفي المؤسسات الاقتصادية ومؤسسات المجتمع المختلفة. وتحتاج إعادة تثبيت أسس السلم الاجتماعي إلى إجراءات فعالة لمعالجة تلك الآثار ولإعادة تفعيل الأفراد وقوى وهيئات المجتمع المختلفة في اتجاه نبذ الطائفية البغيضة واستعادة اللحمة الوطنية والإسهام النشط في التنمية. وعليه نرى :
أ- تعزيز مبادئ وقيم المواطنة، واعتبار الولاء للوطن هو معيار للمواطنة الحقيقية، والأداء، لا الولاء السياسي أو الطائفي أو القبلي أو المناطقي، معيار تقييم الفرد ومكانته في العمل والمجتمع.
ب- مباشرة فرض الرقابة الصارمة لمراعاة تعميم منافع الخدمات الاجتماعية على كافة المواطنين والمناطق دون تمييز بما يحقق العدالة الاجتماعية في مجالات البعثات الدراسية ومشاريع الإسكان وفي مجالات الصحة والتعليم بكافة مراحله. وتخصيص أكثر الموارد المالية والاستثمار في هذه القطاعات باعتبارها استثمارا في الإنسان.
ت- تعديل القانون الحالي لمؤسسات المجتع المدني وإشراك مؤسسات المجتمع المدني في صياغته، وتوفير الدعم المالي والمعنوي ومنحها الصلاحيات اللازمة بما يمكنها من لعب دور أكثر فاعلية في الرقابة المجتمعية من أجل صيانة حرمة المال العام، وعلى أداء مؤسسات الدولة والقطاع الخاص والأحزاب السياسية وقوى النفوذ الاجتماعي والديني المختلفة، وفي الإسهام الجدي في عملية التنمية الاقتصادية الاجتماعية، ولتشكل صمام أمان حقيقي ضد الأخطار التي تهدد المجتمع.
ث- دعم الجهود للنهوض بالمرأة البحرينية سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، وتخصيص موارد هامة من ميزانية الدولة لبرامج دعم المرأة والطفل، والتطبيق الإبداعي للاتفاقية الدولية لمناهضة التمييز ضد المرأة، وتكييف القوانين الوطنية التي تمس المرأة معها.
ج- إعادة الاعتبار لدور الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين ومكانته في المجتمع ليشكل طليعة حقيقية للطبقة العاملة في البحرين وموحدا لها على أسس وطنية شاملة. وترك اختيار قادته وقادة النقابات الأخرى رهن الإرادة الحرة للجسم النقابي.
ح- امتناع الدولة عن دعم محاولات قيام مؤسسات مجتمع مدني بديلة تنشأ بدوافع سياسية أو طائفية أو غيرها، تشوه واقع المجتمع المدني وتدخل مؤسساته في نزاعات تشغلها عن لعب دورها الطبيعي. لقد أثبتت تجارب بلدان كثيرة في العالم عقم هذه المحاولات التي لا تؤدي سوى إلى تأزيم المجتمع المدني، بينما تحول دون مكافحة الظواهر السلبية في الدولة والمجتمع.
4 – المحور الحقوقي :
إن من أهم أسباب الأزمة التي مر بها مجتمعنا هو عدم تعمُّق ثقافة حقوق الإنسان في عقول وممارسات المجتمع واعتبارها حاجزا لا يمكن تخطيه بحق أي إنسان مهما كان جنسه أو أصله أو دينه أو معتقده الفكري أو السياسي. وضمان ممارسة الحقوق الأساسية للأفراد والجماعات ومعاقبة منتهكيها. وهنا تأتي ضرورة الارتقاء بهذه الحقوق تشريعا وممارسة إلى مستويات ما حققته الحضارة الإنسانية جمعاء وينعكس في اتفاقيات الأمم المتحدة في هذا الخصوص . ولتعزيز الوضع الحقوقي ندعو إلى :
أ- اعتبار المواثيق الدولية التي أقرتها وصادقت عليها مملكة البحرين مرجعيات أساسية، وتكييف القوانين الوطنية لتتلاءم وتطبيق هذه الاتفاقيات، وإشراك مؤسسات المجتمع المدني المعنية بشكل جدي في متابعة وتقييم تحقيق متطلبات هذه الاتفاقيات.
ب- تأكيد مبدأ سيادة القانون على كافة الأفراد والمؤسسات والأجهزة الحكومية.
ت- إصدار تشريعات تحرِّم وتجرِّم التمييز بكافة أشكاله.
ث- إطلاق سراح كل من لم يثبت بحقه ارتكاب جرم يستحق العقاب في الأحداث الأخيرة، والنظر في القضايا الأخرى بروح العدالة واستبعاد الانتقام، ومعالجة كافة انتهاكات حقوق الإنسان التي جرت خلال الفترة الأخيرة فيما يتعلق بالحريات السياسية والعامة والعمل والتعليم والبعثات الدراسية ومجالات الأعمال بإنصاف جميع ضحاياها.
ج- إطلاق الحريات السياسية والعامة للجميع دون تمييز، وخصوصا حريات التفكير والتعبير بالوسائل السلمية.
ح- الإسراع في تشكيل وتفعيل هيئة وطنية مستقلة للنزاهة والشفافية ومكافحة الفساد بصلاحيات كاملة وبإشراك مؤسسات المجتمع المدني المعنية في ضوء تصديق مملكة البحرين على الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد،وتكييف التشريعات الوطنية وهذه الاتفاقية، والاستعداد المبكر للمراجعة الدورية التي ستخضع لها مملكة البحرين في تطبيق الاتفاقية.
خ- وقف عمليات التجنيس لحين إصدار قانون جديد للتجنيس.
د- إعادة فتح واستكمال ملف الإنصاف والمصالحة.
ذ- إصدار قانون حق الوصول للمعلومات.
الجمعية البحرينية للشفافية