قال الأمين العام لجمعية «وعد» إبراهيم شريف إن «الحكومة تقوم بإعداد موازنتين، إحداهما سرية وتحوي جميع التفاصيل، والأخرى تقدمها إلى مجلس النواب بشفافية أقل».
مطر: «نواب 2002» قاموا بما لا نستطيع فعله اليوم بتقليص النفقات الأمنية
شريف: الحكومة تخفي موازنة سرية عن النواب… والعكري يدعو للشفافية
الجفير – حسن المدحوب
قال الأمين العام لجمعية «وعد» إبراهيم شريف إن «الحكومة تقوم بإعداد موازنتين، إحداهما سرية وتحوي جميع التفاصيل، والأخرى تقدمها إلى مجلس النواب بشفافية أقل».
وأشار في ندوةٍ جمعته والنائب الوفاقي عضو اللجنة المالية مطر مطر أقامتها جمعية الشفافية البحرينية بمقر نادي العروبة مساء أمس الأول الإثنين (31 يناير/ كانون الثاني 2011) إلى أن «كلفة النفط وإيراداته تكون مختلفة في الموازنتين، والفارق يذهب إلى بعض الجيوب الخاصة».
من جهته أبدى رئيس جمعية الشفافية عبدالنبي العكري أسفه من عدم دعوة وزارة المالية للمشاركة في الندوة، داعياً إلى الشفافية وتصحيح أوجه الاختلال والإسهام في تحقيق أهداف الموازنة».
أما النائب الوفاقي عضو اللجنة المالية بمجلس النواب مطر مطر قال إن «نواب 2002 نجحوا في تقليص نفقات وزارة الدفاع، حينما كانت الحكومة أكثر شفافية معهم»، مشدداً على أن «هناك تراجعاً كبيراً في موضوع الشفافية في هذه الموازنة وهو ما يعوقنا، وخاصة فيما يتعلق بعدم وجود تفاصيل كافية لمصروفات الأجهزة العسكرية والأمنية».
وأردف «هذا الموضوع لا يخص المعارضة ولا الموالاة، في برلمان 2002 لم تكن المعارضة متمثلة في البرلمان، لكنهم وقفوا بقوة على تجاوزات أقل.
وأضاف «الدفاع طلبت 50 مليون دينار لزيادة مصروفاتها، بحجة أن لديها وحدات إسكانية غير مكتملة، ومبررها الآخر أن الأوضاع الخارجية مرتبكة هذه الفترة».
وقال «الموازنة جاءت متأخرة عن الموعد المحدد، وحتى بعد أن سلمتها الحكومة لم نتسلم تفاصيلها إلا بعد فترة طويلة من انعقاد مجلس النواب».
وأردف «هناك ملاحظات على هذه الموازنة، ومنها أنها لم يستوف العديد من المعايير الدولية في وضعها، خاصة فيما يتعلق بخلط الإيرادات والمصروفات في العديد من الجهات الحكومية».
وأضاف «كما أنه كان مفترضاً بالموازنة أن تقدم طرق تمويل العجز، لكنها خلت من ذلك، كما أن هناك التزامات أخرى على الموازنة غير متحققة، خاصة فيما يتعلق ببرنامج عمل الحكومة وخطاب العاهل في افتتاح المجلس الوطني، والخطط الاستراتيجية التي قدمتها الحكومة».
وتابع «أهم أمر كان يجب أن تحويه الموازنة هو أن تقدم بياناً مفصلاً عن الوضع المالي والاقتصادي للدولة، بحسب ما ينص عليه الدستور، غير أن الحكومة لم تلتزم بذلك».
وأكمل «هناك جهات لها موازنات مخصصة، لكنها بلا تفاصيل، ومنها الموازنات التحويلية لبعض الأجهزة الأمنية والعسكرية، وهناك جهات رفضت الجلوس مع اللجنة المالية في مجلس النواب، مثل جهازي الأمن الوطني والحرس الوطني».
وتابع «أيضاً هناك غياب لوجود وزراء مساءلين عن بعض الجهات مثل «بوليتكنك»، ومجلس التنمية الاقتصادية»، كما أن هناك جهات لا تمتلك صفة اعتبارية مثل مستشفى الملك حمد، فيما توجد جهات يفترض بها أن تمول نفسها ذاتياً، إلا أنه تم تخصيص موازنات لها، كهيئة المعارض والمؤتمرات».
وواصل «كذلك في موازنة 2009 و2010 حصل النواب على تفاصيل أكبر، خاصة فيما يتعلق بنفقات وزارة الداخلية، غير أن لقاءنا بالوزارة الذي جرى قبل يومين، حوى عرضاً غير تفصيلي لموازنتها».
ولفت مطر إلى أن «بعض الأجهزة في الحكومة رفضت الجلوس معنا، ويبدو أن هذا التوجه مرده للوضع الأمني الذي تعيشه البلاد، وما له من تراجعات في الحريات العامة، إذ تراجعت البحرين في مؤشرات الشفافية وحقوق الإنسان، والتقرير الأخير لمنظمة «فيردوم هاوس» صنّف البحرين على أنها دولة غير حرة».
وأردف «هناك توجه لضخ موازنات أكبر في الأجهزة الأمنية، لا نعلم حقيقة إلى أين تمضي البلاد، كما أن هناك تضارباً حكومي في أرقام الإيرادات النفطية من حقل البحرين البري، إذ نعتقد أن الرقم الحكومي الموجود في الموازنة وهو 27 ألف برميل غير دقيق، والتوقعات تشير إلى رقم يتراوح بين 40 و43 ألف برميل، ومن هذا يعني أن هناك مبلغاً مفقوداً لا يقل عن نصف مليار دولار في الموازنة».
شريف: تضخم المصروفات الأمنية والعسكرية غير مبرر
من جانبه قال الأمين العام لجمعية «وعد» إبراهيم شريف «نحن أيضاً لدينا ملاحظاتنا على الموازنة العامة، وأولها أن مصروفات الدفاع والجهات الأمنية متضخمة وغير مبررة، ولا يوجد تنوع في الإيرادات، فالموازنة تعتمد بنسبة تتراوح بين 85 و90 في المئة على النفط، رغم أنه في ذروة ارتفاع أسعار النفط في السبعينيات من القرن الماضي، لم تكن نسبة الإيرادات النفطية تتجاوز 75 في المئة من مجموع الإيرادات في الموازنة».
وأردف «هناك حديث عن تطوير حقل البحرين البري بالاتفاق مع شركتي أوكسيدنتال الأميركية و»مبادلة» الإماراتية، وفي حقيقة الأمر فإن ما يجري لن يكون تطويراً بقدر ما سيكون حرماناً للأجيال المقبلة من الثروة النفطية، لأن زيادة الإنتاج من خزانٍ ذي سعة محدودة يعني أننا نستنفد ثروتنا النفطية ونحرم الأجيال المقبلة منها، بالإضافة إلى أن الإنفاق الحالي يعني أن أبناءنا سيرثون ديناً عاماً أكبر بعشرات المرات مما سنتركه لهم».
وأكمل «أعتقد أن الخطأ الحالي هو خطأ الجميع بما فيهم نواب المعارضة في مجلس النواب، وسنعتبر أن كل من يقر الموازنة الحالية من دون التمحيص فيها بشكلٍ كامل متواطئ».
وتابع «موازنة 2004 كان يكفيها أن يكون برميل النفط 35 دولاراً للوصول إلى مرحلة التعادل، أما اليوم فموازنة 2011 و2012 تحتاج إلى 100 دولار لذلك، ورغم ذلك نشاهد أن الطبقة الوسطى في المجتمع البحريني كانت تستطيع أن تبني بيتاً قبل 10 سنوات، إلا أنها الآن غير قادرة على ذلك».
وأشار إلى أنه «لا يوجد ربط حقيقي بين الموازنة والاستراتيجية الوطنية ورؤية البحرين 2030، يتحدثون عن أن الإسكان أولوية لكنهم تخصصون 240 مليوناً للعامين، في الوقت الذي نحتاج فيه إلى مبلغ يتراوح بين 300 إلى 400 مليون سنوياً لحل هذه المشكلة، وكل ما فعلوه أنهم ضيعوا أعمار الناس في أكذوبة سموها تخصيص 20 مليون دينار لاقتراض 400 مليون للمشاريع الإسكانية، وأكذوبة أخرى كان اسمها «البيوت الذكية»، فلا هذه تمت ولا تلك بنيت».
وذكر أيضاً «أما فيما يتعلق بالهيئات الحكومية المستقلة، فقد كان مشروع إنشاء الهيئات في بدايته معقولا ومبررا اقتصادياً، لكن الواقع الآن يثبت أنه لا توجد هيئات مستقلة اليوم، إذن كان الهدف من إنشاء الهيئات إبعادها عن الرقابة وتطييرها بعيدا عن عمل مجلس النواب».
وأضاف «في العام 2003 جاءت الحكومة إلى مجلس النواب وقالت إنها تريد أن تأخذ قرضاً بقيمة 500 مليون لأربع جهات منها إنشاء الخط الخامس لمصهر ألبا ومشروع الديزل التابع لشركة ألبا، ودفان بندر السيف، وعندما شاهدت محاولات النواب للتدقيق على هذه المبالغ، أنشأت شركة «ممتلكات» لتبتعد عن المساءلة، ولتأخذ من الشركات التي تربح وتعطيها للشركات الخاسرة «دون عوار راس».
وختم بالقول «أستغرب أن يتحدث النائب مطر مطر عن مجلس النواب الحالي صلاحياته أقل من «برلمان 2002»، فهل ذلك معقول ومبرر بعد كل الأحداث التي تجري في تونس ومصر؟».
العكري: الحكومة مطالبة بشفافية أكبر في «الموازنة»
من جانبه شدد رئيس جمعية الشفافية عبدالنبي العكري على أن «موازنة الدولة تحتل أهمية كبيرة في الاقتصاد الوطني وخصوصا في بلدان النظام الريعي، حيث يمثل الإنفاق الحكومي عاملا حاسما في توجه الاقتصاد الوطني وإنعاشه أو ركوده، وهذه الحقيقة تنطبق على مملكة البحرين». وأضاف «تمثل موازنة الدولة ما يقارب 21 في المئة من إجمالي الناتج المحلي للعام 2009، ونحن في الجمعية البحرينية للشفافية نهتم كثيراً بموازنة الدولة من حيث مدى شفافيتها ونزاهة الجهاز الحكومي المناط به مسئولية ضمان الواردات والتصرف بها بالإنفاق على مختلف البنود بما يؤمن المصلحة الوطنية والعدالة، وازدهار الاقتصاد».
وأردف «أتى إصدار الموازنة بعد أن جرى إصدار تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية للعام 2009، وإصدار الحساب الختامي للدولة للعام 2009. وهو ما يساعد على تفحص وتقييم أفضل لموازنة2011 – 2012».
وتابع «نرى أن هناك دمجاً لإيرادات حقل البحرين ومصفاة النفط وهو شيء غير صحيح ويعوق التدقيق في حقيقة الإيرادات والمصروفات، كما تم خصم الدعم لمبيعات المنتجات النفطية والغاز من الإيرادات النفطية في باب الإيرادات، بينما كان يتوجب تضمينها في بند المصروفات».
وأضاف «كذلك لا تشمل إيرادات هيئة الكهرباء والماء والتي يقدر أنها تتجاوز 100 مليون دينار سنويا، كما لا نلحظ إيرادات شركة ممتلكات القابضة. وإذا كان هناك من مناقلات من أرباح الشركات الرابحة لتسديد خسائر الشركات الخاسرة فيجب أن يبين ذلك بالتفصيل، كما لا نلحظ أيضا إيرادات إدامة التي تدير أملاك الدولة العقارية».
وواصل «لا نلحظ الاعتمادات المرصودة لمصروفات الديوان الملكي، وكذلك صفقات التسلح والمشاريع العسكرية والأمنية، بينما يتم ذكرها في الحساب الختامي لموازنة الدولة».
وأردف «تظهر الأرقام أن تقديرات الإيرادات غير النفطية والمعونات للعامين 2011 – 2012 تشكل 13% من مجموع الإيرادات و تقدر بـ 580 مليون دينار، وتظهر أرقام عائدات الإيرادات الغير نفطية أن هناك تراجعا في نسبة عوائد المصادر الأساسية مثل: الضرائب والرسوم، والمنتجات الحكومية والاستثمارات وأملاك الدولة ومبيعات الأصول الحكومية».
وقال أيضاً «ذكر تقرير الحساب الختامي للدولة أن هناك ملايين من المستحقات لهيئة الكهرباء والماء ومعظمها مستحق لمشاريع تجارية. كما أن عوائد الأملاك الحكومية ضئيلة جداً ولا تتناسب مع قيمة هذه الأملاك عدا أنها لم تورد للموازنة العامة، بل احتفظت بها لأملاك الدولة لعامي 2009 و2010، وكلنا يعرف من خلال لجنة التحقيق النيابية في ممتلكات الدولة أن هناك تأجير الكثير من أملاك الدولة (أراضٍ ومبانٍ) تتم بأرقام رمزية مما يحمل في طياته شبهة فساد يجب التحقيق فيها». وأكمل «تشير الأرقام إلى ارتفاع كبير في المصروفات المتكررة للوزارات والأجهزة الأمنية (550 مليون دينار للعام 2011)، و(588 مليون دينار للعام 2012)، كما أن هناك ارتفاعا كبيرا في الإنفاق على الأسلحة والتجهيزات والمشاريع الأمنية و العسكرية، إذ كان من المتوقع تخفيض سعر الإنفاق في ضوء استقرار الوضع الداخلي والإقليمي وشبكة الأمان التي توفرها تحالفات البحرين الدولية في ظل العجز المتفاقم في موازنة الدولة». وتابع «نجد أيضاً أن موازنة الديوان الملكي غير واردة، ولا توجد تفاصيل عن مصاريف التسلح والتجهيزات الأمنية والعسكرية».
وأضاف «في ضوء السعر المتوسط المتوقع حسب تقدير وزارة المالية بـ 80 دولاراً لبرميل النفط، فإنه يتوقع أن يبلغ العجز المالي 2011 نحو 372 مليون دينار وللعام 2012 نحو 344 مليون دينار وبعلمي فإن البحرين هي الوحيدة من بين دول مجلس التعاون التي تعاني من العجز المالي».
وختم بالقول «يتوجب على الحكومة أن تعمد إلى ضمان زيادة تحصيل الإيرادات غير النفطية وخفض وضبط النفقات، كما يتوجب عليها أن تضع خطة لإيقاف التراخي في تحصيل حقوق الدولة والحد من الهدر العام في الإنفاق».
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3071 – الأربعاء 02 فبراير 2011م الموافق 28 صفر 1432هـ