أعلنت الجمعية البحرينية للشفافية في مؤتمر صحفي عقد بمقر الجمعية في العدلية مساء أمس إطلاق تقرير الراصد الاجتماعي لعام 2010 بحضور عدد من المسئولين بالجمعيات المدنية.
وجاء في التقرير الخاص بمملكة البحرين أن البحرين بوصفها إحدى البلدان العربية السبع التي شملها التقرير قد حققت جميع أهداف الألفية للتنمية ماعدا البند السابع الخاص بالبيئة.
كما جاء في التقرير ان رؤية 2030 للتنمية الاقتصادية المتعلقة بالاقتصاد وارتباطه بخطط الدولة ودور مؤسسات المجتمع المدني، تكشف أمرين، الأول: أن القطاع الخاص يتزايد في العملية التنموية حيث يصبح البحرينيون هم الخيار الأفضل في الاعمال المقبلة .. ثانيا: أن الدولة تتدرج في التحول من مقدم خدمات الى مولد ومنفذ لسياسات تتناول قطاعات المال والاستثمار، وتتناول الرعاية الصحية والتعليم والأمن والبيئة وغيرها، وعلى ضوء هذه الرؤية تصبح البحرين في عام 2030 مجتمعا يعتمد على العمل الجاد والمواهب والقدرات.
كما لوحظ ان التقرير الخاص بالراصد الاجتماعي قد أفرد لمملكة البحرين عدة صفحات، وسلط التقرير الضوء على اثر العولمة على حياة الناس سواء كانوا مواطنين أو مقيمين، بانها تنتهج سياسة تحرير الاقتصاد بشكل حثيث، وهذا يعني التقليل من تدخل الدولة في الاقتصاد.
ونوه الى ان التقليل من تدخل الدولة يؤدي بالضرورة إلى تخلي الدولة عن خدمات ضرورية تقدمها للمواطنين. كما أن التوجه القوي نحو الخصخصة يؤدي بالضرورة إلى خصخصة الخدمات، وخصوصا في مجالات الكهرباء والماء والتعليم والصحة والخدمات البلدية وغيرها.
أما فيما يتعلق بقضايا الإسكان، فقد أشار التقرير إلى رفع الدولة الضوابط على تملك الأجانب للعقارات في البحرين، حيث وجد البحرينيون أنفسهم عاجزين عن المنافسة على شراء الأراضي، مما ضاعف من حدة المشكلة السكنية وبقاء قرابة 60 ألف طلب سكن على قائمة الانتظار، وأن هذا النهج يهيئ لأجواء العودة إلى نمط سكن العائلة الممتدة في بيوت مزدحمة.
ومن ناحية أخرى، تطرق التقرير إلى أوضاع سوق العمل، مشيرا إلى أنها تخلق أوضاعا غير تنافسية بالنسبة الى العمالة البحرينية، مع تزايد فرص العمل التي يخلقها الاقتصاد.
وفي فصل على مستوى المؤشرات، اوضح التقرير أنه بالنسبة لمؤشر المساواة بين الجنسين (CEI) بلغ هذا المؤشر بالنسبة للبحرين 46 فيما مؤشر القدرات الأساسية في البحرين (BCI) فقط 99، وهذا مؤشر جيد، كما أشار التقرير إلى تأثير التضخم في السنوات الماضية في مقابل عدم حدوث زيادات محسوسة في المعاشات، وخصوصا في القطاع الحكومي منوها في هذا الخصوص الى أن البرلمان في دورته التشريعية الثانية قد أقر علاوة غلاء ، وقدرها خمسون دينارا في الشهر للعائلات ذات الدخل المحدود.
كما استعرض التقرير آثار تغيرات التركيبة السكانية على النسيج الاجتماعي، مشيرا إلى أن نسبة الأجانب قفزت من 37% عام 2001 إلى أكثر من 50% منذ عام .2007 كما تطرق إلى الظروف الصعبة التي يعيشها العمال الأجانب وانعكاسات ذلك على المجتمع.
ويختتم باستنتاج مفاده أن الاقتصاد البحريني هو اقتصاد مزدهر بنسبة نمو ومعدل دخل للفرد سنويا مرتفعين، إلا أن فوائده لا تشمل الجميع بتساو، ففي حين تتزايد أعداد المليونيرية تنكمش الطبقة الوسطى وتفتقر الطبقة الدنيا. ويؤكد التقرير لمعالجة هذا الوضع أهمية وضع استراتيجية لاحتواء التأثيرات السلبية لانخراط البحرين في ظاهرة العولمة وحماية المجتمع من هذه التأثيرات.
وتجدر الاشارة الى أن التقرير أطلق جنبا إلى جنب مع تقييم مسار الأهداف الإنمائية للألفية في المنطقة العربية ومقاربة للقضايا الأساسية الذي أعده فريق من الخبراء العرب بطلب من شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية.
وقال عبدالجليل النعيمي عضو مجلس إدارة الجمعية ان الجمعية أخَّرت إطلاق تقرير “الراصد الاجتماعي 2009” حتى اليوم نظرا لانشغال المجتمع البحريني بالعملية الانتخابية فيما أشار المهندس عبدالنبي العكري رئيس الجمعية الى ان التقرير يستعرض “الراصد الاجتماعي 2010″ الذي أصدرته قريبا منظمة Social Watch” العالمية باللغة الإنجليزية.
واكد التقرير أهميته لكونه متميزا عن باقي التقارير التي أصدرتها “سوشيال ووتش” منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، ولكونه التقرير الأول الذي صدر والعالم يكتوي بنيران أزمته المالية والاقتصادية التي سرعان ما تحولت إلى أزمة عالمية عامة طالت آثارها السلبية كل بلدان العالم بلا استثناء.
وقد طرحت هذه الأزمة أمام مجتمعات العالم ومنظماته الدولية والإقليمية والوطنية ورجال العلم ضرورة البحث عن حلول عملية وإعادة النظر في كثير من المسلمات والنظريات والممارسات الاقتصادية والمالية التي سادت في عالم ما قبل انفجار الأزمة.
كما تناول تقرير الراصد الاجتماعي لعام 2009 الأزمة المالية والاقتصادية العالمية وانعكاساتها على سياسات التنمية وحقوق الإنسان. وقد شمل التقرير أكثر من 75 بلدا في العالم، بينها سبع دول عربية، وتضمن تقريرا إقليميا حول انعكاسات الأزمة العالمية على المنطقة العربية ككل.
وفي نظرة عامة للتقرير، ذكر رئيس الجمعية أن التقرير تحدث عن تحديات التنمية الرئيسية في المنطقة العربية، وتتمثل في: أولا تزايد أعداد من يعيشون في فقر (في مصر مثلا يعيش أكثر من 70% من المواطنين على ثلاث دولارات يوميا أو أقل، وهذه النسبة سوف ترتفع إلى أكثر من أربعة أشخاص من بين كل خمسة مواطنين إذا رفعنا خط الفقر إلى 4 دولارات يوميا).. ثانيا: انعدام المساواة المتواصل والمتزايد (الزيادة في الثروة في السنوات الأخيرة لم تترجم إلى مساواة حقيقية).. ثالثا: البطالة المزمنة (وخصوصا ان تركز النشاط الاقتصادي جاء في قطاعات لا تخلق فرصا وافرة للعمل مثل العقارات والمالية).
وفي جانب آخر من التقرير، بعنوان “أدوات سياسات الحكومات الاقتصادية ومصادر الدخل”، نجد ان التقرير يشير إلى أن اقتصادات المنطقة العربية نمت استنادا إلى نماذج الريع وشبه الريع، حيث تعتمد بلدان على عائدات بيع النفط والمنتجات النفطية، وبلدان أخرى أساسا على التحويلات والمعونات الأجنبية والقروض الثنائية ومتعددة الأطراف. كما حددت الحكومات خياراتها من خلال ايلاء اهتمام كبير للمعونات الأجنبية والاستثمار الأجنبي المباشر وتحرير التجارة.
وجرى حوار بين المشاركين في الحضور وإدارة الجمعية، تم التأكيد فيها اهمية عقد ورش عمل لشرح معايير التطور في المجتمعات والمدارك التي تم تحديدها، والاستفادة من المكانة التجارية ومن البيئة الاستثمارية في مملكة البحرين في التوجه الجاد لوضع دراسات، من خلال تفعيل مراكز البحوث الخاصة، والدفع بتوسيع دائرة المؤسسات التي تتولى البحوث العلمية والمتخصصة وذلك بالتعاون مع المنظمات الدولية، والسعي للحصول على تمويل هذه التوجهات لخدمة وتطوير المجتمع البحريني، واضعين في عين الاعتبار أهمية تعدد مراكز البحوث الرسمية والاهلية في توفير المعلومات المختلفة عن القطاعات والتحولات التي تشهدها مملكة البحرين.