مها الصالحي
لا أميل كثيراً إلى موضوع، أو مواضيع تطرح فيها هذه الأيام بغزارة كلمات مثل: “ميثاق شرف”، أو “قواعد أخلاقية”، فهذه الأمور عادة ما تستخدم لغير الراشدين الذين لا يميّزون بين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فالقواعد الأخلاقية مستمدة من المجتمع تماماً، مثل “أخواتها” في الخير والشر، في العمل النبيل من عكسه المسيء، وهي من الأمور التي يعرفها أصغر راشد بحريني، فلا تحتاج إلى “ميثاق شرف”، ولا “ميثاق أخلاق” يقدم لهم دروساً أغلبها بديهية في الأخلاق الفاضلة والأعراف، والشرف والنزاهة والشفافية، وما إلى ذلك من مفردات تسقط في أول امتحان عندما تتعارض والمصالح الاقتصادية والحياتية للأشخاص، لكن الذي لفت نظري أمام هذا التزاحم في إصدار “مواثيق الشرف” أمران مهمان يتعلقان بـ “القواعد الأخلاقية” لمراقبة الانتخابات والإقرار عليها من جانب المراقبين المفترضين، فواحدة صادرة من اللجنة العليا للانتخابات (رسمية) وبالصيغة ذاتها لمنظمات المجتمع المدني؛ لأنها “تلزم المراقب بالحيادية التامة أثناء أدائه عمله، ولا يعبر في أي وقت عن أي مفاضلة، أو تحيّز يتعلق بالسلطات، أو الجمعيات السياسية، أو المرشحين، أو أي موضوع خلافي ذي شأن بالعملية الانتخابية، بالإضافة إلى وجوب احترام القوانين واللوائح أثناء أداء عمله، وأخرى مواثيق خاصة بمرشحي الجمعيات السياسية، وفرقها المتحالفة، أو المختلفة على برامجها وأولوياتها الانتخابية.
أما الأمر الثاني، فيتعلق بميثاق الشرف للانتخابات المقبلة الخاصة بالمرشحين للانتخابات النيابية والبلدية الذي طرحته للتوقيع الجمعية البحرينية للشفافية، فوقّع عليه عدد لا بأس به من المرشحين خلال الأيام الأربعة الأولى من تدشين حملة التواقيع التي تستمر إلى نهاية الأسبوع، وعددهم وصل إلى (44 توقيعاً لمرشحين نيابيين وبلديين)، وإن التوقيع على “ميثاق الشرف” مهم، والأهم عملية احترام هذا التوقيع والتزام من وقع بمحتويات وبنود هذا الميثاق التي تنص على 16 بنداً في غاية الأهمية؛ لضمان نزاهة، وشفافية وصدقية المرشحين ليكونوا قدوة في ممارساتهم أثناء حملاتهم الانتخابية؛ لتمثيل الناس بصدق أقوالهم وأفعالهم وجديتهم بمحتويات ما وقعوا عليه أو أقروا به وتعهدوا، أن يلتزموا به.
تأملت في محتويات ما نص عليه “ميثاق الشرف الانتخابي” المنشور في الصحف المحلية، والذي كتب بطريقة لا يختلف عليها اثنان لسلامة الانتخابات وشفافيتها ونزاهتها بمبادرة راقية من الجمعية البحرينية للشفافية؛ لترسيخ مفاهيم خوض المنافسة الحضارية بين المرشحين، وساءلتُ نفسي: لماذا تدافع مرشحون نيابيون وبلديون بسرعة للتوقيع على الميثاق، وتخلف آخرون كثيرون عن التوقيع عليه؟ هل لديهم ملاحظات على بعض بنوده، أم إنهم غير قادرين على الالتزام بمحتوياته، أو في أفضل حالات إبداء النوايا الحسنة، لم يطلعوا عليه ومحتوياته المنشورة في الصحف، وليس لديهم علم بوجود مثل هذا الميثاق؟!
حقيقة، هل يرفض مرشح يدعي تمثيله الشعب “أن ينبذ التحريض والطعن في زملائه المرشحين الآخرين؟ هل يستنكف مرشح ضرورة الامتناع عن التشهير والقذف والشتم والابتعاد عن إثارة النعرات الطائفية والقبلية وغيرها؟ وهل يرفض مرشح عدم استغلال المشاعر الدينية وعدم الإساءة للأديان؟ وهل يرفض مرشح الالتزام بعدم ممارسة أي شكل من أشكال الضغط أو التخوين أو التكفير أو العنف؟ إلى آخره من الأسئلة التي تتصل بالسلوكيات والممارسات التي تخل بأخلاقيات المنافسة الانتخابية النزيهة، باستخدام المال السياسي أو بغيره.
يبدو أن الإجابة على ذلك بالنفي القاطع “كلام” من معظم المرشحين التي تتزيّن “وعظهم” هذه الأيام بمثل هذه المفردات، لكن الأهم على ما أعتقد سواء من الموقعين على ميثاق الشرف الانتخابي، وغير الموقعين قضية الالتزام بمبدأ النزاهة والسلوك الأخلاقي بين المتنافسين في انتخابات 23 أكتوبر 2010 الذي نص عليه ميثاق الشرف الانتخابي بمبادرة من “الشفافية”؛ لنرتقي بديمقراطيتنا إلى مستوى أفضل وأرقى.
جريدة البلاد الجمعة 08 أكتوبر 2010