فيما يلي نعرض لكم ورقة عمل قدمها نائب رئيس الجمعية شرف الموسوي في مؤتمر “مؤتمر تعزيز المواطنة ومكافحة الفساد في المنطقة العربية” والذي عُقد في الأردن منتصف الشهر الجاري وتم عرضها ومناقشتها في المؤتمر والموافقة على التوصيات المذكورة فيها.
ورقة عمل بشأن ” العوائق التي تحول دون حماية الأحزاب السياسية لدورها في مكافحة الفساد “
مقدمة لمؤتمر ” تعزيز المواطنة ومكافحة الفساد في المنطقة العربية”
أعدها : شرف محسن الموسوي
أولاً: التعريف بالأحزاب السياسية:
هو تجمع بين مجموعة من الأشخاص يتوافقون في روئ وأهداف اجتماعية وسياسية معينة، ويؤمنون بأفكار آيديولوجية أو اجتماعية واحدة ويعملون على نشر هذه الأفكار والآيديولوجيا أوساط الجماعات المحلية. ويهدف الحزب أو التجمع إلى الوصول للسلطة لتشكيل النظام السياسي أو في أقل تقدير التأثير على السلطة القائمة في اتخاذ القرارات الحكومية من خلال المشاركة في الانتخابات العامة. ويعمل الحزب وفق منهج وبرنامج عمل متفق عليه في شأن آليات اتخاد القرار الديمقراطي في الحزب من بين أعضائه. وعادة ما يكون للحزب أمانة عامة ولجنة مركزية وممثلين حزبيين لتمثيل الحزب أمام الدولة ولدى الاحزاب الأخرى المرخصة في الدولة المعنية وأعضاء ملتزمين بقراراته، ومناصرين له.
ثانياً : تعريف الفساد:
عرفت منظمة الشفافية الدولية الفساد بأنه ” إساءة استغلال الوظيفة العامة لتحقيق مكاسب شخصية ” أي سوء استغلال المنصب الوظيفي والسلطة والنفود وأستثمارها لتحقيق مصالح شخصية مباشرة .
ومن الواضح إن أغلب الدول العربية تقع في المراكز المتأخرة في مؤشر مدركات الفساد الذي تعده منظمة الشفافية الدولية، بإشتثناء دولتين خليجيتين فأن أغلب الدول العربية لم تحقق أكثر من 5 نقاط على مستوى المؤشر الذي يتكون من 10 نقاط. ويشمل الفساد المنتشر في الدول العربية جميع الأنواع السياسي والمالي وغيره. بالرغم من تبني بعض الدول العربية لمشاريع وقوانين لمكافحة الفساد وتوقيع اغلب الدول العربية على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.إلا إنه يبدوا إن الفساد أصبح مؤسسة هلامية تسيطر على العديد من مواقع اتخاد القرار. لذلك سيكون من الصعب ” ولكن ليس من المستحيل” مكافحة الفساد في ظل الأنظمة الشمولية في الدول العربية.
ثالثاً: أهم الأدوار التي يمكن أن تلعبها الأحزاب السياسية في مكافحة الفساد:
لم تعد ظاهرة الفساد، من الأمور المحضور الحديث عنها وخاصة بعد ثورات الربيع العربي، وقد أعزت منظمة الشفافية الدولية لأنتشار الفساد في الدول العربية كواحد من أهم اسباب هذه الثورات. وتلعب الأحزاب السياسية دورا مهما في كشف الفساد ومواطن استغلال السلطة السياسية ودورها في انتشار ظاهرة الفساد في المجتمعات. ومن أهم الأدوار التي يقوم بها الحزب لمكافحة الفساد هي:-
- مكافحة الفساد المالي والإداري في وزارات ومؤسسات الدولة.
- مكافحة الفساد في قطاع التعليم والخدمات الصحية والبلديات والهيئات التي تنشأها الحكومة للتنصل من الرقابة البرلمانية.
- مراقبة المشتريات الحكومية الكبيرة وخاصة المشاريع العامة ومشتريات الأسلحة.
- الاستفادة من تقارير دواويين المحاسبة والرقابة المالية.
- تشكيل فرق عمل متخصصة في الاضطلاع على المهام المنوطة بها لمكافحة الفساد.
- مراقبة أداء الشركات المساهمة العامة والشركات التي تمتلك فيها الدولة أكثر من 50% من رأس المال ومراقبة أداء الشركات الكبرى الاجنبية.
- خلق وزيادة الثقافة العامة لدى أعضاء الحزب ومناصرية بأضرار الفساد بكل أنواعه وبأهمية دورهم في مكافحة الفساد من خلال الدورات التدريبية والندوات و ورش العمل وتأثير الفساد على حياتهم بشكل مباشر.
رابعاً: المعوقات التي تحول دون حماية الأحزاب السياسية لدورها في مكافحة الفساد:
هناك مجموعة من المعوقات التي تحول دون أن تقوم الأحزاب السياسية بدورها في مكافحة الفساد وحمايته. ومن أهم هذه المعوقات ما يلي:-
- عدم وجود القوانين المنظمة لحماية دور الأحزاب السياسية. ومن أهم هذه القوانين قانون حق الوصول إلى المعلومات ( في البحرين على سبيل المثال عملت الجمعية البحرينية للشفافية مع برلمانيين بحرينيين ومنظمات دولية في هذا المجال من أجل الوصول الى مقترح لقانون حق الوصول إلي المعلومات.ومنذ عام 2007 وحتى الآن لم يتم إقرار هذه القانون ) ، وإن وجد هذا التشريع في أي من الدول العربية فإن تطبيق القانون لا يتم كما يجب أو كما تطمح إليه الأحزاب السياسية.
- عدم الالتزام بتطبيق بنود اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وبالأخص المادة رقم (10) والتي تقضي بأن ” تتخذ كل دولة طرف، وفقاً للمبادئ الأساسية لقانونها الداخلي مع مراعاة ضرورة مكافحة الفساد، ما قد يلزم من تدابير لتعزيز الشفافية فى إدارتها العمومية، بما فى ذلك ما يتعلق بكيفية تنظيمها واشتغالها وعمليات اتخاذ القرارات فيها، عند الاقتضاء. ويجوز أن تشمل هذه التدابير، اعتماد إجراءات أو لوائح تمكن عامة الناس من الحصول، عند الاقتضاء، على معلومات عن كيفية تنظيم إدارتها العمومية واشتغالها وعمليات اتخاذ القرارات فيها، وعن القرارات والصكوك القانونية التى تهم عامة الناس، مع إيلاء المراعاة الواجبة لصون حرمتهم وبياناتهم الشخصية”. والمادة رقم (13) والمعنية بمشاركة المجتمع والتي تنص على أنه ” تتخذ كل دولة طرق تدابير مناسبة، لتشجيع أفراد وجماعات لا ينتمون إلى القطاع العام، مثل المجتمع الأهلى والمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المحلى، على المشاركة النشطة فى منع الفساد ومحاربته، ولإذكاء وعى الناس فيما يتعلق بوجود الفساد وأسبابه وجسامته وما يمثله من خطر. وينبغى تدعيم هذه المشاركة بتدابير ” في مكافحة الفساد. وكذلك المادة (32) والخاصة بحماية الشهود والخبراء و حماية أقاربهم والأشخاص ذوي الصلة بهم. وفي هذا الصدد تنص على” تتخذ كل دولة طرف تدابير مناسبة وفقاً لنظامها الداخلي وضمن حدود امكانياتها، لتوفير حماية فعالة للشهود والخبراء الذين يدلون بشهادة تتعلق بأفعال مجرمة وفقاً لهذه الاتفاقية، وكذلك لأقاربهم وسائر الأشخاص الوثيقي الصلة بهم عند الاقتضاء، من أى انتقام أو ترهيب محتمل “. والمادة (33) الخاصة بحماية المبلغين والتي تنص على” تنظر كل دولة طرف فى أن تُدخل فى صلب نظامها القانونى الداخلى تدابير مناسبة لتوفير الحماية من أى معاملة لا مسوّغ لها لأى شخص يقوم، بحسن نية ولأسباب وجيهة، بإبلاغ السلطات المختصة بأى وقائع تتعلق بأفعال مجرّمة وفقاً لهذه الاتفاقية”. إن عدم تنفيذ الدول الموقعة على الاتفاقية لهذه البنود يحول دون تمكن الأحزاب السياسية من حماية دورها لمكافحة الفساد بسبب تخوف أعضائها والمبلغين وشهود الإثبات من أنصارها من التقدم بكشف حالات الفساد. جميع هذه المواد تعطي الحق للمواطنين بشكل عام ولممثلي الأحزاب السياسية بشكل خاص ضمان متابعة الفاسدين والحد من انتشار الفساد فيما لو تم الألتزام بها.
- مضايقة الأحزاب السياسية والحد من وصولها للبرلمان، وبالتالي حرمان هذه الأحزاب من الاستفادة المحدودة مما تسمح به هذه البرلمانات من كشف مواطن الفساد ومكافحته.أو الاستفادة من الأدوات الدستورية في كشف الفساد ومحاسبة السلطة التنفيذية من خلال الأسئلة البرلمانية أو الإستجوابات وغيرها من الوسائل حيث ( استخدمت السلطة في البحرين مراكز التصويت العامة التي من خلالها تم توجيه مؤيديها للتصويت لشخصيات محسوبة على الحكومة ضد الشخصيات الوطنية المعارضة كما حدث للدكتورة منيرة فخرو ممثلة عن جمعية العمل الوطني الديمقراطي، حيث فازت في الدوائر التابعة لمنطقتها، وبنتائج المراكز العامة فاز مرشح الأخوان المسلمين وبالتالي حصل على تمثيل أبناء المنطقة، في عملية شابها الكثير من الشك والغموض ).
- 4. تعرض بعض القيادات الحزبية للاعتقال أو التصفية الجسدية أو السياسية أو التشهير أو المضايقات أو جميعها. مما يحول من الحد من إمكانية القيادات الحزبية والأحزاب من القيام بدورها في مكافحة الفساد. ” وعلى سبيل المثال ما تعرض له الأمين العام لجمعية العمل الوطني الديمقراطي في البحرين أو ما تعرضت له الجمعية من إغلاق وحرق لمقرها الرئيسي في المنامة والمحرق وتشميع المقر الرئيسي للجمعية ، بالإضافة إلى منع الجمعية من إصدار جريدتها الحزبية “الديمقراطي ) وتحول ممارسات السلطة السياسية هذه من دون ممارسة الأحزاب السياسية للقيام بأنشطتها. ” إن أغتيال المناضل شكري بلعيد في تونس يأتي تأكيداً لمثل هذه اللمارسات التي تقوم بها بعض الأنظمة “
- التهديد بإغلاق الأحزاب السياسية لعدة أسباب. وخاصة تلك الناشطة في مجال مكافحة الفساد بسبب سلطة الفاسدين وتبوأ البعض منهم لمناصب قيادية مؤثرة في القرار السياسي من خلالها يمكن استغلالها لتهديد الأحزاب والأعضاء معاً والتعسف في استخدام القانون بل وتجيير القانون ضد هذه الأحزاب للحد من حركتها في هذا المجال.
- وقف الدعم المالي للأحزاب السايسية. أو عدم توفير هذا الدعم من أساسه ومنع الاحزاب من الحصول على أي تمويل لمساعدتها في القيام بتنفيذ برنامجها الحزبي ومهامها الوطنية والتي على رأسها مكافحة الفساد، بل التمييز في المعاملة ضد الأحزاب المعارضة مقابل التسهيلات التي تقدمها لأحزاب الموالاة.
- النقص الفعلي في الكوادر المتخصصة في مجالات مكافحة الفساد لدى الأحزاب السياسية وقلة الأمكانيات البشرية والإدارية، في مجالات مكافحة الفساد للاستفادة من القوانين المتاحة بالرغم من محدوديتها .
- عدم الاستفادة القصوى من تقارير ومؤسسات المحاسبة والرقابة المالية في الدول التي تتوفر فيها هذه المؤسسات واستخدام الأدوات الدستورية التي أتاحها الدستور لأعضاء البرلمان وخاصة ممثلي الأحزاب السياسية المعارضة في توجيه السؤال البرلماني والإستجوابات البرلمانية اللازمة.
- استقلالية المؤسسة القضائية بجميع فروعها،النيابة العامة التي يجب أن تتولى اتخاذ الإجراءات القضائية الجنائية بإعتبار إن الفساد جريمة يخالف عليها القانون، أو القضاة الذين يعتبر دورهم مهم في مكافحة الفساد.إن الالتزام بمبادئ بنجلور وهي” استقلالية القضاء، الحيادية، النزاهة، اللياقة أو سلوك القاضي. ويشمل جميع الانشطة التي يقوم بها القاضي اثناء العمل وخارجه، المساواة وأخيراً التخصص والكفاءة ” يعتبر من القضايا المهمة التي لابد من تأكيد ومراقبة الأحزاب السياسية لمدى التزام القضاء بها، باعتبار أن القضاء ضمير المجتمع فإن فسد القضاء فسد المجتمع.
- منحت اتفاقية مكافحة الفساد الفرص المناسبة لكل السلطات الدستورية” التنفيذية، القضائية والتشريعية” في كل بلد دورا مهما في مكافحة الفساد، ومنها دور الجماهير والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني. ولكن المشكلة الأساسية في المنطقة العربية تكمن في هيمنة السلطة التنفيذية على السلطات الأخرى وشراء ذمم بعض النواب وبالتالي الحد من قدرة ودور هذه الجهات في مكافحة الفساد ومنها الأحزاب السياسية.
- الخلافات الحزبية بين الأحزاب السياسية التي تحول في بعض الحالات دون التوافق على برنامج عملي لمتابعة مهام مكافحة الفساد.
خامساً : التوصيات:
- الالتزام بتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.وعمل الأحزاب السياسية على المطالبة بإقرار التشريعات اللازمة.
- منح الأحزاي السياسية الحرية في الحصول على المعلومات والأهم هو اعتماد قانون حق الحصول على المعلومات.
- أن تتولى الأحزاب السياسية إعداد كوادرها العلمية والمهنية التي يمكن ان تساهم في رفع كفاءة الأحزاب السياسية لدورها في مكافحة الفساد.
- نشر الوعي الثقافي في أوساط أعضاء الحزي ومناصرية والبيئة الاجتماعية.
- الحريات العامة ومزيد من الديمقراطية.
- إصلاح القوانين الخاصة بالانتخابات والأحزاب السياسية لتمكين البرلمان بالقيام بالمهام المطلوبة منه
- المطالبة بتطبيق مبادئ بنجلور الخاصة بالقضاء.
شرف محسن الموسوي
نائب رئيس الجمعية البحرينية للشفافية