بعد مرور أكثر من خمس سنوات على تأسيسها، نجحت الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد في اليمن في تحقيق العديد من الخطوات التي من شأنها النهوض بمكافحة ظاهرة الفساد في البلاد.
فقد تمكنت الهيئة من إحالة عدد من قضايا الفساد للنيابة العامة، ووضع قانون الذمة المالية، وإنشاء نيابة قضايا الفساد، وتأمين الحماية للمبلغين عن الفساد.
ورغم أن الفترة القانونية لعمل أعضاء الهيئة قد انتهت في عام 2012، لكن رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي وجّه بتمديد عمل الهيئة لعامين إضافيين لحين الانتهاء من الانتخابات الوطنية القادمة، حسبما تقول نائب رئيس الهيئة، الدكتورة بلقيس أبو أصبع.
والهيئة هي أعلى هيئة وطنية مستقلة في اليمن، ومن مهامها إعداد وتنفيذ السياسات العامة الهادفة إلى مكافحة الفساد، وضع استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الفساد ودراسة وتقييم التشريعات المتعلقة بمكافحة الفساد واقتراح مشاريع التعديلات لها، فضلا عن تلقي البلاغات والشكاوى بخصوص جرائم الفساد والتحري بشأنها والتحقيق مع مرتكبيها وإحالتهم إلى القضاء.
في حديث مع الشرفة، تحدثت أبو أصبع عن عمل الهيئة والتحديات التي تواجهها، داعية جميع أعضاء الحوار الوطني إلى جعل قضية مكافحة الفساد قضية جوهرية في بناء الدولة المدنية الحديثة.
الشرفة: بعد مرور خمس سنوات على عمل الهئية، كيف تقيّمين وضع الفساد في هذا المضمار، وسط تقارير تحدثت عن أن حجم الفساد يقدر بعشرة مليارات دولار أميركي؟
بلقيس أبو أصبع: الفساد منتشر في اليمن بشكل كبير ويقوّض مفاصل التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وما حصل في 2011 وخروج الناس للساحات ما هو إلا تعبير [احتجاج] ضد الفساد الذي يؤثر على التنمية الاقتصادية ويقوض خلق فرص عمل جديدة ويقضي على وجود خدمات جيدة للمواطنين.
ومنذ إنشاء الهيئة قبل خمس سنوات، وردنا سيل من الشكاوى والبلاغات عن حالات فساد وهذا دليل على انتشار الفساد بشكل كبير. أما بالنسبة للحديث عن رقم محدد لحجم الفساد، فلم تجر الهيئة أية دراسات إحصائية تحدد حجم الفساد.
الشرفة: ما هي أهم إنجازات الهيئة في السنوات الخمس الماضية؟
أبو أصبع: الهيئة عملت في مجالين، الأول البناء التنظيمي للهيئة وهذا كائن موجود وفاعل، والثاني تفعيل قانون مكافحة الفساد سواء من خلال التحقيق أو المتابعة القضائية لقضايا الفساد. ونجحت الهيئة في إحالة 97 قضية للنيابة العامة وكذلك هناك عشرات القضايا لا تزال ضمن إجراءات التحقيق والتحري، إضافة إلى العديد من الإنجازات في استرداد مبالغ مالية للخزينة العامة منها أربعة مليارات ريال (18.7 مليون دولار أميركي) في قضية واحدة.
كذلك قمنا بإلزام مصلحة الجمارك بتوريد قيمة الضمانات عن البيانات الجمركية المعلقة وتحصيل مبلغ سبعة مليارات ريال منها (32 مليون دولار)، إضافة إلى التوجيه بإلغاء عدد من الاتفاقيات والعقود التي ثبت أن الدولة ستتضرر منها بسبب وجود حالات الفساد، فجنبت الهيئة اليمن خسائر إضافية.
كما قامت الهيئة في جانب الوقاية من الفساد بوضع قانون الذمة المالية، وإنشاء نيابة قضايا الفساد، وأيضا تأمين الحماية للمبلغين وشاركت الهيئة في إعداد قانون خاص لحماية المبلغين ولكن لم تستكمل إجراءات إصداره بعد.
الشرفة: هل تجدون صعوبة في إثبات قضايا الفساد؟
أبو أصبع: نعم، فهناك إجراءات تأخذ وقتها، كما أن الفاسدين لا يأتون إلينا للاعتراف بما أقدموا عليه وهذا ما يطيل إجراءات التحري والمتابعة والتحقيق حتى إثبات الواقعة. وقد تأخذ القضية عاما كاملا، ولك أن تعرف أنه في إحدى المرات أوكل 14 محاميا للترافع في قضية فساد واحدة.
الشرفة: وهل تقدمون أية تقارير عن عملكم للحكومة؟
أبو أصبع: الهيئة تصدر تقريرا كل ثلاثة أشهر تقدم منه نسخة لمكتب رئيس الجمهورية ونسخة لمجلس النواب.
الشرفة: كيف يمكن أن تسهم الهيئة في استخدام تمويلات المانحين لتنفيذ مشاريع خالية من الفساد؟
أبو أصبع: أولا أنا أعتقد أن المانحين هم مع مكافحة الفساد ولا يمكن أن يتهاونوا في مثل هذا الموضوع، وقد قابلت الكثير من المنظمات الدولية والكل مجمع على أهمية تعزيز عمل وآليات مكافحة الفساد، كما أن البنك الدولي في مؤتمر المانحين في شهر آذار/مارس الماضي أكد على أهمية مكافحة الفساد. إضافة إلى ذلك، نحن المواطنون لن نسمح بفساد جديد حيث هناك أجهزة رقابية، إضافة إلى الهيئة، تقوم بأعمال رقابية مثل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وهيئة الرقابة على المناقصات.
أما في ما يخص تمويلات المانحين، فأنا أقترح لنجاح ذلك أن تدخل الأجهزة الرقابية مثل هيئة مكافحة الفساد والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وهيئة الرقابة على المناقصات، في “الجهاز التنفيذي لاستيعاب المنح” كأعضاء مراقبين لتنفيذ المشاريع واستخدام التمويلات. فالأفضل أن تأتي الرقابة أولا، لأن البلد محتاج لكل ريال للتخفيف من الأزمة الاقتصادية.
الشرفة: برأيك، كيف يمكن لمؤتمر الحوار الوطني أن يسهم في وضع أسس سليمة لمكافحة ظاهرة الفساد؟
أبو أصبع: أنا أدعو أعضاء الحوار الوطني إلى أن يجعلوا من قضية مكافحة الفساد قضية جوهرية على جدول أعمالهم باعتبارها قضية ذات جدوى كبيرة في بناء الدولة المنشودة. فلا فائدة من الخروج من الحوار بقرار تغيير شكل الدولة ونظامها السياسي مع بقاء الفساد الذي يدمر كل شيء.
http://al-shorfa.com/ar/articles/meii/features/2013/04/02/feature-02